العدد : ١٧٣٣٠ - الأربعاء ٠٣ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٣٠ - الأربعاء ٠٣ سبتمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

.. إلى متى الإنكار والمكابرة؟!

قبل‭ ‬يومين‭ ‬نشرت‭ ‬مجلة‭ ‬‮«‬ناسشيونال‭ ‬انتريست‮»‬‭ ‬الأمريكية‭ ‬تحليلا‭ ‬مطولا‭ ‬عن‭ ‬استراتيجية‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭ ‬بعد‭ ‬ما‭ ‬تلقته‭ ‬من‭ ‬ضربات‭ ‬موجعة‭ ‬وهزات‭ ‬داخلية‭ ‬وخارجية‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الـ12‭ ‬يوما‭.‬

التحليل‭ ‬يتلخص‭ ‬في‭ ‬ان‭ ‬إيران‭ ‬تركز‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يسميه‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬المخالب‭ ‬الإيرانية‮»‬‭. ‬والمقصود‭ ‬بذلك‭ ‬في‭ ‬رأي‭ ‬كاتب‭ ‬التحليل‭ ‬امران‭:‬

1-‭ ‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬القدرات‭ ‬العسكرية‭ ‬الإيرانية‭ ‬بعد‭ ‬التدمير‭ ‬الذي‭ ‬حل‭  ‬بها‭ ‬في‭ ‬الحرب،‭ ‬والتركيز‭ ‬خصوصا‭ ‬على‭  ‬‮«‬إعادة‭ ‬بناء‭ ‬دفاعاتها‭ ‬الجوية،‭ ‬وتعزيز‭ ‬قوتها‭ ‬الصاروخية،‭ ‬وتوسيع‭ ‬شبكات‭ ‬الرادار،‭ ‬مع‭ ‬السعي‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬أنظمة‭ ‬متقدمة‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬مثل‭ ‬الصين‮»‬‭.‬

2-‭ ‬تأكيد‭ ‬مواصلة‭ ‬دعم‭ ‬القوى‭ ‬والمليشيات‭ ‬التابعة‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬،‭ ‬وتأكيد‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬الايرانية،‭  ‬بالأخص‭ ‬جماعات‭ ‬مثل‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬لبنان،‭ ‬والمليشيات‭ ‬الشيعية‭ ‬في‭ ‬العراق،‭ ‬والحوثيين‭ ‬في‭ ‬اليمن‭. ‬

يذكر‭ ‬التحليل‭ ‬ان‭ ‬علي‭ ‬لاريجاني،‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للمجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للأمن‭ ‬القومي‭ ‬الإيراني،‭ ‬اثناء‭ ‬زيارته‭ ‬الأخيرة‭ ‬للعراق‭ ‬ولبنان‭ ‬بدأ‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تنفيذ‭ ‬استراتيجية‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬المخالب‭ ‬الإيرانية‮»‬‭. ‬بالمواقف‭ ‬التي‭ ‬عبر‭ ‬عنها‭ ‬والتصريحات‭ ‬التي‭ ‬أدلى‭ ‬بها‭ ‬وخصوصا‭ ‬قوله‭ ‬ان‭ ‬القوى‭ ‬والمليشيات‭ ‬التابعة‭ ‬لإيران‭ ‬تمثل‭ ‬‮«‬امتدادًا‭ ‬استراتيجيًا‭ ‬لقوة‭ ‬الردع‭ ‬الإيرانية‮»‬‭.‬

ما‭ ‬جاء‭ ‬بهذا‭ ‬التحليل‭ ‬صحيح،‭ ‬وهو‭ ‬يلقي‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬الحال‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬النظام‭ ‬الايراني‭ ‬اليوم‭. ‬هي‭ ‬حالة‭ ‬من‭ ‬الإنكار‭ ‬والمكابرة‭.. ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬الاستعداد‭ ‬لقراءة‭ ‬الواقع‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬قراءة‭ ‬صحيحة‭.‬

الكل‭ ‬يعلم‭ ‬بداية‭ ‬انه‭ ‬رغم‭ ‬التصريحات‭ ‬الإيرانية‭ ‬التي‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬النصر‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬الـ12‭ ‬يوما،‭ ‬فإنها‭ ‬تلقت‭ ‬ضربات‭ ‬موجعة‭ ‬جدا‭ ‬وتكبدت‭ ‬خسائر‭ ‬فادحة‭.. ‬قدراتها‭ ‬العسكرية‭ ‬ومنشآتها‭ ‬النووية‭ ‬تعرضت‭ ‬لدمار‭ ‬كبير،‭ ‬واعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬خيرة‭ ‬علمائها‭ ‬تم‭ ‬اغتيالهم‭. ‬وكشفت‭ ‬الحرب‭ ‬عن‭ ‬هشاشة‭ ‬الأوضاع‭ ‬الداخلية‭ ‬والاختراق‭ ‬الواسع‭ ‬النطاق‭ ‬بشكل‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬أحد‭ ‬يتصوره‭. ‬باختصار‭ ‬كشفت‭ ‬الحرب‭ ‬ان‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬ليس‭ ‬أبدا‭ ‬بالقوة‭ ‬التي‭ ‬يصور‭ ‬بها‭ ‬نفسه‭.‬

في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت،‭ ‬معروف‭ ‬ان‭ ‬القوى‭ ‬والمليشيات‭ ‬العميلة‭ ‬لإيران‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬والتي‭ ‬تمثل‭ ‬رأس‭ ‬الحربة‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬الطائفية‭ ‬التوسعية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬أصبحت‭ ‬بدورها‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬ضعف،‭ ‬وفقدت‭ ‬نفوذها‭ ‬وتأثيرها‭. ‬إيران‭ ‬خسرت‭ ‬سوريا‭ ‬بالكامل‭. ‬وحزب‭ ‬الله‭ ‬أصبح‭ ‬مطالبا‭ ‬بتسليم‭ ‬سلاحه‭ ‬والخضوع‭ ‬لسلطة‭ ‬الدولة‭ ‬بإرادة‭ ‬شعبية‭ ‬لبنانية‭ ‬واقليمية‭ ‬ودولية‭. ‬وحتى‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬هناك‭ ‬مطالبات‭ ‬كثيرة‭ ‬بحل‭ ‬المليشيات‭ ‬الشيعية‭ ‬وتسليم‭ ‬سلاحها‭.‬

بالتوازي‭ ‬مع‭ ‬هذا،‭ ‬يعيش‭ ‬النظام‭ ‬أزمة‭ ‬داخلية‭ ‬طاحنة‭.. ‬انهيار‭ ‬اقتصادي‭ ‬واجتماعي‭ ‬وغضب‭ ‬شعبي‭ ‬عارم‭ ‬لعدم‭ ‬قدرة‭ ‬النظام‭ ‬على‭ ‬تلبية‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬متطلبات‭ ‬المواطنين‭ ‬المعيشية‭.. ‬وهكذا‭.‬

اذن‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬ورطة‭ ‬كبرى‭. ‬وبدلا‭ ‬من‭ ‬ان‭ ‬يعيد‭ ‬النظام،‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬هذا،‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬مواقفه‭ ‬واستراتيجيته‭ ‬وسياساته،‭ ‬يكابر‭ ‬ويصر‭ ‬على‭ ‬مواصلة‭ ‬نفس‭ ‬النهج‭. ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬يتصور‭ ‬انه‭ ‬مازال‭ ‬بمقدوره‭ ‬ان‭ ‬يواصل‭ ‬نفس‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬ونفس‭ ‬الادعاءات‭ ‬بوجود‭ ‬‮«‬محور‭ ‬للمقاومة‮»‬،‭ ‬ونفس‭ ‬تهديدات‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬لدول‭ ‬المنطقة‭ ‬واثارة‭ ‬الفتن‭ ‬فيها‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬فعله‭ ‬لاريجاني‭ ‬اثناء‭ ‬زيارته‭ ‬بتحريضه‭ ‬لحزب‭ ‬الله‭ ‬والمليشيات‭ ‬الشيعية‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬تحدي‭ ‬الدولة‭ ‬والمجتمع‭ ‬ولعب‭ ‬نفس‭ ‬الدور‭ ‬السابق‭.‬

هي‭ ‬اذن‭ ‬حسابات‭ ‬إيرانية‭ ‬خاطئة‭.‬

ويلهث‭ ‬النظام‭ ‬الايراني‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬وراء‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية‭ ‬كي‭ ‬تجري‭ ‬معه‭ ‬مفاوضات‭ ‬حول‭ ‬البرنامج‭ ‬النووي‭ ‬والتوصل‭ ‬الى‭ ‬اتفاق‭. ‬يفعل‭ ‬هذا‭ ‬متصورا‭ ‬ان‭ ‬المفاوضات‭ ‬والاتفاق‭ ‬إن‭ ‬حدث‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬ينقذه‭ ‬ويمكنه‭ ‬من‭ ‬مواصلة‭ ‬دوره‭ ‬التخريبي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭.‬

الحقيقة‭ ‬ان‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬إذا‭ ‬استمر‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬من‭ ‬الإنكار‭ ‬والمكابرة‭ ‬والحسابات‭ ‬الخاطئة،‭ ‬فهو‭ ‬الذي‭ ‬سوف‭ ‬يدفع‭ ‬الثمن‭. ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬مستبعدا‭ ‬ان‭ ‬يتعرض‭ ‬لضربات‭ ‬قاصمة‭ ‬جديدة‭. ‬ومن‭ ‬الممكن‭ ‬ان‭ ‬يكون‭ ‬بقاء‭ ‬النظام‭ ‬نفسه‭ ‬على‭ ‬المحك‭.‬

غير‭ ‬هذا،‭ ‬يسد‭ ‬النظام‭ ‬الايراني‭ ‬الباب‭ ‬امام‭ ‬أي‭ ‬إمكانية‭ ‬لحدوث‭ ‬تطور‭ ‬ايجابي‭ ‬في‭ ‬علاقاته‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬والدول‭ ‬العربية‭ ‬عموما‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا