زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
هل راحت عليك؟ (1)
كتبت قبل سنوات معربا عن إعجابي بالأبقار اليابانية المتحضرة، لأنها رفعت عريضة إلى رئيس الوزراء وقتها جونيتشيرو كويزومي (2001-2006)، مطالبة بوقايتها من الجنون، بعد أن ذاع أمر إصابة أبقار أوروبا بلوثات عقلية، من نوع جديد، جعلها تتعرض للإبادة الجماعية حرقا، ومعلوم لدى الجميع أن أبقار أوروبا خضعت لعلاج نفسي وطالبت بتغيير النظام، فصار ممنوعا ذبح أي عجل لم يبلغ سن الرشد (6 أشهر). سبحان الله فابن آدم يبلغ الرشد في نحو الـ 16 من العمر ومنهم من لا يبلغه حتى في الستين، كما أن البهائم تتفوق على البشر لكونها تمشي على أرجلها بعد دقائق معدودة من ولادتها بينما لا يمشي ابن آدم قبل نحو 12 شهرا من يوم مولده، ولكن عقول معظم الحيوانات تتوقف عن النمو عندما تبلغ سن السادسة، بينما لا يتوقف عقل الآدمي عن النمو طالما هو يستخدمه (والاستثناء هم الفئة التي نسمي الواحد منها «ثور» لأنه لم يسمح لدماغه بالتطور ويكون ذلك بطلب العلم والتعلم من التجارب).. المهم أنني تذكرت اليوم واقعة تخص كويزومي هذا والذي اعتبره اليابانيون رئيس وزراء شبابيا، ففي الذكرى الستين ليوم ميلاده احتفل كويزومو بتلك المناسبة، بارتداء الملابس الحمراء، من منطلق أن الحياة في اليابان تبدأ في الستين، بوصفها المحطة الشبابية الثانية في حياة الإنسان، مما يؤكد أن اليابانيين شعب «فاهم» وليسوا مثلنا يطلقون لقب «شيبة» أو «شايب» على كل من ابيضّ جزء من شعره!!
وبحمد الله فإنني ما زلت بعيدا عن الستين، لأن طريقتي الثورية في احتساب عمري، تستند إلى الإنجازات، فأسقط أي سنة لم أنجز فيها شيئا مهما من حساب عمري، ومعنى ذلك أن بإمكاني أن أشطب ربع قرن من سنوات عمري، ويعجب بعض معارفي، مثلا، عندما أظل أردد لسبع سنوات متتالية أن عمري 39 سنة، ومرد ذلك أنني أؤمن بأن العمر مش بعزقة، ومن ثم لا أقبل زيادة رصيدي عمري بسنوات كلها خيبة، وإذا استخدم العرب طريقتي أعلاه في الحساب فسيكون عمر الجامعة العربية يومين فقط، وعمر القضية الفلسطينية أسبوعا واحدا، ونفيا لتهمة التصابي فإنني أعرض عليكم العلامات الرئيسية للتقدم في السن والتي قمت بتقييم حالتي في ضوئها وخرجت بنتيجة إيجابية: تعرف أنك أصبحت كهلا، وراحت عليك، عندما تنام أنت وأسنانك في مكانين منفصلين، أو تغرس تلك الأسنان في قطعة لحم، فيرتد إليك فمك، بينما تبقى الأسنان مغروسة في اللحم، أو عندما تلاحظ أن جوربك أي «شُرّابك» مجعّد وغير مشدود فتنحني لتصلح حاله وتكتشف أنك لا ترتدي جوربا!! أما إذا كان القيام من الكرسي أو الكنبة يتطلب منك محاولتين، وتذهب إلى الصيدلية لأن العاملين فيها هم أقرب الناس إلى قلبك، فركِّز أكثر على صالح الأعمال، ليذكر الناس محاسنك خلال «الفترة المقبلة»، وإذا بلغ بك الحال أنك تقضي وقتا طويلا لتحديد المكان الذي أوقفت فيه سيارتك في موقف عام، فلا تتفلسف وتتهم زوجتك أو عيالك بأنهم مهملون وبأنهم يتجاهلون طلباتك، لأنك غالبا ما تكون قد نسيت أن تطلب منهم ما تريده، وإذا كنت من الفئة التي تنطبق عليها المواصفات أعلاه، فاحترم نفسك ولا تذهب إلى الخارج في عطلة سياحية، لأن لياقتك البدنية ستنتهي قبل انتهاء نقودك، وفي هذه الحالة تجنب الكرسي الهزاز لأنك لن تستطيع تحريكه وقد يصيبك ذلك بالإحباط، وتضطر مكرها إلى التخلي عن مشروع «تجديد شبابك» بعروس فل أوتوماتيك، وإياك ثم إياك –أيها الرجل- أن تحلف بالطلاق، على مسمع من زوجتك لأن الأمر قد «ينقلب إلى جد» وتكون أنت الخاسر.

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك