العدد : ١٧٣٠٨ - الثلاثاء ١٢ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٠٨ - الثلاثاء ١٢ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ صفر ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

مؤشرات تشير إلى ضرورة التغيير

بقلم: د. زكريا الخنجي

الأحد ١٠ أغسطس ٢٠٢٥ - 02:00

في‭ ‬تجربة‭ ‬مثيرة‭ ‬للاهتمام،‭ ‬في‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الصديقة،‭ ‬ذهبت‭ ‬مع‭ ‬أحد‭ ‬الأخوة‭ ‬الأصدقاء‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬مستشارا‭ ‬إداريا‭ ‬لمؤسسة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الاستشارة‭ ‬الإدارية‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬وقال‭ ‬لي‭ ‬الصديق‭: ‬فقط‭ ‬راقب،‭ ‬ولا‭ ‬تتحدث‭ ‬إلا‭ ‬إن‭ ‬طلب‭ ‬منك‭ ‬المسؤول‭ ‬الذي‭ ‬سوف‭ ‬نذهب‭ ‬لزيارته‭. ‬وافقت،‭ ‬فذهبنا‭.‬

جلسنا‭ ‬في‭ ‬مكتب‭ ‬فخم‭ ‬للمسؤول،‭ ‬تعرفنا،‭ ‬ثم‭ ‬بدأ‭ ‬يتحدث‭ ‬بكل‭ ‬ثقة‭ ‬وهو‭ ‬نافخ‭ ‬صدره‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬درجات‭ ‬الانتفاخ‭. ‬قال‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬كلامه‭ ‬‮«‬أنا‭ ‬مضطر‭ ‬إلى‭ ‬الاستعانة‭ ‬بشركتكم‭ ‬بهدف‭ ‬تقييم‭ ‬وضع‭ ‬مؤسساتنا،‭ ‬فهل‭ ‬هي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تغيير‭ ‬أم‭ ‬لا؟‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬طلب‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أني‭ ‬راض‭ ‬عن‭ ‬عمل‭ ‬المؤسسة،‭ ‬ولا‭ ‬أرغب‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬التغيير،‭ ‬فالأمور‭ ‬مستقرة‭ ‬ومستتبة‮»‬‭.‬

وبعد‭ ‬حوالي‭ ‬نصف‭ ‬ساعة‭ ‬من‭ ‬النقاش‭ ‬والحوار،‭ ‬قال‭ ‬صديقي‭ ‬للمسؤول‭: ‬‮«‬أنا‭ ‬أتفهم‭ ‬وضعك،‭ ‬فأنت‭ ‬تريد‭ ‬تقريرا‭ ‬صوريا‭ ‬حتى‭ ‬تثبت‭ ‬لمجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬أن‭ ‬المؤسسة‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تغيير،‭ ‬حسنا‭ ‬سنعمل‭ ‬تحت‭ ‬إمرتك‭ ‬بكل‭ ‬السبل‭ ‬الممكنة‮»‬‭.‬

خرجنا‭ ‬ومسؤول‭ ‬المؤسسة‭ ‬راض‭ ‬تمامًا‭ ‬عن‭ ‬أداء‭ ‬صديقي،‭ ‬ولكني‭ ‬لم‭ ‬أكن‭ ‬راضيًا،‭ ‬فقلت‭: ‬‮«‬لماذا‭ ‬جرت‭ ‬الأمور‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬النحو؟‭ ‬وكيف‭ ‬ترضى‭ ‬أن‭ ‬تجاريه‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الدرجة؟‮»‬،‭ ‬فابتسم‭ ‬صديقي‭ ‬وقال‭: ‬‮«‬كلهم‭ ‬في‭ ‬البداية‭ ‬لا‭ ‬يريدون‭ ‬إلا‭ ‬التقارير‭ ‬والأمور‭ ‬الصورية،‭ ‬ولكن‭ ‬عندما‭ ‬نقدم‭ ‬تقريرنا‭ ‬عن‭ ‬أوضاع‭ ‬المؤسسة،‭ ‬سيفاجأون‭ ‬ويراجعوننا‭ ‬مباشرة‭ ‬حتى‭ ‬نسهم‭ ‬في‭ ‬التغيير‭ ‬المؤسسي،‭ ‬بطريقة‭ ‬منهجية‭ ‬ومؤسسية،‭ ‬لا‭ ‬عليك‮»‬‭.‬

عمومًا،‭ ‬بعد‭ ‬حوالي‭ ‬شهر‭ ‬من‭ ‬عمل‭ ‬إجراء‭ ‬دراسات‭ ‬مسحية‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬تبين‭ ‬أن‭ ‬المؤسسة‭ ‬‭ ‬فعلاً‭ ‬‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تغيير،‭ ‬وربما‭ ‬بصورة‭ ‬كبيرة،‭ ‬فقلت‭ ‬لصاحبي‭: ‬والآن‭ ‬ماذا؟

ضحك‭ ‬وقال‭: ‬لا‭ ‬شيء،‭ ‬سنقدم‭ ‬له‭ ‬التقرير،‭ ‬وكذلك‭ ‬نسخة‭ ‬منه‭ ‬إلى‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة،‭ ‬وعليهم‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار،‭ ‬إما‭ ‬نعم‭ ‬للتغيير‭ ‬وإما‭ ‬لا‭.‬

انتظرنا‭ ‬شهرا‭ ‬آخر،‭ ‬وبعدها‭ ‬جاء‭ ‬خطاب‭ ‬من‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة،‭ ‬إنهم‭ ‬يرون‭ ‬أنه‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬للتغيير،‭ ‬وأن‭ ‬المؤسسة‭ ‬بانتظار‭ ‬صاحبي‭ ‬وشركته‭ ‬لوضع‭ ‬خطة‭ ‬متكاملة‭ ‬للتغيير،‭ ‬وهكذا‭ ‬بدأنا‭.‬

لا‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أتحدث‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬التجربة،‭ ‬ولكن‭ ‬دعوني‭ ‬أتحدث‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬عن‭ ‬بعض‭ ‬المؤشرات‭ ‬التي‭ ‬تدعو‭ ‬المؤسسات‭ ‬إلى‭ ‬السعي‭ ‬للتغيير،‭ ‬بمعنى‭ ‬آخر‭ ‬كيف‭ ‬نعرف‭ ‬أن‭ ‬المؤسسة‭ ‬التي‭ ‬نحن‭ ‬نديرها‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬تغيير،‭ ‬سواء‭ ‬كانت‭ ‬مؤسسة‭ ‬من‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬أو‭ ‬الخاص؟‭ ‬بمعنى‭ ‬ما‭ ‬المؤشرات‭ ‬أو‭ ‬الإشارات‭ ‬التي‭ ‬تدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المؤسسة‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬خطة‭ ‬للتغيير،‭ ‬سواء‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬لتحسين‭ ‬الأداء،‭ ‬أو‭ ‬للتكيف‭ ‬مع‭ ‬التغيرات‭ ‬في‭ ‬البيئة‭ ‬الخارجية،‭ ‬أو‭ ‬معالجة‭ ‬مشكلات‭ ‬داخلية،‭ ‬وهذه‭ ‬المؤشرات‭ ‬هي‭:  ‬

ضعف‭ ‬جودة‭ ‬الخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬للمواطنين‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بتراجع‭ ‬الأداء‭ ‬العام‭: ‬وفي‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يتضح‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬التأخر‭ ‬في‭ ‬إنجاز‭ ‬المعاملات‭ ‬أو‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬الشكاوى‭ ‬المتكررة‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬أو‭ ‬المستفيدين،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬انخفاض‭ ‬في‭ ‬مؤشرات‭ ‬رضا‭ ‬الجمهور‭.‬

أما‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬فيمكن‭ ‬أن‭ ‬يتضح‭ ‬هذا‭ ‬المؤشر‭ ‬في‭ ‬انخفاض‭ ‬الإنتاجية‭ ‬أو‭ ‬جودة‭ ‬المنتجات‭ ‬والخدمات،‭ ‬وكذلك‭ ‬في‭ ‬تراجع‭ ‬في‭ ‬الأرباح‭ ‬أو‭ ‬الإيرادات،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬زيادة‭ ‬في‭ ‬التكاليف‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬مبرر‭ ‬واضح‭.‬

عدم‭ ‬رضا‭ ‬العملاء‭: ‬قلنا‭ ‬دائمًا‭ ‬إنه‭ ‬كان‭ ‬يستخدم‭ ‬هذا‭ ‬المصطلح‭ ‬منذ‭ ‬سنوات،‭ ‬ولكن‭ ‬اليوم‭ ‬يستخدم‭ ‬مصطلح‭ ‬جديد‭ ‬وهو‭ (‬سعادة‭ ‬العميل‭)‬،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬عمل‭ ‬المؤسسة‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬أو‭ ‬الخاص‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يتمحور‭ ‬حول‭ ‬العميل،‭ ‬لذلك‭ ‬تعد‭ ‬هذه‭ ‬النقطة‭ ‬مؤشرًا،‭ ‬ويتبين‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬ارتفاع‭ ‬في‭ ‬شكاوى‭ ‬العملاء‭ ‬أو‭ ‬انخفاض‭ ‬في‭ ‬معدلات‭ ‬رضاهم،‭ ‬وفقدان‭ ‬حصة‭ ‬سوقية‭ ‬في‭ ‬المؤسسات‭ ‬الخاصة‭ ‬لصالح‭ ‬المنافسين،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تقييمات‭ ‬سلبية‭ ‬متكررة‭ ‬على‭ ‬المنصات‭ ‬المختلفة‭. ‬وعلى‭ ‬المؤسسات‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬تفكيرها‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المؤشر‭ ‬فلا‭ ‬توجد‭ ‬مؤسسة‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬عملاء‭. ‬

البيروقراطية‭ ‬وتعقيد‭ ‬الإجراءات‭ ‬ومقاومة‭ ‬التغيير‭ ‬أو‭ ‬الجمود‭ ‬المؤسسي‭: ‬لقد‭ ‬وجدنا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المؤشر‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬واضحًا‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬القطاع‭ ‬العام،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬غير‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص،‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬بنسبة‭ ‬أقل،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬على‭ ‬المؤسسات‭ ‬أن‭ ‬تعيد‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الإجراءات‭ ‬الطويلة‭ ‬وغير‭ ‬الفعالة،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬تزعج‭ ‬المراجع‭ ‬والعميل،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تكرار‭ ‬الأعمال‭ ‬أو‭ ‬ازدواجية‭ ‬المهام‭ ‬بين‭ ‬الإدارات،‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬الاعتماد‭ ‬المفرط‭ ‬على‭ ‬المعاملات‭ ‬الورقية‭ ‬وعدم‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬المعاملات‭ ‬الرقمي‭. ‬وربما‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬رفض‭ ‬الموظفين‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬القيادات‭ ‬لأي‭ ‬نوع‭ ‬التطوير‭ ‬أو‭ ‬التحديث،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬غياب‭ ‬ثقافة‭ ‬الابتكار‭ ‬والتحسين‭ ‬المستمر،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ضعف‭ ‬في‭ ‬تبني‭ ‬التقنيات‭ ‬الحديثة‭.‬

ضعف‭ ‬الروح‭ ‬المعنوية‭ ‬للموظفين‭: ‬وهذا‭ ‬يكون‭ ‬واضحًا‭ ‬في‭ ‬ارتفاع‭ ‬معدل‭ ‬دوران‭ ‬الموظفين‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالاستقالات،‭ ‬والإجازات‭ ‬المرضية‭ ‬والتغيب‭ ‬وما‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬وكذلك‭ ‬انخفاض‭ ‬في‭ ‬مستوى‭ ‬الالتزام‭ ‬أو‭ ‬الحماس‭ ‬للعمل،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬مقاومة‭ ‬التغيير‭ ‬أو‭ ‬ضعف‭ ‬التعاون‭ ‬بين‭ ‬أفراد‭ ‬فريق‭ ‬العمل،‭ ‬وهذا‭ ‬يحتاج‭ ‬من‭ ‬المؤسسة‭ ‬إلى‭ ‬إعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬كيفية‭ ‬إدارة‭ ‬المؤسسة‭ ‬والكفاءات‭ ‬الإدارية‭ ‬والمهنية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬موضوع‭ ‬الحوافز‭ ‬المالية‭ ‬والمعنوية،‭ ‬ويضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬إعادة‭ ‬إلى‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الجوانب‭ ‬الاجتماعية‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬المفروض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬ثقافة‭ ‬سارية‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭.‬

ضعف‭ ‬الكفاءة‭ ‬الإدارية‭ ‬والمالية‭: ‬وربما‭ ‬هنا‭ ‬لا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬المسؤول‭ ‬الإداري،‭ ‬فكل‭ ‬المؤسسات‭ ‬بها‭ ‬أعداد‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬المسؤولين‭ ‬الإداريين،‭ ‬ولكننا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬المسؤول‭ ‬الإداري‭ ‬القائد‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يظهر‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المؤسسات،‭ ‬فهو‭ ‬العملة‭ ‬النادرة،‭ ‬إذ‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬الأولى‭ ‬فإننا‭ ‬نشاهد‭ ‬كمًّا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬الهدر‭ ‬في‭ ‬الموارد‭ ‬أو‭ ‬ضعف‭ ‬الرقابة،‭ ‬وكذلك‭ ‬تأخر‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬الميزانيات‭ ‬أو‭ ‬المشاريع،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬ضعف‭ ‬في‭ ‬تقييم‭ ‬الأداء‭ ‬المؤسسي‭ ‬أو‭ ‬الفردي‭. ‬أما‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬وجود‭ ‬المسؤول‭ ‬الإداري‭ ‬القائد،‭ ‬فإن‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬تختفي‭ ‬لأن‭ ‬هذا‭ ‬المسؤول‭ ‬القائد‭ ‬يستطيع‭ ‬بكل‭ ‬سهولة‭ ‬ويسر‭ ‬أن‭ ‬يعيد‭ ‬ترتيب‭ ‬المعادلات‭ ‬والأولويات‭ ‬لصالح‭ ‬المؤسسة‭ ‬والأفراد،‭ ‬فلا‭ ‬هدر‭ ‬ولا‭ ‬تأخر‭.‬

عدم‭ ‬مواكبة‭ ‬التوجهات‭ ‬الوطنية‭ ‬أو‭ ‬الاستراتيجيات‭ ‬العليا‭: ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬وجدنا‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬تسير‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬والمؤسسات‭ ‬الخاصة‭ ‬والعامة‭ ‬تسير‭ ‬في‭ ‬أتجاه‭ ‬آخر،‭ ‬ربما‭ ‬يتقاطعان‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأماكن،‭ ‬ولكن‭ ‬بصورة‭ ‬عامة‭ ‬الجميع‭ ‬يسير‭ ‬في‭ ‬طريق‭ ‬متوازٍ،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬بكل‭ ‬وضوح‭ ‬عدم‭ ‬توافق‭ ‬بين‭ ‬خطط‭ ‬المؤسسة‭ ‬مع‭ ‬رؤية‭ ‬الدولة،‭ ‬وهذا‭ ‬حتمًا‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ضعف‭ ‬في‭ ‬المساهمة‭ ‬بتحقيق‭ ‬الأهداف‭ ‬الوطنية‭ ‬أو‭ ‬مؤشرات‭ ‬الأداء‭ ‬الحكومية،‭ ‬العامة‭ ‬والخاصة‭.‬

عدم‭ ‬وضوح‭ ‬الرؤية‭ ‬أو‭ ‬الأهداف‭: ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬وجدنا‭ ‬أن‭ ‬الإدارة‭ ‬العليا‭ ‬تضع‭ ‬أهدافا‭ ‬واستراتيجيات،‭ ‬ولكن‭ ‬هذه‭ ‬الأهداف‭ ‬والخطط‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬غائبة‭ ‬عن‭ ‬الموظفين‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬المؤسسة،‭ ‬فهؤلاء‭ ‬لا‭ ‬يعرفون‭ ‬أي‭ ‬أهداف‭ ‬ولا‭ ‬شيء،‭ ‬فهم‭ ‬يعملون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الراتب‭ ‬فقط،‭ ‬ومن‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭ ‬فإن‭ ‬بعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬لديها‭ ‬خطة‭ ‬استراتيجية‭ ‬واضحة،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يسبب‭ ‬تضاربا‭ ‬في‭ ‬الأدوار‭ ‬والمسؤوليات،‭ ‬مما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬ضعف‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭ ‬أو‭ ‬بطء‭ ‬في‭ ‬الاستجابة‭ ‬للتحديات‭.‬

مشكلات‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬الداخلية‭: ‬كل‭ ‬الذي‭ ‬ذكر‭ ‬سابقًا‭ ‬يؤدي‭ ‬بطريقة‭ ‬أو‭ ‬بأخرى‭ ‬إلى‭ ‬مشاكل‭ ‬داخلية‭ ‬في‭ ‬المؤسسة‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬تكرار‭ ‬الأخطاء‭ ‬أو‭ ‬الأعطال،‭ ‬وضعف‭ ‬في‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬الإدارات‭ ‬والأقسام،‭ ‬وكذلك‭ ‬الاعتماد‭ ‬بشكل‭ ‬مفرط‭ ‬على‭ ‬إجراءات‭ ‬قديمة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬فعالة‭.  ‬

بعدما‭ ‬يتم‭ ‬تحديد‭ ‬هذه‭ ‬المشكلات،‭ ‬يستوجب‭ ‬على‭ ‬المؤسسة‭ ‬أن‭ ‬تفكر‭ ‬في‭ ‬التغيير،‭ ‬وربما‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬تغييرًا‭ ‬جذريًا،‭ ‬وليس‭ ‬تغييرًا‭ ‬سطحيًا،‭ ‬ويمكن‭ ‬تلخيص‭ ‬خطة‭ ‬التغيير‭ ‬في‭ ‬النقاط‭ ‬التالية‭:‬

أولاً‭: ‬تحليل‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن؛‭ ‬ويتم‭ ‬ذلك‭ ‬بتقييم‭ ‬الأداء‭ ‬الحالي،‭ ‬ومراجعة‭ ‬مؤشرات‭ ‬الأداء،‭ ‬ورضا‭ ‬المستفيدين،‭ ‬وكذلك‭ ‬كفاءة‭ ‬العمليات،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬تحديد‭ ‬نقاط‭ ‬الضعف،‭ ‬مثل‭ ‬البيروقراطية،‭ ‬ضعف‭ ‬التنسيق،‭ ‬مقاومة‭ ‬التغيير،‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬ننسى‭ ‬جمع‭ ‬آراء‭ ‬الموظفين‭ ‬والمستفيدين‭ ‬عبر‭ ‬استبانات‭ ‬أو‭ ‬مقابلات‭.‬

ثانيًا‭: ‬تحديد‭ ‬أهداف‭ ‬التغيير‭ ‬ووضع‭ ‬الخطة؛‭ ‬سواء‭ ‬كنا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬المؤسسات‭ ‬العامة‭ ‬أو‭ ‬الخاصة‭ ‬فإن‭ ‬الأهداف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تتلخص‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬جودة‭ ‬الخدمات‭ ‬المقدمة‭ ‬للمواطنين،‭ ‬وتقليل‭ ‬وقت‭ ‬إنجاز‭ ‬المعاملات،‭ ‬وكذلك‭ ‬تعزيز‭ ‬التحول‭ ‬الرقمي‭ ‬وتقليل‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬الورقيات،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬كفاءة‭ ‬الموظفين‭ ‬وتطوير‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭.‬

ثالثًا‭: ‬تصميم‭ ‬خطة‭ ‬التغيير؛‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تعد‭ ‬خطة‭ ‬التغيير‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬النوعيات‭ ‬من‭ ‬الخطط‭ ‬التي‭ ‬توصف‭ ‬بأنها‭ ‬من‭ ‬السهل‭ ‬الممتنع،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬حينما‭ ‬نقرأها‭ ‬ونتداولها‭ ‬فهي‭ ‬سهلة،‭ ‬ولكن‭ ‬أن‭ ‬نحاول‭ ‬أن‭ ‬نضع‭ ‬مثلها‭ ‬فإننا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نواجه‭ ‬صعوبة،‭ ‬إذ‭ ‬إنها‭ ‬ليست‭ ‬من‭ ‬السهولة‭ ‬حينما‭ ‬نرغب‭ ‬في‭ ‬تصميمها،‭ ‬وذلك‭ ‬بسبب‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الاعتبارات‭ ‬والمتغيرات‭ ‬التي‭ ‬تأتي‭ ‬بسرعة‭ ‬وتختفي‭ ‬بسرعة‭ ‬أكبر‭ ‬منها،‭ ‬ولكن‭ ‬عمومًا‭ ‬عادة‭ ‬الخطط‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬العام‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تشمل‭:‬

إعادة‭ ‬هندسة‭ ‬العمليات‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالهندسة‭ ‬الإدارية‭.‬

التحول‭ ‬الرقمي،‭ ‬بمعنى‭ ‬اعتماد‭ ‬أنظمة‭ ‬إلكترونية‭ ‬وتطبيقات‭ ‬ذكية‭.‬

تطوير‭ ‬الموارد‭ ‬البشرية،‭ ‬وخاصة‭ ‬فما‭ ‬يختص‭ ‬بالتدريب،‭ ‬وتحفيز،‭ ‬وتقييم‭ ‬الأداء‭.‬

التواصل‭ ‬الداخلي‭ ‬والخارجي،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬نشر‭ ‬ثقافة‭ ‬التغيير،‭ ‬وإشراك‭ ‬الموظفين‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الموضوع‭.‬

الحوكمة‭ ‬والرقابة،‭ ‬وضع‭ ‬مؤشرات‭ ‬متابعة‭ ‬وتقييم‭.‬

رابعًا‭: ‬تنفيذ‭ ‬التغيير؛‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬وضع‭ ‬الخطة‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نبدأ‭ ‬في‭ ‬التنفيذ‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يبدأ‭ ‬إلا‭ ‬بالخطوات‭ ‬التالية‭: ‬تشكيل‭ ‬فريق‭ ‬لقيادة‭ ‬التغيير،‭ ‬وتحديد‭ ‬جدول‭ ‬زمني‭ ‬واضح،‭ ‬وتنفيذ‭ ‬تدريجي‭ ‬بحسب‭ ‬الأولويات،‭ ‬ويجب‭ ‬توفير‭ ‬الدعم‭ ‬الفني‭ ‬والتدريبي‭.‬

خامسًا‭: ‬المتابعة‭ ‬والتقييم؛‭ ‬دائمًا‭ ‬نضع‭ ‬المتابعة‭ ‬والتقييم‭ ‬في‭ ‬ذيل‭ ‬قائمة‭ ‬الخطط‭ ‬والبرامج‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هاتين‭ ‬العمليتين‭ ‬تعدان‭ ‬من‭ ‬الخطوات‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تسير‭ ‬معنا‭ ‬منذ‭ ‬اللحظة‭ ‬الأولى‭ ‬لوضع‭ ‬الخطة‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬برنامج،‭ ‬وهذه‭ ‬معلومة‭ ‬يجب‭ ‬التفكير‭ ‬فيها‭ ‬دائمًا‭ ‬إذ‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬المجدي‭ ‬أن‭ ‬تأتي‭ ‬علمية‭ ‬التقييم‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬الخطة‭ ‬أو‭ ‬البرنامج‭. ‬وعملية‭ ‬المتابعة‭ ‬والتقييم‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬تكون‭ ‬بقياس‭ ‬مؤشرات‭ ‬الأداء‭ ‬بعد‭ ‬التغيير،‭ ‬ومراجعة‭ ‬دورية‭ ‬للخطة‭ ‬وتعديلها‭ ‬بحسب‭ ‬الحاجة،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬إشراك‭ ‬المستفيدين‭ ‬في‭ ‬تقييم‭ ‬النتائج‭.‬

عمومًا،‭ ‬عندما‭ ‬نجد‭ ‬أنفسنا‭ ‬أو‭ ‬مؤسستنا‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬محرج‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬التغيير،‭ ‬فهي‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬منهجيات‭ ‬وليس‭ ‬إلى‭ ‬رغبات‭ ‬فقط‭.‬

Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا