في زمن تتسارع فيه وتيرة التحول الرقمي، يبرز تطبيق «بنفت» كنموذج وطني ناجح أحدث نقلة نوعية في أنماط الدفع الإلكتروني بالبحرين، لم يعد المواطن مضطراً الى حمل النقود أو الوقوف في طوابير طويلة أمام شبابيك البنوك أو مكاتب التحويل، إذ بات بإمكانه إتمام معاملاته المالية عبر الهاتف الذكي خلال ثوانٍ معدودة، سواء في تسديد الفواتير أو تحويل الأموال أو الدفع المباشر للتجار.
الأرقام وحدها كافية لتثبت حجم هذا التحول، فقد سجلت «بنفت» في النصف الأول من عام 2025 ما يقارب 242.7 مليون معاملة بقيمة وصلت إلى 18.2 مليار دينار بحريني لجميع خدمات التحويل، وهو رقم يعكس ثقة المجتمع في هذه المنصة وكفاءة بنيتها التحتية، هذه القفزة الرقمية لم تجعل الحياة أسهل للمواطنين فحسب، بل دعمت أيضاً الاقتصاد الوطني عبر تقليص الاعتماد على النقد وزيادة سرعة دوران الأموال في السوق.
تجربة «بنفت» تستحق أن تكون مصدر إلهام لدول مجلس التعاون الخليجي، تخيل لو تم تعميم التطبيق بفكرة موحدة تتيح للمواطن الخليجي الدفع والتحويل عبر شبكة إقليمية واحدة، عندها ستتجاوز الفوائد نطاق الراحة الفردية إلى تكامل اقتصادي حقيقي يعزز التجارة البينية ويقوي البنية التحتية المالية المشتركة، ومع مرور الوقت يمكن أن تتحول الفكرة إلى نموذج عالمي ينطلق من البحرين ليصل إلى أسواق أوسع، خاصة وأن العالم اليوم يبحث عن حلول دفع عابرة للحدود تجمع بين الأمان والسرعة والسهولة.
على المستوى العالمي، هناك تجارب مشابهة تؤكد أن الدفع الرقمي أصبح لغة مشتركة للعصر، ففي الصين، على سبيل المثال، تحول تطبيق WeChat Pay وAlipay إلى وسائل دفع أساسية يعتمد عليها مئات الملايين في حياتهم اليومية، من شراء القهوة حتى دفع فواتير المستشفيات.
وفي الهند، أحدث نظام UPI (واجهة المدفوعات الموحدة) ثورة مالية شاملة مكّنت ملايين المواطنين من الوصول إلى الخدمات المصرفية بسهولة غير مسبوقة، فهو يستخدم في التحويل الفوري للأموال بين الحسابات البنكية المختلفة، بالإضافة إلى الدفع في المتاجر التقليدية أو عبر الإنترنت باستخدام رمز QR أو رقم الهاتف، وفي 2023 مثلاً، نفذ الهنود عبر UPI أكثر من 100 مليار معاملة، مما جعله نموذجاً يحتذى عالمياً في الشمول المالي والتحول الرقمي.
هذه التجارب الدولية تظهر أن البحرين بخطوة «بنفت» تسير في الاتجاه الصحيح، بل وتضع نفسها في موقع متقدم إقليمياً، وما حققته «بنفت» حتى الآن يبرهن أن المستقبل للدفع الرقمي، وأن الاستثمار في التكنولوجيا المالية ليس ترفاً، بل ضرورة تفرضها متطلبات الحياة العصرية، وفرصة لتصدير نموذج بحريني ناجح إلى العالم.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك