العدد : ١٧٣٤١ - الأحد ١٤ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٢ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٤١ - الأحد ١٤ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٢ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

مقالات

سحابة رأي:
الذكاء الاصطناعي لبيئة مرورية آمنة في البحرين

بقلم: إسراء القصاب

الأحد ١٤ سبتمبر ٢٠٢٥ - 02:00

يعد‭ ‬الجوهر‭ ‬الحقيقي‭ ‬لوجود‭ ‬التقنيات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬الحديثة،‭ ‬هو‭ ‬مقدار‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تضيفه‭ ‬من‭ ‬صبغة‭ ‬إيجابية‭ ‬ملموسة‭ ‬الأثر‭ ‬على‭ ‬المجتمع،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬قدرتها‭ ‬على‭ ‬تطبيق‭ ‬حلول‭ ‬مبتكرة‭ ‬للمشاكل‭ ‬المجتمعية،‭ ‬وتحسين‭ ‬جودة‭ ‬حياة‭ ‬الأفراد‭ ‬والمجتمعات‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭.‬

ومن‭ ‬هذا‭ ‬المنطلق؛‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬منظور‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬محصورًا‭ ‬في‭ ‬مفهوم‭ ‬الترف‭ ‬والرفاهية‭ ‬التقنية،‭ ‬إنما‭ ‬بات‭ ‬يتجاوز‭ ‬ذلك‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬أبعد،‭ ‬إذ‭ ‬صار‭ ‬اليوم‭ ‬واقعًا‭ ‬ملموسًا‭ ‬يعيد‭ ‬تشكيل‭ ‬حياتنا،‭ ‬وضرورة‭ ‬قومية‭ ‬ملحة‭ ‬وأساسية؛‭ ‬بكونه‭ ‬أصبح‭ ‬يعيد‭ ‬صياغة‭ ‬القطاعات‭ ‬الحيوية‭ ‬كافة،‭ ‬كالتعليم،‭ ‬والصحة،‭ ‬والصناعة،‭ ‬والآمن،‭ ‬إلخ،‭ ‬وذلك‭ ‬بما‭ ‬يرفع‭ ‬مستوى‭ ‬الخدمات‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬القطاعات‭.‬

بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬إدارة‭ ‬حركة‭ ‬المرور‭ ‬على‭ ‬الطريق،‭ ‬إذ‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬توظيفه‭ ‬فيها‭ ‬بيئة‭ ‬مرورية‭ ‬أكثر‭ ‬أمانًا‭ ‬وحفاظًا‭ ‬على‭ ‬سلامة‭ ‬الأرواح‭ ‬والممتلكات،‭ ‬ما‭ ‬ينعكس‭ ‬بشكل‭ ‬إيجابي‭ ‬على‭ ‬جودة‭ ‬حياة‭ ‬المجتمع‭ ‬وصون‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬تهور‭ ‬أو‭ ‬عبث‭ ‬واستهتار‭.‬

وذلك‭ ‬لأن‭ ‬السلامة‭ ‬المرورية‭ ‬مشتق‭ ‬أساسي‭ ‬ومهم‭ ‬من‭ ‬مشتقات‭ ‬أهم‭ ‬القطاعات‭ ‬الحيوية‭ ‬للدول‭ ‬وهو‭ ‬القطاع‭ ‬الأمني،‭ ‬وتحقيق‭ ‬هذه‭ ‬السلامة‭ ‬مرهون‭ ‬بالحرص‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬على‭ ‬الطريق،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬إبان‭ ‬تنامي‭ ‬الكثافة‭ ‬السكانية‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬بدورها‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬عدد‭ ‬المركبات،‭ ‬مما‭ ‬بات‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬الحوادث‭ ‬المرورية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أضحى‭ ‬يشكل‭ ‬تهديدًا‭ ‬صريحًا‭ ‬للسلامة‭ ‬العامة‭ ‬ويؤدي‭ ‬إلى‭ ‬خسائر‭ ‬بشرية‭ ‬ومادية‭ ‬فادحة‭ ‬وجسيمة‭.‬

وانطلاقًا‭ ‬من‭ ‬الحرص‭ ‬المعهود‭ ‬لوزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬توفير‭ ‬الأمن‭ ‬والأمان‭ ‬وحماية‭ ‬المواطنين‭ ‬والمقيمين،‭ ‬وبهدف‭ ‬تطبيق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬الوقائية‭ ‬والتدابير‭ ‬التنظيمية‭ ‬لتعزيز‭ ‬السلامة‭ ‬المرورية،‭ ‬ومواكبة‭ ‬للتطورات‭ ‬التكنولوجية‭ ‬المستمرة‭ ‬لتحديث‭ ‬المنظومة‭ ‬الأمنية‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬والمرورية‭ ‬بشكل‭ ‬خاص،‭ ‬وقّعت‭ ‬الوزارة‭ ‬خلال‭ ‬الأسابيع‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬اتفاقية‭ ‬شراكة‭ ‬مع‭ ‬شركة‭ (‬بيون‭)‬،‭ ‬وذلك‭ ‬لتنفيذ‭ ‬نظام‭ ‬متكامل‭ ‬للرقابة‭ ‬المرورية‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬أحدث‭ ‬تقنيات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭. ‬

إذ‭ ‬يهدف‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬السلامة‭ ‬المرورية‭ ‬ورفع‭ ‬مستوى‭ ‬الانضباط‭ ‬على‭ ‬الطريق،‭ ‬وبموجب‭ ‬الاتفاقية‭ ‬المبرومة؛‭ ‬زودت‭ ‬شركة‭ (‬بيون‭ ‬للحلول‭) ‬التابعة‭ ‬لشركات‭ (‬بيون‭) ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للمرور‭ ‬بـ500‭ ‬كاميرا‭ ‬ذكية،‭ ‬لتشكل‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬نظام‭ ‬مراقبة‭ ‬الحركة‭ ‬المرورية،‭ ‬بحيث‭ ‬يشمل‭ ‬حلول‭ ‬تقنية‭ ‬متقدمة‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التطور‭ ‬والتعلم‭ ‬الذاتي،‭ ‬وتقديم‭ ‬بيانات‭ ‬ذات‭ ‬دقة‭ ‬عالية‭ ‬تسمح‭ ‬باتخاذ‭ ‬إجراءات‭ ‬فعالة‭ ‬بشكل‭ ‬استباقي‭.‬

هذا‭ ‬ويعمل‭ ‬النظام‭ ‬على‭ ‬التقاط‭ ‬الكاميرات‭ ‬الذكية‭ ‬للبيانات‭ ‬من‭ ‬الطرق؛‭ ‬بحيث‭ ‬يستخدم‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬هذه‭ ‬البيانات‭ ‬لتتبع‭ ‬الحركة‭ ‬المرورية‭ ‬وتحديد‭ ‬الانتهاكات‭ ‬ورصد‭ ‬المخالفات‭ ‬كتجاوز‭ ‬الإشارة‭ ‬الحمراء،‭ ‬والسرعة‭ ‬الزائدة،‭ ‬واستخدام‭ ‬الهاتف‭ ‬المحمول‭ ‬وغيرها،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تعديل‭ ‬توقيت‭ ‬إشارات‭ ‬المرور‭ ‬بصورة‭ ‬ديناميكية؛‭ ‬وذلك‭ ‬لتقليص‭ ‬أوقات‭ ‬الانتظار‭ ‬عند‭ ‬التقاطعات‭ ‬بهدف‭ ‬تقليل‭ ‬الازدحام‭ ‬بشكل‭ ‬عام،‭ ‬كما‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬مراقبة‭ ‬الأداء‭ ‬على‭ ‬الطرق‭ ‬بما‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬مستوى‭ ‬السلامة‭ ‬المرورية،‭ ‬إلخ‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬يعمل‭ ‬النظام‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬استراتيجية‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إحلال‭ ‬معايير‭ ‬السلامة‭ ‬المرورية‭ ‬الحديثة،‭ ‬بما‭ ‬يكفل‭ ‬خفض‭ ‬معدلات‭ ‬الحوادث‭ ‬المرورية‭ ‬وما‭ ‬يترتب‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬خسائر‭ ‬بشرية‭ ‬واقتصادية،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إتاحة‭ ‬إمكانيات‭ ‬رقابية‭ ‬ذات‭ ‬وصول‭ ‬أعلى‭ ‬لضبط‭ ‬السلوكيات‭ ‬الخطرة‭ ‬عبر‭ ‬تشديد‭ ‬الرقابة‭ ‬الأمنية‭ ‬وتغليط‭ ‬العقوبات،‭ ‬وتطبيق‭ ‬قانون‭ ‬مروري‭ ‬أكثر‭ ‬صرامة‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬تسوّل‭ ‬له‭ ‬نفسه‭ ‬الإخلال‭ ‬بحياة‭ ‬الأرواح‭ ‬والممتلكات‭ ‬والأمن‭ ‬على‭ ‬الطريق‭ ‬وتهديد‭ ‬طمأنينة‭ ‬المجتمع،‭ ‬بهدف‭ ‬ضمان‭ ‬تحقيق‭ ‬بيئة‭ ‬مرورية‭ ‬أكثر‭ ‬أمانًا‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬هذا‭ ‬التغيير‭ ‬تقنيًا‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬تغليط‭ ‬العقوبات‭ ‬وتعديل‭ ‬القوانين‭ ‬فحسب؛‭ ‬إنما‭ ‬كان‭ ‬ذا‭ ‬انعكاس‭ ‬مباشر‭ ‬على‭ ‬حجم‭ ‬الحوادث‭ ‬المرورية‭ ‬البليغة،‭ ‬حيث‭ ‬سجلت‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للمرور‭ ‬انخفاضًا‭ ‬ملموسًا‭ ‬في‭ ‬أعدادها،‭ ‬وهذا‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬نجاح‭ ‬هذه‭ ‬الخطوات‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬السلامة‭ ‬العامة‭.‬

ومما‭ ‬لا‭ ‬شك‭ ‬فيه‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الخطوات‭ ‬التي‭ ‬سعت‭ ‬إليها‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬ذات‭ ‬أبعاد‭ ‬مهمة‭ ‬وتستحق‭ ‬الإشارة‭ ‬إليها‭ ‬والإشادة‭ ‬بها؛‭ ‬لما‭ ‬تكفله‭ ‬من‭ ‬حرص‭ ‬على‭ ‬أمن‭ ‬وسلامة‭ ‬الأفراد‭ ‬وسلاسة‭ ‬الحركة‭ ‬المرورية‭ ‬في‭ ‬شوارع‭ ‬المملكة،‭ ‬وبما‭ ‬تحققه‭ ‬من‭ ‬تناغم‭ ‬مع‭ ‬التطورات‭ ‬الأمنية‭ ‬التكنولوجية‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬المروري‭ ‬العالمي،‭ ‬ولتعزيزها‭ ‬رؤية‭ ‬المملكة‭ ‬2030‭ ‬الرامية‭ ‬لترسيخ‭ ‬مكانتها‭ ‬كمركز‭ ‬إقليمي‭ ‬رائد‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭.‬

وفي‭ ‬موازاة‭ ‬ذلك؛‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬من‭ ‬تسليط‭ ‬الأضواء‭ ‬على‭ ‬الأدوار‭ ‬الرائدة‭ ‬والفاعلة‭ ‬التي‭ ‬تلعبها‭ ‬مجموعة‭ ‬شركات‭ (‬بيون‭) ‬في‭ ‬دعم‭ ‬جهود‭ ‬المملكة،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الأمني‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬القطاعات‭ ‬الأخرى،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تبنيها‭ ‬لأحدث‭ ‬الأنظمة‭ ‬وأكثرها‭ ‬تطورًا‭ ‬مساهمة‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬رفد‭ ‬النمو‭ ‬الرقمي‭ ‬وتوفير‭ ‬الحلول‭ ‬المبتكرة‭ ‬للاتصالات‭ ‬والمعلومات،‭ ‬وما‭ ‬تلك‭ ‬إلا‭ ‬جهود‭ ‬نابعة‭ ‬من‭ ‬حس‭ ‬مجتمعي‭ ‬مسؤول‭ ‬وحرص‭ ‬وطني‭ ‬عال‭ ‬يستحق‭ ‬التقدير‭.‬

خلاصة‭ ‬القول،‭ ‬إن‭ ‬النظام‭ ‬المروري‭ ‬الجديد‭ ‬بكل‭ ‬حيثياته‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬إلا‭ ‬رسالة‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬مفادها‭ ‬إن‭ ‬سلامة‭ ‬الإنسان‭ ‬هي‭ ‬أولوية‭ ‬وطنية،‭ ‬ومسؤولية‭ ‬جماعية،‭ ‬تستوجب‭ ‬تكاتف‭ ‬كل‭ ‬شرائح‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬الأنظمة‭ ‬واحترام‭ ‬القوانين‭ ‬بما‭ ‬يحفظ‭ ‬الحقوق‭ ‬ويعكس‭ ‬وعي‭ ‬وتحضر‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني،‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬يتحقق‭ ‬فقط‭ ‬باستخدام‭ ‬أحدث‭ ‬الوسائل‭ ‬التكنولوجية‭ ‬وتشديد‭ ‬الرقابة‭ ‬والقوانين،‭ ‬إنما‭ ‬بتعاون‭ ‬شامل‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع،‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬سلامة‭ ‬الطرق‭ ‬مسؤولية‭ ‬مشتركة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا