يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
العرب ومخطط «إسرائيل الكبرى»
عديد من الدول العربية والإسلامية، وكذلك الجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، أصدرت بيانات تدين فيها بأشد العبارات التصريحات التي أدلى بها رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي نتنياهو وتحدث فيها عن «إسرائيل الكبرى» وكيف أنها بالنسبة له مهمة تاريخية دينية يسعى إلى تحقيقها.
بيانات الإدانة أجمعت على أن تصريحات نتنياهو تهديد لسيادة دول عربية، وللأمن القومي العربي، وتعتبر تحديا سافرا للقانون الدولي ومبادئ الشرعية الدولية، وأنها تعكس نوايا توسعية وعدوانية لا يمكن القبول بها.
لا بأس من إدانة تصريحات نتنياهو والتنديد بها على هذا النحو. ومع ذلك فإن رد الفعل العربي كما عبرت عنه هذه البيانات يثير الاستغراب والدهشة.
كأن الدول العربية فوجئت بأن نتنياهو لديه نوايا عدوانية توسعية.. كأنه تحدث عن أمر جديد لم نكن على علم به.. كأننا لا نعلم شيئا عن المخططات الصهيونية والخطر الصهيوني.
منذ أن كنا أطفالا صغارا في المدارس ونحن نعرف بشعار حلم إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل، وكيف أنهم يريدون الهيمنة على مقدرات المنطقة العربية.
والأمر لا يقتصر على مجرد شعار أو أحلام صهيونية كما يسميها البعض. هناك مخططات معلنة ومنشورة منذ عقود لكيفية تنفيذ مخطط إسرائيل الكبرى. بعضها مثلا وضع تصورات لاستغلال الأقليات في الدول العربية وتقسيمها كمنطلق لتحقيق الأهداف الصهيونية وتفاصل كثيرة أخرى.
أعني أننا في الوطن العربي نعلم ومنذ قيام الكيان الإسرائيلي بأن لديه مخططات صهيونية لا تقف عند حدود فلسطين وإنما تمتد إلى دول عربية أخرى في إطار ما يطلقون عليه «إسرائيل الكبرى».
ولماذا نذهب بعيدا. ما يجري اليوم على الساحة العربية منذ بدأت حرب إبادة غزة يعتبر بالنسبة للإسرائيليين خطوة على طريق هذا المخطط. أي أن إبادة غزة وما قامت به إسرائيل من خطوات عدوانية مثل احتلال أجزاء واسعة من سوريا تحت زعم حماية الأقليات، بالإضافة إلى العدوان الذي لا يتوقف على لبنان وعلى اليمن والتهديد بأن يفرضوا بالقوة والإرهاب على أي دولة عربية ما يشاؤون.. كل هذا بالنسبة إليهم خطوة على طريق «إسرائيل الكبرى».
نريد أن نقول إن مخطط إسرائيل الكبرى الكل يعلم به وبتفاصيله منذ زمن بعيد. الأمر الآخر أنهم في الكيان الإسرائيلي يعتبرون أن الظروف الحالية مهيأة للمضي قدما في تنفيذ المخطط.
لا نريد أن نقول إن البيانات العربية التي صدرت بإدانة تصريحات نتنياهو وهذا المخطط لا معنى لها، فمن المهم على أي حال تسجيل هذا الموقف.
لكن الأهم من هذه الإدانة أمران:
الأمر الأول: أن نسأل أنفسنا: لماذا يتحدث نتنياهو اليوم بكل هذا السفور عن إسرائيل الكبرى؟.. ماذا يريد وما الذي دفعه لذلك؟.
الجواب بسيط. الذي شجع نتنياهو على الإدلاء بهذه التصريحات هو العجز العربي والعالمي الكامل عن وقف حرب إبادة غزة رغم كل الجرائم الوحشية التي يرتكبها. نتنياهو أباد غزة بالكامل وما زال يخطط لتهجير الفلسطينيين. ومع ذلك لا أحد في العالم استطاع أن يردعه أو أن يطبق عليه القانون الدولي. هذا الوضع شجعه على التفكير بمنطق أنه والمجرمين الإسرائيليين مطلقي السراح يستطيعون أن يفعلوا أي شيء يريدون في المنطقة العربية، وعلى اعتبار أن إبادة غزة مقدمة للتقدم خطوات أخرى نحو «إسرائيل الكبرى».
بالطبع تعمد نتنياهو الحديث عن هذا المخطط. هو في جانب منه نوع من الإرهاب السياسي للدول العربية.
الأمر الثاني: أن الدول العربية يجب أن يكون همها الأساسي اليوم هو كيفية مواجهة هذا المخطط الصهيوني.
ذكرت أكثر من مرة من قبل أن الخطر الذي تواجهه الدول العربية هو خطر وجودي بمعنى الكلمة. دول عربية ضاعت ودول عربية مهددة بالضياع ليس فقط بسبب الخطر الصهيوني وإنما بسبب كل التطورات الخطيرة التي تشهدها المنطقة.
الدول العربية يجب أن تنشغل بعيدا عن الإدانات بصياغة استراتيجية عربية جماعية للحفاظ على الوجود العربي.
وأخطر ما يمكن أن يحدث اليوم هو أن تستخف الدول العربية بمخطط إسرائيل الكبرى والمخططات الأخرى التي تهدد الوجود العربي.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك