العدد : ١٧٣١٤ - الاثنين ١٨ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣١٤ - الاثنين ١٨ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٤ صفر ١٤٤٧هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

لكن صوت الحق لا يموت

هذه‭ ‬المرة‭ ‬لم‭ ‬يكلف‭ ‬مجرمو‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيليون‭ ‬أنفسهم‭ ‬عناء‭ ‬نفي‭ ‬استهداف‭ ‬الصحفيين‭ ‬واغتيالهم‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬ولم‭ ‬يرددوا‭ ‬ادعاءاتهم‭ ‬الكاذبة‭ ‬السابقة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬يقتلون‭ ‬فيها‭ ‬صحفيا‭ ‬بأن‭ ‬الأمر‭ ‬حدث‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬الخطأ‭ ‬او‭ ‬سوء‭ ‬التقدير‭.‬

هذه‭ ‬المرة‭ ‬اعترفوا‭ ‬هم‭ ‬بكل‭ ‬اجرام‭ ‬ووحشية‭ ‬بأنهم‭ ‬تعمدوا‭ ‬شن‭ ‬العدوان‭ ‬على‭ ‬خيمة‭ ‬الصحفيين‭ ‬التي‭ ‬استشهد‭ ‬فيها‭ ‬مراسلا‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬أنس‭ ‬الشريف‭ ‬ومحمد‭ ‬قريقع،‭ ‬و4‭ ‬آخرين‭ ‬من‭ ‬طاقم‭ ‬القناة‭. ‬والتبرير‭ ‬الذي‭ ‬قدموه‭ ‬هو‭ ‬ان‭ ‬انس‭ ‬الشريف‭ ‬إرهابي‭ ‬وأحد‭ ‬قادة‭ ‬حماس‭.‬

ليس‭ ‬هذا‭ ‬التبرير‭ ‬غريبا‭ ‬على‭ ‬المجرمين‭ ‬الإسرائيليين‭. ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬على‭ ‬ارض‭ ‬غزة‭ ‬إرهابي‭ ‬يستحق‭ ‬القتل‭ ‬وهم‭ ‬يقولون‭ ‬هذا‭ ‬صراحة‭. ‬حتى‭ ‬الأطفال‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭ ‬ارهابيون‭ ‬لأنهم‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يكبروا‭ ‬وينضموا‭ ‬الى‭ ‬صفوف‭ ‬المقاومة‭ ‬ولهذا‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬يقتلوا‭. ‬أحد‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬قال‭ ‬مرة‭ ‬ان‭ ‬غزة‭ ‬ليس‭ ‬فيها‭ ‬مدنيون‭ ‬وكلهم‭ ‬ارهابيون‭ ‬لأن‭ ‬حماس‭ ‬منهم‭ ‬ولأنهم‭ ‬لم‭ ‬يمنعوا‭ ‬حماس‭ ‬من‭ ‬شن‭ ‬هجوم‭ ‬على‭ ‬اسرائيل‭.‬

بهذا‭ ‬المنطق‭ ‬الوحشي‭ ‬ترتكب‭ ‬إسرائيل‭ ‬كل‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والابادة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬جرائم‭ ‬قتل‭ ‬الصحفيين‭.‬

بالطبع‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬للمجرمين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬ان‭ ‬تواتيهم‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الجرأة‭ ‬الاجرامية‭ ‬ويعترفوا‭ ‬بتعمد‭ ‬اغتيال‭ ‬صحفيي‭ ‬قناة‭ ‬الجزيرة‭ ‬لولا‭ ‬ان‭ ‬الكل‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬يقف‭ ‬عاجزا‭ ‬عن‭ ‬ردعهم‭ ‬وعن‭ ‬اجبارهم‭ ‬على‭ ‬وقف‭ ‬جرائم‭ ‬الإبادة‭ ‬وعلى‭ ‬محاسبتهم‭.‬

لسنا‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬توضيح‭ ‬لماذا‭ ‬يرتكبون‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬باغتيال‭ ‬الصحفيين‭.‬

صحيح‭ ‬ان‭ ‬الصحفيين‭ ‬مثلهم‭ ‬مثل‭ ‬كل‭ ‬اهل‭ ‬غزة‭ ‬يتعرضون‭ ‬لجرائم‭ ‬الإبادة‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬ولكنهم‭ ‬بالنسبة‭ ‬لمجرمي‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬مصدر‭ ‬خطورة‭ ‬خاص‭.‬

منذ‭ ‬بدأت‭ ‬حرب‭ ‬ابادة‭ ‬غزة‭ ‬يقود‭ ‬الصحفيون‭ ‬معركة‭ ‬نبيلة‭ ‬كبرى‭ ‬سلاحها‭ ‬الكلمة‭ ‬والصوت‭ ‬والصورة‭.. ‬معركة‭ ‬نقل‭ ‬الحقيقة‭ ‬الى‭ ‬العالم‭.. ‬معركة‭ ‬تقديم‭ ‬الصورة‭ ‬الحقيقية‭ ‬لجرائم‭ ‬الحرب‭ ‬والابادة‭ ‬البشعة‭ ‬التي‭ ‬ترتكبها‭ ‬إسرائيل‭.. ‬معركة‭ ‬فضح‭ ‬كذب‭ ‬وزيف‭ ‬الرواية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المضللة‭.‬

في‭ ‬سبيل‭ ‬هذه‭ ‬المهمة‭ ‬التاريخية‭ ‬قدم‭ ‬الصحفيون‭ ‬تضحيات‭ ‬جسيمة‭. ‬وأي‭ ‬ي‭ ‬تضحيات‭ ‬اكبر‭ ‬من‭ ‬الروح؟‭.. ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬240‭ ‬صحفيا‭ ‬قتلهم‭ ‬الاحتلال‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وهو‭ ‬أكبر‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الصحفيين‭ ‬يتم‭ ‬قتله‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬حرب‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

هذه‭ ‬التضحيات‭ ‬لم‭ ‬تذهب‭ ‬سدى‭.‬

بفضل‭ ‬الصحفيين‭ ‬وعملهم‭ ‬البطولي‭ ‬يقف‭ ‬الرأي‭ ‬العام‭ ‬العالمي‭ ‬كله‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬إسرائيل‭ ‬وجرائمها‭ ‬ويطالب‭ ‬بعزلها‭ ‬ومحاكمة‭ ‬قادتها‭.‬

بفضل‭ ‬الصحفيين‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يصدق‭ ‬الرواية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬او‭ ‬يتقبل‭ ‬أي‭ ‬تبرير‭ ‬لجرائمها‭.‬

بفضل‭ ‬الصحفيين‭ ‬أصبح‭ ‬العالم‭ ‬كله‭ ‬اليوم‭ ‬يدرك‭ ‬حقيقة‭ ‬الكيان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ككيان‭ ‬وحشي‭ ‬مجرم‭ ‬لا‭ ‬علاقة‭ ‬له‭ ‬بأي‭ ‬قانون‭ ‬او‭ ‬قيم‭ ‬إنسانية‭.‬

كل‭ ‬المنظمات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬أصدرت‭ ‬عشرات‭ ‬التقارير‭ ‬التي‭ ‬تفضح‭ ‬جرائم‭ ‬إسرائيل‭ ‬وتطالب‭ ‬بمحاسبة‭ ‬المجرمين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬تستند‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬أساسي‭ ‬منها‭ ‬الى‭ ‬عمل‭ ‬الصحفيين‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬وما‭ ‬تكشفه‭ ‬تقاريرهم‭ ‬من‭ ‬حقائق‭ ‬دامغة‭.‬

اليوم‭ ‬وبعد‭ ‬جريمة‭ ‬اغتيال‭ ‬صحفيي‭ ‬الجزيرة‭ ‬خرجت‭ ‬البيانات‭ ‬من‭ ‬نقابات‭ ‬واتحادات‭ ‬الصحافة‭ ‬ومن‭ ‬منظمات‭ ‬دولية‭ ‬ومن‭ ‬دول‭ ‬تتحدث‭ ‬عن‭ ‬خرق‭ ‬إسرائيل‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬وتندد‭ ‬بالجريمة،‭ ‬وتطالب‭ ‬بحماية‭ ‬الصحفيين‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬بشكل‭ ‬أصبح‭ ‬روتينيا‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬الجرائم‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

لكن‭ ‬تبقى‭ ‬الحقيقة‭ ‬الفاضحة‭ ‬ان‭ ‬العالم‭ ‬عاجز‭ ‬عن‭ ‬وقف‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬وعن‭ ‬إيقاف‭ ‬هؤلاء‭ ‬المجرمين‭ ‬عند‭ ‬حدهم‭.‬

ومع‭ ‬هذا‭ ‬لم‭ ‬تذهب‭ ‬التضحيات‭ ‬عبثا،‭ ‬وسيأتي‭ ‬يوم‭ ‬الحساب‭ ‬حتما‭.. ‬اليوم‭ ‬الذي‭ ‬يدفع‭ ‬فيه‭ ‬هؤلاء‭ ‬القتلة‭ ‬ثمن‭ ‬جرائمهم‭ ‬الوحشية‭. ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬حكم‭ ‬التاريخ‭ ‬الذي‭ ‬نعرفه‭. ‬حكم‭ ‬التاريخ‭ ‬ان‭ ‬المجرمين‭ ‬يستطيعون‭ ‬القتل‭ ‬والاغتيال‭ ‬والتدمير،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬صوت‭ ‬الحق‭ ‬لا‭ ‬يموت‭.. ‬وصوت‭ ‬الحق‭ ‬الذي‭ ‬اعلاه‭ ‬الصحفيون‭ ‬بأرواحهم‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬ان‭ ‬يموت‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا