العدد : ١٧٣٣٥ - الاثنين ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٦ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٣٥ - الاثنين ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٦ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

الخيارات الضرورية لمستقبل العالم العربي

بقلم: د. نبيل فهمي {

الاثنين ٠٨ سبتمبر ٢٠٢٥ - 02:00

لعل‭ ‬من‭ ‬أفضل‭ ‬سبل‭ ‬الارتفاع‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬التحدي،‭ ‬وتوفير‭ ‬فرص‭ ‬النجاح،‭ ‬تبني‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬وطنياً‭ ‬وإقليمياً‭ ‬منهجية‭ ‬التطوير‭ ‬المتدرج‭ ‬المستمر،‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬خصوصياتنا‭ ‬وحقوقنا‭ ‬وثقلها‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول،‭ ‬ولمواكبة‭ ‬الأحداث‭ ‬لأن‭ ‬الأوضاع‭ ‬الدولية‭ ‬والإقليمية‭ ‬تتغير‭ ‬باستمرار‭. ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬ومتابعاً‭ ‬للتطورات‭ ‬الدولية‭ ‬والإقليمية،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬الضرورة‭ ‬أن‭ ‬نسهم‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬النظام‭ ‬المعاصر‭ ‬وتوجهاته‭ ‬ونتائجه،‭ ‬وبخاصة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإقليمي‭ ‬الشرق‭ ‬أوسطي،‭ ‬الذي‭ ‬تعبث‭ ‬وتجول‭ ‬فيه‭ ‬أطراف‭ ‬دولية‭ ‬وإقليمية‭ ‬غير‭ ‬عربية‭.‬

لا‭ ‬يختلف‭ ‬أحد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬النظام‭ ‬الدولي‭ ‬المعاصر‭ ‬مضطرب،‭ ‬بعد‭ ‬خروجه‭ ‬عن‭ ‬منظومة‭ ‬القطبين،‭ ‬يترنح‭ ‬بين‭ ‬عالم‭ ‬القطب‭ ‬الأوحد،‭ ‬والمتعدد‭ ‬الأقطاب،‭ ‬ونظام‭ ‬دون‭ ‬أقطاب‭ ‬رئيسة‭.‬

كما‭ ‬لا‭ ‬يختلف‭ ‬أحد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬غير‭ ‬مستقر‭ ‬وفي‭ ‬مرحلة‭ ‬إعادة‭ ‬تشكيل،‭ ‬طبيعية‭ ‬وجبرية،‭ ‬نتيجة‭ ‬اختلاف‭ ‬نسب‭ ‬نجاح‭ ‬وفشل‭ ‬المنظومة‭ ‬الوطنية‭ ‬بين‭ ‬دولة‭ ‬وأخرى،‭ ‬وطموح‭ ‬دول‭ ‬غير‭ ‬عربية‭ ‬لتشكيل‭ ‬المنطقة‭ ‬على‭ ‬هويتها،‭ ‬وعلى‭ ‬رأس‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬إسرائيل‭.‬

وأهم‭ ‬العناصر‭ ‬المشتركة‭ ‬بين‭ ‬المسرح‭ ‬الدولي‭ ‬والإقليمي‭ ‬أن‭ ‬الاضطرابات‭ ‬صاحبتها‭ ‬أو‭ ‬كانت‭ ‬نتيجة‭ ‬قرارات‭ ‬استراتيجية‭ ‬للأطراف‭ ‬المتطلعة‭ ‬للهيمنة،‭ ‬بالخروج‭ ‬عن‭ ‬التوافق‭ ‬والتوازن‭ ‬الدولي‭ ‬والإقليمي،‭ ‬والذي‭ ‬يشكل‭ ‬نظاماً‭ ‬دولياً‭ ‬وإقليمياً‭ ‬مستقراً‭ ‬وعلى‭ ‬أساس‭ ‬التعايش‭ ‬البارد‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬بعض‭ ‬التوترات‭.‬

لقد‭ ‬استبدلت‭ ‬بمرحلة‭ ‬التعايش‭ ‬البارد‭ ‬مرحلة‭ ‬أخرى‭ ‬يغلب‭ ‬عليها‭ ‬المنظور‭ ‬الأحادي‭ ‬والحلول‭ ‬القريبة‭ ‬من‭ ‬الصفرية‭ ‬لحساب‭ ‬بعض‭ ‬الأطراف،‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الغرب،‭ ‬بالتركيز‭ ‬على‭ ‬المحاور‭ ‬الاقتصادية‭ ‬لتوجيه‭ ‬المحاور‭ ‬الاجتماعية‭ ‬والسياسية،‭ ‬وفي‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إسرائيل‭ ‬باستخدام‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬والسياسية‭ ‬الخشنة،‭ ‬مدعومة‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬خصوصاً،‭ ‬فغلب‭ ‬قانون‭ ‬القوة‭ ‬على‭ ‬قوة‭ ‬القانون،‭ ‬دون‭ ‬مراعاة‭ ‬الحقوق‭ ‬المشروعة‭ ‬للغير،‭ ‬أو‭ ‬سيادة‭ ‬الدول،‭ ‬واستخدام‭ ‬العنف‭ ‬وازدواجية‭ ‬المعايير‭ ‬على‭ ‬الملأ‭.‬

والأوضاع‭ ‬الدولية‭ ‬والإقليمية‭ ‬الآن‭ ‬بالغة‭ ‬الصعوبة‭ ‬والخطورة،‭ ‬وتتواصل‭ ‬تداعياتها‭ ‬عبر‭ ‬البحار‭ ‬والقارات،‭ ‬مما‭ ‬يفرض‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬المستقلة‭ ‬عامة،‭ ‬وفي‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬على‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬خاصة،‭ ‬أخذ‭ ‬زمام‭ ‬المبادرة‭ ‬برؤى‭ ‬شاملة،‭ ‬وثبات‭ ‬انفعالي،‭ ‬وشجاعة‭ ‬وحكمة‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬وترجمة‭ ‬سياساتنا‭ ‬إلى‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭.‬

ومع‭ ‬أهمية‭ ‬اللحظة‭ ‬وصعوبة‭ ‬الموقف،‭ ‬لا‭ ‬أبالغ‭ ‬في‭ ‬القول،‭ ‬أو‭ ‬أتهاون‭ ‬مع‭ ‬الظرف،‭ ‬بالتنويه‭ ‬أن‭ ‬تجاوز‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬هذا‭ ‬الإعصار‭ ‬بأمان،‭ ‬مرهون‭ ‬أساساً‭ ‬بكلمات‭ ‬ثلاث،‭ ‬ألا‭ ‬وهي‭ ‬التحدي‭ ‬والتطوير‭ ‬والبناء‭.‬

علينا‭ ‬كعرب‭ ‬تقدير‭ ‬حجم‭ ‬التحدي،‭ ‬بل‭ ‬التحديات،‭ ‬ومنها‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬وليس‭ ‬الحصر،‭ ‬محاولة‭ ‬تمييع‭ ‬الهوية‭ ‬العربية‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬وفي‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬ذاتها،‭ ‬واستبدالها‭ ‬خصوصاً‭ ‬بهوية‭ ‬شرق‭ ‬أوسطية،‭ ‬بنكهة‭ ‬إسرائيلية،‭ ‬أو‭ ‬هوية‭ ‬المصلحة‭ ‬المادية‭ ‬اللحظية‭ ‬القصيرة‭ ‬الأجل‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬المصلحة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الإقليمية‭ ‬إذا‭ ‬لزم‭ ‬ذلك،‭ ‬والدفع‭ ‬بأن‭ ‬المهيمن‭ ‬الجديد‭ ‬مدخل‭ ‬ووسيط‭ ‬العرب‭ ‬للعالم‭ ‬المتقدم‭ ‬تكنولوجياً‭ ‬ومالياً‭.‬

إن‭ ‬تفتيت‭ ‬الهوية‭ ‬العربية‭ ‬لمصلحة‭ ‬الغير‭ ‬والسيطرة‭ ‬على‭ ‬القنوات‭ ‬المالية‭ ‬والتكنولوجية‭ ‬وتحجيم‭ ‬تمتع‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بها،‭ ‬فيه‭ ‬تهديد‭ ‬واضح‭ ‬وطويل‭ ‬الأجل‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬للدول‭ ‬العربية،‭ ‬عسكرياً‭ ‬واقتصادياً‭ ‬وسياسياً،‭ ‬وعلى‭ ‬مصر‭ ‬والسعودية‭ ‬والدول‭ ‬العربية‭ ‬المؤثرة‭ ‬وضع‭ ‬خطة‭ ‬وتصور‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي‭ ‬لمناقشته‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العربي،‭ ‬قبل‭ ‬التشاور‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬غير‭ ‬العربي،‭ ‬باعتبار‭ ‬ما‭ ‬يجمعنا‭ ‬من‭ ‬مفاهيم‭ ‬ومصالح‭ ‬أكثر‭ ‬بكثير‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬تباين‭ ‬في‭ ‬المواقف‭ ‬حول‭ ‬بعض‭ ‬القضايا‭.‬

وتقتضي‭ ‬الأمانة‭ ‬أيضاً‭ ‬المصارحة‭ ‬بضرورة‭ ‬التصدي‭ ‬لتحدٍ‭ ‬ذاتي‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العربي،‭ ‬لإعادة‭ ‬الثقة‭ ‬واطمئنان‭ ‬المواطنين‭ ‬في‭ ‬صدقية‭ ‬الهوية‭ ‬العربية،‭ ‬بطموح‭ ‬واجب‭ ‬يستند‭ ‬إلى‭ ‬العناصر‭ ‬التي‭ ‬تجمعنا،‭ ‬وهي‭ ‬ليست‭ ‬قليلة،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الثقافية‭ ‬والتراثية‭ ‬والاقتصادية،‭ ‬مع‭ ‬التعامل‭ ‬بواقعية‭ ‬واحترام‭ ‬للأولويات‭ ‬المختلفة‭ ‬بين‭ ‬الحين‭ ‬والآخر‭ ‬وبخاصة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬السياسي‭.‬

في‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬أدعو‭ ‬إلى‭ ‬الاستفادة‭ ‬لأقصى‭ ‬درجة‭ ‬من‭ ‬تعدد‭ ‬التجمعات‭ ‬العربية‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬دون‭ ‬الإقليمي،‭ ‬وبتشجيعها‭ ‬إيجابياً،‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬توافق‭ ‬أعمالها‭ ‬وتكاملها‭ ‬في‭ ‬الإطار‭ ‬الإقليمي‭ ‬العربي‭ ‬الأوسع،‭ ‬باعتبارها‭ ‬إضافات‭ ‬تراكمية‭ ‬للعمل‭ ‬العربي‭ ‬العام‭.‬

وذاتياً‭ ‬يشمل‭ ‬التحدي‭ ‬تأمين‭ ‬وتدعيم‭ ‬مفهوم‭ ‬الدولة‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي،‭ ‬مع‭ ‬احترام‭ ‬خصوصيات‭ ‬شعوبنا‭ ‬وطوائفنا‭ ‬المختلفة،‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نترك‭ ‬مجالاً‭ ‬للتفتيت‭ ‬والفرقة،‭ ‬خاصة‭ ‬واعتباراً‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الـ21‭ ‬أو‭ ‬قبل‭ ‬ذلك‭ ‬بقليل،‭ ‬كانت‭ ‬الفتنة‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬بذور‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬العربي‭ ‬والفُرقة‭ ‬الوطنية‭ ‬والانشقاق،‭ ‬والمستغلة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬تيارات‭ ‬متعصبة‭ ‬منشقة‭ ‬أو‭ ‬جهات‭ ‬أجنبية‭.‬

من‭ ‬التحديات‭ ‬كذلك‭ ‬ضرورة‭ ‬التصدي‭ ‬لكل‭ ‬محاولات‭ ‬فرض‭ ‬الواقع‭ ‬وتشكيل‭ ‬النظام‭ ‬الإقليمي‭ ‬بالقوة،‭ ‬باعتبار‭ ‬أننا‭ ‬دول‭ ‬متوسطة‭ ‬ووسطية،‭ ‬ويعد‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬العمود‭ ‬الأساس‭ ‬في‭ ‬تغليب‭ ‬الحق‭ ‬على‭ ‬الباطل،‭ ‬وفي‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬لأوطاننا‭ ‬وعالمنا،‭ ‬والضمان‭ ‬الآمن‭ ‬لاستقرار‭ ‬المنظومة‭ ‬الإقليمية‭ ‬العادلة،‭ ‬مع‭ ‬مراعاة‭ ‬الدول‭ ‬والشعوب‭ ‬كافة،‭ ‬وفقاً‭ ‬لمعايير‭ ‬واحدة‭ ‬ومشتركة‭ ‬للجميع‭.  ‬ان‭ ‬الممارسات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬خلال‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخيرة‭ ‬داخل‭ ‬غزة‭ ‬والضفة،‭ ‬وسوريا‭ ‬ولبنان‭ ‬واليمن،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬إيران،‭ ‬ترجمة‭ ‬عملية‭ ‬لسياسات‭ ‬معلنة‭ ‬للمسؤولين‭ ‬الإسرائيليين،‭ ‬أنها‭ ‬تعيد‭ ‬تشكيل‭ ‬المنطقة‭ ‬وستستخدم‭ ‬القوة‭ ‬وازدواجية‭ ‬المعايير‭ ‬ضد‭ ‬أية‭ ‬جهة‭ ‬تقف‭ ‬في‭ ‬طريقها‭.‬

ولعل‭ ‬من‭ ‬أفضل‭ ‬سبل‭ ‬الارتفاع‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬التحدي‭ ‬وتوفير‭ ‬فرص‭ ‬النجاح،‭ ‬تبني‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬وطنياً‭ ‬وإقليمياً‭ ‬منهجية‭ ‬التطوير‭ ‬المتدرج‭ ‬المستمر،‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬خصوصياتنا‭ ‬وحقوقنا‭ ‬وثقلها‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭ ‬في‭ ‬المقام‭ ‬الأول،‭ ‬ولمواكبة‭ ‬الأحداث‭ ‬لأن‭ ‬الأوضاع‭ ‬الدولية‭ ‬والإقليمية‭ ‬تتغير‭ ‬باستمرار‭. ‬لا‭ ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬على‭ ‬دراية‭ ‬ومتابعا‭ ‬للتطورات‭ ‬الدولية‭ ‬والإقليمية،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬الضرورة‭ ‬أن‭ ‬نسهم‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬النظام‭ ‬المعاصر‭ ‬وتوجهاته‭ ‬ونتائجه‭ ‬وبخاصة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الإقليمي‭ ‬الشرق‭ ‬أوسطي،‭ ‬الذي‭ ‬تعبث‭ ‬وتجول‭ ‬فيه‭ ‬أطراف‭ ‬دولية‭ ‬وإقليمية‭ ‬غير‭ ‬عربية‭.‬

إننا‭ ‬لن‭ ‬ننجح‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬التطور‭ ‬الإقليمي‭ ‬إلى‭ ‬بر‭ ‬الأمان‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تبنى‭ ‬فلسفة‭ ‬التطوير‭ ‬الذاتي‭ ‬المستمر‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الوطني‭ ‬والإقليمي‭ ‬العربي‭ ‬السياسي‭ ‬والاقتصادي‭ ‬والأمني،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬مؤسساتنا‭ ‬الوطنية‭ ‬والإقليمية،‭ ‬لتمثل‭ ‬جميع‭ ‬دولنا‭ ‬ويتحمس‭ ‬لها‭ ‬الكل،‭ ‬من‭ ‬المغرب‭ ‬العربي‭ ‬إلى‭ ‬المشرق‭ ‬والخليج،‭ ‬لتكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التفاعل‭ ‬الشامل‭ ‬والسريع‭ ‬مع‭ ‬الأحداث‭ ‬المستجدة‭ ‬والمتشابكة‭ ‬والمتغيرة‭ ‬بمعدلات‭ ‬سريعة،‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬والطائرات‭ ‬دون‭ ‬قيادة‭ ‬‮«‬المسيرات‮»‬‭ ‬والابتكار‭ ‬الجيني‭ ‬ووسائل‭ ‬التوجيه‭ ‬الذكية‭ ‬ووسائل‭ ‬الإيصال‭ ‬بعيدة‭ ‬المدى،‭ ‬لأن‭ ‬قطار‭ ‬التطور‭ ‬السريع‭ ‬لا‭ ‬يتوقف،‭ ‬ويستفيد‭ ‬منه‭ ‬المواكبون‭ ‬والمشكلون‭ ‬له،‭ ‬ويترك‭ ‬الآخرين‭ ‬في‭ ‬مهب‭ ‬الريح،‭ ‬وأتمنى‭ ‬أن‭ ‬يتحول‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬إلى‭ ‬مصدر‭ ‬لتوليد‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬مستخدم‭ ‬له‭.‬

وعلينا‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬الدول‭ ‬الوطنية‭ ‬الحديثة‭ ‬والقوية،‭ ‬صاحبة‭ ‬القرار‭ ‬المستقل،‭ ‬القادرة‭ ‬على‭ ‬تحريك‭ ‬الأوضاع‭ ‬وتحمل‭ ‬الضغوط‭ ‬والأزمات،‭ ‬والساعية‭ ‬إلى‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬المنظمات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬ويتحقق‭ ‬ذلك‭ ‬بالاستناد‭ ‬في‭ ‬قراراتنا‭ ‬الخارجية‭ ‬مع‭ ‬مزيج‭ ‬من‭ ‬قدراتنا‭ ‬الوطنية،‭ ‬والعلاقات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬مما‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬دورنا‭ ‬النشط‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬الانعزال‭ ‬عنها،‭ ‬ويؤمن‭ ‬لنا‭ ‬استقلالية‭ ‬القرار‭ ‬وتعدد‭ ‬الخيارات‭ ‬لمصلحة‭ ‬شعوبنا‭.‬

إن‭ ‬البناء‭ ‬السياسي‭ ‬والمجتمعي‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي‭ ‬يتطلب‭ ‬أرضية‭ ‬ومنظومة‭ ‬اقتصادية‭ ‬وطنية‭ ‬صلبة‭ ‬ومنتجة،‭ ‬لأنها‭ ‬المحك‭ ‬الرئيس‭ ‬للنجاح‭ ‬والمستهدف‭ ‬الأول،‭ ‬ومنظومة‭ ‬اقتصادية‭ ‬غاية‭ ‬في‭ ‬كفاءة‭ ‬الأداء،‭ ‬بصرف‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬كونها‭ ‬رأسمالية‭ ‬أو‭ ‬اشتراكية‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬ذلك،‭ ‬والكفاءة‭ ‬تتطلب‭ ‬الشفافية‭ ‬في‭ ‬المعلومات‭ ‬ذات‭ ‬الصلة،‭ ‬والمحاسبة‭ ‬على‭ ‬الإخفاء‭ ‬والمكافأة‭ ‬على‭ ‬حسن‭ ‬الأداء،‭ ‬وتمكين‭ ‬وتشجيع‭ ‬الكل‭ ‬على‭ ‬المشاركة‭ ‬والمنافسة،‭ ‬سعياً‭ ‬لخلق‭ ‬منظومات‭ ‬ومؤسسات‭ ‬اقتصادية‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬الاستجابة‭ ‬لمتطلبات‭ ‬المجتمع‭ ‬والمنافسة‭ ‬مع‭ ‬الشركات‭ ‬الدولية‭ ‬محلياً‭ ‬ودولياً،‭ ‬لأن‭ ‬اقتصادات‭ ‬العالم‭ ‬متصلة‭ ‬ومتواصلة،‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬مجال‭ ‬للتنمية‭ ‬المستدامة‭ ‬للدول‭ ‬المتوسطة‭ ‬في‭ ‬عزلة‭ ‬أو‭ ‬استقلال‭ ‬عن‭ ‬الأسواق‭ ‬الدولية‭ ‬المنافسة‭.‬

إن‭ ‬ارتفاعنا‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬التحدي‭ ‬وتبني‭ ‬فلسفة‭ ‬التطوير،‭ ‬وعقد‭ ‬العزم‭ ‬على‭ ‬البناء‭ ‬ضرورات‭ ‬لمستقبل‭ ‬أفضل‭ ‬للعالم‭ ‬العربي‭.‬

 

{‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬المصري‭ ‬السابق‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا