العدد : ١٧٣٤٥ - الخميس ١٨ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٦ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٤٥ - الخميس ١٨ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٦ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

مقالات

لحظة فاصلـة فــي العـلاقـات الـدولية

بقلم: خالد المقود

الخميس ١٨ سبتمبر ٢٠٢٥ - 02:00

تحيي‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬الذكرى‭ ‬الثمانين‭ ‬لتأسيسها،‭ ‬وهي‭ ‬محطة‭ ‬تاريخية‭ ‬تجسد‭ ‬ثمانية‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬الدولي‭ ‬المشترك‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬السلام‭ ‬والتنمية‭ ‬ونشر‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭. ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬1945،‭ ‬اجتمع‭ ‬ممثلو‭ ‬شعوب‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬سان‭ ‬فرانسيسكو،‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬عالمية‭ ‬مدمرة،‭ ‬ليضعوا‭ ‬رؤية‭ ‬جديدة‭ ‬لعالم‭ ‬أكثر‭ ‬عدلاً‭ ‬واستقراراً‭. ‬واليوم،‭ ‬ومع‭ ‬انطلاق‭ ‬الدورة‭ ‬الثمانين‭ ‬للجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬نحن‭ ‬مدعوون‭ ‬لاستحضار‭ ‬تلك‭ ‬الروح‭ ‬من‭ ‬العزيمة‭ ‬والبصيرة‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬المتزايدة‭ ‬التي‭ ‬تحيط‭ ‬بنا‭.‬

ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬السياق‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2025‭ ‬يبعث‭ ‬على‭ ‬القلق‭ ‬العميق‭. ‬فالصراعات‭ ‬المسلحة‭ ‬تتصاعد،‭ ‬ويتم‭ ‬انتهاك‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬بشكل‭ ‬صارخ‭ ‬ومتكرر،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬فيما‭ ‬تتعرض‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬متعددة‭ ‬الأطراف‭ ‬لضغوط‭ ‬شتى،‭ ‬وتواجه‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬نفسها‭ ‬ضغوطاً‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬النقص‭ ‬الحاد‭ ‬في‭ ‬التمويل‭ ‬المخصص‭ ‬للعمل‭ ‬التنموي‭ ‬والإنساني،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬تتزايد‭ ‬فيه‭ ‬الاحتياجات‭ ‬بشكل‭ ‬مطرد‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬تظل‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬منبراً‭ ‬فريداً،‭ ‬بل‭ ‬ربما‭ ‬المنبر‭ ‬الوحيد،‭ ‬الذي‭ ‬يجمع‭ ‬كافة‭ ‬الدول‭ ‬لمواجهة‭ ‬التهديدات‭ ‬المشتركة‭ ‬والتوصل‭ ‬الى‭ ‬الحلول‭ ‬بشكل‭ ‬جماعي‭.‬

وفي‭ ‬الذكرى‭ ‬الثمانين‭ ‬للتأسيس،‭ ‬تحتفي‭ ‬مبادرة‭  ‬UN80بإرث‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وتضع‭ ‬رؤية‭ ‬طموحة‭ ‬للمستقبل‭. ‬وقد‭ ‬وضع‭ ‬ميثاق‭ ‬المستقبل،‭ ‬الذي‭ ‬تم‭ ‬اعتماده‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬الماضي،‭ ‬إطاراً‭ ‬جديداً‭ ‬للتعاون‭ ‬الدولي،‭ ‬يرتكز‭ ‬على‭ ‬التضامن‭ ‬والاستدامة‭ ‬والشمولية‭. ‬ويمثل‭ ‬ميثاق‭ ‬المستقبل‭ ‬دعوة‭ ‬لتجديد‭ ‬الالتزام‭ ‬بميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وبالقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وبالقيم‭ ‬التي‭ ‬أرستها‭ ‬المنظمة‭ ‬وعملت‭ ‬على‭ ‬تحقيقها‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسها‭.‬

وقال‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬أنطونيو‭ ‬غوتيريش،‭ ‬في‭ ‬كلمته‭ ‬الافتتاحية‭ ‬للدورة‭ ‬الثمانين‭ ‬للجمعية‭ ‬العامة‭: ‬‮«‬بعد‭ ‬ثمانية‭ ‬عقود،‭ ‬يذكرنا‭ ‬ميثاق‭ ‬المستقبل‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬بإمكاننا‭ ‬ويجب‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نرتقي‭ ‬فوق‭ ‬الانقسامات‭ ‬ونعمل‭ ‬معاً‭ ‬‭ ‬لجعل‭ ‬عالمنا‭ ‬مكاناً‭ ‬أفضل،‭ ‬أكثر‭ ‬سلاماً‭ ‬وازدهاراً‭ ‬للجميع‮»‬‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬يتنامى‭ ‬دور‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬كعضو‭ ‬فاعل‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والعلاقات‭ ‬الدولية‭. ‬فقد‭ ‬شهد‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الفعاليات‭ ‬رفيعة‭ ‬المستوى‭ ‬بين‭ ‬البحرين‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬عكست‭ ‬التزام‭ ‬المملكة‭ ‬بالدبلوماسية‭ ‬متعددة‭ ‬الأطراف‭ ‬ودورها‭ ‬المتنامي‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‭.‬

ففي‭ ‬مايو‭ ‬2024،‭ ‬قام‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بزيارة‭ ‬البحرين‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬القمة‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬استضافتها‭ ‬المملكة،‭ ‬وهي‭ ‬القمة‭ ‬التي‭ ‬سلطت‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الدور‭ ‬الاستراتيجي‭ ‬للبحرين‭ ‬في‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الإقليمية،‭ ‬وعلى‭ ‬التزامها‭ ‬بتعزيز‭ ‬الحوار‭ ‬والتعاون‭ ‬الدوليين‭. ‬ومثلت‭ ‬الزيارة‭ ‬خطوة‭ ‬عملية‭ ‬نحو‭ ‬تعزيز‭ ‬الشراكة‭ ‬بين‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والبحرين‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وبين‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬وجامعة‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭.‬

وفي‭ ‬ديسمبر‭ ‬2024،‭ ‬وقّعت‭ ‬البحرين‭ ‬والأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬إطارا‭ ‬جديدا‭ ‬للتعاون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة،‭ ‬يربط‭ ‬بشكل‭ ‬وثيق‭ ‬بين‭ ‬الأولويات‭ ‬الوطنية‭ ‬للمملكة‭ ‬وأهداف‭ ‬التنمية‭ ‬المستدامة‭. ‬ويركز‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬على‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬الشامل،‭ ‬والمرونة‭ ‬المناخية،‭ ‬والتحول‭ ‬الرقمي،‭ ‬والمساواة‭ ‬بين‭ ‬الجنسين،‭ ‬ويتوافق‭ ‬مع‭ ‬رؤية‭ ‬البحرين‭ ‬2030‭.‬

وتحرص‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬هذه‭ ‬الجهود،‭ ‬إذ‭ ‬تعمل‭ ‬وكالاتنا‭ ‬وبرامجنا‭ ‬بشكل‭ ‬وثيق‭ ‬مع‭ ‬المؤسسات‭ ‬الحكومية‭ ‬والقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬والمجتمع‭ ‬المدني‭ ‬لتحقيق‭ ‬نتائج‭ ‬ملموسة،‭ ‬من‭ ‬تعزيز‭ ‬الصحة‭ ‬والتعليم‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬العمل‭ ‬المناخي‭ ‬وتمكين‭ ‬النساء‭ ‬والشباب،‭ ‬وترسيخ‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬عبر‭ ‬شراكة‭ ‬متنامية‭ ‬قوامها‭ ‬الحوار‭ ‬البناء‭ ‬والاحترام‭ ‬المتبادل‭ ‬وإعلاء‭ ‬الأهداف‭ ‬المشتركة‭.‬

وقد‭ ‬تم‭ ‬مؤخرا‭ ‬انتخاب‭ ‬البحرين‭ ‬كعضو‭ ‬غير‭ ‬دائم‭ ‬في‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬التابع‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للفترة‭ ‬20262027‭. ‬ويُعدّ‭ ‬هذا‭ ‬الإنجاز‭ ‬شهادة‭ ‬دولية‭ ‬على‭ ‬مصداقية‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬البحرينية‭ ‬النشطة‭ ‬وعلى‭ ‬التزامها‭ ‬بالمشاركة‭ ‬البناءة‭ ‬في‭ ‬القضايا‭ ‬الدولية‭. ‬وبينما‭ ‬تستعدَ‭ ‬المملكة‭ ‬حاليا‭ ‬لتولي‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬المهم،‭ ‬والترويج‭ ‬لرؤيتها‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬الحوار‭ ‬والاعتدال‭ ‬واحترام‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬تمثل‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬لهذا‭ ‬العام‭ ‬فرصة‭ ‬للبحرين‭ ‬لمزيد‭ ‬تأكيد‭ ‬دورها‭ ‬بين‭ ‬الأمم‭ ‬وإسهاماتها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬المتنامية‭ ‬مثل‭ ‬تآكل‭ ‬الثقة،‭ ‬وتصاعد‭ ‬الانقسامات،‭ ‬وجمود‭ ‬الاستجابات،‭ ‬والتحديات‭ ‬المستجدة‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬التكنولوجيات‭ ‬التوليدية‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭. ‬

وفي‭ ‬الذكرى‭ ‬الثمانين‭ ‬للتأسيس،‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نتذكر‭ ‬أن‭ ‬ميثاق‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لا‭ ‬يُنفَذ‭ ‬من‭ ‬تلقاء‭ ‬نفسه،‭ ‬بل‭ ‬‮«‬يتطلب‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬أن‭ ‬تنظر‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وراء‭ ‬مصالحها‭ ‬الوطنية،‭ ‬وأن‭ ‬تعيد‭ ‬بناء‭ ‬الثقة‭ ‬والإيمان‭ ‬ببعضها‭ ‬البعض،‭ ‬وبما‭ ‬يمكننا‭ ‬تحقيقه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التعاون‭ ‬والتضامن‮»‬،‭ ‬وفقا‭ ‬لما‭ ‬ذكره‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭.‬

 

{‭ ‬المنسق‭ ‬المقيم‭ ‬للأمم

‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا