العدد : ١٧٣١٤ - الاثنين ١٨ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣١٤ - الاثنين ١٨ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ صفر ١٤٤٧هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

حب لاسلكي هوائي

كانت‭ ‬البوسنية‭ ‬سناء‭ ‬وزوجها‭ ‬عدنان،‭ ‬يستخدمان‭ ‬غرف‭ ‬الدردشة‭ ‬في‭ ‬الانترنت،‭ ‬وتحديدا‭ ‬مسنجر،‭ ‬كل‭ ‬على‭ ‬حدة،‭ ‬وتبادلا‭ ‬الإعجاب‭ ‬ثم‭ ‬تحول‭ ‬الإعجاب‭ ‬الى‭ ‬غزل،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬بأسماء‭ ‬مستعارة‭ ‬طبعا‭.. ‬وبلغ‭ ‬من‭ ‬حبهما‭ ‬المتبادل‭ ‬ان‭ ‬قررا‭ ‬اللقاء‭ ‬لبحث‭ ‬موضوع‭ ‬الزواج‭. ‬زوجان‭ ‬يتغازلان‭ ‬عبر‭ ‬الانترنت‭ ‬وكل‭ ‬منهما‭ ‬يحسب‭ ‬انه‭ ‬وجد‭ ‬البديل‭ ‬في‭ ‬الشخصية‭ ‬التي‭ ‬رمتها‭ ‬الأقدار‭ ‬في‭ ‬طريقه‭ ‬في‭ ‬غرف‭ ‬الدردشة‭. ‬والتقيا‭ ‬واتفقا‭ ‬فور‭ ‬اللقاء‭ ‬على‭ ‬التوجه‭ ‬الى‭ ‬المحكمة‭ ‬للطلاق‭. ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬لأنهما‭ ‬أدركا‭ ‬انهما‭ ‬كانا‭ ‬يسعيان‭ ‬كل‭ ‬بطريقته‭ ‬الخاصة‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬شريك‭ ‬حياة‭ ‬بديل،‭ ‬ولكن‭ ‬لأنهما‭ ‬تذكرا‭ ‬كيف‭ ‬كذبا‭ ‬على‭ ‬بعضهما‭ ‬البعض‭ ‬خلال‭ ‬الدردشة‭ ‬بالانترنت‭ ‬ورسم‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬لنفسه‭ ‬صورة‭ ‬الملاك‭! ‬ولعل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬درس‭ ‬للذين‭ ‬يقعون‭ ‬في‭ ‬شباك‭ ‬الغرام‭ ‬بأطراف‭ ‬مجهولة‭ ‬بعد‭ ‬تلقي‭ ‬كلام‭ ‬معسول‭ ‬خلال‭ ‬الونسة‭ ‬بالانترنت‭ ‬أو‭ ‬الهاتف‭. ‬وقع‭ ‬بريطاني‭ ‬في‭ ‬غرام‭ ‬أمريكية‭ ‬عبر‭ ‬الانترنت،‭ ‬واتفقا‭ ‬على‭ ‬الزواج،‭ ‬وقطعت‭ ‬الأمريكانية‭ ‬المحيط‭ ‬الأطلسي،‭ ‬واكتشفت‭ ‬بعد‭ ‬أسبوع‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬الزواج‭ ‬ان‭ ‬حبيبها‭ ‬البريطاني‭ ‬الالكتروني،‭ ‬لا‭ ‬يشبه‭ ‬الوحش‭ ‬الذي‭ ‬تزوجت‭ ‬به،‭ ‬فعادت‭ ‬الى‭ ‬بلادها‭ ‬وهي‭ ‬تقول‭: ‬العوض‭ ‬على‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬تذاكر‭ ‬الطيارة‭.‬

وقبل‭ ‬بضعة‭ ‬أعوام‭ ‬مر‭ ‬زوجان‭ ‬أردنيان‭ ‬بنفس‭ ‬ما‭ ‬مر‭ ‬به‭ ‬الزوجان‭ ‬البوسنيان‭. ‬تراسلا‭ ‬عبر‭ ‬الانترنت‭ ‬مع‭ ‬بعضهما‭ ‬البعض‭ ‬بأسماء‭ ‬مستعارة،‭ ‬وطبعا‭ ‬الإنسان‭ ‬لا‭ ‬يقصر‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬نفسه،‭ ‬فرسم‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬في‭ ‬مخيلة‭ ‬الآخر‭ ‬صورة‭ ‬لنفسه‭: ‬جمال‭ ‬إيه‭ ‬وأخلاق‭ ‬إيه‭ ‬والعتبة‭ ‬قزاز‭ ‬والسلم‭ ‬نايلو‭ ‬في‭ ‬نايلو‭.. ‬وقررا‭ ‬اللقاء‭ ‬لإطفاء‭ ‬نيران‭ ‬الغرام‭ ‬بالنظر‭ ‬والملامسة‭: ‬أوكي‭ ‬نلتقي‭ ‬في‭ ‬كافتيريا‭ ‬ستار‭ ‬باكس‭.. ‬أكون‭ ‬لابس‭ ‬جاكيت‭ ‬رمادي‭ ‬وشيرت‭ ‬احمر‭ ‬وشوز‭ ‬ايطالية‭ ‬سوداء‭ ‬برباط‭.. ‬هي‭: ‬أنا‭ ‬راح‭ ‬أكون‭ ‬ببلوزة‭ ‬تركواز‭ ‬وتنورة‭ (‬سكيرت‭) ‬أوف‭ ‬وايت‭ (‬هذه‭ ‬من‭ ‬الألوان‭ ‬التي‭ ‬ظهرت‭ ‬مع‭ ‬العولمة‭) ‬وكندرة‭ (‬جزمة‭) ‬سوداء‭ ‬ايطالية‭.. ‬شوف‭ ‬توارد‭ ‬الخواطر‭ ‬وتطابق‭ ‬الأمزجة‭ ‬بيننا‭.. ‬وكلسات‭ (‬شرابات‭/‬جوارب‭) ‬مارون‭ (‬بالعربي‭ ‬عنابي‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬المستحسن‭ ‬ان‭ ‬تتكلم‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الألوان‭ ‬وأنواع‭ ‬الملابس‭ ‬بلغة‭ ‬العولمة‭ ‬لتعطي‭ ‬الانطباع‭ ‬بأنك‭ ‬مودرن‭/‬عصري‭).. ‬والتقيا‭ ‬في‭ ‬الكافتيريا‭ ‬وتعرف‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬على‭ ‬الآخر‭ ‬بإلقاء‭ ‬نظرة‭ ‬سريعة‭ ‬على‭ ‬الملابس،‭ ‬وانهال‭ ‬الرجل‭ ‬على‭ ‬زوجته‭ ‬شتما‭ ‬وضربا‭: ‬يا‭ ‬خاينة‭ ‬يا‭ ‬غشاشة‭.. ‬روحي‭ ‬انتي‭ ‬طالق‭ ‬بالثلاثة‭ (‬طبعا‭ ‬حاشا‭ ‬للزوج‭ ‬ان‭ ‬يوصم‭ ‬بالغش‭ ‬والخيانة‭)!!‬

وعلى‭ ‬ذكر‭ ‬الانترنت‭ ‬لا‭ ‬يكاد‭ ‬يمر‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬تصلني‭ ‬رسالة‭ ‬إيميل‭ ‬من‭ ‬مستهبل‭ ‬يزعم‭ ‬انه‭ ‬نجل‭ ‬الرئيس‭ ‬الإفريقي‭ ‬الراحل‭ ‬او‭ ‬المخلوع‭ ‬فلان‭ ‬وكفاعل‭ ‬خير‭ ‬فإنه‭ ‬يود‭ ‬ايراد‭ ‬بضع‭ ‬ملايين‭ ‬في‭ ‬حسابي‭ ‬البنكي‭ ‬وبارك‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬من‭ ‬نفع‭ ‬واستنفع‭ ‬فأرد‭ ‬عليهم‭: ‬رقم‭ ‬حسابي‭ ‬كذا‭ ‬وكذا‭ ‬بالدولار‭ ‬الصومالي‭ ‬في‭ ‬بنك‭ ‬كذا‭ ‬وكذا‭ ‬في‭ ‬جزر‭ ‬البهايما‭ (‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬لمثلي‭ ‬امتلاك‭ ‬حساب‭ ‬في‭ ‬جزر‭ ‬البهاما‭)‬*‭ ‬في‭ ‬سبعينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬كان‭ ‬إجراء‭ ‬مكالمة‭ ‬هاتفية‭ ‬ناجحة‭ ‬في‭ ‬الخرطوم،‭ ‬يستوجب‭ ‬ذبح‭ ‬خروف‭ ‬احتفالا‭ ‬بالحدث‭ ‬السعيد،‭ ‬وكان‭ ‬لدينا‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬التلفزيون‭ ‬التعليمي‭ ‬تلفون‭ ‬يرن‭ ‬مرة‭ ‬كل‭ ‬3‭ ‬أشهر،‭ ‬وتكون‭ ‬‮«‬النمرة‭ ‬غلط‮»‬‭ ‬على‭ ‬الدوام،‭ ‬أما‭ ‬اذا‭ ‬استخدمته‭ ‬للاتصال‭ ‬بأي‭ ‬جهة‭ ‬فإن‭ ‬الرد‭ ‬الذي‭ ‬يأتيك‭ ‬المرة‭ ‬تلو‭ ‬الأخرى‭ ‬هو‭: ‬ألو‭ ‬معاك‭ ‬سجن‭ ‬كوبر‭ ‬العمومي‭.. ‬فتصيح‭ ‬عمى‭ ‬يعميك‭ ‬ان‭ ‬شاللا‭ (‬شاء‭ ‬الله‭).. ‬ماذا‭ ‬تفعل‭ ‬بتلفون‭ ‬مشبوك‭ ‬يوما‭ ‬تلو‭ ‬الآخر‭ ‬مع‭ ‬اكبر‭ ‬سجن‭ ‬في‭ ‬البلاد؟‭ ‬وحكى‭ ‬لي‭ ‬زميل‭ ‬دراسة‭ ‬كيف‭ ‬انه‭ ‬حاول‭ ‬الاتصال‭ ‬من‭ ‬هاتف‭ ‬مكتبه‭ ‬بمصلحة‭ ‬حكومية،‭ ‬فجاءه‭ ‬صوت‭ ‬نسائي‭ ‬يقطر‭ ‬شهدا‭ ‬وكانت‭ ‬صاحبة‭ ‬الصوت‭ ‬فايقة‭ ‬ورايقة،‭ ‬فدخلت‭ ‬مع‭ ‬صاحبنا‭ ‬في‭ ‬حديث‭ ‬طويل‭ ‬انتهى‭ ‬بالتواعد‭ ‬على‭ ‬اللقاء‭ ‬أمام‭ ‬صيدلية‭ ‬****‭ ‬في‭ ‬الخرطوم‭ ‬بحري،‭ ‬وقاما‭ ‬بتبادل‭ ‬مواصفات‭ ‬الملابس‭ ‬والشكل‭ ‬العام،‭ ‬وأخفى‭ ‬صاحبي‭ ‬عن‭ ‬الحبيبة‭ ‬الموعودة‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬مشلخ‮»‬‭ ‬أي‭ ‬على‭ ‬وجهه‭ ‬ندوب‭/‬خطوط‭ ‬عميقة‭ ‬ذات‭ ‬دلالات‭ ‬قبلية‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬كي‭ ‬لا‭ ‬تتملص‭ ‬من‭ ‬اللقاء‭... ‬وكي‭ ‬لا‭ ‬تتبهدل‭ ‬هيئته‭ ‬خالف‭ ‬العادة‭ ‬وذهب‭ ‬الى‭ ‬مكان‭ ‬اللقاء‭ ‬بتاكسي‭.. ‬وبعد‭ ‬قليل‭ ‬رأى‭ ‬أنثى‭ ‬تتدحرج‭ ‬ناحيته‭.. ‬سأتركه‭ ‬يكمل‭ ‬الحكاية‭: ‬أنا‭ ‬كنت‭ ‬مشلخا‭ ‬111‭ ‬ولكنها‭ ‬كانت‭ ‬مشلخة‭ ‬مربعات‭.. ‬بالطول‭ ‬العرض‭ ‬وكان‭ ‬وزنها‭ ‬نحو‭ ‬115‭ ‬كيلوغراما‭ (‬مع‭ ‬الرأفة،‭ ‬بلغة‭ ‬لجان‭ ‬الامتحانات‭) ‬وكنتُ‭ ‬مقارنة‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬ملاحة‭ ‬سعاد‭ ‬حسني‭.. ‬فتحركت‭ ‬بأسرع‭ ‬ما‭ ‬أمكنني‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬المعاكس‭.. ‬فإذا‭ ‬بها‭ ‬تنادي‭ ‬على‭ ‬اسمي‭ ‬بصوت‭ ‬راعد‭ ‬زاعق،‭ ‬جعلني‭ ‬أركض‭ ‬كبطل‭ ‬أولمبي،‭ ‬واركض‭ ‬طلبا‭ ‬للسلامة‭.. ‬ولولا‭ ‬أن‭ ‬بها‭ ‬حمولة‭ ‬زائدة‭ ‬من‭ ‬الشحوم‭ ‬واللحوم‭ ‬للحق‭ ‬بي‭ ‬وكنت‭ ‬في‭ ‬عداد‭ ‬الهالكين‭.. ‬ومن‭ ‬محاسن‭ ‬تلك‭ ‬التجربة‭ ‬أنني‭ ‬شرعت‭ ‬في‭ ‬الزواج‭ ‬بالطريقة‭ ‬البلدية،‭ ‬إذ‭ ‬طلبت‭ ‬من‭ ‬اهلي‭ ‬اختيار‭ ‬زوجة‭ ‬لي‭ ‬تكون‭ ‬ذات‭ ‬لياقة‭ ‬بدنية‭ ‬عالية‭ ‬لتقف‭ ‬الى‭ ‬جانبي‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تعرضي‭ ‬لتحرش‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬هربت‭ ‬منها‭ ‬من‭ ‬أمام‭ ‬صيدلية‭ ‬****‭ ‬في‭ ‬الخرطوم‭ ‬بحري‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا