يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
انقلاب على الصهيونية وإسرائيل
تحول هائل يحدث في الفكر السياسي الغربي اليوم يتعلق بالموقف من الصهيونية وإسرائيل. هذا التحول تعبر عنه كتابات عدد كبير من المفكرين والباحثين والمحللين السياسيين. وهو يعتبر انقلابا بمعنى الكلمة على الصهيونية وإسرائيل.
على امتداد العقود الطويلة الماضية ظل الفكر السياسي الغربي في تياره الأكبر يحتفي بالصهيونية ويتبنى مقولاتها ويدافع عن إسرائيل بحرارة. وفي الوقت نفسه كان يقابل هذا نظرة عدم احترام بأخف التعبيرات للفكر العربي وللدول والشعوب العربية.
هذا الوضع تغير إلى حد كبير اليوم. لا نقول إنه تغير بالكامل، لكن تيارا واسعا في الغرب غير مواقفه وقناعاته.
السبب الأساسي لهذا التحول هو حرب إبادة غزة وما كشفت عنه من حقائق حول الصهيونية والمشروع الصهيوني وحول اسرائيل وحقيقتها.
الذي حدث أنه مع حرب إبادة غزة وتطوراتها اكتشف عدد كبير من المفكرين والمثقفين والمحللين في الغرب زيف الادعاءات الصهيونية والركائز الأساسية التي بسببها أيد الفكر الغربي الصهيونية وإسرائيل.
في مقدمة الادعاءات الكبرى التي سقطت وترسخت طويلا في صلب قناعات الغرب القول إن اسرائيل تمثل واحة الديمقراطية والحريات واحترام حقوق الإنسان في وسط عالم عربي دكتاتوري واستبدادي لا يكن احتراما للإنسان وحقوقه.
مع تطور حرب إبادة غزة اكتشفوا في الغرب أن الصهاينة والإسرائيليين لا يعرفون أي معنى لا للديمقراطية ولا للحرية ولا لحقوق الإنسان. اكتشفوا أنهم لا يعرفون أصلا أي احترام للقيم الأساسية التي تقوم عليها الديمقراطية والحرية، تابعوا في الغرب كيف يغتال الإسرائيليون بمنتهى الوحشية والهمجية حق الحياة نفسه ولا يترددون في استخدام أشنع الأساليب كي يسلبوا كل من على أرض غزة حقهم في الحياة بما في ذلك القتل جوعا.
ولعقود طويلة ظلوا في الغرب لديهم قناعة راسخة بأن إسرائيل رمز للتحضر والتقدم وسط دول عربية متخلفة لا علاقة لها بالتحضر والمدنية الحديثة.
ومع حرب إبادة غزة اكتشفوا في الغرب أن إسرائيل ليست فقط أبعد ما تكون عن المدنية والتحضر، بل لا علاقة لها بالإنسانية وبأبسط القيم الإنسانية.
ولعقود طويلة ظلوا في الغرب على قناعة راسخة بأن العرب إرهابيون، والدول العربية هي منبع الإرهاب وهي التي تصدره إلى العالم وتمثل خطرا عليه. وعلى امتداد سنوات طويلة تابعنا حملة ضارية في الغرب على الإسلام ذاته واعتباره دينا يشجع على الإرهاب ويفرز إرهابيين.
مع حرب إبادة غزة اكتشفوا في الغرب أن حتى كلمة إرهاب لم تعد تكفي لوصف الجرائم الوحشية التي يرتكبها الإسرائيليون. ليس هذا فحسب بل تابعوا كيف أن رجال دين يهود وساسة يبررون قتل الأطفال وإبادة كل الفلسطينيين بلا تردد باعتباره واجبا دينيا.
هذه بعض الجوانب الأساسية التي ارتبطت بحرب إبادة غزة وقادت إلى تحول كبير في الفكر السياسي الغربي وانقلابه على الصهيونية وإسرائيل.
هذا التحول ارتبطت به مواقف سياسية محددة أصبحت تلقى قبولا واسعا في الغرب. من هذه المواقف اعتبار أن إسرائيل لا تدافع عن القيم الغربية وإنما مرغت هذه القيم في التراب وجعلت الغرب كله موضع إدانة واتهام. وأهم هذه المواقف دعوة الدول الغربية إلى النأي بنفسها عن إسرائيل ومقاطعتها وحتى الانضمام إلى الحملة المطالبة بمحاكمة ومساءلة المسؤولين الإسرائيليين.
طبعا هذا التحول حدث على مستوى الفكر السياسي الغربي وعلى مستوى قطاعات واسعة من الشعوب الغربية. لكنه لم يحدث على مستوى المواقف الرسمية للدول الغربية التي مازالت رغم مواقفها الإنشائية تعتبر إسرائيل أداتها الكبرى لتحقيق مخططاتها في المنطقة العربية.
المفروض أن تستغل الدول العربية هذا التحول في الغرب لتنظيم حملات هادئة مدروسة للدفاع عن الثقافة العربية والفكر العربي والمصالح العربية في الغرب وتقديم الصورة الحقيقية للعرب، وفي مواجهة المشروع الصهيوني وخطره على العرب.
لكن للأسف نحن في الدول العربية لا نهتم بمثل هذه الأمور.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك