العدد : ١٧٣٢٠ - الأحد ٢٤ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠١ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٢٠ - الأحد ٢٤ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠١ ربيع الأول ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

معركة الولوج إلى المستقبل

بقلم: د. زكريا الخنجي

الأحد ٢٤ أغسطس ٢٠٢٥ - 02:00

لا‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نتنبأ‭ ‬بالمستقبل،‭ ‬ولا‭ ‬نعرف‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يخفيه‭ ‬لنا‭ ‬الغد،‭ ‬فالغد‭ ‬والمستقبل‭ ‬بيد‭ ‬رب‭ ‬المستقبل‭ ‬الذي‭ ‬خلقه‭ ‬في‭ ‬الماضي،‭ ‬ولكن‭ ‬يمكننا‭ ‬نوعًا‭ ‬ما‭ ‬استشراف‭ ‬المستقبل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المرتكزات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تمنحنا‭ ‬بعض‭ ‬العمق‭ ‬والاتساق‭. ‬ومن‭ ‬الغريب‭ ‬أنه‭ ‬عند‭ ‬التحدث‭ ‬عن‭ ‬المستقبل‭ ‬فإنه‭ ‬يجب‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬المهارات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يمتلكها‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬والتي‭ ‬تعني‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬قدرة‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬التكيف،‭ ‬الإبداع،‭ ‬والقيادة‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬سريع‭ ‬التغير،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬المعرفة‭ ‬وحدها‭ ‬كافية،‭ ‬بل‭ ‬أصبحت‭ ‬المهارات‭ ‬هي‭ ‬العملة‭ ‬الحقيقية‭ ‬للنجاح‭. ‬

ومرة‭ ‬أخرى،‭ ‬لا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬المستقبل‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬التنبؤ،‭ ‬بل‭ ‬الاستعداد،‭ ‬والتخطيط،‭ ‬وصناعة‭ ‬المستقبل،‭ ‬ومن‭ ‬الجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬فرق‭ ‬بين‭ ‬المستقبل‭ ‬كزمن‭ ‬قادم،‭ ‬والمستقبل‭ ‬كمشروع‭ ‬إنساني‭.‬

فلو‭ ‬حاولنا‭ ‬مثلاً‭ ‬أن‭ ‬نتصور‭ ‬بعض‭ ‬ملامح‭ ‬المستقبل‭ ‬من‭ ‬النواحي‭ ‬الثلاث‭ ‬المتكاملة؛‭ ‬وهي‭ ‬النواحي‭ ‬العلمية،‭ ‬والفلسفية‭ ‬والإنسانية،‭ ‬لقلنا‭ ‬إن‭ ‬المستقبل‭ ‬ربما‭ ‬سيكون‭ ‬كالآتي‭:  ‬

 

أولاً‭: ‬الملامح‭ ‬العلمية‭ ‬للمستقبل؛‭ ‬العلم‭ ‬يرسم‭ ‬ملامح‭ ‬المستقبل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الابتكار‭ ‬والتطور،‭ ‬ومن‭ ‬أبرز‭ ‬الاتجاهات،‭ ‬كما‭ ‬نعتقد‭:‬

1‭. ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬المتقدم،‭ ‬ليشمل‭:‬

*‭ ‬سيتطور‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬ليصبح‭ ‬أكثر‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬مستقلة،‭ ‬وربما‭ ‬يشارك‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬السياسات‭ ‬أو‭ ‬إدارة‭ ‬المجتمعات‭.‬

*‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يظهر‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بـ‭(‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬التعاوني‭) ‬الذي‭ ‬سيعمل‭ ‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬البشر‭ ‬في‭ ‬الطب،‭ ‬التعليم،‭ ‬والقضاء‭.‬

*‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الواقع‭ ‬المعزز،‭ ‬الروبوتات،‭ ‬الحوسبة‭ ‬الكمية،‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭.‬

2‭. ‬الطب‭ ‬الجيني‭ ‬والتعديل‭ ‬الوراثي،‭ ‬ليتضمن‭:‬

*‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬علاج‭ ‬الأمراض‭ ‬الوراثية‭ ‬قبل‭ ‬الولادة‭.‬

*‭ ‬تصميم‭ ‬أطفال‭ ‬بمواصفات‭ ‬معينة،‭ ‬وإن‭ ‬كنا‭ ‬نؤمن‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭ ‬مثير‭ ‬للجدل‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الأخلاقية‭ ‬والدينية،‭ ‬ولكن‭ ‬ربما‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭. ‬

3‭. ‬الطاقة‭ ‬المستدامة،‭ ‬ليتضمن‭:‬

*‭ ‬الاعتماد‭ ‬الكامل‭ ‬على‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية،‭ ‬النووية‭ ‬النظيفة،‭ ‬والاندماج‭ ‬النووي،‭ ‬والتخلي‭ ‬بصورة‭ ‬تدريجية‭ ‬عن‭ ‬الطاقات‭ ‬الاحفورية

*‭ ‬ستبنى‭ ‬مدن‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬تعمل‭ ‬بالكامل‭ ‬بالطاقة‭ ‬المتجددة‭. ‬

*‭ ‬وربما‭ ‬ستشمل‭ ‬أيضًا‭ ‬القضايا‭ ‬البيئية،‭ ‬وربما‭ ‬من‭ ‬أهمها‭ ‬موضوع‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬والمائي‭.‬

4‭. ‬استكشاف‭ ‬الفضاء،‭ ‬وربما‭ ‬تتضمن‭:‬

*‭ ‬إيجاد‭ ‬مستعمرات‭ ‬بشرية‭ ‬على‭ ‬القمر‭ ‬والمريخ‭.‬

*‭ ‬يمكن‭ ‬عمل‭ ‬برامج‭ ‬لسياحة‭ ‬فضائية‭ ‬وتجارب‭ ‬حياتية‭ ‬خارج‭ ‬الأرض‭.‬

ثانيًا‭: ‬الملامح‭ ‬الفلسفية‭ ‬للمستقبل؛‭ ‬الفلسفة‭ ‬لا‭ ‬تتنبأ‭ ‬بالمستقبل،‭ ‬لكنها‭ ‬تطرح‭ ‬تساؤلات‭ ‬حوله‭:‬

1‭. ‬مفهوم‭ ‬الزمن،‭ ‬مثل‭ ‬الأسئلة‭ ‬التالية‭:‬

*‭ ‬هل‭ ‬المستقبل‭ ‬موجود‭ ‬بالفعل؟‭ ‬أم‭ ‬أنه‭ ‬يُخلق‭ ‬لحظة‭ ‬بلحظة؟

*‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬للوعي‭ ‬أن‭ ‬يتجاوز‭ ‬الزمن؟‭ ‬وهل‭ ‬يمكن‭ ‬للذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬أن‭ ‬يملك‭ ‬وعيًا؟

2‭. ‬الهوية‭ ‬والذات،‭ ‬مثل‭:‬

*‭ ‬مع‭ ‬تطور‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬هل‭ ‬ستتغير‭ ‬نظرتنا‭ ‬لما‭ ‬يعنيه‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ (‬إنسانًا‭)‬؟

*‭ ‬هل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نندمج‭ ‬مع‭ ‬الآلة‭ ‬ونفقد‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬إنسانيتنا؟

3‭. ‬الأخلاق‭ ‬المستقبلية،‭ ‬وربما‭ ‬تشمل‭:‬

*‭ ‬كيف‭ ‬نحدد‭ ‬ما‭ ‬هو‭ (‬صحيح‭)‬،‭ ‬وما‭ ‬الخاطئ‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬تتحكم‭ ‬فيه‭ ‬الخوارزميات؟

*‭ ‬هل‭ ‬ستتغير‭ ‬القيم‭ ‬الأخلاقية‭ ‬مع‭ ‬تغير‭ ‬شكل‭ ‬المجتمعات؟

ثالثًا‭: ‬الملامح‭ ‬الإنسانية‭ ‬للمستقبل؛‭ ‬والجانب‭ ‬الإنساني‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬التفاعل‭ ‬البشري،‭ ‬المشاعر،‭ ‬والثقافة،‭ ‬مثل‭ ‬التالي‭:‬

1‭. ‬التحولات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وتشمل‭:‬

*‭ ‬ربما‭ ‬سيتغير‭ ‬شكل‭ ‬الأسرة،‭ ‬التعليم،‭ ‬والعمل‭.‬

*‭ ‬ربما‭ ‬تظهر‭ ‬مجتمعات‭ ‬رقمية‭ ‬تعيش‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬الافتراضي‭.‬

2‭. ‬الوعي‭ ‬الجمعي،‭ ‬وتتضمن‭:‬

*‭ ‬سيتطور‭ ‬فهم‭ ‬الإنسان‭ ‬لذاته‭ ‬وللآخرين،‭ ‬وربما‭ ‬ظهور‭ ‬نماذج‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬العالمي‭.‬

*‭ ‬سيتزايد‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالصحة‭ ‬النفسية‭ ‬والرفاهية‭ ‬الداخلية‭.‬

3‭. ‬وكذلك‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتغير‭ ‬أنماط‭ ‬الحياة،‭ ‬ويصبح‭ ‬التعليم‭ ‬تعليمًا‭ ‬رقميًا،‭ ‬وننطوي‭ ‬جميعًا‭ ‬تحت‭ ‬الهوية‭ ‬الرقمية

4‭. ‬الفن‭ ‬والثقافة،‭ ‬مثل‭:‬

*‭ ‬اندماج‭ ‬الفن‭ ‬مع‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬كالفن‭ ‬الرقمي،‭ ‬فالموسيقى‭ ‬تولدها‭ ‬الخوارزميات،‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭.‬

*‭ ‬إعادة‭ ‬تعريف‭ ‬الجمال‭ ‬والإبداع‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭.‬

5‭. ‬الاقتصاد‭: ‬فمن‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬تشمل‭ ‬العملات‭ ‬الرقمية،‭ ‬الاقتصاد‭ ‬التشاركي،‭ ‬التحول‭ ‬نحو‭ ‬الاستدامة‭.‬

هذه‭ ‬بعض‭ ‬الملامح‭ ‬التي‭ ‬نتوقعها‭ ‬للمستقبل،‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬صحيحة‭ ‬أو‭ ‬لا،‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬هذا‭ ‬المستقبل‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬يمتلك‭ ‬بعض‭ ‬المهارات‭ ‬التي‭ ‬تساعده‭ ‬أن‭ ‬يتعايش‭ ‬مع‭ ‬الأوضاع‭ ‬الجديدة،‭ ‬فالعالم‭ ‬سريع‭ ‬التغيير،‭ ‬كلها‭ ‬لحظات‭ ‬وسنجد‭ ‬أنفسنا‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2030‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬بعد‭ ‬ذلك،‭ ‬فما‭ ‬المهارات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نتملكها؟

المهارات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يمتلكها‭ ‬الإنسان‭ ‬استعدادًا‭ ‬للمستقبل

نجد‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الصعوبة‭ ‬أن‭ ‬نحدد‭ ‬تلك‭ ‬المهارات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يمتلكها‭ ‬الإنسان‭ ‬حتى‭ ‬يستعد‭ ‬للولوج‭ ‬إلى‭ ‬المستقبل،‭ ‬ولكن‭ ‬دعونا‭ ‬نحاول‭:‬

التفكير‭ ‬التحليلي؛‭ ‬والذي‭ ‬يعني‭ ‬تلك‭ ‬العملية‭ ‬العقلية‭ ‬التي‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬تحليل‭ ‬المعلومات‭ ‬أو‭ ‬المشكلات‭ ‬إلى‭ ‬مكوناتها‭ ‬الأساسية،‭ ‬وفهم‭ ‬كيفية‭ ‬ترابط‭ ‬هذه‭ ‬المكونات،‭ ‬بهدف‭ ‬التفسير،‭ ‬التقييم،‭ ‬أو‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬أن‭ ‬يمتلك‭ ‬الإجابة‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الأسئلة‭:‬

*‭ ‬ماذا؟‭ ‬بمعنى‭ ‬تفكيك‭ ‬المشاكل‭ ‬المعقدة‭ ‬واتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬منطقية‭.‬

*‭ ‬لماذا‭ ‬مهم؟‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬سيُغرقنا‭ ‬بالبيانات،‭ ‬ولكن‭ ‬أصحاب‭ ‬التفكير‭ ‬الواضح‭ ‬هم‭ ‬الذين‭ ‬سيتمكنون‭ ‬أن‭ ‬يبرزوا‭ ‬على‭ ‬الساحة‭. ‬

*‭ ‬كيف‭ ‬تطوره؟‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬إنسان‭ ‬المستقبل‭ ‬أن‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬حل‭ ‬المشكلات‭ ‬اليومية‭ ‬بخطوات‭ ‬مُنظمة،‭ ‬مثل‭: ‬تحليل‭ ‬أسباب‭ ‬التأخر‭ ‬عن‭ ‬العمل،‭ ‬ضعف‭ ‬إنتاجية‭ ‬الموظف‭ ‬أو‭ ‬المؤسسة؟‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬المشكلات‭ ‬غير‭ ‬المسبوقة‭ ‬بطرق‭ ‬مبتكرة،‭ ‬بهدف‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬المناسب‭.‬

الذكاء‭ ‬العاطفي؛‭ ‬هو‭ ‬قدرة‭ ‬الإنسان‭ ‬على فهم‭ ‬مشاعره‭ ‬ومشاعر‭ ‬الآخرين،‭ ‬وإدارتها‭ ‬بشكل‭ ‬فعّال في‭ ‬مختلف‭ ‬المواقف‭ ‬الحياتية،‭ ‬سواء‭ ‬الشخصية‭ ‬أو‭ ‬المهنية،‭ ‬ولكن‭ ‬قد‭ ‬يتساءل‭ ‬بعضنا‭ ‬هل‭ ‬نحتاج‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الذكاء‭ ‬في‭ ‬المستقبل؟‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إنه‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬قد‭ ‬تسيطر‭ ‬فيه‭ ‬الخوارزميات‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬على‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬جوانب‭ ‬الحياة،‭ ‬سيبقى‭ ‬الذكاء‭ ‬العاطفي‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الإنسان‮ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬التواصل،‭ ‬التفاعل،‭ ‬والتأثير‭. ‬فالذكاء‭ ‬العاطفي‭ ‬ليس‭ ‬مجرد‭ ‬مهارة،‭ ‬بل‭ ‬هو جوهر‭ ‬الإنسانية في‭ ‬عصر‭ ‬التقنية‭. ‬

التعلم‭ ‬مدى‭ ‬الحياة؛‭ ‬وهو‭ ‬فلسفة‭ ‬تربوية‭ ‬وإنسانية،‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬فكرة‭ ‬أن التعلم‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬عند‭ ‬سن‭ ‬معينة‭ ‬أو‭ ‬مرحلة‭ ‬تعليمية‭ ‬محددة،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬عملية‭ ‬مستمرة‭ ‬طوال‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان،‭ ‬تشمل‭ ‬كل‭ ‬جوانب‭ ‬الحياة‭: ‬المهنية،‭ ‬الشخصية،‭ ‬الثقافية،‭ ‬والروحية‭. ‬ففي‭ ‬المستقبل‭ ‬قد‭ ‬يصبح‭ ‬التعلم‭ ‬مدى‭ ‬الحياة‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬الهوية‭ ‬الشخصية،‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يُقاس‭ ‬التعليم‭ ‬بالشهادات‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬بمدى القدرة‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬التكيف،‭ ‬الفضول،‭ ‬والانفتاح‭ ‬على‭ ‬المعرفة‭.‬

المرونة؛‭ ‬المرونة‭ ‬في‭ ‬المستقبل لم‭ ‬تعد‭ ‬مجرد‭ ‬مهارة‭ ‬مهنية،‭ ‬بل‭ ‬أصبحت قيمة‭ ‬وجودية تساعد‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬عالم‭ ‬متغير‭ ‬باستمرار،‭ ‬وهي‭ ‬قدرة‭ ‬الفرد‭ ‬أو‭ ‬المجتمع‭ ‬أو‭ ‬النظام‭ ‬على التكيف‭ ‬السريع‭ ‬والفعّال‭ ‬مع‭ ‬التغيرات‭ ‬غير‭ ‬المتوقعة،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬تكنولوجية،‭ ‬اجتماعية،‭ ‬بيئية،‭ ‬أو‭ ‬نفسية،‭ ‬دون‭ ‬فقدان‭ ‬التوازن‭ ‬أو‭ ‬الهوية‭.‬

التفكير‭ ‬الإبداعي؛‭ ‬هو‭ ‬القدرة‭ ‬على إنتاج‭ ‬أفكار‭ ‬جديدة،‭ ‬غير‭ ‬تقليدية،‭ ‬ومبتكرة لحل‭ ‬المشكلات‭ ‬أو‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬الذات‭ ‬أو‭ ‬تطوير‭ ‬المفاهيم،‭ ‬بطريقة‭ ‬تتجاوز‭ ‬الأنماط‭ ‬المعتادة‭ ‬أو‭ ‬المألوفة،‭ ‬فهو‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التفكير‭ ‬الذي‭ ‬يسمح‭ ‬للإنسان‭ ‬بتوليد‭ ‬حلول‭ ‬أو‭ ‬أفكار‭ ‬أو‭ ‬رؤى‭ ‬جديدة،‭ ‬من‭ ‬خلال الخيال،‭ ‬المرونة،‭ ‬والربط‭ ‬غير‭ ‬المتوقع‭ ‬بين‭ ‬عناصر‭ ‬مختلفة‭.‬

القيادة؛‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬المفاهيم‭ ‬المحورية‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬الإنساني‭ ‬والإداري،‭ ‬ويُقصد‭ ‬به القدرة‭ ‬على‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬الآخرين‭ ‬وتوجيههم‭ ‬نحو‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬مشتركة،‭ ‬بطريقة‭ ‬تحفّزهم‭ ‬وتلهمهم،‭ ‬وتُخرج‭ ‬أفضل‭ ‬ما‭ ‬لديهم،‭ ‬فهي‭ ‬عملية توجيه‭ ‬وتنسيق‭ ‬وتحفيز مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأفراد‭ ‬لتحقيق‭ ‬رؤية‭ ‬أو‭ ‬هدف،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التأثير‭ ‬الإيجابي،‭ ‬واتخاذ‭ ‬القرارات،‭ ‬وبناء‭ ‬الثقة‭.‬

التفكير‭ ‬المنظومي؛‭ ‬هو‭ ‬طريقة‭ ‬لفهم‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬رؤية العلاقات‭ ‬والترابطات‭ ‬بين‭ ‬الأجزاء‭ ‬المختلفة داخل‭ ‬نظام‭ ‬معين،‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬التركيز‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬جزء‭ ‬بشكل‭ ‬منفصل،‭ ‬وبهذا‭ ‬النمط‭ ‬من‭ ‬التفكير‭ ‬يُمكّن‭ ‬الإنسان‭ ‬من رؤية‭ ‬الصورة‭ ‬الكاملة،‭ ‬وفهم‭ ‬كيف‭ ‬تتفاعل‭ ‬العناصر‭ ‬المختلفة‭ ‬داخل‭ ‬نظام‭ ‬ما،‭ ‬سواء‭ ‬كنا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬القضايا‭ ‬البيئية،‭ ‬أو‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬أو‭ ‬الاقتصادية‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬القضايا،‭ ‬ليس‭ ‬ذلك‭ ‬فحسب‭ ‬وإنما‭ ‬كيف‭ ‬تؤثر‭ ‬هذه‭ ‬التفاعلات‭ ‬على‭ ‬النتائج‭ ‬والسلوك‭ ‬العام‭ ‬للنظام‭.‬

إدارة‭ ‬المواهب؛‭ ‬وهو‭ ‬أحد‭ ‬الركائز‭ ‬الأساسية‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬مؤسسات‭ ‬ناجحة‭ ‬ومستدامة،‭ ‬ويشير‭ ‬إلى الاستراتيجية‭ ‬الشاملة‭ ‬لاكتشاف،‭ ‬تطوير،‭ ‬تحفيز،‭ ‬والاحتفاظ‭ ‬بالأفراد‭ ‬ذوي‭ ‬القدرات‭ ‬العالية الذين‭ ‬يمكنهم‭ ‬تحقيق‭ ‬قيمة‭ ‬مضافة‭ ‬للمؤسسة،‭ ‬فهي‭ ‬عملية‭ ‬استراتيجية‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‮ ‬جذب‭ ‬الأشخاص‭ ‬الموهوبين،‭ ‬تطوير‭ ‬مهاراتهم،‭ ‬وتحفيزهم‭ ‬للبقاء‭ ‬والمساهمة‭ ‬بفعالية في‭ ‬تحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬المؤسسة‭.‬

ولكن‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬معلومًا‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬إدارة‭ ‬المواهب‭ ‬مجرد‭ ‬وظيفة‭ ‬للموارد‭ ‬البشرية‭ ‬أو‭ ‬جهة‭ ‬معينة،‭ ‬بل‭ ‬ستكون ثقافة‭ ‬مؤسسية‭ ‬مجتمعية،‭ ‬حيث‭ ‬يُنظر‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬إنسان‭ ‬على‭ ‬أنه استثمار‭ ‬استراتيجي،‭ ‬ويُعامل‭ ‬كشريك‭ ‬في‭ ‬النجاح‭.‬

الوعي‭ ‬التكنولوجي؛‭ ‬وهذه‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الوعي‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬قدرة‭ ‬الفرد‭ ‬أو‭ ‬المجتمع‭ ‬على فهم‭ ‬التكنولوجيا،‭ ‬استخدامها‭ ‬بذكاء،‭ ‬وتقييم‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬الشخصية‭ ‬والمهنية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬الإدراك‭ ‬الواعي‭ ‬للتكنولوجيا‭ ‬المحيطة‭ ‬بنا،‭ ‬من‭ ‬حيث وظائفها،‭ ‬مخاطرها،‭ ‬فرصها،‭ ‬وتأثيرها‭ ‬الأخلاقي‭ ‬والثقافي،‭ ‬مع‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬اتخاذ‭ ‬قرارات‭ ‬مستنيرة‭ ‬بشأن‭ ‬استخدامها‭.‬

في‭ ‬الختام‭ ‬يمكننا‭ ‬القول‭ ‬إن‭ ‬الفلسفة‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬هو‭ ‬الكائن‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬لا‭ ‬باعتباره‭ ‬زمنًا‭ ‬قادمًا‭ ‬فقط،‭ ‬بل‭ ‬باعتباره‭ ‬مشروعًا‭ ‬يمكن‭ ‬تشكيله،‭ ‬فالمستقبل‭ ‬لا‭ ‬يُبنى‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬المعطيات‭ ‬الواقعية،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬الخيال‭ ‬الذي‭ ‬يسبق‭ ‬الواقع،‭ ‬فالمستقبل‭ ‬هو‭ ‬نتيجة‭ ‬حتمية‭ ‬للتغير،‭ ‬ومن‭ ‬لا‭ ‬يتغير‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يلج‭ ‬للمستقبل،‭ ‬لذلك‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نبدأ‭ ‬منذ‭ ‬الآن‭ ‬وإلا‭ ‬سنحتاج‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬أنفسنا‭.‬

‭ ‬

Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا