العدد : ١٧٣٣٧ - الأربعاء ١٠ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٣٧ - الأربعاء ١٠ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

وقت مستقطع

علي ميرزا

المدرب واللاعبون: نفوز معا

كثيرا‭ ‬ما‭ ‬نسمع‭ ‬أنصار‭ ‬هذا‭ ‬الفريق‭ ‬أو‭ ‬الفريق‭ ‬الآخر‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬التعرض‭ ‬للخسارة‭ ‬يوجهون‭ ‬أصابع‭ ‬الاتهام‭ ‬إلى‭ ‬المدرب‭ ‬وحده،‭ ‬ويرون‭ ‬فيه‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬في‭ ‬المستوى،‭ ‬وأن‭ ‬الفريق‭ ‬أرفع‭ ‬مستوى‭ ‬منه،‭ ‬ومن‭ ‬هذا‭ ‬القبيل،‭ ‬ولكن‭ ‬هل‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الاتهام‭ ‬ينسحب‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬مدرب؟‭ ‬وماذا‭ ‬لو‭ ‬عكسنا‭ ‬بوصلة‭ ‬الاتهام‭ ‬ووجهناه‭ ‬لأصحاب‭ ‬الاتهام‭ ‬وقلنا‭: ‬بأن‭ ‬فكر‭ ‬المدرب‭ ‬أرفع‭ ‬من‭ ‬إمكانات‭ ‬وقدرات‭ ‬لاعبي‭ ‬الفريق‭.‬

فالسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يطرح‭ ‬نفسه‭ ‬كلما‭ ‬شهدنا‭ ‬فريقا‭ ‬يتألق‭ ‬في‭ ‬الملاعب‭: ‬هل‭ ‬الفضل‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬المدرب‭ ‬الذي‭ ‬يقود‭ ‬من‭ ‬الخطوط‭ ‬الخلفية،‭ ‬أم‭ ‬إلى‭ ‬اللاعبين‭ ‬الذين‭ ‬ينفذون‭ ‬على‭ ‬أرضية‭ ‬الملعب؟

هناك‭ ‬من‭ ‬يرى‭ ‬أن‭ ‬الفريق‭ ‬هو‭ ‬الأساس،‭ ‬وأن‭ ‬اللاعبين‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬يترجمون‭ ‬الأفكار‭ ‬إلى‭ ‬أفعال،‭ ‬فكم‭ ‬من‭ ‬مدرب‭ ‬كبير‭ ‬اصطدم‭ ‬بواقع‭ ‬أن‭ ‬أدواته‭ ‬محدودة،‭ ‬فلم‭ ‬يحقق‭ ‬النجاح‭ ‬رغم‭ ‬عبقريته‭.‬

‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الرياضي،‭ ‬الموهبة‭ ‬الفردية‭ ‬والانسجام‭ ‬الجماعي‭ ‬قد‭ ‬يطغيان‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬خطة‭ ‬تكتيكية،‭ ‬بل‭ ‬قد‭ ‬ينقذان‭ ‬مباراة‭ ‬متهالكة‭. ‬اللاعبون‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬يواجهون‭ ‬ضغط‭ ‬الجماهير،‭ ‬وهم‭ ‬من‭ ‬يتحملون‭ ‬أخطاء‭ ‬اللحظة‭ ‬وقرارات‭ ‬الحكام،‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬اختزال‭ ‬النصر‭ ‬في‭ ‬عقل‭ ‬المدرب‭ ‬وحده‭.‬

على‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر،‭ ‬المدرب‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬متفرج،‭ ‬وإنما‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يصوغ‭ ‬الهوية‭ ‬التكتيكية‭ ‬للفريق،‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬يعرف‭ ‬متى‭ ‬يغامر‭ ‬ومتى‭ ‬يتراجع،‭ ‬المدرب‭ ‬هو‭ ‬‮«‬المهندس‭ ‬النفسي‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬يشحن‭ ‬الروح‭ ‬ويخلق‭ ‬بيئة‭ ‬عمل‭ ‬جماعية،‭ ‬وكم‭ ‬مررنا‭ ‬بتجربة‭ ‬فرق‭ ‬مليئة‭ ‬بالنجوم‭ ‬انهارت‭ ‬لغياب‭ ‬القيادة‭ ‬الفنية‭ ‬الصارمة،‭ ‬هنا‭ ‬يبرز‭ ‬دور‭ ‬المدرب‭ ‬باعتباره‭ ‬من‭ ‬يضع‭ ‬ملامح‭ ‬الطريق،‭ ‬ويوجه‭ ‬البوصلة،‭ ‬ويحمي‭ ‬اللاعبين‭ ‬من‭ ‬الغرق‭ ‬في‭ ‬العشوائيات‭.‬

والسؤال‭ ‬الذي‭ ‬يقول‭ ‬من‭ ‬ينقذ‭ ‬الآخر‭ ‬المدرب‭ ‬أو‭ ‬الفريق؟‭ ‬هو‭ ‬سؤال‭ ‬جدلي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬مغلوطا،‭ ‬فالمدرب‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يرسم‭ ‬خارطة‭ ‬الطريق‭ ‬الفنية،‭ ‬وقد‭ ‬لا‭ ‬تكتمل‭ ‬اللوحة،‭ ‬إذ‭ ‬ربما‭ ‬يجري‭ ‬عليها‭ ‬تعديلات‭ ‬وتحسينات‭ ‬لاحقة‭ ‬خلال‭ ‬المباراة،‭ ‬وهو‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬الأدوات‭ ‬التي‭ ‬تترجم‭ ‬فكره،‭ ‬واللاعبون‭ ‬هم‭ ‬الآخرون‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬المدرب‭ ‬الذي‭ ‬يضعهم‭ ‬على‭ ‬الجادة‭ ‬الصحيحة،‭ ‬ويعرف‭ ‬كيف‭ ‬يوظفهم‭ ‬ويستثمر‭ ‬إمكاناتهم‭ ‬ويطوعها‭ ‬لصالح‭ ‬الفريق‭.‬

في‭ ‬الرياضة‭ ‬الحديثة،‭ ‬النجاح‭ ‬نتيجة‭ ‬شراكة‭ ‬ذكية‭ ‬بين‭ ‬فكر‭ ‬المدرب‭ ‬وتنفيذ‭ ‬اللاعبين،‭ ‬فالمدرب‭ ‬قد‭ ‬يملك‭ ‬الخطة‭ ‬الأذكى،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إيمان‭ ‬اللاعبين‭ ‬بها‭ ‬لن‭ ‬تتحقق،‭ ‬واللاعبون‭ ‬قد‭ ‬يملكون‭ ‬الموهبة،‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬قيادة‭ ‬تحسن‭ ‬توظيفها‭ ‬ستبقى‭ ‬مجرد‭ ‬مهارات‭ ‬متناثرة‭.‬

إذن‭ ‬نصل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬الطرح‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المدرب‭ ‬وحده‭ ‬لا‭ ‬يفوز،‭ ‬ولا‭ ‬الفريق‭ ‬وحده‭ ‬يفوز،‭ ‬الذي‭ ‬يفوز‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬هو‭ ‬المنظومة،‭ ‬حين‭ ‬تلتقي‭ ‬الرؤية‭ ‬بالموهبة،‭ ‬والقيادة‭ ‬بالتنفيذ‭.‬

ولعل‭ ‬أجمل‭ ‬صور‭ ‬التنافس‭ ‬الرياضي‭ ‬يتجلى‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬التي‭ ‬يهدي‭ ‬فيها‭ ‬المدرب‭ ‬الفوز‭ ‬للاعبين،‭ ‬ويهديه‭ ‬اللاعبون‭ ‬لمدربهم،‭ ‬كأنما‭ ‬يقولون‭ ‬بصوت‭ ‬واحد‭ ‬مسموع‭ ‬‮«‬نحن‭ ‬نفوز‭ ‬معا،‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬نفوز‭ ‬أبدا‮»‬‭.‬

إقرأ أيضا لـ"علي ميرزا"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا