العدد : ١٧٣١٨ - الجمعة ٢٢ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٨ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣١٨ - الجمعة ٢٢ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٨ صفر ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

نهاية «دولة حزب الله» في لبنان!

بقلم: فاروق يوسف {

الخميس ٢١ أغسطس ٢٠٢٥ - 02:00

انزعجت‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬قرار‭ ‬سيادي‭ ‬لبناني‭. ‬هل‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬الرئيس‭ ‬اللبناني‭ ‬جوزيف‭ ‬عون‭ ‬أن‭ ‬يعرض‭ ‬قرار‭ ‬حصر‭ ‬السلاح‭ ‬بيد‭ ‬الدولة‭ ‬على‭ ‬الولي‭ ‬الفقيه‭ ‬في‭ ‬طهران‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يصدره؟‭ ‬المسألة‭ ‬لبنانية‭ ‬وليست‭ ‬إيرانية‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬لبنان‭ ‬دولة‭ ‬ذات‭ ‬سيادة‭ ‬ولا‭ ‬تتمتع‭ ‬إيران‭ ‬بحق‭ ‬الوصاية‭ ‬عليه‭.‬

لذلك،‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬الدولة‭ ‬اللبنانية‭ ‬أن‭ ‬تفرض‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬تؤكد‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬سيادتها‭ ‬على‭ ‬أراضيه‭. ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬لإيران‭ ‬رأي‭ ‬آخر‭ ‬فتلك‭ ‬مشكلتها‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬ألاّ‭ ‬يدفع‭ ‬لبنان‭ ‬ثمنها‭. ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬اعترفت‭ ‬إيران‭ ‬بأن‭ ‬لها‭ ‬جيشا‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬لا‭ ‬يحق‭ ‬للحكومة‭ ‬اللبنانية‭ ‬أن‭ ‬تمسّه،‭ ‬فإن‭ ‬المسألة‭ ‬تأخذ‭ ‬حجما‭ ‬آخر‭ ‬يدخل‭ ‬في‭ ‬إطار،‭ ‬سيكون‭ ‬على‭ ‬لبنان‭ ‬باعتباره‭ ‬دولة‭ ‬مستقلة‭ ‬أن‭ ‬يكسره‭ ‬بالطرق‭ ‬التي‭ ‬تناسبه‭. ‬في‭ ‬مقدمة‭ ‬تلك‭ ‬الطرق‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬إنهاء‭ ‬ذلك‭ ‬الاحتلال‭ ‬بدءا‭ ‬من‭ ‬نزع‭ ‬السلاح‭ ‬الذي‭ ‬يمثله‭.‬

كان‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬الأسبق‭ ‬لحزب‭ ‬الله‭ ‬حسن‭ ‬نصرالله‭ ‬يصف‭ ‬نفسه‭ ‬بأنه‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬جنود‭ ‬الولي‭ ‬الفقيه‭. ‬بمعنى‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬جنديا‭ ‬إيرانيا‭. ‬يصح‭ ‬ذلك‭ ‬الوصف‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬أفراد‭ ‬المليشيا‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬نصرالله‭ ‬يقودها‭. ‬وبالعودة‭ ‬إلى‭ ‬تصريحات‭ ‬نصرالله‭ ‬فإن‭ ‬إيران‭ ‬كانت‭ (‬ولا‭ ‬تزال‭) ‬تمول‭ ‬تلك‭ ‬المليشيا‭ ‬بالمال‭ ‬والسلاح‭. ‬الآن‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تغير‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬صار‭ ‬بإمكان‭ ‬حكومته‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬الأمور‭ ‬إلى‭ ‬سويّتها‭ ‬وبالطرق‭ ‬القانونية‭. ‬فليس‭ ‬صحيحا‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬أن‭ ‬تلاحق‭ ‬العدالة‭ ‬عملاء‭ ‬إسرائيل‭ ‬فيما‭ ‬يُترك‭ ‬أتباع‭ ‬إيران‭ ‬طلقاء،‭ ‬يتجولون‭ ‬بسلاحهم‭ ‬ويهددون‭ ‬أمن‭ ‬وسلامة‭ ‬الشعب‭ ‬اللبناني‭ ‬الذي‭ ‬دفع‭ ‬باهظا‭ ‬ثمن‭ ‬مغامراتهم‭ ‬حين‭ ‬جروه‭ ‬عبر‭ ‬السنتين‭ ‬الماضيتين‭ ‬إلى‭ ‬حرب‭ ‬هي‭ ‬ليست‭ ‬حربه،‭ ‬ضاربين‭ ‬عرض‭ ‬الحائط‭ ‬مصالح‭ ‬لبنان‭ ‬وشعبه‭. ‬لم‭ ‬تصل‭ ‬الدولة‭ ‬اللبنانية‭ ‬إلى‭ ‬مرحلة‭ ‬مطاردة‭ ‬أعضاء‭ ‬مليشيا‭ ‬حزب‭ ‬الله‭ ‬بتهم‭ ‬الخيانة‭ ‬والعمالة‭ ‬والتخابر‭ ‬مع‭ ‬دولة‭ ‬أجنبية‭. ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬يتمنى‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬الأمور‭ ‬إلى‭ ‬تلك‭ ‬الدرجة‭ ‬الحرجة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تخون‭ ‬الواقع‭ ‬لأن‭ ‬الواقع‭ ‬اللبناني‭ ‬كان‭ ‬دائما‭ ‬ملغوما‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬السلم‭ ‬الأهلي‭ ‬إلا‭ ‬مناسبة‭ ‬لتمرير‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬أفقدت‭ ‬القانون‭ ‬هيبته‭. ‬

اليوم‭ ‬تسعى‭ ‬الدولة‭ ‬اللبنانية‭ ‬إلى‭ ‬كسر‭ ‬ذلك‭ ‬الخطاب‭ ‬الطائفي‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬الاستقواء‭ ‬بالسلاح‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقع‭ ‬تحت‭ ‬سيطرتها‭. ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬حملة‭ ‬ذلك‭ ‬السلاح‭ ‬فإن‭ ‬ذلك‭ ‬القرار‭ ‬يعني‭ ‬إنهاء‭ ‬دولتهم‭. ‬ومن‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬صعبا‭ ‬عليهم‭.‬

ذلك‭ ‬ما‭ ‬يجب‭ ‬التعامل‭ ‬معه‭ ‬بحذر‭. ‬وكما‭ ‬أتوقع‭ ‬فإن‭ ‬زعيم‭ ‬الحزب‭ ‬الحالي‭ ‬نعيم‭ ‬قاسم‭ ‬الذي‭ ‬رفض‭ ‬الاستجابة‭ ‬الفورية‭ ‬لقرار‭ ‬الدولة‭ ‬هو‭ ‬الأكثر‭ ‬دراية‭ ‬بأن‭ ‬دولة‭ ‬حزبه‭ ‬قد‭ ‬انتهى‭ ‬زمنها‭ ‬ومَن‭ ‬يقرأ‭ ‬خطاباته‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬خاضعة‭ ‬للرقيب‭ ‬الإيراني‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يكتشف‭ ‬بين‭ ‬سطورها‭ ‬رغبة‭ ‬في‭ ‬التفاهم‭ ‬عند‭ ‬الحدود‭ ‬الدنيا‭. ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬يُشير‭ ‬إلى‭ ‬بدء‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭.‬

وللإنصاف‭ ‬فإن‭ ‬موافقة‭ ‬الدولة‭ ‬اللبنانية‭ ‬على‭ ‬احتكار‭ ‬الدولة‭ ‬للسلاح‭ ‬ليست‭ ‬خضوعا‭ ‬لضغوط‭ ‬خارجية‭ ‬فهناك‭ ‬قرارات‭ ‬دولية،‭ ‬كلها‭ ‬لمصلحة‭ ‬لبنان‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬المقبول‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬دولة‭ ‬داخل‭ ‬الدولة‭. ‬كان‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬الله‮»‬‭ ‬دولة‭ ‬همشت‭ ‬الدولة‭ ‬اللبنانية‭. ‬وليس‭ ‬من‭ ‬المقبول‭ ‬أيضا‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬استبعاد‭ ‬الجيش‭ ‬اللبناني‭ ‬عن‭ ‬حدود‭ ‬الدولة‭ ‬ليحل‭ ‬محله‭ ‬جيش‭ ‬إيراني‭ ‬بحجة‭ ‬المقاومة‭. ‬

كما‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬أيّ‭ ‬جهة‭ ‬أن‭ ‬تسلب‭ ‬الدولة‭ ‬حقها‭ ‬في‭ ‬إعلان‭ ‬الحرب‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬غير‭ ‬مرة‭ ‬مع‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬الله‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬تبين‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬الأخيرة‭ ‬أن‭ ‬هلاكه‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬ليحدث‭ ‬لولا‭ ‬أنه‭ ‬خضع‭ ‬لأوامر‭ ‬إيرانية‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬احتكمت‭ ‬إلى‭ ‬أخطاء‭ ‬في‭ ‬التقديرات‭ ‬التي‭ ‬سببت‭ ‬سيلا‭ ‬من‭ ‬الكوارث‭. ‬أخطاء‭ ‬الحزب‭ ‬في‭ ‬حربه‭ ‬الأخيرة‭ ‬هي‭ ‬أخطاء‭ ‬إيرانية‭. ‬وعلى‭ ‬العموم‭ ‬فقد‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬أن‭ ‬يتخلص‭ ‬لبنان‭ ‬من‭ ‬العبء‭ ‬الإيراني‭. ‬لتذهب‭ ‬إيران‭ ‬بأخطائها‭ ‬لمواجهة‭ ‬نتائج‭ ‬سياساتها‭. ‬فلكي‭ ‬يستمر‭ ‬لبنان‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬صار‭ ‬عليه‭ ‬أن‭ ‬يتحرر‭ ‬من‭ ‬إملاءات‭ ‬التوجيهات‭ ‬الإيرانية‭.‬

ما‭ ‬من‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬الدولة‭ ‬اللبنانية‭ ‬الداعي‭ ‬إلى‭ ‬حصر‭ ‬السلاح‭ ‬بيد‭ ‬الدولة‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬إيران‭. ‬من‭ ‬حق‭ ‬الدولة‭ ‬اللبنانية‭ ‬أن‭ ‬تبسط‭ ‬سيطرتها‭ ‬على‭ ‬أراضيها‭. ‬من‭ ‬حقها‭ ‬أن‭ ‬تطلب‭ ‬ممَّن‭ ‬يملكون‭ ‬سلاحا‭ ‬غير‭ ‬مرخص‭ ‬أن‭ ‬يسلموه‭ ‬لها‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬حقها‭ ‬أن‭ ‬تنشر‭ ‬جيشها‭ ‬على‭ ‬حدودها‭. ‬وعلى‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر‭ ‬فقد‭ ‬صار‭ ‬على‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬الله‮»‬‭ ‬أن‭ ‬يفهم‭ ‬أن‭ ‬زمنه‭ ‬انتهى‭. ‬زمن‭ ‬الوصاية‭ ‬الإيرانية‭ ‬انتهى‭. ‬لقد‭ ‬انتهى‭ ‬زمن‭ ‬دولته‭ ‬التي‭ ‬همشت‭ ‬الدولة‭ ‬اللبنانية‭ ‬المعترف‭ ‬بها‭ ‬دوليا‭. ‬لبنان‭ ‬اليوم‭ ‬ليس‭ ‬جبهة‭ ‬إيرانية‭. ‬

 

{‭ ‬كاتب‭ ‬عراقي

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا