العدد : ١٧٣٣٤ - الأحد ٠٧ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٥ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٣٤ - الأحد ٠٧ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٥ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

وداعا تمثال الحرية ورمز الديمقراطية

بقلم: د. زكريا الخنجي

الأحد ٠٧ سبتمبر ٢٠٢٥ - 02:00

ينقل‭ ‬أحد‭ ‬الإعلاميين‭ ‬الغربيين‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭: ‬

‮«‬كنت‭ ‬أقوم‭ ‬بتغطية‭ ‬إخبارية‭ ‬لبعض‭ ‬المظاهرات‭ ‬التي‭ ‬تنزل‭ ‬الشوارع‭ ‬احتجاجًا‭ ‬على‭ ‬حرب‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬والمجاعة‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وإذ‭ ‬بي‭ ‬أشاهد‭ ‬بعض‭ ‬رجال‭ ‬الأمن‭ ‬يلتفتون‭ ‬حول‭ ‬امرأة‭ ‬كانت‭ ‬تحمل‭ ‬لافتة‭ ‬مكتوبا‭ ‬عليها‭ (‬أنتم‭ ‬السبب،‭ ‬لأنك‭ ‬تمدونهم‭ ‬بالسلاح‭). ‬قام‭ ‬رجال‭ ‬الأمن‭ ‬بضرب‭ ‬المرأة‭ ‬حتى‭ ‬سال‭ ‬دمها‭ ‬على‭ ‬وجهها،‭ ‬وعندما‭ ‬اعترض‭ ‬بعض‭ ‬زملاء‭ ‬المرأة‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الوحشية‭ ‬محاولين‭ ‬أن‭ ‬يذكروا‭ ‬رجال‭ ‬الأمن‭ ‬بالحرية‭ ‬والديمقراطية،‭ ‬وحقوق‭ ‬المواطن‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬رأيه،‭ ‬قام‭ ‬رجال‭ ‬الأمن‭ ‬بمهاجمة‭ ‬المظاهرة‭ ‬بالضرب‭ ‬بالهراوات‭ ‬وأعقاب‭ ‬الأسلحة‮»‬‭.‬

يستمر‭ ‬الصحفي‭ ‬في‭ ‬سرد‭ ‬حديثه،‭ ‬ولكننا‭ ‬نكتفي‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الحادثة،‭ ‬والغريب‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المشهد‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مستهجنًا‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الغرب‭ ‬فقد‭ ‬بات‭ ‬يتكرر‭ ‬منذ‭ ‬انطلاق‭ ‬طوفان‭ ‬الأقصى،‭ ‬وهنا‭ ‬أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬يحق‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬نسأل‭ ‬كما‭ ‬سأل‭ ‬زملاء‭ ‬المرأة‭ ‬التي‭ ‬ضربت‭: ‬لقد‭ ‬صدعتم‭ ‬رؤوسنا‭ ‬يا‭ ‬رجالات‭ ‬الغرب‭ ‬بالديمقراطية‭ ‬والحرية‭ ‬وحق‭ ‬المواطن‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬شعارات‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬وخاصة‭ ‬عندما‭ ‬تتحدثون‭ ‬عن‭ ‬دولنا‭ ‬في‭ ‬الشرق،‭ ‬ولكنكم‭ ‬تغضون‭ ‬الطرف‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الشعارات،‭ ‬لا‭ ‬بل‭ ‬تضعونها‭ ‬في‭ ‬الأدراج‭ ‬والأرفف‭ ‬وتغلقون‭ ‬عليها‭ ‬حينما‭ ‬يكون‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬شوارعكم‭ ‬ومواطنيكم،‭ ‬فعن‭ ‬أي‭ ‬ديمقراطية‭ ‬وحرية‭ ‬تتحدثون؟‭ ‬أليس‭ ‬من‭ ‬الأولى‭ ‬أن‭ ‬نرى‭ ‬تلك‭ ‬الحرية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬مطبقة‭ ‬عندك‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬تصدرونها‭ ‬إلينا؟

حاولت‭ ‬الماكينة‭ ‬الإعلامية‭ ‬الغربية‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬أن‭ ‬تجمل‭ ‬الصورة‭ ‬الغربية‭ ‬للحرية‭ ‬والديمقراطية‭ ‬المطبقة‭ ‬في‭ ‬الغرب،‭ ‬وخاصة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأفلام‭ ‬والمسلسلات‭ ‬والأعمال‭ ‬الفنية،‭ ‬وفي‭ ‬الحقيقة‭ ‬فقد‭ ‬نجحت‭ ‬بصورة‭ ‬كبيرة،‭ ‬إذ‭ ‬أصبح‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬رجالات‭ ‬الشرق‭ ‬ونسائه‭ ‬يعجبون‭ ‬بالفكر‭ ‬الغربي‭ ‬الذي‭ ‬يتم‭ ‬تصديره‭ ‬إلينا،‭ ‬فعندما‭ ‬يتحدثون‭ ‬عن‭ ‬الأخلاق‭ ‬فلا‭ ‬يتحدثون‭ ‬إلا‭ ‬عن‭ ‬الأخلاق‭ ‬الغربية،‭ ‬وعندما‭ ‬يتحدثون‭ ‬عن‭ ‬الشخصيات‭ ‬فلا‭ ‬يتحدثون‭ ‬إلا‭ ‬عن‭ ‬الشخصيات‭ ‬الغربية،‭ ‬والأسرة‭ ‬الغربية‭ ‬هي‭ ‬الأسرة‭ ‬المثالية،‭ ‬والمدارس‭ ‬الغربية‭ ‬هي‭ ‬الإبداع‭ ‬لا‭ ‬محال،‭ ‬وهكذا،‭ ‬وعندما‭ ‬يتحدثون‭ ‬في‭ ‬ندوات‭ ‬أو‭ ‬جلسات‭ ‬فإنهم‭ ‬يفضلون‭ ‬أن‭ ‬يتحدثون‭ ‬بلغة‭ ‬مختلطة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬العربية‭ ‬والأجنبية،‭ ‬حتى‭ ‬تشعر‭ ‬أنك‭ ‬لا‭ ‬تجالس‭ ‬أبناء‭ ‬العرب‭ ‬وإنما‭ ‬هم‭ ‬من‭ ‬الشعوب‭ ‬الغربية‭ ‬التي‭ ‬يحاولون‭ ‬التحدث‭ ‬بالعربية‭.‬

ولكن‭ ‬عندما‭ ‬تذهب‭ ‬وتبحث‭ ‬بين‭ ‬جنبات‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الشوارع‭ ‬والمكتبات‭ ‬والحياة‭ ‬الغربية‭ ‬تجد‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الحضارة‭ ‬التي‭ ‬بنيت‭ ‬على‭ ‬تمثال‭ ‬الحرية‭ ‬رمز‭ ‬الديمقراطية‭ ‬حضارة‭ ‬هشة،‭ ‬مادية،‭ ‬فردية‭ ‬لا‭ ‬يفكر‭ ‬فيها‭ ‬الإنسان‭ ‬إلا‭ ‬بنفسه‭ ‬فقط،‭ ‬فلا‭ ‬أحد‭ ‬مهم‭ ‬إلا‭ ‬نفسه‭. ‬

ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر،‭ ‬يذكر‭ ‬تقرير‭ ‬صدر‭ ‬في‭ ‬الصين‭ ‬العام‭ ‬الجاري‭ ‬2025‭ ‬حول‭ ‬انتهاكات‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬عدة‭ ‬نقاط،‭ ‬دعونا‭ ‬نقتبس‭ ‬منه‭ ‬بعض‭ ‬النقاط‭ ‬كالآتي‭:‬

الخطاب‭ ‬العنصري‭ ‬يتفشى،‭ ‬حيث‭ ‬تتعرض‭ ‬الأقليات‭ ‬العرقية‭ ‬للتمييز‭ ‬والإقصاء‭ ‬بشكل‭ ‬مستمر‭ ‬وواسع‭ ‬النطاق؛‭ ‬فمن‭ ‬خلال‭ ‬استغلال‭ ‬الانقسامات‭ ‬العرقية،‭ ‬غطى‭ ‬الساسة‭ ‬على‭ ‬المشاكل‭ ‬الهيكلية‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التحريض‭ ‬على‭ ‬العداء‭ ‬بين‭ ‬الجماعات‭ ‬المتنافسة‭. ‬ويزيد‭ ‬احتمال‭ ‬تعرض‭ ‬الأمريكيين‭ ‬المنحدرين‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬إفريقية‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‭ ‬عليهم‭ ‬وقتلهم‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬الشرطة‭ ‬بواقع‭ ‬ثلاثة‭ ‬أضعاف‭ ‬مقارنة‭ ‬بالأمريكيين‭ ‬البيض‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬الأطفال‭ ‬المحكوم‭ ‬عليهم‭ ‬بالسجن‭ ‬المؤبد‭ ‬دون‭ ‬إمكانية‭ ‬الإفراج‭ ‬المشروط،‭ ‬يشكل‭ ‬السود‭ ‬61%‭ ‬منهم‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬80%‭ ‬من‭ ‬محارق‭ ‬النفايات‭ ‬الصلبة‭ ‬الحضرية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تقع‭ ‬في‭ ‬مجتمعات‭ ‬يسكنها‭ ‬أمريكيون‭ ‬منحدرون‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬إفريقية‭ ‬ولاتينية‭ ‬وذوو‭ ‬الدخل‭ ‬المنخفض‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬متوسط‭ ‬العمر‭ ‬المتوقع‭ ‬للأمريكيين‭ ‬المنحدرين‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬إفريقية‭ ‬أقل‭ ‬بواقع‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬تقريبًا‭ ‬من‭ ‬متوسط‭ ‬العمر‭ ‬المتوقع‭ ‬للأمريكيين‭ ‬البيض،‭ ‬ومعدل‭ ‬وفيات‭ ‬الرضع‭ ‬لديهم‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬المعدل‭ ‬لدى‭ ‬البيض‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬مرتين،‭ ‬ومعدل‭ ‬وفيات‭ ‬الأمهات‭ ‬لديهم‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬المعدل‭ ‬لدى‭ ‬البيض‭ ‬بما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات‭. ‬وقد‭ ‬تحولت‭ ‬المدارس‭ ‬الداخلية‭ ‬للهنود‭ ‬الأمريكيين،‭ ‬التي‭ ‬عملت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬قرن‭ ‬ونصف‭ ‬قرن،‭ ‬إلى‭ ‬جحيم‭ ‬مع‭ ‬اكتشاف‭ ‬وفاة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬3100‭ ‬طفل‭ ‬أمريكي‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬الأصليين‭ ‬فيها‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الآسيويين‭ ‬يشكلون‭ ‬الشريحة‭ ‬الأكثر‭ ‬تعليمًا‭ ‬ضمن‭ ‬القوى‭ ‬العاملة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فإنهم‭ ‬الأقل‭ ‬احتمالاً‭ ‬بين‭ ‬جميع‭ ‬المجموعات‭ ‬العرقية‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬مناصب‭ ‬قيادية‭. ‬ويواجه‭ ‬حوالي‭ ‬ثلثي‭ ‬الأمريكيين‭ ‬المنحدرين‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬صينية‭ (‬حوالي‭ ‬68%‭) ‬شكلاً‭ ‬واحدًا‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬التمييز‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬المتوسط‭.‬

غياب‭ ‬الحماية‭ ‬القانونية‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬انتهاك‭ ‬حقوق‭ ‬المرأة‭ ‬والطفل‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع،‭ ‬فلم‭ ‬تُصادق‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬على‭ ‬اتفاقية‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬جميع‭ ‬أشكال‭ ‬التمييز‭ ‬ضد‭ ‬المرأة‭ ‬ولا‭ ‬على‭ ‬اتفاقية‭ ‬حقوق‭ ‬الطفل‭. ‬ولم‭ ‬يتم‭ ‬بعد‭ ‬إقرار‭ ‬تعديل‭ ‬دستوري‭ ‬بشأن‭ (‬المساواة‭ ‬في‭ ‬الحقوق‭) ‬بين‭ ‬الرجل‭ ‬والمرأة‭. ‬وتعرضت‭ ‬حوالي‭ ‬40%‭ ‬من‭ ‬النساء‭ ‬العاملات‭ ‬للتحرش‭ ‬الجنسي‭ ‬خلال‭ ‬حياتهن‭ ‬المهنية‭. ‬وسجلت‭ ‬11‭ ‬ولاية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬معدل‭ ‬عنف‭ ‬أسري‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬40%‭. ‬وتعيش‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬5‭ ‬ملايين‭ ‬امرأة‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬لا‭ ‬تتوافر‭ ‬فيها‭ ‬خدمات‭ ‬الرعاية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالأمومة،‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬زواج‭ ‬الأطفال‭ (‬قانونيًا‭) ‬في‭ ‬الغالبية‭ ‬العظمى‭ ‬من‭ ‬الولايات‭. ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬الممارسة‭ ‬الضارة‭ ‬المتمثلة‭ ‬في‭ ‬تشويه‭ ‬الأعضاء‭ ‬التناسلية‭ ‬الأنثوية‭ (‬ختان‭ ‬الإناث‭) ‬منتشرة‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬وقد‭ ‬ارتفع‭ ‬عدد‭ ‬الأطفال‭ ‬العاملين‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى‭ ‬له‭ ‬منذ‭ ‬عقود،‭ ‬بينما‭ ‬خفف‭ ‬أصحاب‭ ‬السلطة‭ ‬القيود‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬استغلال‭ ‬الأطفال‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬الأطفال‭ ‬المهاجرين،‭ ‬وصل‭ ‬عدد‭ ‬الأطفال‭ ‬العاملين‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى‭ ‬له‭ ‬منذ‭ ‬أوائل‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭.‬

أما‭ ‬عن‭ ‬التطرف‭ ‬والعنف‭ ‬السياسي‭ ‬والاتجار‭ ‬بالمخدرات‭ ‬فإن‭ ‬التقرير‭ ‬يقول‭:‬

التواطؤ‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬والشركات‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬تفاقم‭ ‬أزمة‭ ‬المخدرات‭ ‬وتفشي‭ ‬الإدمان،‭ ‬فيما‭ ‬أثار‭ ‬نظام‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬الفاشل‭ ‬غضب‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭. ‬فتكمن‭ ‬جذور‭ ‬أزمة‭ ‬تعاطي‭ ‬المخدرات‭ ‬والمواد‭ ‬الأفيونية‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬في‭ ‬اختطاف‭ ‬المصالح،‭ ‬والتواطؤ‭ ‬بين‭ ‬الحكومة‭ ‬والشركات،‭ ‬والفشل‭ ‬التنظيمي‭. ‬وقد‭ ‬كثفت‭ ‬جماعات‭ ‬المصالح،‭ ‬مدفوعة‭ ‬بالربح،‭ ‬جهود‭ ‬الضغط‭ ‬وروجت‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬مضلل‭ ‬لاستخدام‭ ‬المواد‭ ‬الأفيونية؛‭ ‬فقد‭ ‬شهدت‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬الجرعات‭ ‬الزائدة‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الأفيونية‭ ‬والمنشطات‭ ‬الاصطناعية‭. ‬وأصبحت‭ ‬هذه‭ ‬المواد‭ ‬الأفيونية‭ ‬المخدر‭ ‬الأكثر‭ ‬انتشارًا‭ ‬بين‭ ‬الجمهور‭ ‬الأمريكي‭. ‬وتجاوزت‭ ‬مبيعات‭ ‬القنب‭ ‬بالتجزئة‭ ‬32‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬وأودت‭ ‬الجرعات‭ ‬الزائدة‭ ‬من‭ ‬المخدرات‭ ‬بحياة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬ذات‭ ‬الدخل‭ ‬المرتفع،‭ ‬هي‭ ‬الدولة‭ ‬الوحيدة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬توفر‭ ‬تغطية‭ ‬صحية‭ ‬شاملة،‭ ‬وتُسجل‭ ‬أدنى‭ ‬متوسط‭ ‬للعمر‭ ‬المتوقع‭ ‬بين‭ ‬نظرائها‭. ‬وتتصاعد‭ ‬تكاليف‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬بشكل‭ ‬متصاعد،‭ ‬بينما‭ ‬تلجأ‭ ‬شركات‭ ‬التأمين‭ ‬إلى‭ ‬تكتيكات‭ ‬مثل‭ ‬التأخير‭ ‬والرفض‭ ‬وعدم‭ ‬الدفع‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬حاملي‭ ‬وثائق‭ ‬التأمين،‭ ‬ما‭ ‬يدفع‭ ‬أعدادًا‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المرضى‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الدخل‭ ‬المنخفض‭ ‬والمتوسط‭ ‬إلى‭ ‬الإفلاس‭ ‬بسبب‭ ‬الديون‭ ‬الطبية‭.‬

والعنف‭ ‬المسلح‭ ‬هدد‭ ‬الأرواح،‭ ‬واستمرت‭ ‬وحشية‭ ‬الشرطة‭ ‬في‭ ‬تجاهل‭ ‬تام‭ ‬لحياة‭ ‬البشر؛‭ ‬فقد‭ ‬ظلت‭ ‬حصيلة‭ ‬الوفيات‭ ‬الناجمة‭ ‬عن‭ ‬العنف‭ ‬المسلح‭ ‬مرتفعة‭. ‬وابتليت‭ ‬الأمة‭ ‬بحوادث‭ ‬متكررة‭ ‬من‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬الجماعي‭ ‬وحوادث‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬المدارس؛‭ ‬ففي‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬وقعت‭ ‬503‭ ‬حوادث‭ ‬إطلاق‭ ‬نار‭ ‬جماعي‭ ‬و45‭ ‬حادثة‭ ‬إطلاق‭ ‬نار‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭. ‬وقُتل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬40‭ ‬ألف‭ ‬أمريكي‭ ‬بسبب‭ ‬العنف‭ ‬المسلح،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1400‭ ‬طفل‭. ‬كما‭ ‬أصبحت‭ ‬ثقافة‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬متأصلة‭ ‬بعمق‭ ‬في‭ ‬أجهزة‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون‭. ‬ونظرًا‭ ‬إلى‭ ‬التراخي‭ ‬المفرط‭ ‬في‭ ‬معايير‭ ‬المساءلة،‭ ‬كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬تتسبب‭ ‬أجهزة‭ ‬إنفاذ‭ ‬القانون‭ ‬وأنظمة‭ ‬العدالة‭ ‬الجنائية‭ ‬في‭ ‬إلحاق‭ ‬الأذى‭ ‬بالمدنيين‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يترتب‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬عواقب‭ ‬تذكر‭. ‬وتزيد‭ ‬ثقافة‭ ‬الإفلات‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬هذه‭ ‬من‭ ‬تفاقم‭ ‬عنف‭ ‬الشرطة؛‭ ‬فضباط‭ ‬الشرطة‭ ‬الأمريكية‭ ‬يستخدمون‭ ‬العنف‭ ‬ضد‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬300‭ ‬ألف‭ ‬شخص‭ ‬سنويًا،‭ ‬ويتسببون‭ ‬جراء‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬إصابة‭ ‬حوالي‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬منهم،‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬وحده،‭ ‬أودت‭ ‬عمليات‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬التي‭ ‬نفذتها‭ ‬الشرطة‭ ‬بحياة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬1300‭ ‬شخص‭.‬

وأما‭ ‬عن‭ ‬علاقة‭ ‬أمريكا‭ ‬بالدولة‭ ‬الصهيونية،‭ ‬فيقول‭ ‬التقرير‭:‬

سياسات‭ ‬القوة‭ ‬تزيد‭ ‬من‭ ‬حدة‭ ‬الصراعات‭ ‬الإقليمية‭ ‬وتتسبب‭ ‬في‭ ‬كوارث‭ ‬إنسانية؛‭ ‬فقد‭ ‬قدمت‭ ‬الحكومة‭ ‬الأمريكية‭ ‬دعمًا‭ ‬عسكريًا‭ ‬ودبلوماسيًا‭ ‬ثابتًا‭ ‬لإسرائيل،‭ ‬واستخدمت‭ ‬حق‭ ‬النقض‭ (‬الفيتو‭) ‬سبع‭ ‬مرات‭ ‬لمنع‭ ‬صدور‭ ‬قرارات‭ ‬عن‭ ‬مجلس‭ ‬الأمن‭ ‬الدولي‭ ‬تدعو‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬وقد‭ ‬أسفر‭ ‬تصعيد‭ ‬الصراع‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الفلسطيني‭ ‬عن‭ ‬سقوط‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬100‭ ‬ألف‭ ‬ضحية‭ ‬وتشريد‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬90%‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭. ‬وتعد‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬وبفارق‭ ‬كبير،‭ ‬أكبر‭ ‬مستخدم‭ ‬للعقوبات‭ ‬الأحادية‭ ‬في‭ ‬العالم‭. ‬وقد‭ ‬فرضت‭ ‬هذه‭ ‬العقوبات‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة،‭ ‬ما‭ ‬أثر‭ ‬سلبًا‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬المليارات‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭. ‬ويخضع‭ ‬الآن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬60%‭ ‬من‭ ‬البلدان‭ ‬ذات‭ ‬الدخل‭ ‬المنخفض‭ ‬لشكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬العقوبات‭ ‬المالية‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬صدور‭ ‬32‭ ‬قرارًا‭ ‬متتاليًا‭ ‬بأغلبية‭ ‬ساحقة‭ ‬من‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أصرت‭ ‬على‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬الحظر‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتجاري‭ ‬والمالي‭ ‬المفروض‭ ‬على‭ ‬كوبا‭. ‬وواصل‭ ‬جهاز‭ ‬التعذيب‭ ‬في‭ ‬سجن‭ ‬خليج‭ ‬غوانتنامو‭ ‬عمله،‭ ‬مستخدمًا‭ ‬أساليب‭ ‬أقل‭ ‬ما‭ ‬يقال‭ ‬عنها‭ ‬إنها‭ ‬مروعة‭.‬

ويختم‭ ‬التقرير‭ ‬المشهد‭ ‬بهذه‭ ‬الفقرة‭:‬

يُعد‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي‭ ‬المضطرب‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬خلال‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬بمثابة‭ ‬منشور‭ ‬يعكس‭ ‬المعضلات‭ ‬الهيكلية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬النمط‭ ‬الأمريكي‭. ‬أما‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬القضايا‭ ‬العديدة‭ ‬المرتبطة‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬فقد‭ ‬راوغ‭ ‬الساسة‭ ‬من‭ ‬كلا‭ ‬الحزبين‭ ‬خلال‭ ‬الحملات‭ ‬الانتخابية‭ ‬وتهربوا‭ ‬من‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬السؤال‭ ‬المتعلق‭ ‬بكيفية‭ ‬إصلاح‭ ‬المشاكل‭ ‬بجدية‭. ‬وفي‭ ‬خضم‭ ‬التواطؤ‭ ‬بين‭ ‬السلطة‭ ‬ورأس‭ ‬المال،‭ ‬تم‭ ‬تشويه‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وتحويلها‭ ‬إلى‭ ‬مجرد‭ ‬أدوات‭ ‬دعائية‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬سياسي‭ ‬وأوراق‭ ‬مساومة‭ ‬في‭ ‬كازينو‭ ‬السلطة،‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬انحرافها‭ ‬التام‭ ‬عن‭ ‬القيم‭ ‬الجوهرية‭ ‬والمبادئ‭ ‬الأساسية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭.‬

ربما‭ ‬كان‭ ‬التقرير‭ ‬صحيحًا‭ ‬أو‭ ‬فيه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التجني،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الوقت‭ ‬قد‭ ‬آن‭ ‬حتى‭ ‬نعيد‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬حضارة‭ ‬التمثال،‭ ‬فأكبر‭ ‬مشكلة‭ ‬تواجه‭ ‬الغرب‭ ‬اليوم‭ ‬هي‭ ‬عدم‭ ‬الإحساس‭ ‬بإنسانية‭ ‬الإنسان‭.  ‬‮ ‬

 

Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا