العدد : ١٧٣٣٩ - الجمعة ١٢ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٠ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٣٩ - الجمعة ١٢ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٠ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

أي آفاق للعلاقات الروسية الأمريكية في ظل حكم ترامب؟!

بقلم: د. نبيل العسومي

الخميس ١١ سبتمبر ٢٠٢٥ - 02:00

كان‭ ‬انتخاب‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬لدورة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬مبشرا‭ ‬بفتح‭ ‬صفحة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الروسية‭ ‬الأمريكية‭ ‬بوجه‭ ‬خاص‭ ‬وذلك‭ ‬وفقا‭ ‬لما‭  ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬خلال‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬سيسعى‭ ‬إلى‭ ‬إنهاء‭ ‬الحروب‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬واستعادة‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬وتطبيعها‭ ‬بما‭ ‬يخدم‭ ‬المصالح‭ ‬الأمريكية‭ ‬السياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬والأمنية‭ ‬وكانت‭ ‬هذه‭ ‬الشعارات‭ ‬تلاحق‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬خاصة‭ ‬وإنه‭ ‬عبر‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مناسبة‭  ‬عن‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬بسرعة‭ ‬فائقة‭ ‬حيث‭ ‬إنه‭ ‬أكد‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬التصريحات‭ ‬أنه‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬الروسية‭ ‬الأوكرانية‭ ‬خلال‭ ‬24‭ ‬ساعة‭.‬

ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬بذلها‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الماضية‭ ‬من‭ ‬حكمه‭ ‬تؤكد‭ ‬أنه‭ ‬جاد‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المحاولات‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬العوائق‭ ‬الضخمة‭ ‬التي‭ ‬تواجهه‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬الدولة‭ ‬العميقة‭ ‬داخل‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والقوى‭ ‬المتحكمة‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬وتجارة‭ ‬السلاح‭ ‬والعوائق‭ ‬التي‭ ‬يواجهها‭ ‬من‭ ‬القوى‭ ‬الأوروبية‭ ‬المعادية‭ ‬لروسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬وتحديدا‭ ‬فرنسا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬العظمى‭ ‬وألمانيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬التي‭ ‬ترفض‭ ‬التوجه‭ ‬نحو‭ ‬السلام‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬ووضع‭ ‬نهاية‭ ‬للأزمة‭ ‬الأوكرانية‭ ‬وبالتالي‭ ‬إعاقة‭ ‬جهود‭ ‬الرئيسين‭ ‬الأمريكي‭ ‬والروسي‭ ‬لإيقاف‭ ‬هذه‭ ‬الحرب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اتفاقية‭ ‬سلام‭ ‬دائمة‭ ‬تضع‭ ‬حدا‭ ‬لهذا‭ ‬الصراع‭ ‬الدموي‭ ‬بين‭ ‬الشعبين‭ ‬الشقيقين‭.‬

ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الجديدة‭ ‬تميز‭ ‬بين‭ ‬3‭ ‬جوانب‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬ضمن‭ ‬رؤية‭ ‬اقتصادية‭ ‬وأمنية‭ ‬براجماتية‭ ‬تقدم‭ ‬المصالح‭ ‬والمنافع‭ ‬المشتركة‭ ‬عن‭ ‬الموقف‭ ‬الأيديولوجي‭ ‬والسياسي‭:‬

أولا‭: ‬العلاقات‭ ‬الثنائية‭ ‬بين‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وهي‭ ‬مقدمة‭ ‬على‭ ‬بقية‭ ‬النقاط‭ ‬حيث‭ ‬أكد‭ ‬الرئيسان‭ ‬ترامب‭ ‬وبوتين‭ ‬خلال‭ ‬لقاء‭ ‬قمة‭ ‬الاسكا‭ ‬استعادة‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬العادية‭ ‬وإعادة‭ ‬فتح‭ ‬الممثليات‭ ‬في‭ ‬البلدين‭ ‬وعودة‭ ‬خطوط‭ ‬الطيران‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬وتنقل‭ ‬المسافرين‭ ‬وهذه‭ ‬خطوة‭ ‬يجري‭ ‬مناقشتها‭ ‬بشكل‭ ‬منفصل‭ ‬عن‭ ‬موضوع‭ ‬أوكرانيا‭ ‬في‭ ‬اجتماعات‭ ‬بين‭ ‬الدبلوماسيين‭ ‬والمختصين‭ ‬من‭ ‬الجهتين‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬تركيا‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬جنيف‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬الأماكن‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬أننا‭ ‬أمام‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬تطبيع‭ ‬العلاقات‭ ‬التي‭ ‬تدهورت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬أيام‭ ‬الرئيس‭ ‬السابق‭ ‬جو‭ ‬بايدن‭.‬

وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬يتطلب‭ ‬مزيدا‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬بالنظر‭ ‬إلى‭ ‬حجم‭ ‬التخريب‭ ‬الذي‭ ‬تسببت‭ ‬فيها‭ ‬إدارة‭ ‬بايدن‭ ‬مما‭ ‬يقتضي‭ ‬جهدا‭ ‬كبيرا‭ ‬لإعادة‭ ‬الأوضاع‭ ‬إلى‭ ‬سابق‭ ‬وضعها‭.‬

ثانيا‭: ‬يتعلق‭ ‬بالعمل‭ ‬على‭ ‬تجنب‭ ‬المواجهة‭ ‬العسكرية‭ ‬خاصة‭ ‬المواجهة‭ ‬النووية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬توافق‭ ‬عاقل‭ ‬على‭ ‬ضبط‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬لتجنب‭ ‬العالم‭ ‬إمكانية‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬لحظة‭ ‬من‭ ‬لحظات‭ ‬الجنون‭ ‬وبالفعل‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬النقطة‭ ‬شكلت‭ ‬أهمية‭ ‬خاصة‭ ‬للطرفين‭ ‬وللعالم‭ ‬ونعتقد‭ ‬بأن‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬بات‭ ‬أبعد‭ ‬عن‭ ‬الحرب‭ ‬النووية‭ ‬التي‭ ‬شعرنا‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬من‭ ‬اللحظات‭ ‬بأنها‭ ‬كانت‭ ‬قريبة‭ ‬جدا،‭ ‬أما‭ ‬الآن‭ ‬فهي‭ ‬مستبعدة‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬خلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬يحكم‭ ‬فيها‭ ‬قائدان‭ ‬متفاهمان‭.‬

ثالثا‭: ‬التوافق‭ ‬على‭ ‬حل‭ ‬ملف‭ ‬الحرب‭ ‬الأوكرانية‭ ‬بشكل‭ ‬سلمي‭ ‬ووضع‭ ‬حد‭ ‬لإراقة‭ ‬الدماء‭ ‬ولكن‭ ‬حتى‭ ‬إن‭ ‬تباعدت‭ ‬الرؤى‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬التوافق‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬جوهري‭ ‬وأساسي‭ ‬قد‭ ‬عبر‭ ‬عنه‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬بوضوح‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬التصريحات‭ ‬الرسمية‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬تغريداته‭ ‬المتعددة‭ ‬والتي‭ ‬أعرب‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬عن‭ ‬تفهمه‭ ‬للرغبة‭ ‬في‭ ‬حل‭ ‬هذا‭ ‬الصراع‭ ‬بالعودة‭ ‬إلى‭ ‬جذوره‭ ‬الأساسية‭ ‬والأخذ‭ ‬بمخاوف‭ ‬روسيا‭ ‬الأمنية‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬وجعل‭ ‬الأمن‭ ‬أمنا‭ ‬جماعيا‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬يتم‭ ‬حل‭ ‬المشكلة‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬أي‭ ‬طرف‭.‬

ولكن‭ ‬للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬فإن‭ ‬لمعظم‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الثلاث‭ ‬دول‭ ‬سالفة‭ ‬الذكر‭ ‬دورا‭ ‬سلبيا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قيامها‭  ‬بدور‭ ‬مؤثر‭ ‬يعرقل‭ ‬الجهود‭ ‬الكبيرة‭ ‬التي‭ ‬تبذل‭ ‬لإيجاد‭ ‬حل‭ ‬سلمي‭ ‬للصراع‭  ‬الروسي‭ ‬الأوكراني‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عما‭ ‬يصيب‭ ‬البلدان‭ ‬الأوروبية‭ ‬وشعوبها‭ ‬من‭ ‬صعوبات‭ ‬ومشاكل‭ ‬اجتماعية‭ ‬واقتصادية‭ ‬وتضخم‭ ‬وإفلاس‭ ‬مئات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المؤسسات‭ ‬والشركات‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬هذه‭ ‬البلدان‭ ‬وتشهد‭ ‬الحياة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬تراجعا‭ ‬دراماتيكيا‭ ‬ملموسا‭ ‬يراه‭ ‬حتى‭ ‬الزائر‭ ‬لهذه‭ ‬البلدان‭ ‬مقارنة‭ ‬بما‭ ‬كانت‭ ‬عليه‭ ‬قبل‭ ‬3‭ ‬سنوات‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬الرخيصين‭ ‬يتدفقان‭ ‬داخل‭ ‬شريان‭ ‬الاقتصاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬الذي‭ ‬يعود‭ ‬جزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬ازدهاره‭ ‬إلى‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬روسيا‭ ‬الاتحادية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا