العدد : ١٧٣٣٢ - الجمعة ٠٥ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٣٢ - الجمعة ٠٥ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٣ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

وقت مستقطع

علي ميرزا

متى نتعلم؟ 

عندما‭ ‬نشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المدرب‭ ‬في‭ ‬غالب‭ ‬الأوقات‭ ‬يكون‭ ‬كبش‭ ‬الفداء‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬وقوع‭ ‬الخسارة،‭ ‬أو‭ ‬حدوث‭ ‬الإخفاق،‭ ‬فمثل‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬‮«‬عندياتنا‮»‬‭ ‬بل‭ ‬تؤكده‭ ‬المواقف‭ ‬والوقائع‭ ‬والتجارب،‭ ‬وحده‭ ‬المدرب‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬الحلقة‭ ‬الأضعف،‭ ‬فيتحمل‭ ‬النصيب‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬النقد،‭ ‬وربما‭ ‬المطالبة‭ ‬بالإقالة‭ ‬الفورية،‭ ‬فهذا‭ ‬يتهمه‭ ‬بعدم‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬التشكيل‭ ‬المناسب،‭ ‬وآخر‭ ‬ينتقصه‭ ‬بعدم‭ ‬معرفته‭ ‬قراءة‭ ‬المباريات،‭ ‬وثالث‭ ‬ورابع‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬فهمه‭ ‬الخططي‭ ‬والتكتيكي،‭ ‬وكأنه‭ ‬أي‭ ‬‮«‬المدرب‮»‬‭ ‬وحده‭ ‬من‭ ‬يمسك‭ ‬بخيوط‭ ‬اللعبة،‭ ‬ولو‭ ‬كان‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬الكلام‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬أطراف‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬يشكك‭ ‬في‭ ‬فهمها‭ ‬ومصداقيتها‭ ‬ونواياها‭ ‬البيضاء،‭ ‬لهان‭ ‬الأمر،‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬أكثره‭ ‬يكون‭ ‬وراءه‭ ‬أناس‭ ‬تهرف‭ ‬بأكثر‭ ‬مما‭ ‬تعرف‭.‬

ولكن‭ ‬هل‭ ‬من‭ ‬المعقولية‭ ‬بمكان‭ ‬أن‭ ‬نحمل‭ ‬المدرب‭ ‬وحده‭ ‬وزر‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬داخل‭ ‬الميدان‭ ‬أو‭ ‬خارجه؟

الواقع‭ ‬يقول‭ ‬إن‭ ‬كل‭ ‬لعبة‭ ‬رياضية‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬لها‭ ‬منظومة‭ ‬عمل،‭ ‬فالخسارة‭ ‬يتحملها‭ ‬الجميع‭ ‬تماما‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الفوز،‭ ‬واللاعب‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يلتزم‭ ‬بالانضباط‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬يعطي‭ ‬من‭ ‬الجهد‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬منتظر‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬التمارين‭ ‬والمباريات،‭ ‬يتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬مباشرة،‭ ‬والإداري‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يوفر‭ ‬البيئة‭ ‬الصحية،‭ ‬ويهمل‭ ‬تفاصيل‭ ‬صغيرة‭ ‬قد‭ ‬تصنع‭ ‬الفارق،‭ ‬يكون‭ ‬شريكا‮ ‬‭ ‬في‭ ‬الخطأ،‭ ‬والمسؤول‭ ‬الذي‭ ‬يضع‭ ‬خططا‭ ‬قصيرة‭ ‬المدى‭ ‬بلا‭ ‬رؤية‭ ‬واضحة،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يمر‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬محاسبة،‭ ‬وحتى‭ ‬الجماهير‭ ‬حين‭ ‬تفرط‭ ‬في‭ ‬الضغط‭ ‬أو‭ ‬تطالب‭ ‬بالنتائج‭ ‬السريعة‭ ‬بلا‭ ‬صبر،‭ ‬فهي‭ ‬تسهم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تدري‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬أجواء‭ ‬مشحونة‭ ‬من‭ ‬شأنها‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬الأداء،‭ ‬أما‭ ‬الإعلام،‭ ‬فله‭ ‬دوره‭ ‬الكبير‭ ‬عندما‭ ‬يضخم‭ ‬النتائج‭ ‬أو‭ ‬يشعل‭ ‬الحملات،‭ ‬أحيانا‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬إنصاف‭ ‬أو‭ ‬توازن‭.‬

نعرف‭ ‬بأن‭ ‬المدرب‭ ‬ليس‭ ‬معصوما‭ ‬من‭ ‬الخطأ‭ ‬والزلل‭ ‬الفني‭ ‬أو‭ ‬التكتيكي‭ ‬أو‭ ‬قل‭ ‬ما‭ ‬شئت،‭ ‬بيد‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المنصف‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬وحده‭ ‬كبش‭ ‬الفداء‭ ‬الدائم،‭ ‬بطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬نجاحه‭ ‬مرهون‭ ‬بمدى‭ ‬استجابة‭ ‬لاعبيه‭ ‬وهضمهم‭ ‬لما‭ ‬يريد،‭ ‬وتعاون‭ ‬الجهاز‭ ‬الإداري،‭ ‬وتكامل‭ ‬العمل‭ ‬بين‭ ‬الأطراف‭ ‬ذات‭ ‬الصلة،‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬وضعنا‭ ‬بعين‭ ‬الاعتبار‭ ‬أن‭ ‬الرياضة‭ ‬اليوم‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬الجماعي‭ ‬‮«‬team‭ ‬work‮»‬،‭ ‬والخطأ‭ ‬مثل‭ ‬تسجيل‭ ‬الهدف،‭ ‬لا‭ ‬يسجل‭ ‬باسم‭ ‬فرد‭ ‬واحد‭ ‬بل‭ ‬ينسب‭ ‬الى‭ ‬الفريق‭ ‬بأكمله‭.‬

ما‭ ‬نحتاج‭ ‬اليه،‭ ‬هو‭ ‬العودة‭ ‬الى‭ ‬رشدنا،‭ ‬والتسلح‭ ‬بثقافة‭ ‬المحاسبة‭ ‬العادلة،‭ ‬وأن‭ ‬نتحلى‭ ‬بالشجاعة‭ ‬للاعتراف‭ ‬بأن‭ ‬الجميع‭ ‬قد‭ ‬يخطئ،‭ ‬وأن‭ ‬نقيم‭ ‬المواقف‭ ‬وفق‭ ‬أدوار‭ ‬كل‭ ‬طرف،‭ ‬وأعتقد‭ ‬أننا‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬فقط‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نتقدم‭ ‬إلى‭ ‬الأمام،‭ ‬لأن‭ ‬جلد‭ ‬المدرب‭ ‬وحده‭ ‬قد‭ ‬يرضي‭ ‬ويهدئ‭ ‬النفوس‭ ‬مؤقتا،‭ ‬لكنه‭ ‬لا‭ ‬يصلح‭ ‬الخلل‭ ‬ولا‭ ‬يبني‭ ‬المستقبل‭.‬

ومن‭ ‬المفارقات‭ ‬الغريبة،‭ ‬أن‭ ‬تجد‭ ‬ناديا‭ ‬تصب‭ ‬أطرافه‭ ‬غضبها‭ ‬وعدم‭ ‬رضاها‭ ‬عن‭ ‬المدرب‭ ‬الفلاني‭ ‬أو‭ ‬العلاني،‭ ‬وتستغني‭ ‬عن‭ ‬خدماته،‭ ‬وبعد‭ ‬موسم‭ ‬أو‭ ‬اثنين‭ ‬يستقطب‭ ‬هذا‭ ‬المدرب‭ ‬نفسه‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬ليكون‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬الجهاز‭ ‬الفني‭ ‬للفريق‭ ‬‮«‬هل‭ ‬كيف»؟

إقرأ أيضا لـ"علي ميرزا"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا