وقت مستقطع

علي ميرزا
المدرب واللاعبون: نفوز معا
كثيرا ما نسمع أنصار هذا الفريق أو الفريق الآخر خاصة بعد التعرض للخسارة يوجهون أصابع الاتهام إلى المدرب وحده، ويرون فيه أنه ليس في المستوى، وأن الفريق أرفع مستوى منه، ومن هذا القبيل، ولكن هل مثل هذا الاتهام ينسحب على كل مدرب؟ وماذا لو عكسنا بوصلة الاتهام ووجهناه لأصحاب الاتهام وقلنا: بأن فكر المدرب أرفع من إمكانات وقدرات لاعبي الفريق.
فالسؤال الذي يطرح نفسه كلما شهدنا فريقا يتألق في الملاعب: هل الفضل في ذلك يعود إلى المدرب الذي يقود من الخطوط الخلفية، أم إلى اللاعبين الذين ينفذون على أرضية الملعب؟
هناك من يرى أن الفريق هو الأساس، وأن اللاعبين هم من يترجمون الأفكار إلى أفعال، فكم من مدرب كبير اصطدم بواقع أن أدواته محدودة، فلم يحقق النجاح رغم عبقريته.
في المجال الرياضي، الموهبة الفردية والانسجام الجماعي قد يطغيان على أي خطة تكتيكية، بل قد ينقذان مباراة متهالكة. اللاعبون هم الذين يواجهون ضغط الجماهير، وهم من يتحملون أخطاء اللحظة وقرارات الحكام، لذلك لا يمكن اختزال النصر في عقل المدرب وحده.
على الجانب الآخر، المدرب ليس مجرد متفرج، وإنما هو من يصوغ الهوية التكتيكية للفريق، وهو من يعرف متى يغامر ومتى يتراجع، المدرب هو «المهندس النفسي» الذي يشحن الروح ويخلق بيئة عمل جماعية، وكم مررنا بتجربة فرق مليئة بالنجوم انهارت لغياب القيادة الفنية الصارمة، هنا يبرز دور المدرب باعتباره من يضع ملامح الطريق، ويوجه البوصلة، ويحمي اللاعبين من الغرق في العشوائيات.
والسؤال الذي يقول من ينقذ الآخر المدرب أو الفريق؟ هو سؤال جدلي قد يكون مغلوطا، فالمدرب هو من يرسم خارطة الطريق الفنية، وقد لا تكتمل اللوحة، إذ ربما يجري عليها تعديلات وتحسينات لاحقة خلال المباراة، وهو يحتاج إلى الأدوات التي تترجم فكره، واللاعبون هم الآخرون يحتاجون إلى المدرب الذي يضعهم على الجادة الصحيحة، ويعرف كيف يوظفهم ويستثمر إمكاناتهم ويطوعها لصالح الفريق.
في الرياضة الحديثة، النجاح نتيجة شراكة ذكية بين فكر المدرب وتنفيذ اللاعبين، فالمدرب قد يملك الخطة الأذكى، لكن من دون إيمان اللاعبين بها لن تتحقق، واللاعبون قد يملكون الموهبة، لكن من دون قيادة تحسن توظيفها ستبقى مجرد مهارات متناثرة.
إذن نصل من خلال هذا الطرح إلى أن المدرب وحده لا يفوز، ولا الفريق وحده يفوز، الذي يفوز في النهاية هو المنظومة، حين تلتقي الرؤية بالموهبة، والقيادة بالتنفيذ.
ولعل أجمل صور التنافس الرياضي يتجلى في تلك اللحظة التي يهدي فيها المدرب الفوز للاعبين، ويهديه اللاعبون لمدربهم، كأنما يقولون بصوت واحد مسموع «نحن نفوز معا، أو لا نفوز أبدا».
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك