احتضنت العاصمة الأردنية عمّان الاجتماع الثلاثي الذي جمع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الأردني أمين الصفدي ووزير الخارجية السوري أسعد الشيباني والمبعوث الأمريكي إلى سوريا سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى تركيا توم براك هذا الاجتماع الذي يعد استكمالا لاجتماع شهر يوليو الماضي وإعلان وقف إطلاق النار بعد الاشتباكات الدامية التي وقعت بين مجموعة درزية وعشائر بدوية وأسفرت عن سقوط مئات الجرحى وتجاوزات أمنية رغم التوقيع على اتفاقيات لتهدئة الوضع التي أعلنتها الحكومة السورية في منطقة السويداء.
الاجتماع انتهى بالاتفاق على تشكيل مجموعة عمل من الدول الثلاث ترمي إلى دعم جهود القيادة السورية إلى وقف إطلاق النار في محافظة السويداء كمقدمة للوصول إلى حل نهائي ودائم ينهي الأزمة التي هددت الأمن والاستقرار في عموم سوريا وكشف عن هشاشة النظام الأمني في البلاد رغم مرور أكثر من ستة أشهر على سقوط نظام بشار الأسد.
على الرغم من أهمية الاتفاق الذي تم خلال اجتماع عمان بتشكيل مجموعة عمل لدعم جهود القيادة السورية في وقف إطلاق النار، فإننا نعتقد بأنه غير كافٍ لمساعدة القطر السوري الشقيق على تجاوز الصعوبات الكثيرة التي يعاني منها نتيجة التركة الثقيلة التي ورثها من النظام السابق بعد 14 سنة من حالة عدم الاستقرار والفوضى التي عاشتها سوريا أدت إلى تراجع الإنتاج والاقتصاد وانهيار العملة السورية الليرة وانقطاع الكهرباء والماء وعدم توافر الخدمات الأساسية وتخريب البنية التحتية وغياب الاستثمارات العربية والأجنبية، ولذلك سوريا اليوم في حاجة ماسة إلى مشروع مارشال عربي عالمي يتضمن مشروعا متكاملا لدعم ومساندة القيادة السورية على التعامل مع التحديات التي تواجهها السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والاستثمارية ليكون خريطة طريق لبناء سوريا الجديدة وإصلاح ما دمرته وخربته 14 سنة من الخلاف والصراع والفوضى التي أصابت مختلف جوانب الحياة في هذا البلد العربي الشقيق من مؤسسات اقتصادية وصناعية وانتاجية، فالتحديات التي تواجهها سوريا اليوم كثيرة لا يمكن أن تتجاوزها لوحدها بدون دعم ومساندة عربية وعالمية، فلا تزال حقول النفط في دير الزور على سبيل المثال التي تنتج 50 ألف برميل يوميا خارج سيطرة الدولة السورية وتراجع الناتج القومي إلى أدنى مستوياته ولا تزال بعض القطاعات تحت سيطرة فلول النظام السابق، وهناك حاجة ماسة إلى النهوض بقطاع الزراعة بعد التراجع الكبير الذي شهده هذا القطاع بسبب حالة عدم الاستقرار التي عاشتها سوريا.
كما تعاني سوريا اليوم من ارتفاع حاد في نسبة البطالة وزيادة معدلات الفقر فأكثر من 67% من سكان سوريا يعيشون تحت خط الفقر ولا تزال نسبة كبيرة من المواطنين السوريين يعتمدون على المساعدات الخارجية.
إذن مشكلة سوريا ليست فقط في الخلافات والمواجهات بين مختلف مكونات الشعب السوري فهذه المواجهات ما هي إلا جزء من المشكلات المتعددة التي تواجهها سوريا اليوم وتشمل مشكلات اقتصادية وسياسية وأمنية واجتماعية كما أسلفنا، فالمطلوب هو مساعدة سوريا ودعمها لتجاوز كل هذه التحديات لبناء سوريا الجديدة سوريا ما بعد نظام بشار الأسد سوريا الديمقراطية التي يتمتع فيها المواطن السوري بكامل حقوقه السياسية والاجتماعية ونعتقد أن دخول الاستثمارات السعودية والقطرية والتركية إلى سوريا سوف يسهم في النهوض بالاقتصاد السوري ودعم القيادة السورية الجديدة لتجاوز التحديات التي تواجهها.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك