بعد أن تمادت الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة بقيادة بنيامين نتنياهو في غطرستها وهمجيتها وتجاوزها كل القيم الإنسانية والأخلاقية وعدم احترامها لمبادئ القانون الدولي ومفاهيم احترام حقوق الإنسان من خلال الأعمال الإجرامية التي ترتكبها يوميا ضد السكان المدنيين العزل في قطاع غزة في واحدة من أبشع الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية منذ الحرب العالمية الثانية هذه الجرائم الإرهابية التي شاهدها ويشهدها العالم أجمع يوميا من خلال التقارير والمتابعات التي تبثها وسائل الإعلام المختلفة والتي حولت قطاع غزة إلى مقبرة جماعية للكبار والصغار، فضلا عن سياسة التجويع التي تنتهجها الدولة الصهيونية بمنعها وصول المساعدات الإنسانية والغذائية والأدوية لسكان قطاع غزة المحاصرين بعد أن تحول القطاع إلى سجن كبير في محاولة وقحة لإبادة الشعب الفلسطيني الأعزل، بدأت دول العالم عامة والدول الأوروبية خاصة بالتحرك لوضع حد لهذه الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني وإنقاذ الشعب الفلسطيني من الإبادة الجماعية التي يتعرض لها.
وفي هذا الإطار جاء انعقاد مؤتمر «حل الدولتين» الذي عقد في مدينة نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية برعاية سعودية وفرنسية بحضور العديد من الدول وغياب الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل اختتم بإعلان 15 دولة نيتها الاعتراف بدولة فلسطين خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثمانين في سبتمبر القادم ودعا البيان الختامي للمؤتمر دول العالم إلى الاعتراف بدولة فلسطين وإلى إنهاء الحرب في قطاع غزة وتسليم حركة حماس أسلحتها إلى السلطة الفلسطينية وبدء عملية سياسية تنتهي بإقامة الدولتين، حيث سيمثل هذا الاعتراف خطوة مهمة وضرورية في اتجاه تحقيق حل الدولتين دولة إسرائيلية وأخرى فلسطينية على حدود 5 من يونيو عام 1967 لوضع حد لمعاناة الشعب الفلسطيني المستمرة منذ أكثر من ثمانية عقود من الزمان.
ومن بين الدول التي أعلنت نيتها الاعتراف بدولة فلسطين الشهر القادم بريطانيا العظمى، حيث جاء الإعلان على لسان رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الذي أعلن بأن بريطانيا سوف تعترف رسميا بدولة فلسطين في شهر سبتمبر القادم ما لم تلتزم إسرائيل بوقف إطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية والمادية والطبية والغذائية لقطاع غزة، أما رئيس وزراء كندا مارك كارني فقد ندد بسياسة نتنياهو التي أدت إلى حدوث كارثة إنسانية في قطاع غزة، مؤكدا اعتزام كندا الاعتراف بدولة فلسطين.
كان من الطبيعي أن تؤدي سياسة رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو وأفعاله الإجرامية في قطاع غزة إلى الاعتراف الدولي بدولة فلسطين في رسالة دولية قوية وواضحة مفادها ان العالم يستنكر جرائم القوات الصهيونية في قطاع غزة.
لقد جاءت هذه الخطوة الأوروبية نتيجة للضغوطات الشعبية في الغرب من خلال المظاهرات والمسيرات التي جابت الشوارع في العديد من المدن الأوروبية والتي فاقت كل التوقعات في تضامن منقطع النظير مع معاناة سكان غزة، والتي كشفت عن الوجه القبيح للدولة الصهيونية مستنكرة للأعمال الوحشية في قطاع غزة، فضلا عن انتقادات نواب البرلمانات للمواقف الحكومية تجاه ما يجري في غزة.
إن هذا الاعتراف يمثل تحولا سياسيا مهما في الموقف الأوروبي الذي كان دائما داعما ومساندا لإسرائيل ومتجاهلا للحق الفلسطيني، ومع ذلك فإن هذا التوجه لن يكون كافيا إذا لم تتخذ خطوات عملية أخرى منها على سبيل المثال كالتهديد بفرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل وقطع العلاقات الدبلوماسية معها وعدم تزويدها بالأسلحة في حال رفضها القبول بحل الدولتين حتى لا يكون هذا الاعتراف فقط للاستهلاك الإعلامي والبهرجة الإعلامية على غرار إعلانات العلاقات العامة أو يكون مصيرها الأرفف أو الأدراج، ونعتقد أن قرار بعض الدول بفرض عقوبات على إسرائيل من خلال حظر تصدير السلاح لها خطوة في الاتجاه الصحيح، في المقابل يجب على الفلسطينيين استثمار هذا التوجه الدولي الجديد الداعم للقضية الفلسطينية باتخاذ خطوات عملية وسريعة للمصالحة واستعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية ووضع حد للخلاف الفلسطيني الفلسطيني بين غزة والضفة الغربية ليكون الصوت الفلسطيني صوتا واحدا موحدا وقويا معبرا عن جميع الفلسطينيين.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك