العدد : ١٧٣١٣ - الأحد ١٧ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٣ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣١٣ - الأحد ١٧ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٣ صفر ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

نتنياهو وتطبيق السياسات الميكافيلية في أبشع ممارساتها

بقلم: د. زكريا الخنجي

الأحد ١٧ أغسطس ٢٠٢٥ - 02:00

يُعرف‭ ‬أن‭ (‬نيكولو‭ ‬دي‭ ‬برناردو‭ ‬دي‭ ‬ميكافيلي‭) ‬كان مفكرًا‭ ‬وفيلسوفًا‭ ‬سياسيًا‭ ‬إيطاليًّا‭ ‬إبان عصر‭ ‬النهضة‭. ‬وقد‭ ‬أصبح‭ ‬مكيافيلي‭ ‬الشخصية‭ ‬الرئيسية‭ ‬والمؤسس‭ ‬للتنظير‭ ‬السياسي‭ ‬الواقعي،‭ ‬الذي‭ ‬أصبحت‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬عصب‭ ‬دراسات العلم‭ ‬السياسي،‭ ‬ومن‭ ‬أشهر‭ ‬كتبه‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬كتاب‭ (‬الأمير‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬عملاً‭ ‬هدف‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يكتب‭ ‬نصائح لـلحاكم،‭ ‬نُشرَ‭ ‬الكتاب‭ ‬بعد‭ ‬موته،‭ ‬وأيد‭ ‬فيه‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مفيد‭ ‬فهو‭ ‬ضروري،‭ ‬والتي‭ ‬كان‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬صورة‭ ‬مبكرة للنفعية والواقعية‭ ‬السياسية،‭ ‬ولقد‭ ‬فُصلت‭ ‬نظريات‭ ‬ميكافيلي‭ ‬في‮ ‬القرن‭ ‬العشرين‭.‬

ملخص‭ ‬الكتاب؛‭ ‬

يمكن‭ ‬تلخيص‭ ‬الكتاب‭ ‬في‭ ‬الأمور‭ ‬الآتية‭:‬

1‭. ‬الغاية‭ ‬تبرر‭ ‬الوسيلة؛‭ ‬الميكافيلية‭ ‬تُختصر‭ ‬غالبًا‭ ‬بهذه‭ ‬العبارة،‭ ‬حيث‭ ‬يرى‭ ‬ميكافيلي‭ ‬أن‭ ‬الحاكم‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يفعل‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يلزم‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬سلطته،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تطلب‭ ‬الأمر‭ ‬استخدام‭ ‬كافة‭ ‬أنواع‭ ‬الخداع‭ ‬أو‭ ‬العنف‭ ‬بأي‭ ‬صورة‭ ‬أو‭ ‬نوع،‭ ‬وحتى‭ ‬العنف‭ ‬غير‭ ‬المبرر‭.‬

2‭. ‬أنواع‭ ‬الحكم؛‭ ‬يميز‭ ‬بين الأنظمة‭ ‬الوراثية والأنظمة‭ ‬الجديدة،‭ ‬إذ‭ ‬يشرح‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬جديد‭ ‬أصعب‭ ‬وتتطلب‭ ‬حنكة‭ ‬سياسية‭. ‬ويشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬الشعوب‭ ‬المعتادة‭ ‬على‭ ‬الحرية‭ ‬تتطلب‭ ‬إما‭ ‬تدميرها‭ ‬وإما‭ ‬التعايش‭ ‬معها‭.‬

3‭. ‬صفات‭ ‬الأمير‭ ‬الناجح؛‭ ‬يقول‭ ‬كتاب‭ ‬الأمير‭ ‬ان‭ ‬الأمير‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون ذكيًا،‭ ‬حازمًا،‭ ‬مرنًا،‭ ‬ومن‭ ‬الأفضل‭ ‬أن‭ ‬يُخاف‭ ‬الأمير‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يُحب،‭ ‬لأن‭ ‬الخوف‭ ‬أكثر‭ ‬استقرارًا‭ ‬للحكم‭ ‬من‭ ‬الحب،‭ ‬وكذلك‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يبدو‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬يمثل‭ ‬الأمير العدل‭ ‬والتدين،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬كذلك‭. ‬

4‭. ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬والخداع؛‭ ‬يشبّه‭ ‬ميكافيلي‭ ‬الأمير‭ ‬بـ‭(‬الأسد‭ ‬والثعلب‭)‬،‭ ‬فالأسد‭ ‬للقوة،‭ ‬والثعلب‭ ‬للمكر،‭ ‬ويرى‭ ‬أن‭ ‬الأخلاق‭ ‬التقليدية‭ ‬لا‭ ‬تنطبق‭ ‬على‭ ‬السياسة،‭ ‬فالحاكم‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتصرف‭ ‬وفقًا‭ ‬لما‭ ‬يخدم‭ ‬به‭ ‬نفسه‭.‬

5‭. ‬الدين‭ ‬كأداة‭ ‬سياسية؛‭ ‬يرى‭ ‬ميكافيلي‭ ‬أن‭ ‬الدين‭ ‬يمكن‭ ‬استخدامه‭ ‬لتثبيت‭ ‬الحكم،‭ ‬وليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الحاكم‭ ‬مؤمنًا‭ ‬حقيقيًا‭.‬

يُعد‭ ‬كتاب‭ ‬الأمير‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الأعمال‭ ‬في‭ ‬الفكر‭ ‬السياسي‭ ‬الغربي،‭ ‬ويُنظر‭ ‬إليه‭ ‬كدليل‭ ‬عملي‭ ‬للحاكم‭ ‬حول‭ ‬كيفية‭ ‬اكتساب‭ ‬السلطة‭ ‬والحفاظ‭ ‬عليها،‭ ‬فهو‭ ‬أول‭ ‬نص‭ ‬سياسي‭ ‬يفصل‭ ‬بين الأخلاق‭ ‬والسياسة‭ ‬أو‭ ‬الدين‭ ‬والسياسة‭.‬

بعد‭ ‬أن‭ ‬أخذنا‭ ‬فكرة‭ ‬عن‭ ‬كتاب‭ ‬الأمير،‭ ‬نجد‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬ونحن‭ ‬نعيش‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع‭ ‬التي‭ ‬يعيشها‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬أن‭ ‬نسأل‭ ‬هذا‭ ‬السؤال؛‭ ‬ما‭ ‬علاقة‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬المبادئ‭ ‬التي‭ ‬وردت‭ ‬في‭ ‬الكتاب‭ ‬وبين‭ ‬فكر‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬أو‭ ‬السلطة‭ ‬الاستعمارية‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة؟

نتنياهو‭ ‬والسياسة‭ ‬الميكافيلية

من‭ ‬خلال‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الدراسات‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بتحليل‭ ‬فكر‭ ‬رئيس‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬وجدنا‭ ‬الآتي،‭ ‬أن‭ ‬نتنياهو‭ ‬يُظهر‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الصفات‭ ‬التي‭ ‬تتماشى‭ ‬مع‭ ‬فلسفة‭ ‬ميكافيلي،‭ ‬وهي‭ ‬كالآتي‭: ‬

1‭. ‬التمسك‭ ‬بالسلطة‭ ‬بأي‭ ‬ثمن؛‭ ‬أشارت‭ ‬التحاليل‭ ‬الإخبارية‭ ‬أن‭ ‬نتنياهو‭ ‬يسعى‭ ‬للبقاء‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تطلب‭ ‬الأمر‭ ‬تحالفات‭ ‬مع‭ ‬قوى‭ ‬يمينية‭ ‬متطرفة،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬مع‭ ‬بن‭ ‬غفير‭ ‬وسموتريتش‭.‬

2‭. ‬استخدام‭ ‬الإصلاحات‭ ‬القضائية‭ ‬كوسيلة‭ ‬للبقاء؛‭ ‬يُنظر‭ ‬إلى‭ ‬محاولاته‭ ‬لتقييد‭ ‬سلطة‭ ‬القضاء‭ ‬كوسيلة‭ ‬للهروب‭ ‬من‭ ‬المحاكمات‭ ‬بتهم‭ ‬الفساد،‭ ‬وليس‭ ‬كإصلاح‭ ‬حقيقي‭. ‬لذلك‭ ‬فهو‭ ‬يقيد‭ ‬القضاء‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬فوضى‭.‬

3‭. ‬البراغماتية‭ ‬الشديدة؛‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬الدول‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬أن‭ ‬الجميع‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ويستخدم‭ ‬هذا‭ ‬كأداة‭ ‬ضغط‭ ‬في‭ ‬السياسة‭ ‬الخارجية‭.‬

4‭. ‬تفضيل‭ ‬المصالح‭ ‬الشخصية‭ ‬على‭ ‬الوطنية؛‭ ‬يُقال‭ ‬إنه‭ ‬يضع‭ ‬مصلحته‭ ‬فوق‭ ‬مصلحة‭ ‬الدولة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬مقولة‭ ‬ميكافيلي‭ ‬‮«‬حبّي‭ ‬لنفسي‭ ‬دون‭ ‬حبّي‭ ‬لبلادي‮»‬‭.‬

وتستند‭ ‬الدراسات‭ ‬والتحاليل‭ ‬الإخبارية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬ذكرها‭ ‬سابقًا‭ ‬والتي‭ ‬استنتج‭ ‬منها‭ ‬علاقة‭ ‬نتنياهو‭ ‬بفلسفة‭ ‬ميكافيلي،‭ ‬على‭ ‬التحليل‭ ‬المفصل‭ ‬لسياسات‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ (‬2024‭ ‬‭ ‬2025‭)‬،‭ ‬وذلك‭ ‬بناءً‭ ‬على‭ ‬أحدث‭ ‬التقارير،‭ ‬وهي‭ ‬الآتي‭:‬

1‭. ‬التراجع‭ ‬عن‭ ‬المفاوضات‭ ‬وصفقة‭ ‬تبادل‭ ‬الأسرى؛‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬توقعات‭ ‬بانفراجة‭ ‬في‭ ‬ملف‭ ‬تبادل‭ ‬الأسرى‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬والمقاومة،‭ ‬لكن‭ ‬نتنياهو‭ ‬فاجأ‭ ‬الوسطاء‭ ‬والجميع‭ ‬بتراجعه‭ ‬في‭ ‬اللحظة‭ ‬الأخيرة،‭ ‬ورفع‭ ‬سقف‭ ‬التصعيد‭ ‬بالحديث‭ ‬عن‭ ‬إعادة‭ ‬احتلال‭ ‬غزة،‭ ‬هذا‭ ‬التراجع‭ ‬اعتُبر‭ ‬مناورة‭ ‬سياسية‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭:‬

*‭ ‬الهروب‭ ‬من‭ ‬الاستحقاقات‭ ‬الداخلية‮ ‬مثل‭ ‬لجان‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬فشل‭ ‬7‭ ‬أكتوبر‭.‬

*‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬تماسك‭ ‬الائتلاف‭ ‬الحاكم،‭ ‬خصوصًا‭ ‬مع‭ ‬ضغط‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬الذي‭ ‬يرفض‭ ‬أي‭ ‬تنازل‭ ‬للمقاومة‭.‬

*‭ ‬تأجيل‭ ‬الانتخابات‭ ‬المبكرة عبر‭ ‬إبقاء‭ ‬الحرب‭ ‬مستمرة،‭ ‬مما‭ ‬يمنحه‭ ‬وقتًا‭ ‬لإعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬أوراقه‭ ‬السياسية‭.‬

2‭. ‬التصعيد‭ ‬العسكري‭ ‬كأداة‭ ‬للتفاوض؛‭ ‬نتنياهو‭ ‬يستخدم‭ ‬التصعيد‭ ‬العسكري‭ ‬كوسيلة‭ ‬ضغط‭ ‬على‭ ‬المقاومة،‭ ‬وليس‭ ‬بالضرورة‭ ‬بهدف‭ ‬الحسم‭ ‬العسكري،‭ ‬بل‭ ‬لإعادة‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬إلى‭ ‬طاولة‭ ‬المفاوضات‭ ‬بشروط‭ ‬إسرائيلية،‭ ‬وهذا‭ ‬يتماشى‭ ‬مع‭ ‬أسلوب‭ ‬ميكافيلي‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬القوة‭ ‬كأداة‭ ‬سياسية‭.‬

وكذلك‭ ‬استخدام‭ ‬الأساليب‭ ‬المحرمة‭ ‬دوليًا‭ ‬لإخضاع‭ ‬أهالي‭ ‬غزة،‭ ‬منها‭ ‬التجويع‭ ‬والحصار‭ ‬القاتل،‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬أي‭ ‬اعتبارات‭ ‬لأي‭ ‬أخلاقيات‭ ‬أو‭ ‬أنظمة‭ ‬أو‭ ‬قوانين،‭ ‬وهو‭ ‬يفعل‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬استنادًا‭ ‬على‭ ‬مبادئ‭ ‬ميكافيلي‭ ‬لإخضاع‭ ‬البشر‭.‬

3‭. ‬أهداف‭ ‬استراتيجية‭ ‬وتكتيكية؛‭ ‬وتتضمن‭:‬

*‭ ‬استخدام‭ ‬المفاوضات‭ ‬كغطاء،‭ ‬يوظفها‭ ‬كأداة‭ ‬ضغط‭ ‬لتحصيل‭ ‬تنازلات،‭ ‬ويتراجع‭ ‬عنها‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تحقق‭ ‬أهدافه‭.‬

*‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ (‬صورة‭ ‬انتصار‭)‬،‭ ‬يعتقد‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬صفقة‭ ‬دون‭ ‬إنجاز‭ ‬ميداني‭ ‬ملموس‭ ‬تُعد‭ ‬هزيمة،‭ ‬لذلك‭ ‬يفضل‭ ‬التصعيد‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬ورقة‭ ‬تفاوض‭ ‬أقوى‭.‬

4‭. ‬التأثير‭ ‬على‭ ‬الداخل‭ ‬الإسرائيلي؛‭ ‬وتشمل‭:‬

*‭ ‬تآكل‭ ‬الثقة‭ ‬الشعبية،‭ ‬وُجد‭ ‬أن‭ ‬استطلاع‭ ‬الرأي‭ ‬أظهر‭ ‬أن‭ ‬61%‭ ‬من‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬لا‭ ‬يعتقدون‭ ‬أن‭ ‬العمليات‭ ‬العسكرية‭ ‬ستعيد‭ ‬الأسرى،‭ ‬و52%‭ ‬منهم‭ ‬يرون‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬تعرقل‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬صفقة‭.‬

*‭ ‬تراجع‭ ‬مكانة‭ ‬الجيش،‭ ‬بدأ‭ ‬الجيش‭ ‬يفقد‭ ‬مكانته‭ (‬المقدسة‭) ‬في‭ ‬الوعي‭ ‬الإسرائيلي،‭ ‬مما‭ ‬يعزز‭ ‬فقدان‭ ‬الثقة‭ ‬بالمنظومة‭ ‬الأمنية‭.‬

5‭. ‬سيناريوهات‭ ‬محتملة‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬يفكر‭ ‬نتنياهو‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭: ‬

*‭ ‬تقسيم‭ ‬القطاع‭ ‬وفرض‭ ‬واقع‭ ‬تهجيري،

*‭ ‬اجتياح‭ ‬بري‭ ‬لمناطق‭ ‬مركزية‭ ‬بحثًا‭ ‬عن‭ ‬الأسرى،

*‭ ‬استراتيجية‭ ‬التآكل‭ ‬البطيء‮ ‬عبر‭ ‬ضربات‭ ‬جوية‭ ‬وضغوط‭ ‬إنسانية‭ ‬وسياسية‭.‬

وحينما‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬من‭ ‬تحليل‭ ‬شخصية‭ ‬نتنياهو،‭ ‬يتضح‭ ‬أنها‭ ‬بطريقة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى‭ ‬تتفق‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجوانب‭ ‬مع‭ ‬الفلسفة‭ ‬الميكافيلية،‭ ‬ولكن‭ ‬حينها‭ ‬يراودنا‭ ‬سؤال‭: ‬ألا‭ ‬توجد‭ ‬معارضة‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬توقفه‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬التهور‭ ‬والدكتاتورية؟‭  ‬

يمكن‭ ‬أن‭ ‬نجيب‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬التساؤل‭ ‬بما‭ ‬يمكن‭ ‬مشاهدته‭ ‬على‭ ‬شاشات‭ ‬التلفزيون‭ ‬وما‭ ‬تناقلته‭ ‬وكالات‭ ‬الأنباء،‭ ‬أنه‭ ‬بالفعل‭ ‬توجد‭ ‬معارضة‭ ‬وهذه‭ ‬المعارضة‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تقتلعه‭ ‬من‭ ‬جذوره،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬المعارضة‭ ‬لا‭ ‬تعارضه‭ ‬ولا‭ ‬تقف‭ ‬ضده‭ ‬لأنه‭ ‬يفعل‭ ‬ما‭ ‬يفعل‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وإنما‭ ‬هذه‭ ‬المعارضة‭ ‬تريد‭ ‬أن‭ ‬تسيطر‭ ‬هي‭ ‬على‭ ‬الحكم‭ ‬شأنها‭ ‬شأن‭ ‬كل‭ ‬الجهات‭ ‬المعارضة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬فالمعارضة‭ ‬الصهيونية‭ ‬بمختلف‭ ‬أنواعها‭ ‬تتفق‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬القضاء‭ ‬على‭ ‬المقاومة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬والعربية‭ ‬بأي‭ ‬صورة‭ ‬كانت،‭ ‬ولكن‭ ‬لكل‭ ‬منهم‭ ‬طريقة‭ ‬وأسلوب‭. ‬وإليكم‭ ‬أبرز‭ ‬ملامح‭ ‬المعارضة‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬الاحتلال‭ ‬لرئيس‭ ‬الوزراء‭: ‬

1‭. ‬انتقادات‭ ‬مباشرة‭ ‬من‭ ‬زعماء‭ ‬المعارضة،‭ ‬مثل‭:‬

*‭ ‬رئيس‭ ‬حزب‭ (‬هناك‭ ‬مستقبل‭) ‬يائير‭ ‬لابيد؛‭ ‬وصف‭ ‬خطة‭ ‬إعادة‭ ‬احتلال‭ ‬غزة‭ ‬بأنها كارثة،‭ ‬واتهم‭ ‬نتنياهو‭ ‬بالانصياع‭ ‬لضغوط‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف،‭ ‬وبأن‭ ‬قراراته‭ ‬تتناقض‭ ‬مع‭ ‬توصيات‭ ‬القيادات‭ ‬العسكرية‭ ‬والأمنية‭.‬

*‭ ‬وزير‭ ‬الدفاع‭ ‬السابق‭ (‬بيني‭ ‬جانتس‭)‬؛‭ ‬اعتبر‭ ‬إقالة‭ ‬رئيس‭ ‬جهاز‭ ‬الشاباك‭ (‬رونين‭ ‬بار‭) ‬بأنها‮ ‬انتهاك‭ ‬لأمن‭ ‬الدولة،‭ ‬وجاءت‭ ‬لأسباب‭ ‬سياسية‭ ‬وشخصية‭.‬

2‭. ‬احتجاجات‭ ‬شعبية‭ ‬واسعة‭: ‬خرج عشرات‭ ‬الآلاف من‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬في‭ ‬مظاهرات‭ ‬ضد‭ ‬نتنياهو،‭ ‬مطالبين‭ ‬بوقف‭ ‬الحرب،‭ ‬وإجراء‭ ‬انتخابات‭ ‬مبكرة،‭ ‬حيث‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬الاحتجاجات‭ ‬مجموعات‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭: ‬عائلات‭ ‬الرهائن المحتجزين‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬منتدى‭ ‬الدرع‭ ‬الواقي‮ ‬‭(‬وهم‭ ‬مسؤولون‭ ‬أمنيون‭ ‬سابقون‭)‬،‭ ‬والحركة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬جودة‭ ‬الحكم،‭ ‬المناهضة‭ ‬للفساد‭.‬

3‭. ‬تفكك‭ ‬داخل‭ ‬المعارضة‭ ‬وتحركات‭ ‬جديدة‭: ‬شهدت‭ ‬المعارضة‮ ‬استقالات‭ ‬وتحالفات‭ ‬جديدة،‭ ‬أبرزها‭ ‬استقالة‭ ‬شخصيات‭ ‬بارزة‭ ‬مثل‭ ‬غادي‭ ‬آيزنكوت‭ ‬ومتّان‭ ‬كهانا‭ ‬من‭ ‬المعسكر‭ ‬الوطني‭.‬

4‭. ‬فرص‭ ‬الإطاحة‭ ‬بنتنياهو‭: ‬وجد‭ ‬أنه‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬إجراء‭ ‬استطلاعات‭ ‬الرأي‭ ‬فإنها‭ ‬حتمًا‭ ‬ستشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نتنياهو سيخسر‭ ‬الانتخابات لو‭ ‬أُجريت‭ ‬الآن‭. ‬وأنه‭ ‬تحالف‭ ‬المعارضة‭ ‬قد‭ ‬يصل‭ ‬حينها‭ ‬إلى‭ ‬71‭ ‬مقعدًا‮ ‬مقابل‭ ‬49‭ ‬للائتلاف‭ ‬الحالي،‭ ‬إذا‭ ‬نجحت‭ ‬المعارضة‭ ‬في‭ ‬التوحد‭ ‬خلف‭ ‬مرشح‭ ‬أو‭ ‬إطار‭ ‬سياسي‭ ‬واضح‭.‬

5‭. ‬تحديات‭ ‬داخلية‭ ‬في‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭: ‬تشير‭ ‬التقديرات‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬التحديات‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتلخص‭ ‬في‭: ‬

*‭ ‬خلافات‭ ‬مع‭ ‬الأحزاب‭ ‬الحريدية‭ ‬حول‭ ‬قانون‭ ‬إعفاء‭ ‬طلاب‭ ‬المدارس‭ ‬الدينية‭ ‬من‭ ‬الخدمة‭ ‬العسكرية‭.‬

*‭ ‬وكذلك‭ ‬بعض‭ ‬التهديدات‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬الأحزاب‭ ‬بالتصويت‭ ‬مع‭ ‬المعارضة‭ ‬في‭ ‬الكنيست‭.‬

إذًا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬المعارضة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬لنتنياهو‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬سياسية،‭ ‬بل‭ ‬شعبية‭ ‬ومؤسساتية‭ ‬أيضًا،‭ ‬وكذلك‭ ‬فهناك‭ ‬تحركات‭ ‬جدية‭ ‬لإعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬المشهد‭ ‬السياسي،‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬الانتخابات‭ ‬المقبلة‭ ‬حاسمة‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬مستقبل‭ ‬نتنياهو‭.‬

وبعد‭ ‬هذا‭ ‬التحليل‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬نقول‭ ‬إن‭ ‬نتنياهو‭ ‬يُجسد‭ ‬نموذجًا‭ ‬سياسيًا‭ ‬ميكافيليًا‭ ‬بامتياز،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬النقاط‭ ‬الآتية‭:‬

*‭ ‬يستخدم‭ ‬الحرب‭ ‬كأداة‭ ‬سياسية‭.‬

*‭ ‬يتراجع‭ ‬عن‭ ‬الاتفاقات‭ ‬في‭ ‬اللحظة‭ ‬الأخيرة‮ ‬لتحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬داخلية‭.‬

*‭ ‬يُفضل‭ ‬التصعيد‭ ‬على‭ ‬التنازل،‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬الاستقرار‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدعم‭ ‬الشعبي‭.‬

هذه‭ ‬بعض‭ ‬الصفات‭ ‬وبعض‭ ‬التقارب‭ ‬بين‭ ‬فكرة‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬والفلسفة‭ ‬الميكافيلية،‭ ‬حاولنا‭ ‬أن‭ ‬نجمع‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭ ‬فوجدناهما‭ ‬طرفا‭ ‬واحدا‭.‬

 

Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا