العدد : ١٧٣٢٢ - الثلاثاء ٢٦ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٢٢ - الثلاثاء ٢٦ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٣ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

التربية بالحب.. استثمار في إنسان الغد

بقلم: د. فاطمة المالكي

الثلاثاء ٢٦ أغسطس ٢٠٢٥ - 02:00

بين‭ ‬زحام‭ ‬الحياة‭ ‬وضغوطها‭ ‬اليومية،‭ ‬قد‭ ‬نغفل‭ ‬نحن‭ ‬الكبار‭ ‬عن‭ ‬أبسط‭ ‬ما‭ ‬يحتاج‭ ‬إليه‭ ‬الطفل‭: ‬كلمة‭ ‬هادئة،‭ ‬أو‭ ‬نظرة‭ ‬حانية،‭ ‬أو‭ ‬لحظة‭ ‬إنصات‭ ‬صادقة،‭ ‬كثيرًا‭ ‬ما‭ ‬تتحول‭ ‬مواقف‭ ‬عابرة‭ ‬إلى‭ ‬ندوبٍ‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬الصغار،‭ ‬لا‭ ‬لأننا‭ ‬قلنا‭ ‬‮«‬لا‮»‬،‭ ‬بل‭ ‬لأننا‭ ‬قلناها‭ ‬بقسوة،‭ ‬أو‭ ‬لأننا‭ ‬اختزلنا‭ ‬التربية‭ ‬في‭ ‬صراخٍ‭ ‬وتهديد،‭ ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬التربية‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬أوامر‭ ‬ونواهٍ،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬فنٌّ‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬الحزم‭ ‬والرحمة،‭ ‬بين‭ ‬الحب‭ ‬والانضباط‭. ‬فالأطفال‭ ‬لا‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الأشياء‭ ‬بقدر‭ ‬ما‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يُفهموا،‭ ‬أن‭ ‬يُحترموا،‭ ‬وأن‭ ‬يشعروا‭ ‬أن‭ ‬مشاعرهم‭ ‬لها‭ ‬قيمة‭.‬

لفت‭ ‬انتباهي‭ ‬وأنا‭ ‬أتجول‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬المجمعات‭ ‬التجارية‭ ‬صوت‭ ‬امرأة‭ ‬تصرخ‭ ‬بغضب‭ ‬على‭ ‬طفلها‭ ‬الصغير‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬الخامسة‭ ‬من‭ ‬عمره،‭ ‬وتوبّخه‭ ‬أمام‭ ‬الجميع،‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬الطفل‭ ‬يبكي‭ ‬بحرقة‭ ‬ويرجوها‭ ‬أن‭ ‬تستمع‭ ‬إليه‭. ‬كانت‭ ‬تسحبه‭ ‬من‭ ‬ذراعه‭ ‬بقوة‭ ‬وهي‭ ‬تردد‭ ‬كلمات‭ ‬قاسية‭ ‬مثل‭: ‬‮«‬أنت‭ ‬فشلتني‭ ‬جدام‭ ‬الناس‭!‬‮»‬‭ ‬و«بتشوف‭ ‬شنهو‭ ‬بسوي‭ ‬لك‭ ‬لما‭ ‬انوصل‭ ‬البيت‮»‬،‭ ‬‮«‬باحرمك‭ ‬من‭ ‬اللعب‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬سكت‭!‬‮»‬‭ ‬أما‭ ‬هو‭ ‬فظل‭ ‬يصرخ‭ ‬ويتوسل‭ ‬أن‭ ‬تمنحه‭ ‬لحظة‭ ‬من‭ ‬الإنصات‭ ‬‮«‬بليز‭ ‬ماما‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬جدوى،‭ ‬كنت‭ ‬أراقب‭ ‬المشهد‭ ‬من‭ ‬بعيد،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬الأم‭ ‬تسحب‭ ‬الطفل‭ ‬من‭ ‬قميصه‭ ‬فحاولت‭ ‬أن‭ ‬أفهم‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يحدث،‭ ‬وبعد‭ ‬برهة،‭ ‬أدركت‭ ‬أن‭ ‬الطفل‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يطلب‭ ‬شيئًا‭ ‬غريبًا‭ ‬أو‭ ‬مبالغًا‭ ‬فيه،‭ ‬بل‭ ‬فقط‭ ‬أراد‭ ‬أن‭ ‬تشتري‭ ‬له‭ ‬والدته‭ ‬زوجًا‭ ‬من‭ ‬الجوارب‭ ‬المزينة‭ ‬برسوم‭ ‬شخصيته‭ ‬الكرتونية‭ ‬المفضلة،‭ ‬وقد‭ ‬رفضت‭ ‬الأم‭ ‬ذلك‭ ‬بحجة‭ ‬أن‭ ‬لديه‭ ‬الكثير‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬المنزل،‭ ‬ربما‭ ‬كانت‭ ‬على‭ ‬حق،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬الرفض‭ ‬مبررًا،‭ ‬لكن‭ ‬السؤال‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬أستطع‭ ‬تجاوزه‭ ‬هو‭: ‬لماذا‭ ‬اختارت‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الطفل‭ ‬بهذا‭ ‬الأسلوب؟‭ ‬لماذا‭ ‬تحوّل‭ ‬الرفض‭ ‬إلى‭ ‬تهديد،‭ ‬والبكاء‭ ‬إلى‭ ‬عار،‭ ‬والموقف‭ ‬كله‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬صراع‭ ‬أمام‭ ‬الناس؟‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬اللحظة‭ ‬تساءلت‭: ‬‮«‬كم‭ ‬من‭ ‬الأمهات‭ ‬والآباء‭ ‬يعيشون‭ ‬مواقف‭ ‬مشابهة‭ ‬يوميًّا،‭ ‬وهم‭ ‬لا‭ ‬يدركون‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يظنونه‭ ‬‮«‬تربية‮»‬،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬كذلك،‭ ‬وكم‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬يعيشون‭ ‬المواقف‭ ‬نفسها،‭ ‬ويخرجون‭ ‬منها‭ ‬بجراح‭ ‬صامتة‭ ‬يظنها‭ ‬الأهل‭ ‬مجرد‭ ‬تفاصيل‭ ‬عابرة،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬جرح‭ ‬عميق‭ ‬يظل‭ ‬في‭ ‬ذاكرة‭ ‬الطفل‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬متى‭ ‬وكيف‭ ‬يتم‭ ‬علاجه‭.‬

أن‭ ‬التربية‭ ‬ليست‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬‮«‬لا‮»‬‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬كيف‭ ‬ومتى‭ ‬نقولها،‭ ‬وبأي‭ ‬نبرة‭ ‬وصوت‭ ‬وحضور‭ ‬عاطفي‭. ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬ينكر‭ ‬الضغوط‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬الآباء‭ ‬والامهات،‭ ‬ولا‭ ‬حجم‭ ‬المسؤوليات‭ ‬التي‭ ‬تنهال‭ ‬عليهم‭ ‬يومًيا،‭ ‬لكن‭ ‬وسط‭ ‬كل‭ ‬ذلك،‭ ‬يبقى‭ ‬الحب‭ ‬هو‭ ‬الملاذ،‭ ‬والاحتواء‭ ‬هو‭ ‬الحاجة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬يطلبها‭ ‬الطفل‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعبر‭ ‬عنها‭ ‬بالكلام‭. ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬يبكون،‭ ‬لا‭ ‬لأنهم‭ ‬معاندون‭ ‬أو‭ ‬مدللون،‭ ‬بل‭ ‬لأنهم‭ ‬لا‭ ‬يجدون‭ ‬لغةً‭ ‬أخرى‭ ‬للتعبير،‭ ‬هم‭ ‬لا‭ ‬يملكون‭ ‬مفردات‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬رغباتهم‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العمر،‭ ‬أو‭ ‬شرح‭ ‬دوافعهم،‭ ‬هم‭ ‬يصرخون،‭ ‬يتمسكون‭ ‬بأشياء‭ ‬بسيطة‭ ‬ليس‭ ‬لذاتها،‭ ‬بل‭ ‬لأنها‭ ‬رمز‭ ‬لرغبتهم‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬يُسمَعوا‭ ‬ويُفهَموا‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أهلهم‭. ‬

إن‭ ‬التربية‭ ‬بالحب‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬أن‭ ‬نرضخ‭ ‬لكل‭ ‬طلب،‭ ‬ولا‭ ‬أن‭ ‬نلغي‭ ‬الحدود‭ ‬معهم،‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬الطفل‭ ‬بأننا‭ ‬موجودون‭ ‬له‭ ‬ومن‭ ‬أجله،‭ ‬نفهم‭ ‬دوافعه‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬رفضناها،‭ ‬نحاوره‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬نقتنع‭ ‬برأيه،‭ ‬نرفض‭ ‬بلطف،‭ ‬نمنع‭ ‬دون‭ ‬إهانة،‭ ‬ونوجه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬قسوة‭. ‬الحب‭ ‬لا‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬الهدايا‭ ‬ولا‭ ‬في‭ ‬كثرة‭ ‬المشتريات‭ ‬لهم،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬الغضب،‭ ‬في‭ ‬طريقة‭ ‬النظرة،‭ ‬في‭ ‬نبرة‭ ‬الصوت،‭ ‬في‭ ‬قدرتنا‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬نضبط‭ ‬أنفسنا‭ ‬ونحن‭ ‬نربي،‭ ‬بعض‭ ‬الآباء‭ ‬يظنون‭ ‬أن‭ ‬الحزم‭ ‬يتطلب‭ ‬الشدة‭ ‬والصراخ،‭ ‬وأن‭ ‬الحنان‭ ‬يعني‭ ‬الضعف،‭ ‬والحقيقة‭ ‬أن‭ ‬التربية‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬توازن‭ ‬دقيق‭ ‬بين‭ ‬العاطفة‭ ‬والانضباط،‭ ‬وبين‭ ‬الحزم‭ ‬والرحمة،‭ ‬وبين‭ ‬الصوت‭ ‬الهادئ‭ ‬والكلمة‭ ‬الثابتة‭. ‬لا‭ ‬بأس‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬‮«‬لا‮»‬،‭ ‬لكن‭ ‬ما‭ ‬أجمل‭ ‬أن‭ ‬نقولها‭ ‬بلغة‭ ‬يفهمها‭ ‬الطفل‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬بأنه‭ ‬مرفوض‭ ‬أو‭ ‬قليل‭ ‬الشأن‭. ‬كثير‭ ‬من‭ ‬السلوكيات‭ ‬التي‭ ‬نراها‭ ‬لاحقًا‭ ‬في‭ ‬المراهقين‭ ‬والبالغين‭ ‬من‭ ‬عناد،‭ ‬وتمرد،‭ ‬وقلة‭ ‬احترام،‭ ‬تكون‭ ‬جذورها‭ ‬لحظات‭ ‬الطفولة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يُحتوَى‭ ‬فيها‭ ‬الطفل،‭ ‬ولم‭ ‬يُشعره‭ ‬أحد‭ ‬بأن‭ ‬مشاعره‭ ‬مهمة‭. ‬التربية‭ ‬بالحب‭ ‬لا‭ ‬تصنع‭ ‬طفلًا‭ ‬مدللًا‭ ‬كما‭ ‬يُشاع،‭ ‬بل‭ ‬تصنع‭ ‬إنسانًا‭ ‬سويًّا‭ ‬يعرف‭ ‬قيمته،‭ ‬يحترم‭ ‬نفسه،‭ ‬ويحترم‭ ‬من‭ ‬حوله‭. ‬طفل‭ ‬تربى‭ ‬على‭ ‬الحب‭ ‬ولديه‭ ‬مناعة‭ ‬نفسية،‭ ‬يثق‭ ‬بوالديه،‭ ‬ويتخذ‭ ‬منهم‭ ‬قدوة‭ ‬لا‭ ‬يخشاها‭ ‬بل‭ ‬يحبها‭ ‬ويتعلم‭ ‬منها‭.‬

في‭ ‬المقابل،‭ ‬التربية‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الخوف‭ ‬والصراخ‭ ‬تربي‭ ‬طفلًا‭ ‬خائفًا،‭ ‬وربما‭ ‬كاذبًا،‭ ‬أو‭ ‬متمردًا،‭ ‬أو‭ ‬منغلقًا‭ ‬على‭ ‬نفسه،‭ ‬يخشى‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬احتياجاته‭ ‬لأنه‭ ‬تعلّم‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭ ‬أن‭ ‬الصوت‭ ‬المرتفع‭ ‬هو‭ ‬الرد‭ ‬النافع،‭ ‬وأن‭ ‬الدموع‭ ‬عار،‭ ‬وأن‭ ‬المشاعر‭ ‬عبء‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬حوله،‭ ‬أليس‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬أطفالنا‭ ‬أن‭ ‬يعيشوا‭ ‬تجربة‭ ‬الطفولة‭ ‬بكل‭ ‬هدوء،‭ ‬أليس‭ ‬من‭ ‬واجبنا‭ ‬نحن‭ ‬الكبار‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬الكتف‭ ‬الذي‭ ‬يستندون‭ ‬إليه‭ ‬لا‭ ‬الصوت‭ ‬الذي‭ ‬يخيفهم؟‭ ‬التربية‭ ‬بالحب‭ ‬لا‭ ‬تعني‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬مسموحًا،‭ ‬لكنها‭ ‬تعني‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬مفهومًا‭. ‬الطفل‭ ‬قد‭ ‬ينسى‭ ‬ما‭ ‬قلناه،‭ ‬لكنه‭ ‬لن‭ ‬ينسى‭ ‬كيف‭ ‬جعلناه‭ ‬يشعر‭ ‬حين‭ ‬رفضنا‭ ‬طلبه،‭ ‬حين‭ ‬عاتبناه،‭ ‬حين‭ ‬وبّخناه،‭ ‬حين‭ ‬بكيناه‭ ‬أمام‭ ‬الجميع،‭ ‬هناك‭ ‬أطفال‭ ‬نشأوا‭ ‬في‭ ‬بيوت‭ ‬متواضعة،‭ ‬لكنهم‭ ‬كبروا‭ ‬بشخصيات‭ ‬متزنة،‭ ‬فقط‭ ‬لأن‭ ‬والديهم‭ ‬أحبّوهم‭ ‬بطريقة‭ ‬صحيحة،‭ ‬وهناك‭ ‬أطفال‭ ‬عاشوا‭ ‬في‭ ‬بيوت‭ ‬مترفة،‭ ‬لكنهم‭ ‬خرجوا‭ ‬الى‭ ‬الحياة‭ ‬وهم‭ ‬يبحثون‭ ‬عن‭ ‬حب‭ ‬لم‭ ‬يعرفوه‭ ‬يومًا‭ ‬رغم‭ ‬وجود‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬مادي‭ ‬حولهم‭. ‬ليس‭ ‬المهم‭ ‬كم‭ ‬نمنح‭ ‬أبناءنا،‭ ‬بل‭ ‬كيف‭ ‬نمنحهم،‭ ‬وبأي‭ ‬روح،‭ ‬وبأي‭ ‬طريقة‭.‬

إن‭ ‬الطفل‭ ‬حين‭ ‬يرى‭ ‬في‭ ‬عيني‭ ‬والديه‭ ‬حبًّا،‭ ‬واحترامًا،‭ ‬واهتمامًا،‭ ‬يكبر‭ ‬بقلب‭ ‬مليء‭ ‬بالرضا،‭ ‬ويصبح‭ ‬أكثر‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬الحياة‭ ‬بثقة‭ ‬وتوازن‭. ‬وسيأتي‭ ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬ينظر‭ ‬فيه‭ ‬هذا‭ ‬الطفل‭ ‬إلى‭ ‬الوراء،‭ ‬ويسترجع‭ ‬مواقف‭ ‬من‭ ‬طفولته،‭ ‬فإن‭ ‬وجد‭ ‬فيها‭ ‬حبًا،‭ ‬وغفرانًا،‭ ‬ودفئًا،‭ ‬سيحملها‭ ‬معه‭ ‬عمرًا‭ ‬كاملًا،‭ ‬وسينقلها‭ ‬إلى‭ ‬أطفاله‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬وهكذا‭ ‬يتوارث‭ ‬الحب‭ ‬كما‭ ‬تتوارث‭ ‬الملامح‭ ‬واللغات‭. ‬التربية‭ ‬ليست‭ ‬قوانين‭ ‬تُطبّق،‭ ‬بل‭ ‬أثر‭ ‬يُزرع‭ ‬في‭ ‬القلب‭ ‬والعقل‭ ‬معًا‭. ‬وحين‭ ‬نربي‭ ‬أبناءنا‭ ‬بالحب،‭ ‬فإننا‭ ‬لا‭ ‬نُحسن‭ ‬إليهم‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬نُحسن‭ ‬إلى‭ ‬العالم‭ ‬بأسره،‭ ‬لأننا‭ ‬نُقدّم‭ ‬له‭ ‬يومًا‭ ‬ما‭ ‬إنسانًا‭ ‬يعرف‭ ‬كيف‭ ‬يحب،‭ ‬كيف‭ ‬يفهم،‭ ‬وكيف‭ ‬يكون‭ ‬نورًا‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الآخرين‭. ‬فلتكن‭ ‬البداية‭ ‬من‭ ‬كلمة‭ ‬هادئة،‭ ‬من‭ ‬حضنٍ‭ ‬دافئ‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬بكاء،‭ ‬من‭ ‬تفسيرٍ‭ ‬بسيط‭ ‬بدل‭ ‬صراخ‭ ‬وتهديد،‭ ‬من‭ ‬إنصاتٍ‭ ‬دون‭ ‬عجلة‭. ‬فهذه‭ ‬اللحظات‭ ‬الصغيرة‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬تصنع‭ ‬الفارق‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬مستقبل‭ ‬أطفالنا،‭ ‬وتبقى‭ ‬معهم‭ ‬ما‭ ‬بقوا‭. ‬وتبقى‭ ‬التربية‭ ‬بالحب‭ ‬أعظم‭ ‬استثمار‭ ‬في‭ ‬إنسان‭ ‬الغد‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا