وقت مستقطع

علي ميرزا
القوة في التوازن
لا تخلو لعبة من الألعاب الرياضية من عالم الأرقام والإحصائيات، وفي الكرة الطائرة تكون الأرقام دائما تحت الأضواء، عدد النقاط، عدد الضربات الساحقة، عدد حوائط الصد، عدد الأخطاء، وحصيلة اللاعب في كل مباراة، وغيرها.
وغالبا ما يتجه الجمهور والنقاد إلى من يحقق أعلى معدل من النقاط، ليضعوه في خانة «أفضل لاعب»، لكن السؤال: هل الأرقام وحدها تعكس قيمة اللاعب الحقيقية؟
الواقع أن الكرة الطائرة يشهد لها بأنها لعبة جماعية قبل كل شيء، وقد يبرز لاعب معين كأكثر اللاعبين تسجيلا للنقاط، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أنه الأفضل، بل ربما يعود تفوقه في التسجيل إلى الخطة التكتيكية التي ترتكز على توجيه معظم الكرات إليه، أو ضعف الاستفادة من بقية الزملاء، أو حتى غياب التوازن التكتيكي، وكلما ارتفع مستوى الأداء كلما كان اللعب أكثر جماعية، ومع اللعب الجماعي تذوب فروقات التسجيل، وتكون متقاربة نسبة وتناسبا.
المعادلة الحقيقية لقياس «الأفضلية» أعقد من مجرد عدد النقاط المسجلة، فالأفضلية تشمل قدرة اللاعب على المساهمة في الدفاع، في الاستقبال، في حائط الصد، وفي تحفيز زملائه ذهنيا ومعنويا، واللاعب الذي يسجل عشر نقاط لكنه يربك الاستقبال، أو يعجز عن الدفاع، قد لا يكون أكثر قيمة من زميل يحرز نصف هذا العدد لكنه يضمن استقرار المنظومة.
محبو اللعبة مطالبون إذن بأن ينظروا إلى أبعد من خانة الأرقام، فالأفضلية تقاس بمدى تأثير اللاعب على قوة المجموعة، لا بمدى لمعانه الفردي، ومن هنا فإن نجومية الكرة الطائرة ليست لمن يسجل أكثر، بل لمن يجعل الفريق ككل أقوى.
والحقيقة أن تسجيل النقاط لا ينفصل عن استراتيجية المدرب، فحين يقرر الجهاز الفني في خطته أن يعتمد على لاعب بعينه في الهجوم، سواء لتميزه في الضرب الساحق أو لوجود ثغرات في دفاع الخصم يمكن استغلالها عبره، فإن النتيجة الطبيعية هي ارتفاع رصيده من النقاط، لكن هذا لا يعني تلقائيا أنه «الأفضل»، بل إنه المستفيد الأكبر من الخطة الموضوعة.
إن الكرة الطائرة لعبة تلعب بستة لاعبين، وكل لاعبٍ له دور لا يقل أهمية عن الآخر، وقد يخدع المتابعون بالبريق الهجومي، لكن المحللين يدركون أن قوة الفريق الحقيقية تكمن في التوازن، لا في نجم واحد يتصدر العناوين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك