العدد : ١٧٣٠٩ - الأربعاء ١٣ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ١٩ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٠٩ - الأربعاء ١٣ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ١٩ صفر ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

محور طهران - موسكو - بكين.. إلى أين؟

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الثلاثاء ١٢ أغسطس ٢٠٢٥ - 02:00

رصدت‭ ‬التحليلات‭ ‬الغربية،‭ ‬في‭ ‬أعقاب‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬اندلعت‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإسرائيل‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2025،‭ ‬مواقف‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا،‭ ‬الحليفين‭ ‬الأبرز‭ ‬لطهران‭. ‬ورغم‭ ‬العلاقات‭ ‬الوثيقة‭ ‬والاتفاقيات‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬بدت‭ ‬ردود‭ ‬بكين‭ ‬وموسكو‭ ‬باهتة‭ ‬أمام‭ ‬التصعيد‭ ‬العسكري‭ ‬الكبير،‭ ‬ما‭ ‬فتح‭ ‬باب‭ ‬التساؤلات‭ ‬حول‭ ‬متانة‭ ‬هذا‭ ‬المحور‭ ‬الثلاثي‭ ‬ومستقبله‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الضغوط‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬المتصاعدة‭.‬

وفي‭ ‬مقالها‭ ‬بمجلة‭ ‬فورين‭ ‬أفيرز،‭ ‬كتبت‭ ‬سوزان‭ ‬مالوني،‭ ‬نائبة‭ ‬رئيس‭ ‬مؤسسة‭ ‬بروكينغز‭ ‬والمستشارة‭ ‬السابقة‭ ‬بوزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬أن‭ ‬الضربات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬13‭ ‬يونيو‭ ‬2025،‭ ‬والتي‭ ‬توسعت‭ ‬بمشاركة‭ ‬أمريكية‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬يونيو،‭ ‬شكّلت‭ ‬صدمة‭ ‬للنظام‭ ‬الإيراني‭ ‬وجزء‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬العالم،‭ ‬رغم‭ ‬التحذيرات‭ ‬السابقة‭ ‬والاستعدادات‭ ‬المعلنة‭.‬

وأشارت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬رد‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا،‭ ‬أبرز‭ ‬شركاء‭ ‬إيران،‭ ‬لم‭ ‬يتجاوز‭ ‬إدانات‭ ‬فاترة،‭ ‬دون‭ ‬تحرك‭ ‬ملموس‭ ‬لردع‭ ‬التصعيد‭. ‬وكتب‭ ‬جرانت‭ ‬روملي،‭ ‬بمعهد‭ ‬واشنطن‭ ‬لسياسة‭ ‬الشرق‭ ‬الأدنى،‭ ‬وكريج‭ ‬سينجلتون‭ ‬بمؤسسة‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الديمقراطيات‭ ‬في‭ ‬فورين‭ ‬بوليسي‭ ‬أن‭ ‬الرد‭ ‬الصيني‭ ‬اقتصر‭ ‬على‭ ‬سيل‭ ‬من‭ ‬البيانات‭ ‬الخطابية،‭ ‬دون‭ ‬فائدة‭.‬

ورغم‭ ‬دعم‭ ‬طهران‭ ‬لحرب‭ ‬موسكو‭ ‬ضد‭ ‬أوكرانيا‭ ‬عبر‭ ‬إرسال‭ ‬أسلحة‭ ‬ومعدات،‭ ‬أوضحت‭ ‬إلينا‭ ‬دافليكانوفا،‭ ‬بمركز‭ ‬تحليل‭ ‬السياسات‭ ‬الأوروبية،‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬لم‭ ‬ترد‭ ‬بالمثل‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2025‭. ‬واستخلص‭ ‬ألكسندر‭ ‬بالمر‭ ‬وصوفيا‭ ‬سيزونينكو،‭ ‬بمركز‭ ‬الدراسات‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬والدولية،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬كشفت‭ ‬للقيادة‭ ‬الإيرانية‭ ‬ماهية‭ ‬صداقة‭ ‬روسيا‭ ‬الحقيقية‭.‬

ومع‭ ‬استمرار‭ ‬ابتعاد‭ ‬بكين‭ ‬وموسكو‭ ‬عن‭ ‬الأزمة‭ ‬الإيرانية‭ ‬دون‭ ‬تدخل‭ ‬دبلوماسي‭ ‬أو‭ ‬عسكري‭ ‬فعّال،‭ ‬بات‭ ‬تأثيرهما‭ ‬على‭ ‬مجريات‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬محدودًا،‭ ‬شأنه‭ ‬شأن‭ ‬قدرتهما‭ ‬على‭ ‬حماية‭ ‬مصالحهما‭ ‬الجيوسياسية‭ ‬والاقتصادية‭. ‬أشار‭ ‬أحمد‭ ‬أبو‭ ‬دوح،‭ ‬بالمعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للشؤون‭ ‬الدولية،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التجارة‭ ‬والاستثمارات‭ ‬الصينية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬بمنأى‭ ‬عن‭ ‬المواجهة،‭ ‬لكن‭ ‬أي‭ ‬تصعيد‭ ‬إقليمي‭ ‬مستقبلي‭ ‬سيزيد‭ ‬من‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬مصالح‭ ‬الصين،‭ ‬خاصة‭ ‬واردات‭ ‬الطاقة‭ ‬من‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭.‬

ومنذ‭ ‬دخول‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬المؤقت‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وإيران‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬يونيو،‭ ‬ناقش‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المعلقين‭ ‬الغربيين‭ ‬آثار‭ ‬الصراع‭ ‬على‭ ‬التوازن‭ ‬الجيوسياسي‭. ‬وأشارت‭ ‬سوزان‭ ‬مالوني‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الانتكاسات‭ ‬التي‭ ‬تعرّض‭ ‬لها‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬فاقمت‭ ‬من‭ ‬انهيار‭ ‬المسرح‭ ‬الجيوسياسي‭ ‬الإيراني،‭ ‬الذي‭ ‬بدأ‭ ‬مع‭ ‬التوترات‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬وانهيار‭ ‬نظام‭ ‬الأسد‭ ‬في‭ ‬سوريا‭.‬

أما‭ ‬ليون‭ ‬آرون،‭ ‬بمعهد‭ ‬أمريكان‭ ‬إنتربرايز،‭ ‬فأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬محور‭ ‬إيران‭ ‬وروسيا‭ ‬انهار‭ ‬تحت‭ ‬الضغط،‭ ‬رغم‭ ‬مخاوف‭ ‬الغرب‭ ‬الطويلة‭ ‬منه‭. ‬وعلى‭ ‬صعيد‭ ‬العلاقة‭ ‬مع‭ ‬الصين،‭ ‬رأت‭ ‬دينا‭ ‬إسبانديان‭ ‬وآنا‭ ‬جاكوبس،‭ ‬بمجموعة‭ ‬الأزمة‭ ‬الدولية،‭ ‬أن‭ ‬بكين‭ ‬لعبت‭ ‬دورًا‭ ‬حاسمًا‭ ‬في‭ ‬وساطتها‭ ‬بين‭ ‬طهران‭ ‬والرياض‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬عبر‭ ‬تقديم‭ ‬ضمانات‭ ‬ومساعدة‭ ‬الجانبين‭ ‬في‭ ‬تجاوز‭ ‬مخاوفهما‭.‬

ووفقًا‭ ‬لمعهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬اعتُبرت‭ ‬الوساطة‭ ‬الصينية‭ ‬بداية‭ ‬لتقويض‭ ‬الهيمنة‭ ‬الغربية‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬مع‭ ‬استقبال‭ ‬بكين‭ ‬وفودًا‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬المسؤولين‭ ‬لمناقشة‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬قضايا‭ ‬الأعمال‭ ‬والتجارة‭. ‬وعلّق‭ ‬أندريا‭ ‬جيزيلي،‭ ‬بجامعة‭ ‬إكستر‭ ‬البريطانية،‭ ‬بأن‭ ‬الصين‭ ‬عززت‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬ولم‭ ‬تعد‭ ‬مجرد‭ ‬لاعب‭ ‬بعيد‭ ‬أو‭ ‬ثانوي‭.‬

وخلال‭ ‬الصراع‭ ‬الذي‭ ‬استمر‭ ‬12‭ ‬يومًا‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬2025،‭ ‬وثّق‭ ‬جرانت‭ ‬روملي‭ ‬وكريج‭ ‬سينجلتون‭ ‬كيف‭ ‬اكتفت‭ ‬بكين‭ ‬بإصدار‭ ‬بيانات‭ ‬صحفية‭ ‬تُدين‭ ‬التصعيد،‭ ‬دون‭ ‬اتخاذ‭ ‬أي‭ ‬خطوات‭ ‬ملموسة‭. ‬وفي‭ ‬السياق‭ ‬ذاته،‭ ‬أشار‭ ‬جون‭ ‬كالابريز‭ ‬من‭ ‬معهد‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬رد‭ ‬فعل‭ ‬الصين‭ ‬جاء‭ ‬منسجمًا‭ ‬مع‭ ‬نهجها‭ ‬المعروف‭ ‬بـعدم‭ ‬التحالف‭ ‬النشط،‭ ‬بهدف‭ ‬ترسيخ‭ ‬صورتها‭ ‬كـفاعل‭ ‬دولي‭ ‬مسؤول‭. ‬

ومن‭ ‬جانبه،‭ ‬نوّه‭ ‬أحمد‭ ‬أبو‭ ‬دوح‭ ‬إلى‭ ‬افتقار‭ ‬الصين‭ ‬للنفوذ‭ ‬السياسي‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬نفسها‭ ‬كوسيط،‭ ‬بسبب‭ ‬انعدام‭ ‬الثقة‭ ‬المتبادل‭ ‬مع‭ ‬طهران،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬عجزها‭ ‬عن‭ ‬التأثير‭ ‬في‭ ‬سلوك‭ ‬ائتلاف‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬المتشدد‭.‬

وفي‭ ‬ظل‭ ‬تحفظها‭ ‬الدائم‭ ‬تجاه‭ ‬الانخراط‭ ‬في‭ ‬نزاعات‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬خاصة‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬تشمل‭ ‬تدخلًا‭ ‬أمريكيًا،‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬مفاجئًا‭ ‬أن‭ ‬تثير‭ ‬دافليكانوفا‭ ‬مسألة‭ ‬خيبة‭ ‬الأمل‭ ‬الإيرانية‭ ‬العميقة‭ ‬من‭ ‬رد‭ ‬الفعل‭ ‬المخزي‭ ‬لموسكو‭ ‬تجاه‭ ‬الهجمات‭ ‬الأمريكية‭ ‬والإسرائيلية،‭ ‬رغم‭ ‬توقيع‭ ‬البلدين‭ ‬في‭ ‬يناير‭ ‬معاهدة‭ ‬شراكة‭ ‬استراتيجية،‭ ‬تعهدت‭ ‬فيها‭ ‬روسيا‭ ‬بتعزيز‭ ‬العلاقات‭ ‬العسكرية‭ ‬والسياسية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬مع‭ ‬إيران‭. ‬وفي‭ ‬نهاية‭ ‬المطاف،‭ ‬لم‭ ‬يصدر‭ ‬عن‭ ‬فلاديمير‭ ‬بوتين‭ ‬سوى‭ ‬تصريح‭ ‬مقتضب‭ ‬وصف‭ ‬فيه‭ ‬القصف‭ ‬الأمريكي‭ ‬لإيران‭ ‬بأنه‭ ‬عدوان‭ ‬غير‭ ‬مبرر‭.‬

ويُذكر‭ ‬أيضًا‭ ‬أن‭ ‬روسيا‭ ‬استخدمت‭ ‬آلاف‭ ‬الطائرات‭ ‬المُسيّرة‭ ‬الإيرانية‭ ‬المسلحة‭ ‬في‭ ‬حربها‭ ‬بأوكرانيا،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬صواريخ‭ ‬باليستية‭ ‬قصيرة‭ ‬المدى‭. ‬وقد‭ ‬علّق‭ ‬فابيان‭ ‬هينز‭ ‬من‭ ‬المعهد‭ ‬الدولي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬2024،‭ ‬بأن‭ ‬تسليم‭ ‬هذه‭ ‬الصواريخ‭ ‬يمثل‭ ‬مرحلة‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬التعاون‭ ‬العسكري‭ ‬بين‭ ‬موسكو‭ ‬وطهران‭.‬

وفي‭ ‬الشهر‭ ‬نفسه،‭ ‬قيّم‭ ‬مارك‭ ‬ن‭. ‬كاتز،‭ ‬الزميل‭ ‬الأقدم‭ ‬غير‭ ‬المقيم‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬الأطلسي،‭ ‬رغبة‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬مقاتلات‭ ‬سو‭-‬35‭ ‬وأنظمة‭ ‬إس‭-‬400‭ ‬من‭ ‬روسيا،‭ ‬لكن‭ ‬نظام‭ ‬بوتين‭ ‬بدا‭ ‬مترددًا‭ ‬في‭ ‬الاستجابة‭. ‬وبعد‭ ‬الغارات‭ ‬الجوية‭ ‬على‭ ‬منشآت‭ ‬ومدن‭ ‬نووية‭ ‬إيرانية‭ ‬دون‭ ‬رد،‭ ‬أفادت‭ ‬تقارير‭ ‬يوليو‭ ‬2025‭ ‬بأن‭ ‬الجيش‭ ‬الإيراني‭ ‬أجرى‭ ‬أول‭ ‬اختباراته‭ ‬الداخلية‭ ‬لنظام‭ ‬إس‭-‬400‭.‬

أما‭ ‬عن‭ ‬غياب‭ ‬دعم‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬الهجمات‭ ‬الأمريكية‭ ‬والإسرائيلية،‭ ‬فرجّح‭ ‬أبو‭ ‬دوح‭ ‬أن‭ ‬السبب‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬مخاوف‭ ‬الصين‭ ‬بشأن‭ ‬ضعف‭ ‬الجيش‭ ‬الإيراني،‭ ‬بينما‭ ‬أشار‭ ‬جيزيلي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الجغرافيا‭ ‬السياسية‭ ‬للشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬ليست‭ ‬ضمن‭ ‬أولويات‭ ‬بكين‭ ‬القصوى،‭ ‬ما‭ ‬يفسر‭ ‬نهجها‭ ‬منخفض‭ ‬الالتزام‭ ‬خلال‭ ‬الأزمات‭.‬

وعن‭ ‬روسيا،‭ ‬ترى‭ ‬دافليكانوفا‭ ‬أن‭ ‬ترددها‭ ‬أصبح‭ ‬سمة‭ ‬مميزة‭ ‬لسياستها‭ ‬الخارجية،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬رفض‭ ‬الكرملين‭ ‬دعم‭ ‬أرمينيا‭ ‬ضد‭ ‬أذربيجان،‭ ‬وعجزه‭ ‬عن‭ ‬مساندة‭ ‬الأسد‭ ‬خلال‭ ‬هجوم‭ ‬المتمردين‭ ‬في‭ ‬ديسمبر‭ ‬2024‭.‬

قدّم‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬السابق‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب‭ ‬تفسيرًا‭ ‬لرد‭ ‬الفعل‭ ‬الهادئ‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا،‭ ‬معتبرًا‭ ‬أن‭ ‬قادتهما‭ ‬يراقبون‭ ‬الضربات‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬يونيو،‭ ‬ويرون‭ ‬أن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تمتلك‭ ‬أقوى‭ ‬جيش‭ ‬في‭ ‬العالم‭.‬

في‭ ‬المقابل،‭ ‬أشار‭ ‬أبو‭ ‬دوح‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الصين‭ ‬حققت‭ ‬انتصارات‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬التصعيد،‭ ‬أبرزها‭ ‬شراء‭ ‬النفط‭ ‬الإيراني‭ ‬دون‭ ‬عقوبات‭ ‬وتأمين‭ ‬عقود‭ ‬لإعادة‭ ‬بناء‭ ‬اقتصاد‭ ‬إيران،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تشتيت‭ ‬انتباه‭ ‬إدارة‭ ‬ترامب‭ ‬عن‭ ‬منطقة‭ ‬المحيطين‭ ‬الهندي‭ ‬والهادئ‭. ‬أما‭ ‬روسيا،‭ ‬فبحسب‭ ‬بالمر‭ ‬وسيزونينكو،‭ ‬فهي‭ ‬تسعى‭ ‬إلى‭ ‬موازنة‭ ‬شراكتها‭ ‬مع‭ ‬إيران‭ ‬مع‭ ‬حماية‭ ‬مصالحها‭ ‬الأوسع‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬ما‭ ‬يجعلها‭ ‬الرابح‭ ‬استراتيجيًا‭.‬

ورغم‭ ‬امتناع‭ ‬شركاء‭ ‬إيران‭ ‬الدوليين‭ ‬عن‭ ‬التدخل،‭ ‬يرى‭ ‬محللون‭ ‬غربيون‭ ‬أن‭ ‬طهران‭ ‬ستستمر‭ ‬في‭ ‬إحياء‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭. ‬وقد‭ ‬تساءل‭ ‬مارك‭ ‬فيتزباتريك،‭ ‬بالمعهد‭ ‬الدولي‭ ‬للدراسات‭ ‬الاستراتيجية،‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬النظام،‭ ‬مدفوع‭ ‬بالغضب‭ ‬القومي‭ ‬والدفاع،‭ ‬قد‭ ‬يتجه‭ ‬سرًا‭ ‬نحو‭ ‬إنتاج‭ ‬عدد‭ ‬محدود‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬النووية‭.‬

وبعد‭ ‬قرابة‭ ‬الشهرين‭ ‬على‭ ‬الضربات‭ ‬الأمريكية‭ ‬والإسرائيلية،‭ ‬أشارت‭ ‬داريا‭ ‬دولزيكوفا‭ ‬وماثيو‭ ‬سافيل،‭ ‬بالمعهد‭ ‬الملكي‭ ‬للخدمات‭ ‬المتحدة،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حجم‭ ‬الضرر‭ ‬الفعلي‭ ‬للبرنامج‭ ‬النووي‭ ‬الإيراني‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬غير‭ ‬معروف‭. ‬ورغم‭ ‬تأكيد‭ ‬ترامب‭ ‬تدمير‭ ‬المنشآت‭ ‬الأساسية،‭ ‬أفاد‭ ‬تقرير‭ ‬من‭ ‬وزارة‭ ‬الدفاع‭ ‬الأمريكية‭ ‬بأن‭ ‬البرنامج‭ ‬يمكن‭ ‬استعادته‭ ‬خلال‭ ‬أشهر‭. ‬ومع‭ ‬بقاء‭ ‬مخزون‭ ‬اليورانيوم‭ ‬المخصب‭ ‬الذي‭ ‬يفوق‭ ‬8000‭ ‬كيلوجرام‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬خسائر‭ ‬كبيرة،‭ ‬رجّح‭ ‬فيتزباتريك‭ ‬إمكانية‭ ‬إنتاج‭ ‬إيران‭ ‬ما‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬عشر‭ ‬قنابل‭ ‬نووية‭ ‬خلال‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭.‬

وفي‭ ‬سياق‭ ‬متصل،‭ ‬كشفت‭ ‬فاينانشال‭ ‬تايمز‭ ‬عن‭ ‬زيارات‭ ‬سرية‭ ‬لعلماء‭ ‬نوويين‭ ‬إيرانيين‭ ‬إلى‭ ‬روسيا‭ ‬منذ‭ ‬2024‭. ‬وبينما‭ ‬أشار‭ ‬إيان‭ ‬ستيوارت،‭ ‬بمركز‭ ‬جيمس‭ ‬مارتن‭ ‬لدراسات‭ ‬منع‭ ‬الانتشار،‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬تفسيرات‭ ‬مدنية‭ ‬ممكنة،‭ ‬فإنه‭ ‬استنتج‭ ‬أن‭ ‬منظمة‭ ‬الابتكار‭ ‬والبحث‭ ‬الدفاعي‭ ‬الإيرانية‭ ‬تسعى‭ ‬للحفاظ‭ ‬على‭ ‬معرفتها‭ ‬النووية‭ ‬عبر‭ ‬الخبرة‭ ‬الروسية‭.‬

وانطلاقًا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬البرنامج‭ ‬لم‭ ‬يُقضَ‭ ‬عليه‭ ‬وقد‭ ‬يحصل‭ ‬على‭ ‬دعم‭ ‬خارجي‭ ‬متزايد،‭ ‬ترى‭ ‬مالوني‭ ‬أن‭ ‬القضاء‭ ‬عليه‭ ‬يتطلب‭ ‬إما‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬أو‭ ‬تغيير‭ ‬النظام،‭ ‬مؤكدة‭ ‬أن‭ ‬الخيار‭ ‬الدبلوماسي‭ ‬هو‭ ‬الوحيد‭ ‬المتاح‭ ‬حاليًا‭. ‬وبناء‭ ‬عليه،‭ ‬فإن‭ ‬احتمال‭ ‬شن‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإسرائيل‭ ‬هجمات‭ ‬جديدة‭ ‬ضد‭ ‬إيران‭ ‬يبدو‭ ‬واقعيًا‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬المقبلة‭.‬

وأوضح‭ ‬أبو‭ ‬دوح‭ ‬أن‭ ‬معضلة‭ ‬هرمز‭ ‬أصبحت‭ ‬أكثر‭ ‬خطورة‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬الصين،‭ ‬التي‭ ‬تعتمد‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬نفط‭ ‬الخليج،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة‭ ‬والتنمية‭ ‬الوطنية‭ ‬في‭ ‬بكين‭ ‬عرضة‭ ‬لأي‭ ‬تصعيد‭. ‬وخلص‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬السيناريو‭ ‬المثالي‭ ‬للصين‭ ‬هو‭ ‬اتفاق‭ ‬دبلوماسي‭ ‬بين‭ ‬إيران‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لتقليل‭ ‬خطر‭ ‬الصراع‭.‬

ومن‭ ‬جانبه،‭ ‬أشار‭ ‬جيزيلي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬نفوذ‭ ‬الصين‭ ‬يتوسع‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬الظروف‭ ‬الإقليمية‭ ‬مواتية،‭ ‬لذا‭ ‬يُتوقع‭ ‬أن‭ ‬تحافظ‭ ‬على‭ ‬استراتيجيتها‭ ‬التحوطية،‭ ‬بما‭ ‬يشمل‭ ‬إصلاح‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬وتشجيع‭ ‬إيران‭ ‬على‭ ‬اتفاق‭ ‬نووي‭ ‬مع‭ ‬واشنطن،‭ ‬مع‭ ‬الاستمرار‭ ‬في‭ ‬استيراد‭ ‬النفط‭ ‬الإيراني‭ ‬لدعم‭ ‬اقتصادها‭.‬

أما‭ ‬روسيا،‭ ‬فبحسب‭ ‬دافليكانوفا،‭ ‬فإن‭ ‬انشغالها‭ ‬في‭ ‬أوكرانيا‭ ‬قلل‭ ‬من‭ ‬شهية‭ ‬أو‭ ‬قدرة‭ ‬موسكو‭ ‬على‭ ‬خوض‭ ‬مواجهات‭ ‬جديدة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬شكّل‭ ‬مفاجأة‭ ‬غير‭ ‬سارة‭ ‬لطهران‭ ‬رغم‭ ‬دعمها‭ ‬السابق‭ ‬لروسيا‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬أكد‭ ‬فيتزباتريك‭ ‬أن‭ ‬دافع‭ ‬إيران‭ ‬للردع‭ ‬النووي‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬قائمًا،‭ ‬وأن‭ ‬استمرار‭ ‬برنامجها‭ ‬النووي‭ ‬سيُبقي‭ ‬التهديدات‭ ‬الأمريكية‭ ‬والإسرائيلية‭ ‬نشطة،‭ ‬مما‭ ‬يزيد‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬علاقاتها‭ ‬مع‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬ويختبر‭ ‬مدى‭ ‬صلابتها‭ ‬إقليميًا‭.‬

وتُظهر‭ ‬القراءة‭ ‬الغربية‭ ‬لما‭ ‬بعد‭ ‬الحرب‭ ‬أن‭ ‬إيران‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬المواجهة‭ ‬بحلفاء‭ ‬مترددين،‭ ‬وتحديات‭ ‬إقليمية‭ ‬متفاقمة،‭ ‬وبرنامج‭ ‬نووي‭ ‬تحت‭ ‬الرقابة‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يُقضَ‭ ‬عليه‭. ‬وبين‭ ‬صمت‭ ‬الصين،‭ ‬وتردّد‭ ‬روسيا،‭ ‬وتعاظم‭ ‬الضغوط‭ ‬الأمريكية‭ ‬والإسرائيلية،‭ ‬تجد‭ ‬طهران‭ ‬نفسها‭ ‬أمام‭ ‬معادلة‭ ‬معقّدة‭ ‬تتطلب‭ ‬إعادة‭ ‬حسابات‭ ‬في‭ ‬تحالفاتها،‭ ‬واستراتيجية‭ ‬حذرة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬المتغيرات‭ ‬الدولية‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا