العدد : ١٧٣١١ - الجمعة ١٥ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣١١ - الجمعة ١٥ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢١ صفر ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

نهاية الرواية الصهيونية في احتكار دور الضحية

بقلم: تيسير خالد

الجمعة ١٥ أغسطس ٢٠٢٥ - 02:00

وجه‭ ‬رؤساء‭ ‬خمس‭ ‬جامعات‭ ‬إسرائيلية‭ ‬رسالة‭ ‬إلى‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو،‭ ‬مؤخرا،‭ ‬يطالبون‭ ‬فيها‭ ‬بإدخال‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬إلى‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬الرسالة‭ ‬وقعها‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬معهد‭ ‬وايزمان‭ ‬بروفيسور‭ ‬ألون‭ ‬حين؛‭ ‬رئيس‭ ‬الجامعة‭ ‬العبرية‭ ‬بروفيسور‭ ‬آشير‭ ‬كوهين؛‭ ‬رئيس‭ ‬معهد‭ ‬التخنيون‭ ‬بروفيسور‭ ‬أوري‭ ‬سيفان؛‭ ‬رئيس‭ ‬جامعة‭ ‬تل‭ ‬أبيب‭ ‬بروفيسور‭ ‬أريئيل‭ ‬بورات؛‭ ‬ورئيس‭ ‬الجامعة‭ ‬المفتوحة‭ ‬بروفيسور‭ ‬ليو‭ ‬كوري،‭ ‬جاء‭ ‬فيها‭: ‬نتوجه‭ ‬إليك‭ ‬بنداء‭ ‬للسماح‭ ‬للجيش‭ ‬وبقية‭ ‬قوات‭ ‬الأمن‭ ‬بإدخال‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬إلى‭ ‬غزة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬ارتباط‭ ‬بملف‭ ‬الأسرى‭ ‬والرهائن،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حل‭ ‬مشكلة‭ ‬الجوع‭ ‬الحاد‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬الذي‭ ‬يصيب‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬النساء،‭ ‬وأغلبهن‭ ‬أمهات،‭ ‬وكذلك‭ ‬الأطفال‭ ‬والرضع‭.‬

رؤساء‭ ‬جامعات‭ ‬أخرى‭ ‬رفضوا‭ ‬التوقيع‭ ‬على‭ ‬الرسالة‭ ‬مثل‭ ‬جامعة‭ ‬رايخمان،‭ ‬جامعة‭ ‬بار‭ ‬إيلان،‭ ‬جامعة‭ ‬بن‭ ‬جوريون،‭ ‬جامعة‭ ‬حيفا‭ ‬وجامعة‭ ‬أقيمت‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬قانوني‭ ‬في‭ ‬مستوطنة‭ ‬ارئيل‭ ‬في‭ ‬محافظة‭ ‬سلفيت‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭. ‬امتناع‭ ‬هؤلاء‭ ‬عن‭ ‬توقيع‭ ‬الرسالة‭ ‬لا‭ ‬يضعف‭ ‬من‭ ‬قيمتها‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬عدم‭ ‬توقيعهم‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬المجتمع‭ ‬الاسرائيلي،‭ ‬بمن‭ ‬فيه‭ ‬مجتمع‭ ‬الأكاديميين‭ ‬منقسم‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يخشى‭ ‬عواقب‭ ‬السياسة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬وبين‭ ‬من‭ ‬يناصر‭ ‬هذه‭ ‬السياسة،‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬نحو‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬في‭ ‬قفص‭ ‬الاتهام‭ ‬وحطمت‭ ‬رواية‭ ‬احتكار‭ ‬الضحية‭.‬

الرسالة‭ ‬أضافت‭: ‬مع‭ ‬الأطفال‭ ‬الرضع‭ ‬والأطفال‭ ‬الأكبر‭ ‬سنًا،‭ ‬نحن‭ ‬مواطنو‭ ‬الدولة‭ ‬نشاهد‭ ‬الكارثة‭ ‬على‭ ‬شاشاتنا،‭ ‬حيث‭ ‬تصل‭ ‬إلينا‭ ‬مشاهد‭ ‬من‭ ‬غزة،‭ ‬غالبيتها‭ ‬لأطفال‭ ‬رضع‭ ‬يعانون‭ ‬من‭ ‬الجوع‭ ‬ويموتون‭ ‬من‭ ‬الجوع‭ ‬والمرض‭. ‬إطلاق‭ ‬سراح‭ ‬الرهائن‭ ‬أمر‭ ‬بالغ‭ ‬الأهمية،‭ ‬وهناك‭ ‬خطر‭ ‬على‭ ‬حياتهم،‭ ‬لكن‭ ‬شعبًا‭ ‬كان‭ ‬ضحية‭ ‬للمحرقة‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬تقع‭ ‬عليه‭ ‬مسؤولية‭ ‬خاصة‭ ‬وفريدة‭ ‬للعمل‭ ‬بجميع‭ ‬الوسائل‭ ‬المتاحة‭ ‬لنا‭ ‬لمنع‭ ‬كارثة‭ ‬إنسانية‭ ‬حادة‭ ‬بحق‭ ‬رجال‭ ‬ونساء‭ ‬وأطفال‭ ‬أبرياء‭.‬

رؤساء‭ ‬هذه‭ ‬الجامعات‭ ‬ختموا‭ ‬رسالتهم‭ ‬بالقول‭: ‬نحن‭ ‬ننضم‭ ‬إلى‭ ‬تصريحات‭ ‬أعضاء‭ ‬الكنيست‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬الكتل‭ ‬بشأن‭ ‬كارثة‭ ‬غزة،‭ ‬التي‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬القيم‭ ‬اليهودية‭ ‬الواضحة‭ ‬ومع‭ ‬المبادئ‭ ‬الإنسانية،‭ ‬ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬مع‭ ‬القيم‭ ‬الديمقراطية‭ ‬لدولة‭ ‬إسرائيل‭. ‬نحن‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬كارثة‭ ‬إنسانية‭ ‬ناجمة‭ ‬عن‭ ‬أفعال‭ ‬قد‭ ‬تُفسر‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬وجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭. ‬الكارثة‭ ‬الإنسانية‭ ‬الموصوفة‭ ‬في‭ ‬تقارير‭ ‬رسمية‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والمنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬الأخرى‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نستطيع‭ ‬أن‭ ‬نقف‭ ‬مكتوفي‭ ‬الأيدي‭ ‬أمام‭ ‬كارثة‭ ‬إنسانية‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬النوع،‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬يصعب‭ ‬إصلاح‭ ‬أضرارها‭ ‬لاحقًا‭.‬

وإذا‭ ‬ما‭ ‬انطلقنا‭ ‬من‭ ‬مضمون‭ ‬الرسالة‭ ‬وما‭ ‬جاء‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬إقرار‭ ‬واضح‭ ‬بأن‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الاسرائيلي‭ ‬تمارس‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬الوحشية‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬سياسة‭ ‬لا‭ ‬تشبه‭ ‬سياسة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬فقط‭ ‬من‭ ‬بعيد،‭ ‬بل‭ ‬تعيد‭ ‬إلى‭ ‬الذاكرة‭ ‬جرائم‭ ‬الوحش‭ ‬النازي‭ ‬بحق‭ ‬اليهود‭ ‬والغجر‭ ‬والشعوب‭ ‬السلافية‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية،‭ ‬وما‭ ‬ترتب‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬اتفاقيات‭ ‬ومعاهدات‭ ‬دولية‭ ‬تجرم‭ ‬حروب‭ ‬الإبادة،‭ ‬فإن‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬كارثة‭ ‬إنسانية‭ ‬ناجمة‭ ‬عن‭ ‬أفعال‭ ‬قد‭ ‬تُفسر‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬جرائم‭ ‬حرب‭ ‬وجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وعن‭ ‬كارثة‭ ‬غزة،‭ ‬التي‭ ‬تتعارض‭ ‬مع‭ ‬القيم‭ ‬اليهودية‭ ‬الواضحة‭ ‬ومع‭ ‬المبادئ‭ ‬الإنسانية‭ ‬وفق‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬نخبة‭ ‬من‭ ‬الأكاديميين،‭ ‬يذهب‭ ‬بنا‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬وأهمية‭ ‬رفع‭ ‬الغطاء‭ ‬عن‭ ‬سياسة‭ ‬الفاشيين‭ ‬والنازيين‭ ‬الجدد‭ ‬والكهانيين‭ ‬في‭ ‬إسرائيل،‭ ‬ومن‭ ‬يوفر‭ ‬لهم‭ ‬الدعم‭ ‬ويغطي‭ ‬على‭ ‬أفعالهم‭ ‬الإجرامية،‭ ‬وخاصة‭ ‬بتوفير‭ ‬ذخائر‭ ‬الموت‭ ‬من‭ ‬العيار‭ ‬الثقيل،‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬المدنيين‭ ‬وخاصة‭ ‬الاطفال‭ ‬والرضع‭ ‬والنساء‭ ‬حتى‭ ‬فيما‭ ‬يسمى‭ ‬مراكز‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وبتوفير‭ ‬الحماية‭ ‬لهم‭ ‬في‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬والهيئات‭ ‬الدولية‭ ‬المختلفة،‭ ‬ويذهب‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬بملاحقة‭ ‬الجامعات‭ ‬في‭ ‬بلاده‭ ‬لمجرد‭ ‬احترامها‭ ‬لحرية‭ ‬التعبير‭ ‬والحرية‭ ‬الأكاديمية،‭ ‬كما‭ ‬يحدث‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬إدارة‭ ‬تتماهى‭ ‬مع‭ ‬الفاشية‭ ‬والكهانية‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭.‬

يبقى‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬نذكر‭ ‬بدور‭ ‬فلسطيني‭ ‬مغيب‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬امتداد‭ ‬ما‭ ‬يحدث،‭ ‬ونسأل‭ ‬لماذا‭ ‬تغيب‭ ‬جامعاتنا‭ ‬أولاً،‭ ‬والجامعات‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬العرب‭ ‬ثانياً‭ ‬عن‭ ‬المشهد‭. ‬أليس‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬دور‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬هذه‭ ‬الكارثة؟‭ ‬لقد‭ ‬فتحت‭ ‬رسالة‭ ‬رؤساء‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الجامعات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الطريق،‭ ‬فهل‭ ‬يتقدم‭ ‬رؤساء‭ ‬جامعاتنا‭ ‬برسائل‭ ‬إلى‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬تعزز‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬قائم‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬تضامن‭ ‬مع‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬واستنكار‭ ‬وإدانة‭ ‬لجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬الاسرائيلية،‭ ‬وتقدم‭ ‬بدورها‭ ‬مساهمة‭ ‬قوية،‭ ‬بأن‭ ‬دولة‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬في‭ ‬حقيقتها‭ ‬دولة‭ ‬وظيفية‭ ‬تمارس‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬وسياسة‭ ‬الاستيطان‭ ‬والسطو‭ ‬على‭ ‬أراضي‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬ومصادر‭ ‬مياههم‭ ‬والتهجير‭ ‬والتطهير‭ ‬العرقي،‭ ‬وأن‭ ‬الوقت‭ ‬قد‭ ‬حان‭ ‬لتحطيم‭ ‬صنم‭ ‬عبادة،‭ ‬عنوانه‭ ‬محاربة‭ ‬السامية‭ ‬وجوهره‭ ‬احتكار‭ ‬المعاناة‭ ‬ورواية‭ ‬الضحية؟‭!‬

 

{ عضو‭ ‬المكتب‭ ‬السياسي‭ ‬للجبهة‭ ‬

الديمقراطية‭ ‬لتحرير‭ ‬فلسطين

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا