منذ أن بدأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حملته الانتخابية في مواجهة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة كانت مسألة إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية ضمن أولوياته حال فوزه في الانتخابات، معتبرا أن هذه الحرب خطأ كبير ما كان يجب لها أن تكون، محملا المسؤولية لسلفه جو بايدن في إشعالها، مؤكدا أنه سوف يعمل على إنهاء هذه الحرب خلال أربعة وعشرين ساعة، لذلك سعى الرئيس رونالد ترامب منذ اللحظة الأولى لبداية ولايته الثانية ودخوله البيت الأبيض إلى إجراء اتصالات هاتفية متعددة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعضها وصل إلى أكثر من ساعة ونصف على أمل إيجاد تصور مشترك لوضع حد لهذه الحرب التي لا مبرر لها فضلا عن زيارات وفود أمريكية عالية المستوى لموسكو للتباحث في مسألة وقف إطلاق النار واستقبال واشنطن وفودا روسية من كبار المسؤولين، إلا أن كل هذه الاتصالات والمباحثات واللقاءات لم تؤد إلى نتائج تذكر بسبب تباين المواقف وإصرار روسيا على القبول بوقف إطلاق النار وفق الشروط التي أعلنتها، وإصرار أوكرانيا على مطالبها لوقف إطلاق النار.
ومع ذلك، واصل الرئيس الأمريكي جهوده لإنهاء أسوأ أزمة تشهدها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية تارة بالإشادة بمواقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من مسألة إنهاء الحرب، مؤكدا رغبته في وضع حد لهذه المأساة الإنسانية وتارة بانتقاده الشديد، معربا عن خيبة أمل من مواقف الرئيس الروسي مهددا بفرض عقوبات جديدة على روسيا والدول المتعاونة معها مثل الهند وجمهورية الصين الشعبية إذا لم تستجب لمساعي السلام.
إلا أنه بدلا من فرض العقوبات الجديدة التي هدد بها على روسيا الاتحادية فوجئ العالم بإعلان لقاء بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في قمة تجمعهما في مدينة انكوريج أكبر مدن ألاسكا التي تشتهر بصيد الأسماك والصيد البري هذه المدينة التي احتضنت لقاءات بين مسؤولين صينيين وأمريكان قبل حوالي أربع سنوات في رمزية تاريخية لهذه المنطقة التي كانت في يوم من الأيام تابعة للإمبراطورية الروسية باعتها روسيا لأمريكا في القرن التاسع عشر مقابل 150 مليون دولار.
وبحسب التسريبات التي انتشرت بعد إعلان اللقاء بأنه تم الاتفاق على إعادة منطقتي خيرسون وزبروجا اللتين ضمتهما روسيا لأوكرانيا وهي أراضٍ أوكرانية أصلا يبدو أن روسيا الاتحادية ضمتهما لاستخدامهما كورقة للمساومة في أي مفاوضات لإنهاء هذه الحرب مقابل الاعتراف بسيادة روسيا على إقليم دونيتسك والدونباس وشبه جزيرة القرم التي استعادتها روسيا في عام 2014.
وإذا ما صدقت هذه التسريبات التي أثارت قلق أوكرانيا ودول الناتو، فإن ذلك يعني أن روسيا الاتحادية هي المستفيدة من هذا الاتفاق، لأنه يعني إنهاء الحرب بحسب الشروط الروسية التي كانت تصر عليها خلال جولات المفاوضات التي جرت منذ اتفاقية مينسك 1 ومينسك 2 وخلال مفاوضات إسطنبول وغيرها، وهو ما يعني أنه كان بالإمكان الاتفاق على إنهاء هذه الحرب منذ البداية بعد المفاوضات التي جرت بين روسيا وأوكرانيا برعاية تركية في إسطنبول لولا تدخل بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية والضغط على أوكرانيا لرفض الاتفاق ومواصلة الحرب التي أدت إلى قتل وجرح مئات الآلاف وخلفت آلاف المعوقين وأدت إلى تدمير المصانع والمباني والمؤسسات وخربت البنية التحتية لأوكرانيا، مما يتطلب سنوات عديدة لإعادة إعمارها فضلا عن زيادة نسبة التضخم في أوروبا ووصولها إلى مستويات قياسية وارتفاع الأسعار، ما أثر سلبا على القدرة الشرائية للمواطنين في الدول الأوروبية.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك