يعتقد بعض أنصار الحقوق الفلسطينية أن التطورات التي شهدها اجتماع اللجنة الوطنية الديمقراطية خلال الأيام القليلة الماضية كانت بمثابة هزيمة، إلا أنها كانت في الواقع انتصارا. لقد حدث كثير في ذلك الاجتماع، والذي شمل مجلس القيادة التنفيذية الرئيسي للحزب الديمقراطي، مما يجعلني أعتقد أنه تم تحقيق تقدم.
في لجنة القرارات بالحزب الديمقراطي، نوقش قراران منفصلان. وبينما دعا القراران إلى وقف فوري لإطلاق النار وتقديم مساعدات إنسانية من دون عوائق للفلسطينيين في قطاع غزة، فقد ذهب أحد القرارين - الذي قدمه شباب ديمقراطيون - إلى أبعد من ذلك، إذ أدان الإجراءات الإسرائيلية في غزة ودعا إلى تعليق مبيعات الأسلحة الأمريكية لإسرائيل والاعتراف الأمريكي بالدولة الفلسطينية.
وردًا على هذا القرار الثاني، قدمت مؤسسة الحزب الديمقراطي تبعا لذلك بديلاً لم يتضمن أي انتقاد للسياسات الإسرائيلية أو أي ذكر لوقف شحنات الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل.
وكان هناك ضغط مكثف يدعم أو يعارض كلتا المحاولتين، حيث حذرت الجماعات المؤيدة لإسرائيل وبعض المسؤولين المنتخبين والمانحين للحزب أعضاء اللجنة من أن تمرير القرار الناقد لإسرائيل من شأنه أن يقسم الحزب الديمقراطي، مما يكلفه المساهمات والانتصارات في انتخابات التجديد النصفي.
إن ما يمكن للحزب فعله هو التعبير عن موقف الديمقراطيين من القضايا المحورية التي تواجه البلاد، والمساعدة في دفع عجلة نقاش هذه القضايا. ذلك تحديدًا ما فرضه مشروع القرار الذي تقدمت به أليسون مينرلي على جدول الأعمال.
وما يجب أخذه في الاعتبار أيضًا هو أن المناقشة حول هذه القرارات كانت المرة الرابعة فقط التي تتم فيها مناقشة القضية الفلسطينية في اجتماع حزبي رسمي خلال العقود الأربعة الماضية.
وفي عامي 1984 و1988، أمكن لي تمثيل حملة الناشط في مجال الحقوق المدنية والمرشح الرئاسي جيسي جاكسون وتقديم برامج أساسية تدعو إلى تكريس الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني.
ولم يتم طرح هذه القضية مرة أخرى في تجمع حزبي حتى عام 2016، عندما كنا نمثل حملة السيناتور بيرني ساندرز، حيث قدمنا مرة أخرى قرارًا بشأن فلسطين ضمن برنامجه الانتخابي.
وفي جميع تلك الحالات السابقة، خسرنا ولم يُعر أحدٌ في مؤسسة الحزب اهتمامًا لإيجاد طريقةٍ تُراعي مخاوفنا. في الواقع، في أعقاب فشلنا في قرارنا لعام 1988 الداعي إلى «الاعتراف المتبادل، والتسوية الإقليمية، وتقرير المصير لكلٍّ من الإسرائيليين والفلسطينيين»، طُلب مني إخلاء منصبي في اللجنة الوطنية الديمقراطية، إذ قيل لي إن وجود مُدافعٍ عن القضية الفلسطينية سيُشكّل عبئًا على الحزب.
كانت نتيجة هذا العام مختلفةً تمامًا، ويعود ذلك إلى تغيّر جذري في الرأي العام. ورغم أن الجماعات المؤيدة لإسرائيل لا تزال تتمتع ببعض النفوذ، إلا أن تأثيرها قد تضاءل.
تُظهر استطلاعات الرأي أن الديمقراطيين يشعرون بغضب شديد من تصرفات إسرائيل. فهم أكثر تعاطفًا مع الفلسطينيين، ويطالبون بإنهاء الدعم العسكري والسياسي الأمريكي لإسرائيل، غالبًا بفارق يتراوح بين سبعة وعشرة أضعاف.
ومع اقتراب موعد انتخابات التجديد النصفي لعام 2026، أصبحت قضايا دعم الفلسطينيين وإنهاء مبيعات الأسلحة لإسرائيل بمثابة اختبارات حاسمة لأعضاء مجلس الشيوخ والنواب الديمقراطيين.
ونظراً لكل هذا، فإن قرار السيد مارتن بسحب قراره وتشكيل فريق عمل لمواصلة الحوار داخل الحزب كان بمثابة اعتراف بالتحولات التي تشهدها الساحة داخل الحزب وحقيقة مفادها أن الوضع الراهن أصبح غير مقبول وغير قابل للاستمرار.
ويجب على أنصار الحقوق الفلسطينية أن يفهموا أن هذا كان انتصارًا وخطوة مهمة إلى الأمام في النضال الطويل من أجل العدالة.
{ رئيس المعهد العربي الأمريكي
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك