يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
.. إلى متى الإنكار والمكابرة؟!
قبل يومين نشرت مجلة «ناسشيونال انتريست» الأمريكية تحليلا مطولا عن استراتيجية إيران في الوقت الحاضر بعد ما تلقته من ضربات موجعة وهزات داخلية وخارجية في حرب الـ12 يوما.
التحليل يتلخص في ان إيران تركز في الوقت الحاضر على ما يسميه «إعادة المخالب الإيرانية». والمقصود بذلك في رأي كاتب التحليل امران:
1- إعادة بناء القدرات العسكرية الإيرانية بعد التدمير الذي حل بها في الحرب، والتركيز خصوصا على «إعادة بناء دفاعاتها الجوية، وتعزيز قوتها الصاروخية، وتوسيع شبكات الرادار، مع السعي للحصول على أنظمة متقدمة من دول مثل الصين».
2- تأكيد مواصلة دعم القوى والمليشيات التابعة لها في المنطقة ، وتأكيد دورها في خدمة الاستراتيجية الايرانية، بالأخص جماعات مثل حزب الله في لبنان، والمليشيات الشيعية في العراق، والحوثيين في اليمن.
يذكر التحليل ان علي لاريجاني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، اثناء زيارته الأخيرة للعراق ولبنان بدأ العمل على تنفيذ استراتيجية «إعادة المخالب الإيرانية». بالمواقف التي عبر عنها والتصريحات التي أدلى بها وخصوصا قوله ان القوى والمليشيات التابعة لإيران تمثل «امتدادًا استراتيجيًا لقوة الردع الإيرانية».
ما جاء بهذا التحليل صحيح، وهو يلقي الضوء على الحال التي يعيشها النظام الايراني اليوم. هي حالة من الإنكار والمكابرة.. حالة عدم الاستعداد لقراءة الواقع في المنطقة قراءة صحيحة.
الكل يعلم بداية انه رغم التصريحات الإيرانية التي تتحدث عن النصر في حرب الـ12 يوما، فإنها تلقت ضربات موجعة جدا وتكبدت خسائر فادحة.. قدراتها العسكرية ومنشآتها النووية تعرضت لدمار كبير، واعداد كبيرة من خيرة علمائها تم اغتيالهم. وكشفت الحرب عن هشاشة الأوضاع الداخلية والاختراق الواسع النطاق بشكل لم يكن أحد يتصوره. باختصار كشفت الحرب ان النظام الإيراني ليس أبدا بالقوة التي يصور بها نفسه.
في نفس الوقت، معروف ان القوى والمليشيات العميلة لإيران في المنطقة والتي تمثل رأس الحربة في تنفيذ استراتيجيتها الطائفية التوسعية في المنطقة أصبحت بدورها في حالة ضعف، وفقدت نفوذها وتأثيرها. إيران خسرت سوريا بالكامل. وحزب الله أصبح مطالبا بتسليم سلاحه والخضوع لسلطة الدولة بإرادة شعبية لبنانية واقليمية ودولية. وحتى في العراق هناك مطالبات كثيرة بحل المليشيات الشيعية وتسليم سلاحها.
بالتوازي مع هذا، يعيش النظام أزمة داخلية طاحنة.. انهيار اقتصادي واجتماعي وغضب شعبي عارم لعدم قدرة النظام على تلبية الحد الأدنى من متطلبات المواطنين المعيشية.. وهكذا.
اذن النظام الإيراني في ورطة كبرى. وبدلا من ان يعيد النظام، بناء على كل هذا، النظر في مواقفه واستراتيجيته وسياساته، يكابر ويصر على مواصلة نفس النهج. النظام الإيراني يتصور انه مازال بمقدوره ان يواصل نفس الاستراتيجية ونفس الادعاءات بوجود «محور للمقاومة»، ونفس تهديدات التدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة واثارة الفتن فيها. وهذا ما فعله لاريجاني اثناء زيارته بتحريضه لحزب الله والمليشيات الشيعية في العراق على الاستمرار في تحدي الدولة والمجتمع ولعب نفس الدور السابق.
هي اذن حسابات إيرانية خاطئة.
ويلهث النظام الايراني في نفس الوقت وراء الإدارة الأمريكية كي تجري معه مفاوضات حول البرنامج النووي والتوصل الى اتفاق. يفعل هذا متصورا ان المفاوضات والاتفاق إن حدث يمكن ان ينقذه ويمكنه من مواصلة دوره التخريبي في المنطقة.
الحقيقة ان النظام الإيراني إذا استمر في هذه الحالة من الإنكار والمكابرة والحسابات الخاطئة، فهو الذي سوف يدفع الثمن. لن يكون مستبعدا ان يتعرض لضربات قاصمة جديدة. ومن الممكن ان يكون بقاء النظام نفسه على المحك.
غير هذا، يسد النظام الايراني الباب امام أي إمكانية لحدوث تطور ايجابي في علاقاته مع دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية عموما.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك