زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
وانهالت علي الأموال
عندما اخترت سعيدة الحظ التي ستصبح زوجتي، ووضعنا جدولا زمنيا لإبرام «الصفقة»، أي إكمال المراسيم، اجتمع لدي مبلغ ضخم من المال (ضخم بمقاييسي المتواضعة جدا)، لسداد المهر وإطعام «الجماهير»، وما هان علي ان كل تلك الثروة ستضيع في غضون 24 ساعة، ففكرت لبعض الوقت في أن «أخلع» أي اصرف النظر عن الزواج، ثم لعنت إبليس واللي صار، صار.
نقلوني ذات مرة إلى قسم الطوارئ بالمستشفى بعد ان بدأ قلبي يعمل بطريقة صبيانية عشوائية، وأصل الحكاية هو ان الله فتحها علي فجأة: فقد تلقيت أشعارا بترقية تؤدي الى زيادة راتبي بنسبة عشرة في المائة، وبعدها بقليل جاءني موظف من قسم الرواتب ومعه إشعار بمبلغ ثلاثة الاف ريال هي فروقات/ متأخرات مستحقة لي نتجت عن اخطاء حسابية، وفي نفس ذاك اليوم ارسلت مطبوعة كنت اكتب فيها في لندن إليّ ثروة طائلة (ما يعادل ألف دولار أخضر) كنت قد نسيت أمرها بعد ان توقفت عن الكتابة في تلك المطبوعة قبل عدة سنوات، وبداهة فإنهم لم يبعثوا لي بحقوقي المكتسبة لان ضميرهم استيقظ، بل لانهم غازلوني بهدف استدراجي لاستئناف الكتابة عندهم، فسايرتهم على قدر عقولهم، فأرسلوا لي مستحقاتي القديمة كطعم لاصطيادي، وبداهة أيضا فإن الكتابة على جدران الحمامات أهون عندي من الكتابة في مطبوعة لا تعرف كيف تطلق كتابها بمعروف، وتعطيهم الصداق المؤجل فقط بعد ان تفكر في إرجاعهم. ثم عدت الى البيت لأبشر زوجتي بالثروة التي هبطت علي ولأبلغ عيالي بأن مسألة الإجازة الصيفية باتت محلولة بعد ان توافر لدي من المال ما يعينني على السفر بهم من الى الصومال أو دارفور، أو حتى رواندا، فإذا بزوجتي التي لا أستطيع ان أمارس معها حرية التعبير إلا اذا كانت مصابة بالتهاب في الأسنان او اللثة أو الأنف والأذن والحنجرة. إذا بها تمد يدها لي وهي تبتسم: خذ هذه ثلاثة الاف ادخرتها من مصروف البيت لأبرهن لك أنني من أنصار ترشيد الإنفاق!
كان كل ذلك فوق طاقة قلبي المرهف فأصبح ينبض مرتين متتاليتين ويسكت لنحو خمس ثوان، ثم أحسست به يهبط الى جوف مصراني الأعور الذي يعاني سلفا من وجود نتوءات وأخاديد، فاضطربت أنفاسي حتى حسبت ان جهة ما قطعت عني الاوكسجين بسبب عدم دفع «فواتير التنفس»، باختصار تم نقلي الى المستشفى حيث أفتى طبيب آسيوي بأن: هارت مال انت واجد خراب. كلش كشرة. هذا نمونة ما في زين. لازم انت حصِّل هارت غير شكل. ما يسوي تبديل انت في داي.. موت!! والفائدة الوحيدة التي خرجت بها منه هي انه أعطاني اجازة مرضية مدتها 5 أيام تمكنت خلالها من التصالح مع الثروة التي نزلت علي، وما زال قلبي ذاك شغال في أمان الله رغم الفتوى الطبية بأنه واجد خراب وكشرة.
تذكرت ذلك العجوز الأمريكي ذا الإمكانات المادية الجعفرية، الذي توفي قريب له وترك له في وصيته مليون دولار، فطلب ولده من عمه الشاب ان يبلغ والده الخبر بطريقة ديبلوماسية أخذاً في الاعتبار انه يعاني من علة في القلب، لأن فرحة أيلولة مليون دولار إليه ستجيب خبره، وبعد اللف والدوران سال العم أخاه العجوز: ماذا تفعل اذا حصلت على مليون دولار فأجاب العجوز من دون تردد: أعطيك نصفها، هنا وضع العم «الشاب» يده على صدره وسقط ميتا، وتحضرني أيضا حكاية الرجل الذي ترك قطته العزيزة تحت رعاية جاره عندما سافر، فاتصل الجار به ليبلغه بأن القطة ماتت، فحزن الرجل وعاتب جاره قائلا: كان من المفروض ان تهيئني للخبر بالقول إن القطة على السقف، وبعدها بيوم بأنها تعالج عند البيطري وبعدها بأنها في العناية المركزة ثم بعدها بأيام بأنها ماتت. وبعد ذلك ببضعة أيام اتصل الرجل المسافر بجاره يسأله: هل لديك أي أخبار عن أمي فأجاب الجار: أمك على السقف!
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك