العدد : ١٧٣٤٦ - الجمعة ١٩ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٤٦ - الجمعة ١٩ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٧ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

الكسل.. آفة اجتماعية خطيرة

بقلم: د. زكريا الخنجي

الجمعة ١٩ سبتمبر ٢٠٢٥ - 02:00

يروى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الزمان‭ ‬القديم‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬مدينة‭ ‬تُدعى‭ (‬نوميرا‭)‬،‭ ‬كان‭ ‬يعيش‭ ‬فيها‭ ‬الناس‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬السكون‭ ‬التام،‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يعمل،‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يتحرك‭ ‬بسرعة،‭ ‬الجميع‭ ‬يمشى‭ ‬ولا‭ ‬يركض،‭ ‬ولا‭ ‬يعمل،‭ ‬وحتى‭ ‬كان‭ ‬الصمت‭ ‬يسود‭ ‬المدينة‭ ‬بسبب‭ ‬الكسل‭ ‬الذي‭ ‬كانوا‭ ‬يعيشون‭ ‬فيه،‭ ‬حتى‭ ‬الشمس‭ ‬كانت‭ ‬تمر‭ ‬ببطء‭ ‬شديد‭ ‬فوق‭ ‬سمائهم،‭ ‬وكأنها‭ ‬تأثرت‭ ‬بعدوى‭ ‬الكسل‭. ‬وكان‭ ‬سكان‭ ‬نوميرا‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬الراحة‭ ‬هي‭ ‬أعلى‭ ‬درجات‭ ‬الحكمة،‭ ‬وأن‭ ‬الحركة‭ ‬تُفسد‭ ‬صفاء‭ ‬الروح،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬المدينة‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬وإن‭ ‬تم‭ ‬فإنه‭ ‬يتم‭ ‬ببطء‭ ‬شديد‭.‬

ذات‭ ‬يوم‭ ‬مر‭ ‬أحد‭ ‬المسافرين‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬المدينة،‭ ‬وأثناء‭ ‬تجواله‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬المدينة‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬الأسواق‭ ‬والحوانيت‭ ‬المفتوحة،‭ ‬وإنما‭ ‬وجد‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬فارغ،‭ ‬وفي‭ ‬الطريق‭ ‬وأثناء‭ ‬تجواله‭ ‬وجد‭ ‬عددا‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬الجالسين‭ ‬في‭ ‬الطرقات؛‭ ‬فحاول‭ ‬أن‭ ‬يحدثهم‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يجد‭ ‬أي‭ ‬استجابة‭ ‬منهم،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬ألسنتهم‭ ‬وكأنها‭ ‬مربوطة؛‭ ‬فسأل‭ ‬نفسه‭: ‬‮«‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬يشعر‭ ‬الناس‭ ‬بالسعادة؟‭ ‬لماذا‭ ‬وجوههم‭ ‬جامدة؟‭ ‬لماذا‭ ‬لا‭ ‬يحلمون؟‮»‬،‭ ‬ثم‭ ‬قال‭ ‬في‭ ‬نفسه‭: ‬‮«‬أشعر‭ ‬أن‭ ‬شيئًا‭ ‬ما‭ ‬ليس‭ ‬طبيعيا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المدينة،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬هو؟‮»‬

فقرر‭ ‬المسافر‭ ‬أن‭ ‬يكتشف‭ ‬السبب،‭ ‬فخرج‭ ‬من‭ ‬المدينة‭ ‬إلى‭ ‬المدينة‭ ‬المجاورة،‭ ‬يسأل‭ ‬وينقب،‭ ‬ومن‭ ‬مدينة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى‭ ‬حتى‭ ‬تبين‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬المدينة‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬مليئة‭ ‬بالحركة‭ ‬والإبداع،‭ ‬حتى‭ ‬جاءهم‭ ‬ذات‭ ‬يوم‭ ‬رجل،‭ ‬فتم‭ ‬استضافته‭ ‬والاهتمام‭ ‬به‭ ‬كأي‭ ‬ضيف‭ ‬يمر‭ ‬فترة‭ ‬على‭ ‬المدينة‭ ‬ويرحل،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الرجل‭ ‬هاله‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الإبداع‭ ‬وتلك‭ ‬الحركة‭ ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬النشاط‭ ‬فانزعج،‭ ‬فقرر‭ ‬أن‭ ‬يلقي‭ ‬بتعويذة‭ ‬بهدف‭ ‬أن‭ ‬يستشري‭ ‬الكسل‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬المدينة‭ ‬وينتقل‭ ‬هذا‭ ‬الكسل‭ ‬من‭ ‬جيل‭ ‬إلى‭ ‬آخر،‭ ‬فأوهمهم‭ ‬أنه‭ ‬ساحر‭ ‬شرير‭ ‬فألقى‭ ‬عليهم‭ ‬ببعض‭ ‬الهمهمات،‭ ‬فاعتقد‭ ‬أهالي‭ ‬المدينة‭ ‬أنها‭ ‬تعويذة‭ ‬شريرة،‭ ‬فكان‭ ‬ذلك‭.‬

تلك‭ ‬التعويذة‭ ‬أو‭ ‬الهمهمات‭ ‬منحت‭ ‬الجميع‭ ‬الراحة‭ ‬الأبدية،‭ ‬فتوقفت‭ ‬الأعمال،‭ ‬وماتت‭ ‬الأشجار،‭ ‬وفسدت‭ ‬الوجوه‭ ‬والهمم،‭ ‬ومع‭ ‬مرور‭ ‬الوقت،‭ ‬تحولت‭ ‬الراحة‭ ‬إلى‭ ‬خمول،‭ ‬والخمول‭ ‬إلى‭ ‬لعنة‭.‬

أدرك‭ ‬الشاب‭ ‬المسافر‭ ‬أن‭ ‬عليه‭ ‬كسر‭ ‬هذه‭ ‬اللعنة،‭ ‬فكانت‭ ‬العملية‭ ‬شاقة‭ ‬جدًا‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬السهولة‭ ‬كسر‭ ‬اللعنة،‭ ‬ولكنه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الكتب‭ ‬والعلم‭ ‬والدين‭ ‬بدأ‭ ‬يوقظ‭ ‬الناس‭ ‬واحدًا‭ ‬تلو‭ ‬الآخر،‭ ‬يحفزهم‭ ‬على‭ ‬الحركة،‭ ‬على‭ ‬التفكير،‭ ‬على‭ ‬الحلم،‭ ‬وكان‭ ‬الأمر‭ ‬صعبًا‭ ‬في‭ ‬البداية،‭ ‬فالبعض‭ ‬قاوم،‭ ‬والبعض‭ ‬خاف،‭ ‬لكن‭ ‬شيئًا‭ ‬فشيئًا‭ ‬بدأت‭ ‬المدينة‭ ‬تستيقظ‭. ‬وبعد‭ ‬سنوات‭ ‬عادت‭ ‬الألوان‭ ‬إلى‭ ‬الجدران،‭ ‬وعادت‭ ‬الحركة‭ ‬إلى‭ ‬الشوارع،‭ ‬وعادت‭ ‬الشمس‭ ‬تتحرك‭ ‬بسرعة‭ ‬كما‭ ‬كانت‭. ‬وكان‭ ‬شعار‭ ‬ذلك‭ ‬الشاب‭ ‬أثناء‭ ‬عمله‭ (‬الراحة‭ ‬لا‭ ‬تُثمر‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬سبقتها‭ ‬الحركة‭).‬

بالفعل،‭ ‬فإن‭ ‬الكسل‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬ممتعًا‭ ‬فإنه‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬ينهي‭ ‬الإنسان‭ ‬ويقصم‭ ‬ظهره‭.‬

ولقد‭ ‬كان‭ ‬رسول‭ ‬الله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ ‬يتعوذ‭ ‬من‭ ‬الكسل،‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬موضع،‭ ‬منها؛‭ ‬ما‭ ‬رواه‭ ‬أنس‭ ‬بن‭ ‬مالك‭ ‬في‭ ‬صحيح‭ ‬البخاري‭ ‬حيث‭ ‬قال‭ ‬عليه‭ ‬السلام‭: ‬‮«‬اللَّهُمَّ‭ ‬إنِّي‭ ‬أعُوذُ‭ ‬بِكَ‭ ‬مِنَ‭ ‬الْهَمِّ‭ ‬وَالْحَزَنِ،‭ ‬وَالْعَجْزِ‭ ‬وَالْكَسَلِ،‭ ‬وَالْبُخْلِ‭ ‬وَالْجُبْنِ،‭ ‬وَضَلَعِ‭ ‬الدَّيْنِ،‭ ‬وَغَلَبَةِ‭ ‬الرِّجَالِ‮»‬،‭ ‬فالكسل‭ ‬مرفوض‭ ‬في‭ ‬العقيدة‭ ‬والفكر‭ ‬الإسلامي،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬أن‭ ‬الكسل‭ ‬هو‭ ‬النفور‭ ‬من‭ ‬المجهود‭ ‬أو‭ ‬بذل‭ ‬الشغل‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬وجود‭ ‬القدرة‭ ‬البدنية‭ ‬عليه،‭ ‬ويُعد‭ ‬الكسل‭ ‬صفة‭ ‬ازدرائية،‭ ‬يوصف‭ ‬بها‭ ‬الشخص‭ ‬ذو‭ ‬النمط‭ ‬الكسول‭ ‬أو‭ ‬المحب‭ ‬للراحة‭.‬

ولقد‭ ‬أشار‭ ‬ليونارد‭ ‬كارميكيل‭ ‬[عالم‭ ‬النفس‭ ‬الأمريكي]‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الكسل‭ ‬ليس‭ ‬بالمصطلح‭ ‬المعتاد‭ ‬شرحه‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬محتويات‭ ‬كتب‭ ‬علم‭ ‬النفس،‭ ‬وهذه‭ ‬إحدى‭ ‬سيئات‭ ‬علم‭ ‬النفس‭ ‬الحديث،‭ ‬الذي‭ ‬انشغل‭ ‬بصورة‭ ‬أكبر‭ ‬في‭ ‬مسائل‭ ‬فرعية‭ ‬كالتجارب‭ ‬على‭ ‬الحيوانات‭ ‬مثل‭ ‬الفئران‭ ‬العطشى‭ ‬أو‭ ‬الخنازير‭ ‬الجائعة،‭ ‬أو‭ ‬حول‭ ‬الشعراء‭ ‬وكيف‭ ‬يكتبون‭ ‬شعرهم،‭ ‬أو‭ ‬العلماء‭ ‬وكيف‭ ‬يقضون‭ ‬أوقات‭ ‬الربيع‭ ‬في‭ ‬مختبراتهم‭ ‬تاركين‭ ‬الأوقات‭ ‬الممتعة‭ ‬وراءهم‮»‬،‭ ‬مشيرًا‭ ‬بذلك‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬موضوع‭ ‬الكسل‭ ‬لم‭ ‬يحظ‭ ‬بالأبحاث‭ ‬التي‭ ‬تُغطي‭ ‬جميع‭ ‬جوانبه‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬انتشاره‭ ‬كسلوك‭ ‬بشري‭.‬

وتشير‭ ‬بعض‭ ‬الدراسات‭ ‬أن‭ ‬الكسل‭ ‬لا‭ ‬يُعد‭ ‬مجرد‭ ‬عادة‭ ‬سلبية،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬ظاهرة‭ ‬متعددة‭ ‬الأبعاد‭ ‬تتداخل‭ ‬فيها‭ ‬العوامل‭ ‬النفسية،‭ ‬البيولوجية،‭ ‬والاجتماعية‭ ‬وغيرها‭. ‬وقد‭ ‬أثبتت‭ ‬الدراسات‭ ‬أن‭ ‬الكسل‭ ‬المزمن‭ ‬يرتبط‭ ‬ارتباطًا‭ ‬وثيقًا‭ ‬بتدهور‭ ‬الصحة‭ ‬النفسية‭ ‬والجسدية،‭ ‬مما‭ ‬يجعله‭ ‬موضوعًا‭ ‬يستحق‭ ‬البحث‭ ‬والتحليل‭.‬

1‭. ‬الكسل‭ ‬كاضطراب‭ ‬نفسي؛‭ ‬تشير‭ ‬بعض‭ ‬الأبحاث‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الكسل‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬انعكاسًا‭ ‬لحالة‭ ‬نفسية‭ ‬مثل‭ ‬الاكتئاب‭ ‬أو‭ ‬القلق‭ ‬المزمن،‭ ‬وليس‭ ‬مجرد‭ ‬تقاعس‭ ‬عن‭ ‬العمل،‭ ‬فالأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬اضطرابات‭ ‬مزاجية‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يظهرون‭ ‬ميولًا‭ ‬للكسل‭ ‬بسبب‭ ‬انخفاض‭ ‬الحافز‭ ‬والطاقة‭. ‬فقد‭ ‬نشرت‭ ‬مجلة‭ (‬Psychosomatic‭ ‬Medicine‭) ‬دراسة‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يمارسون‭ ‬النشاط‭ ‬البدني‭ ‬بانتظام‭ ‬يتمتعون‭ ‬بمستويات‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬القلق‭ ‬والتوتر‭ ‬مقارنة‭ ‬بمن‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬قلة‭ ‬الحركة‭.‬

2‭. ‬التأثير‭ ‬الجسدي‭ ‬للكسل؛‭ ‬وجد‭ ‬أن‭ ‬قلة‭ ‬النشاط‭ ‬البدني‭ ‬تؤثر‭ ‬سلبًا‭ ‬في‭ ‬وظائف‭ ‬الدماغ،‭ ‬وتقلل‭ ‬من‭ ‬إفراز‭ ‬هرمونات‭ ‬مثل‭ ‬السيروتونين‭ ‬والدوبامين،‭ ‬المرتبطة‭ ‬بتحسين‭ ‬المزاج،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الكسل‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬احتمالية‭ ‬الإصابة‭ ‬بأمراض‭ ‬مزمنة‭ ‬مثل‭ ‬القلب‭ ‬والسكري‭ ‬والسرطان،‭ ‬ففي‭ ‬دراسة‭ ‬تم‭ ‬إجراؤها‭ ‬عام‭ ‬1998‭ ‬وجد‭ ‬أنه‭ ‬توفي‭ ‬حوالي‭ ‬6400‭ ‬شخص‭ ‬بسبب‭ ‬قلة‭ ‬النشاط‭ ‬البدني،‭ ‬مقارنة‭ ‬بنحو‭ ‬5700‭ ‬شخص‭ ‬بسبب‭ ‬التدخين،‭ ‬مما‭ ‬يبرز‭ ‬خطورة‭ ‬الكسل‭ ‬كعامل‭ ‬مميت‭.‬

3‭. ‬العوامل‭ ‬الوراثية‭ ‬والبيولوجية؛‭ ‬نحن‭ ‬لسنا‭ ‬من‭ ‬الذين‭ ‬يقولون‭ ‬إن‭ ‬العامل‭ ‬الحيوي‭ ‬أو‭ ‬الوراثي‭ ‬له‭ ‬علاقة‭ ‬بالكسل،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬سلوك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬عامل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يورث‭ ‬مثل‭ ‬لون‭ ‬البشر‭ ‬والشعر‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬ولكن‭ ‬نورد‭ ‬ما‭ ‬وصلت‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬دراسات‭ ‬مثل‭ ‬ما‭ ‬كشفت‭ ‬دراسة‭ ‬من‭ ‬جامعتي‭ ‬أكسفورد‭ ‬وفلوريدا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬جينات‭ ‬مسؤولة‭ ‬عن‭ ‬الشعور‭ ‬بالكسل‭ ‬والخمول،‭ ‬مما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الأفراد‭ ‬قد‭ ‬يكونون‭ ‬أكثر‭ ‬عرضة‭ ‬للكسل‭ ‬بسبب‭ ‬عوامل‭ ‬وراثية‭.‬

ويبقى‭ ‬دائمًا‭ ‬السؤال‭ ‬الأهم،‭ ‬كيف‭ ‬نتخلص‭ ‬من‭ ‬الكسل؟‭ ‬وما‭ ‬الكسل‭ ‬وما‭ ‬ارتباطه‭ ‬وأسبابه؟‭ ‬

كيف‭ ‬نتخلص‭ ‬من‭ ‬الكسل؟

1‭. ‬تحديد‭ ‬الأهداف‭ ‬بوضوح؛‭ ‬بصورة‭ ‬دائمة‭ ‬ومستدامة‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬يفكر‭ ‬وأن‭ ‬يضع‭ ‬أهدافًا‭ ‬صغيرة‭ ‬قابلة‭ ‬للتحقيق،‭ ‬لأن‭ ‬الأهداف‭ ‬الكبيرة‭ ‬غير‭ ‬المحددة‭ ‬قد‭ ‬تسبب‭ ‬الإحباط‭ ‬وتزيد‭ ‬من‭ ‬الشعور‭ ‬بالكسل،‭ ‬فبدلاً‭ ‬من‭ ‬القول‭ (‬سأبدأ‭ ‬بممارسة‭ ‬الرياضة‭)‬،‭ ‬يفضل‭ ‬أن‭ ‬نقول‭: (‬سأمشي‭ ‬20‭ ‬دقيقة‭ ‬يوميًا‭ ‬بعد‭ ‬العشاء‭)‬،‭ ‬فهذا‭ ‬الهدف‭ ‬واضح‭ ‬ويمكن‭ ‬تحقيقه،‭ ‬وليس‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬أن‭ ‬يضع‭ ‬إنسان‭ ‬يبلغ‭ ‬من‭ ‬العمر‭ (‬الستين‭) ‬هدفًا‭ ‬أن‭ ‬يقلل‭ ‬عمره‭ ‬البيولوجي‭ ‬إلى‭ ‬العشرين؟‭ ‬فالأهداف‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬قابلة‭ ‬للتنفيذ‭.‬

2‭. ‬تقسيم‭ ‬المهام‭ ‬إلى‭ ‬أجزاء‭ ‬صغيرة؛‭ ‬من‭ ‬أكبر‭ ‬صعوباتنا‭ ‬أننا‭ ‬نحاول‭ ‬أن‭ ‬ننجز‭ ‬المهام‭ ‬بأي‭ ‬طريقة‭ ‬كانت،‭ ‬وحتى‭ ‬الكبيرة‭ ‬منها،‭ ‬فإننا‭ ‬نحاول‭ ‬ونحاول‭ ‬حتى‭ ‬يبدو‭ ‬علينا‭ ‬الإرهاق‭ ‬واليأس‭ ‬لأننا‭ ‬لم‭ ‬نتمكن‭ ‬من‭ ‬الإنجاز،‭ ‬لذلك‭ ‬فإنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نقسم‭ ‬المهام‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تبدو‭ ‬مرهقة‭ ‬إلى‭ ‬مهام‭ ‬أصغر‭ ‬حجمًا،‭ ‬وهذا‭ ‬يجعلها‭ ‬أكثر‭ ‬قابلية‭ ‬للتنفيذ‭. ‬فمثلاً‭: ‬إن‭ ‬كنا‭ ‬نريد‭ ‬كتابة‭ ‬تقرير‭ ‬أو‭ ‬كتاب‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬شابه‭ ‬ذلك،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المناسب‭ ‬والأفضل‭ ‬على‭ ‬الذهن‭ ‬أن‭ ‬نقوم‭ ‬بتقسيمه‭ ‬إلى‭ ‬أقسام‭ ‬صغيرة‭ ‬مثل،‭ ‬الأسبوع‭ ‬الأول‭ ‬لجمع‭ ‬المعلومات،‭ ‬ثم‭ ‬كتابة‭ ‬الفصل‭ ‬الأول،‭ ‬وبعد‭ ‬ذلك‭ ‬الفصل‭ ‬الثاني‭ ‬وهكذا‭ ‬حتى‭ ‬ننتهي‭ ‬بالمقدمة‭. ‬

3‭. ‬استخدم‭ ‬تقنية‭ (‬الدقائق‭ ‬7‭)‬؛‭ ‬هذه‭ ‬التقنية‭ ‬مريحة‭ ‬جدًا،‭ ‬وببساطة‭ ‬تعني‭ ‬أنه‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬لدينا‭ ‬عمل،‭ ‬أيًا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬صعوبته،‭ ‬فإنه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نعمل‭ ‬عليه‭ ‬مدة‭ ‬7‭ ‬دقائق‭ ‬فقط،‭ ‬وبعدها‭ ‬نقيّم‭ ‬وضعنا‭ ‬فإن‭ ‬شعرنا‭ ‬أنه‭ ‬يمكننا‭ ‬إنجازه‭ ‬في‭ ‬الدقائق‭ ‬الباقية،‭ ‬فإذن‭ ‬لننجزه،‭ ‬وإن‭ ‬لم‭ ‬نشعر‭ ‬بذلك‭ ‬فإنه‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نركن‭ ‬العمل‭ ‬عدة‭ ‬دقائق‭ ‬ثم‭ ‬نعود‭ ‬إليه‭ ‬لنكمله‭ ‬مرة‭ ‬أخرى،‭ ‬ولكن‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬البدء‭ ‬إلى‭ ‬الاستمرار،‭ ‬لأن‭ ‬أصعب‭ ‬جزء‭ ‬هو‭ ‬البداية‭.‬

4‭. ‬تنظيم‭ ‬الوقت‭ ‬والروتين‭ ‬اليومي؛‭ ‬من‭ ‬المعروف‭ ‬عالميًا‭ ‬أن‭ ‬الوقت‭ ‬هو‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان،‭ ‬ولكن‭ ‬للأسف‭ ‬فإننا‭ ‬كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬نضيع‭ ‬أوقاتنا‭ ‬في‭ ‬أمور‭ ‬ليست‭ ‬ذات‭ ‬قيمة،‭ ‬مثل‭ ‬تصفح‭ ‬مواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬نهاية‭ ‬لها،‭ ‬أو‭ ‬التسوق‭ ‬أو‭ ‬التحدث‭ ‬أو‭ ‬مشاهدة‭ ‬المسلسلات‭ ‬التلفزيونية،‭ ‬والأسوأ‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬عندما‭ ‬تصبح‭ ‬هذه‭ ‬العادات‭ ‬روتينا‭ ‬يوميا،‭ ‬فالروتين‭ ‬يساعد‭ ‬العقل‭ ‬على‭ ‬التعود‭ ‬والتبلد،‭ ‬ويزيد‭ ‬من‭ ‬التردد‭ ‬والتسويف‭. ‬فتصور‭ ‬نفسك‭ ‬أنك‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬عمل،‭ ‬وتجلس‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬أمام‭ ‬شاشة‭ ‬التلفزيون‭ ‬أو‭ ‬الهاتف‭ ‬ساعات‭ ‬وساعات،‭ ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬اليوم‭ ‬تذهب‭ ‬إلى‭ ‬الفراش،‭ ‬ترى‭ ‬ماذا‭ ‬فعلت‭ ‬في‭ ‬حياتك؟‭ ‬كان‭ ‬لدي‭ ‬صديق‭ ‬يقول‭: ‬‮«‬لو‭ ‬لم‭ ‬أفعل‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬يومي،‭ ‬أشعر‭ ‬أني‭ ‬سخيف‮»‬‭.‬

5‭. ‬ممارسة‭ ‬الرياضة‭ ‬بانتظام؛‭ ‬من‭ ‬المعروف‭ ‬أن‭ ‬النشاط‭ ‬البدني‭ ‬يحفز‭ ‬إفراز‭ ‬هرمونات‭ ‬النشاط‭ ‬مثل‭ ‬الدوبامين،‭ ‬ويقلل‭ ‬من‭ ‬الشعور‭ ‬بالخمول،‭ ‬فلو‭ ‬خرج‭ ‬أحدنا‭ ‬من‭ ‬المنزل‭ ‬يوميًا‭ ‬بعد‭ ‬صلاة‭ ‬الفجر،‭ ‬أو‭ ‬بعد‭ ‬صلاة‭ ‬العشاء‭ ‬وذهب‭ ‬إلى‭ ‬مجمع‭ ‬تجاري‭ ‬مثلاً‭ ‬لمجرد‭ ‬ممارسة‭ ‬رياضة‭ ‬المشي‭ ‬مدة‭ ‬نصف‭ ‬ساعة‭ ‬يوميًا،‭ ‬ترى‭ ‬كيف‭ ‬ستتحسن‭ ‬حياته؟

6‭. ‬طلب‭ ‬الدعم؛‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تستطع‭ ‬أن‭ ‬تتخلص‭ ‬من‭ ‬أسباب‭ ‬الكسل‭ ‬تحدث‭ ‬مع‭ ‬صديق‭ ‬أو‭ ‬مستشار‭ ‬حتى‭ ‬يساعدك‭ ‬في‭ ‬توضيح‭ ‬مشاكلك‭ ‬أو‭ ‬أسباب‭ ‬الاكتئاب‭ ‬أو‭ ‬القلق،‭ ‬أو‭ ‬أيًا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬الأسباب‭.‬

7‭. ‬البيئة‭ ‬المحفزة؛‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬الأحوال‭ ‬إن‭ ‬استمرت‭ ‬حالات‭ ‬الكسل‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬تغيّر‭ ‬مكان‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬الدراسة‭ ‬ليكون‭ ‬أكثر‭ ‬إشراقًا‭ ‬وتنظيمًا،‭ ‬فالمكان‭ ‬يؤثر‭ ‬في‭ ‬المزاج‭ ‬والطاقة‭.‬

هذه‭ ‬بعض‭ ‬الأسباب‭ ‬وبعض‭ ‬حلول‭ ‬الكسل،‭ ‬نرجو‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬وضعنا‭ ‬أيدينا‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الآفة‭ ‬التي‭ ‬نراها‭ ‬تنخر‭ ‬بين‭ ‬الشباب‭ ‬العربي‭ ‬وتمنعه‭ ‬من‭ ‬الانطلاق‭.‬

 

Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا