زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
احذروا هاتف الضرس
مثل سائر بنات وأبناء جيلي، فإنني ما زلت «أتَمَخْول» أي أصاب بحَوَل في المخ، كلما فكرت في المزايا العجيبة لهاتفي آيفون، وسعيدا بخاصية المكالمات الصوتية والفيديوية فيه، وأقر واعترف بأنني لا أعرف إلا القليل جدا من مزاياه. وأحدثكم اليوم عن تطور جديد في عالم الهواتف، يستوجب التهنئة الصادقة (قال أصغر أولادي إنه سيهديني موديلا جديدا لجهاز آيفون بمناسبة عيد ميلادي الميمون الوشيك فشكرته وقلت له إنني سأظل وفيا ومخلصا لما هو عندي، لأنني من جماعة من نسي قَديمَه تاه)، ففي الطريق إلينا الهاتف الجوال المثبت في الفك بمساعدة طبيب أسنان، وهو اختراع أصبح حقيقة واقعة بعد أن ظل قيد التطوير لأكثر من عشر سنوات، وهو نظام إرسال واستقبال يثبت على الأضراس مع سماعة صغيرة لا سلكية توضع خلف الأذن، فتتمكن من ممارسة الهواية العربية العجيبة في الثرثرة على مدار الساعة، وبما أننا أمة سباقة في مجال التكنولوجيا، فلا يظهر اختراع إلا وتهافتنا عليه وجعلنا من حيازته دليلا على الوجاهة الاجتماعية، فمن المتوقع أن يسري هاتف الأضراس هذا في بلداننا، سريان السوس في عقولنا، وقد يؤدي ذلك إلى خراب كثير من البيوت، فكل وسوسة ووشوشة تصدر عنك قد تصبح مسموعة، وتفاديا لذلك فمن المستحسن ألا يستخدم بعض الرجال هذا النوع من الهواتف للاتصال بزوجاتهم (توضيح: تحدثت فقط عن استخدام الرجال لهاتف الأضراس لان العادة درجت بأن نولول كلما رأينا امرأة تحمل أداة اتصال لاسلكي جديدة وكأن تلك الأداة مفسدة لأخلاق النساء – وليس الرجال!). المهم، احذر استخدام الهاتف الضرسي لمكالمة زوجتك لان وجود رقمها مخزونا لديك، قد يعرضك لضربات الساطور أو الشاكوش عندما تكون نائما وهي مستيقظة وتهذي وأنت تحلم بسوسو أو فيفي أو تاتا أو أي ناقصة عقل راضية بمغازلاتك الفجة، فقد يضغط ضرس العقل عن طريق الخطأ على رقم زوجتك فتتلقى تفاصيل هلوساتك وانت نائم، وقد يؤدي رد فعلها الى حمل أهلك ومعارفك على ذكر محاسنك (إذا وجدت).
والأمر الآخر الذي ينبغي أخذه في الحسبان عند استخدام هاتف الضرس هذا هو عدم إجراء المكالمات عقب أكل الوجبات المضادة للأوزون، مثل الكبسة والفول والحمص و(خصوصا) الفاصوليا، فوجود مايكروفون الهاتف قريبا من البلعوم يعني أن متلقي المكالمة سيتلقى تغطية حية للمظاهرات الصاخبة التي تحدث في المعدة والأمعاء، عقب تعاطي تلك الأكلات، ما سيؤثر سلبا على طبلة الأُذن! وعلى كل حال فليس من حسن الأدب أن تتحدث مع شخص ثم تقطع الكلام بالتجشوء: بااااااع! أو خاخاخا. ولأنه يسهل إساءة استخدام هذا النوع من الهواتف لأنها تبقى مخفية داخل الفم ولا تستطيع مثلا ان تفتح فم ولدك لمعرفة ما اذا كان يجري مكالمة هاتفية أم يعلك لبانا (علكة)، لأنك لا تريد أن تصاب بجلطة تنتج عن فاتورة المكالمات، فمن الخير ان تقطع دابر الأمر بمنع عيالك من الذهاب الى طبيب أسنان إلا بمرافقتك، وتقف قرب الطبيب وتتأكد أنه يستخدم فقط الحفارات والمفكات والكماشات لخلع او تنظيف الضرس، وإياك ثم إياك أن توافق على أن يخضع ولدك لعملية تقويم أسنان لأن مثل هذه العملية تتيح له إخفاء عدة خطوط هواتف جوالة في فكيه، فيقضي العمر كله يتكلم ويستمع إلى كل شيء ما عدا الدروس المدرسية ونصائح الوالدين. وإذا لم يكن ممكنا تقصي ما إذا كانت أفواه العيال خالية من التوصيلات الهاتفية فامنعهم من الغناء لأنهم ربما يلجأون إلى الدندنة للتغطية على مكالماتهم الهاتفية الضرسية الطويلة: أنا ما أنساك لو أنسى، نتلاقى عند المرسى. بعد الساعة خمسة.. يا دانة دان يا دان أبوي رايح الدكان.. انتظر دقيقة كمان! يا ليل يا عين أكلمك الساعة اثنين.
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك