وجه رؤساء خمس جامعات إسرائيلية رسالة إلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، مؤخرا، يطالبون فيها بإدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة الرسالة وقعها كل من رئيس معهد وايزمان بروفيسور ألون حين؛ رئيس الجامعة العبرية بروفيسور آشير كوهين؛ رئيس معهد التخنيون بروفيسور أوري سيفان؛ رئيس جامعة تل أبيب بروفيسور أريئيل بورات؛ ورئيس الجامعة المفتوحة بروفيسور ليو كوري، جاء فيها: نتوجه إليك بنداء للسماح للجيش وبقية قوات الأمن بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، من دون أي ارتباط بملف الأسرى والرهائن، من أجل حل مشكلة الجوع الحاد في غزة، الذي يصيب بشكل خاص النساء، وأغلبهن أمهات، وكذلك الأطفال والرضع.
رؤساء جامعات أخرى رفضوا التوقيع على الرسالة مثل جامعة رايخمان، جامعة بار إيلان، جامعة بن جوريون، جامعة حيفا وجامعة أقيمت بشكل غير قانوني في مستوطنة ارئيل في محافظة سلفيت في الضفة الغربية. امتناع هؤلاء عن توقيع الرسالة لا يضعف من قيمتها بل على العكس من ذلك، فإن عدم توقيعهم يؤكد أن المجتمع الاسرائيلي، بمن فيه مجتمع الأكاديميين منقسم على نفسه بين من يخشى عواقب السياسة الإسرائيلية وبين من يناصر هذه السياسة، التي وضعت إسرائيل على نحو غير مسبوق في قفص الاتهام وحطمت رواية احتكار الضحية.
الرسالة أضافت: مع الأطفال الرضع والأطفال الأكبر سنًا، نحن مواطنو الدولة نشاهد الكارثة على شاشاتنا، حيث تصل إلينا مشاهد من غزة، غالبيتها لأطفال رضع يعانون من الجوع ويموتون من الجوع والمرض. إطلاق سراح الرهائن أمر بالغ الأهمية، وهناك خطر على حياتهم، لكن شعبًا كان ضحية للمحرقة في أوروبا، تقع عليه مسؤولية خاصة وفريدة للعمل بجميع الوسائل المتاحة لنا لمنع كارثة إنسانية حادة بحق رجال ونساء وأطفال أبرياء.
رؤساء هذه الجامعات ختموا رسالتهم بالقول: نحن ننضم إلى تصريحات أعضاء الكنيست من مختلف الكتل بشأن كارثة غزة، التي تتعارض مع القيم اليهودية الواضحة ومع المبادئ الإنسانية، ومن جانب آخر مع القيم الديمقراطية لدولة إسرائيل. نحن نتحدث عن كارثة إنسانية ناجمة عن أفعال قد تُفسر على أنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. الكارثة الإنسانية الموصوفة في تقارير رسمية للأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى تدل على أننا لا نستطيع أن نقف مكتوفي الأيدي أمام كارثة إنسانية من هذا النوع، التي قد يصعب إصلاح أضرارها لاحقًا.
وإذا ما انطلقنا من مضمون الرسالة وما جاء فيها من إقرار واضح بأن دولة الاحتلال الاسرائيلي تمارس في حربها الوحشية على قطاع غزة سياسة لا تشبه سياسة الإبادة الجماعية فقط من بعيد، بل تعيد إلى الذاكرة جرائم الوحش النازي بحق اليهود والغجر والشعوب السلافية في الحرب العالمية الثانية، وما ترتب عليها من اتفاقيات ومعاهدات دولية تجرم حروب الإبادة، فإن الحديث عن كارثة إنسانية ناجمة عن أفعال قد تُفسر على أنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وعن كارثة غزة، التي تتعارض مع القيم اليهودية الواضحة ومع المبادئ الإنسانية وفق ما جاء على لسان نخبة من الأكاديميين، يذهب بنا إلى ضرورة وأهمية رفع الغطاء عن سياسة الفاشيين والنازيين الجدد والكهانيين في إسرائيل، ومن يوفر لهم الدعم ويغطي على أفعالهم الإجرامية، وخاصة بتوفير ذخائر الموت من العيار الثقيل، التي تستهدف المدنيين وخاصة الاطفال والرضع والنساء حتى فيما يسمى مراكز المساعدات الإنسانية، وبتوفير الحماية لهم في الأمم المتحدة والهيئات الدولية المختلفة، ويذهب أبعد من ذلك بملاحقة الجامعات في بلاده لمجرد احترامها لحرية التعبير والحرية الأكاديمية، كما يحدث في الولايات المتحدة الأمريكية، على أيدي إدارة تتماهى مع الفاشية والكهانية في دولة الاحتلال الإسرائيلي.
يبقى هنا أن نذكر بدور فلسطيني مغيب إلى حد كبير على امتداد ما يحدث، ونسأل لماذا تغيب جامعاتنا أولاً، والجامعات في بلاد العرب ثانياً عن المشهد. أليس هناك من دور لها في مواجهة هذه الكارثة؟ لقد فتحت رسالة رؤساء عدد من الجامعات الإسرائيلية الطريق، فهل يتقدم رؤساء جامعاتنا برسائل إلى المجتمع الدولي تعزز ما هو قائم من حالة تضامن مع الشعب الفلسطيني واستنكار وإدانة لجرائم الحرب الاسرائيلية، وتقدم بدورها مساهمة قوية، بأن دولة الاحتلال الإسرائيلي في حقيقتها دولة وظيفية تمارس الإبادة الجماعية وسياسة الاستيطان والسطو على أراضي الفلسطينيين ومصادر مياههم والتهجير والتطهير العرقي، وأن الوقت قد حان لتحطيم صنم عبادة، عنوانه محاربة السامية وجوهره احتكار المعاناة ورواية الضحية؟!
{ عضو المكتب السياسي للجبهة
الديمقراطية لتحرير فلسطين
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك