العدد : ١٧٣١٤ - الاثنين ١٨ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣١٤ - الاثنين ١٨ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ صفر ١٤٤٧هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

العرب ومخطط «إسرائيل الكبرى»

عديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإسلامية،‭ ‬وكذلك‭ ‬الجامعة‭ ‬العربية‭ ‬ومنظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الإسلامي،‭ ‬أصدرت‭ ‬بيانات‭ ‬تدين‭ ‬فيها‭ ‬بأشد‭ ‬العبارات‭ ‬التصريحات‭ ‬التي‭ ‬أدلى‭ ‬بها‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬نتنياهو‭ ‬وتحدث‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‮»‬‭ ‬وكيف‭ ‬أنها‭ ‬بالنسبة‭ ‬له‭ ‬مهمة‭ ‬تاريخية‭ ‬دينية‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬تحقيقها‭.‬

بيانات‭ ‬الإدانة‭ ‬أجمعت‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تصريحات‭ ‬نتنياهو‭ ‬تهديد‭ ‬لسيادة‭ ‬دول‭ ‬عربية،‭ ‬وللأمن‭ ‬القومي‭ ‬العربي،‭ ‬وتعتبر‭ ‬تحديا‭ ‬سافرا‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي‭ ‬ومبادئ‭ ‬الشرعية‭ ‬الدولية،‭ ‬وأنها‭ ‬تعكس‭ ‬نوايا‭ ‬توسعية‭ ‬وعدوانية‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬القبول‭ ‬بها‭.‬

لا‭ ‬بأس‭ ‬من‭ ‬إدانة‭ ‬تصريحات‭ ‬نتنياهو‭ ‬والتنديد‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬رد‭ ‬الفعل‭ ‬العربي‭ ‬كما‭ ‬عبرت‭ ‬عنه‭ ‬هذه‭ ‬البيانات‭ ‬يثير‭ ‬الاستغراب‭ ‬والدهشة‭.‬

كأن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬فوجئت‭ ‬بأن‭ ‬نتنياهو‭ ‬لديه‭ ‬نوايا‭ ‬عدوانية‭ ‬توسعية‭.. ‬كأنه‭ ‬تحدث‭ ‬عن‭ ‬أمر‭ ‬جديد‭ ‬لم‭ ‬نكن‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬به‭.. ‬كأننا‭ ‬لا‭ ‬نعلم‭ ‬شيئا‭ ‬عن‭ ‬المخططات‭ ‬الصهيونية‭ ‬والخطر‭ ‬الصهيوني‭.‬

منذ‭ ‬أن‭ ‬كنا‭ ‬أطفالا‭ ‬صغارا‭ ‬في‭ ‬المدارس‭ ‬ونحن‭ ‬نعرف‭ ‬بشعار‭ ‬حلم‭ ‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‭ ‬من‭ ‬الفرات‭ ‬إلى‭ ‬النيل،‭ ‬وكيف‭ ‬أنهم‭ ‬يريدون‭ ‬الهيمنة‭ ‬على‭ ‬مقدرات‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭.‬

والأمر‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬على‭ ‬مجرد‭ ‬شعار‭ ‬أو‭ ‬أحلام‭ ‬صهيونية‭ ‬كما‭ ‬يسميها‭ ‬البعض‭. ‬هناك‭ ‬مخططات‭ ‬معلنة‭ ‬ومنشورة‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬لكيفية‭ ‬تنفيذ‭ ‬مخطط‭ ‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‭. ‬بعضها‭ ‬مثلا‭ ‬وضع‭ ‬تصورات‭ ‬لاستغلال‭ ‬الأقليات‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬وتقسيمها‭ ‬كمنطلق‭ ‬لتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬الصهيونية‭ ‬وتفاصل‭ ‬كثيرة‭ ‬أخرى‭.‬

أعني‭ ‬أننا‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬نعلم‭ ‬ومنذ‭ ‬قيام‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬بأن‭ ‬لديه‭ ‬مخططات‭ ‬صهيونية‭ ‬لا‭ ‬تقف‭ ‬عند‭ ‬حدود‭ ‬فلسطين‭ ‬وإنما‭ ‬تمتد‭ ‬إلى‭ ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬ما‭ ‬يطلقون‭ ‬عليه‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‮»‬‭.‬

ولماذا‭ ‬نذهب‭ ‬بعيدا‭. ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬اليوم‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬العربية‭ ‬منذ‭ ‬بدأت‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬غزة‭ ‬يعتبر‭ ‬بالنسبة‭ ‬للإسرائيليين‭ ‬خطوة‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭. ‬أي‭ ‬أن‭ ‬إبادة‭ ‬غزة‭ ‬وما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬خطوات‭ ‬عدوانية‭ ‬مثل‭ ‬احتلال‭ ‬أجزاء‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬سوريا‭ ‬تحت‭ ‬زعم‭ ‬حماية‭ ‬الأقليات،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬العدوان‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬على‭ ‬لبنان‭ ‬وعلى‭ ‬اليمن‭ ‬والتهديد‭ ‬بأن‭ ‬يفرضوا‭ ‬بالقوة‭ ‬والإرهاب‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬دولة‭ ‬عربية‭ ‬ما‭ ‬يشاؤون‭.. ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليهم‭ ‬خطوة‭ ‬على‭ ‬طريق‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‮»‬‭.‬

نريد‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬مخطط‭ ‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‭ ‬الكل‭ ‬يعلم‭ ‬به‭ ‬وبتفاصيله‭ ‬منذ‭ ‬زمن‭ ‬بعيد‭. ‬الأمر‭ ‬الآخر‭ ‬أنهم‭ ‬في‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬يعتبرون‭ ‬أن‭ ‬الظروف‭ ‬الحالية‭ ‬مهيأة‭ ‬للمضي‭ ‬قدما‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬المخطط‭. ‬

لا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬البيانات‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬بإدانة‭ ‬تصريحات‭ ‬نتنياهو‭ ‬وهذا‭ ‬المخطط‭ ‬لا‭ ‬معنى‭ ‬لها،‭ ‬فمن‭ ‬المهم‭ ‬على‭ ‬أي‭ ‬حال‭ ‬تسجيل‭ ‬هذا‭ ‬الموقف‭.‬

لكن‭ ‬الأهم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الإدانة‭ ‬أمران‭:‬

الأمر‭ ‬الأول‭: ‬أن‭ ‬نسأل‭ ‬أنفسنا‭: ‬لماذا‭ ‬يتحدث‭ ‬نتنياهو‭ ‬اليوم‭ ‬بكل‭ ‬هذا‭ ‬السفور‭ ‬عن‭ ‬إسرائيل‭ ‬الكبرى؟‭.. ‬ماذا‭ ‬يريد‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬دفعه‭ ‬لذلك؟‭.‬

الجواب‭ ‬بسيط‭. ‬الذي‭ ‬شجع‭ ‬نتنياهو‭ ‬على‭ ‬الإدلاء‭ ‬بهذه‭ ‬التصريحات‭ ‬هو‭ ‬العجز‭ ‬العربي‭ ‬والعالمي‭ ‬الكامل‭ ‬عن‭ ‬وقف‭ ‬حرب‭ ‬إبادة‭ ‬غزة‭ ‬رغم‭ ‬كل‭ ‬الجرائم‭ ‬الوحشية‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭. ‬نتنياهو‭ ‬أباد‭ ‬غزة‭ ‬بالكامل‭ ‬وما‭ ‬زال‭ ‬يخطط‭ ‬لتهجير‭ ‬الفلسطينيين‭. ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬أحد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬استطاع‭ ‬أن‭ ‬يردعه‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬يطبق‭ ‬عليه‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭. ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬شجعه‭ ‬على‭ ‬التفكير‭ ‬بمنطق‭ ‬أنه‭ ‬والمجرمين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬مطلقي‭ ‬السراح‭ ‬يستطيعون‭ ‬أن‭ ‬يفعلوا‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬يريدون‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية،‭ ‬وعلى‭ ‬اعتبار‭ ‬أن‭ ‬إبادة‭ ‬غزة‭ ‬مقدمة‭ ‬للتقدم‭ ‬خطوات‭ ‬أخرى‭ ‬نحو‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‮»‬‭.‬

بالطبع‭ ‬تعمد‭ ‬نتنياهو‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭. ‬هو‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬منه‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الإرهاب‭ ‬السياسي‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭.‬

الأمر‭ ‬الثاني‭: ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬همها‭ ‬الأساسي‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬كيفية‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭ ‬الصهيوني‭.‬

ذكرت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مرة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬الخطر‭ ‬الذي‭ ‬تواجهه‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬هو‭ ‬خطر‭ ‬وجودي‭ ‬بمعنى‭ ‬الكلمة‭. ‬دول‭ ‬عربية‭ ‬ضاعت‭ ‬ودول‭ ‬عربية‭ ‬مهددة‭ ‬بالضياع‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بسبب‭ ‬الخطر‭ ‬الصهيوني‭ ‬وإنما‭ ‬بسبب‭ ‬كل‭ ‬التطورات‭ ‬الخطيرة‭ ‬التي‭ ‬تشهدها‭ ‬المنطقة‭.‬

الدول‭ ‬العربية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تنشغل‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الإدانات‭ ‬بصياغة‭ ‬استراتيجية‭ ‬عربية‭ ‬جماعية‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬الوجود‭ ‬العربي‭.‬

وأخطر‭ ‬ما‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬اليوم‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬تستخف‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬بمخطط‭ ‬إسرائيل‭ ‬الكبرى‭ ‬والمخططات‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬الوجود‭ ‬العربي‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا