العدد : ١٧٣٠٩ - الأربعاء ١٣ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ١٩ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٠٩ - الأربعاء ١٣ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ١٩ صفر ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

الاعتراف الدولي بدولة فلسطين خطوة مهمة ولكن!

بقلم: د. نبيل العسومي

الثلاثاء ١٢ أغسطس ٢٠٢٥ - 02:00

بعد‭ ‬أن‭ ‬تمادت‭ ‬الحكومة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭ ‬بقيادة‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬في‭ ‬غطرستها‭ ‬وهمجيتها‭ ‬وتجاوزها‭ ‬كل‭ ‬القيم‭ ‬الإنسانية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬وعدم‭ ‬احترامها‭ ‬لمبادئ‭ ‬القانون‭ ‬الدولي‭ ‬ومفاهيم‭ ‬احترام‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأعمال‭ ‬الإجرامية‭ ‬التي‭ ‬ترتكبها‭ ‬يوميا‭ ‬ضد‭ ‬السكان‭ ‬المدنيين‭ ‬العزل‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬في‭ ‬واحدة‭ ‬من‭ ‬أبشع‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬ترتكب‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية‭ ‬منذ‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬هذه‭ ‬الجرائم‭ ‬الإرهابية‭ ‬التي‭ ‬شاهدها‭ ‬ويشهدها‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ ‬يوميا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التقارير‭ ‬والمتابعات‭ ‬التي‭ ‬تبثها‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬المختلفة‭ ‬والتي‭ ‬حولت‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬مقبرة‭ ‬جماعية‭ ‬للكبار‭ ‬والصغار،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬سياسة‭ ‬التجويع‭ ‬التي‭ ‬تنتهجها‭ ‬الدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬بمنعها‭ ‬وصول‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والغذائية‭ ‬والأدوية‭ ‬لسكان‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬المحاصرين‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تحول‭ ‬القطاع‭ ‬إلى‭ ‬سجن‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬وقحة‭ ‬لإبادة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الأعزل،‭ ‬بدأت‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬عامة‭ ‬والدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬خاصة‭ ‬بالتحرك‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬لهذه‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬ترتكبها‭ ‬قوات‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصهيوني‭ ‬وإنقاذ‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬من‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬جاء‭ ‬انعقاد‭ ‬مؤتمر‭ ‬‮«‬حل‭ ‬الدولتين‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬عقد‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬نيويورك‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬برعاية‭ ‬سعودية‭ ‬وفرنسية‭ ‬بحضور‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬وغياب‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬وإسرائيل‭ ‬اختتم‭ ‬بإعلان‭ ‬15‭ ‬دولة‭ ‬نيتها‭ ‬الاعتراف‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطين‭ ‬خلال‭ ‬انعقاد‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬دورتها‭ ‬الثمانين‭ ‬في‭ ‬سبتمبر‭ ‬القادم‭ ‬ودعا‭ ‬البيان‭ ‬الختامي‭ ‬للمؤتمر‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬الاعتراف‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطين‭ ‬وإلى‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬وتسليم‭ ‬حركة‭ ‬حماس‭ ‬أسلحتها‭ ‬إلى‭ ‬السلطة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬وبدء‭ ‬عملية‭ ‬سياسية‭ ‬تنتهي‭ ‬بإقامة‭ ‬الدولتين،‭ ‬حيث‭ ‬سيمثل‭ ‬هذا‭ ‬الاعتراف‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة‭ ‬وضرورية‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬تحقيق‭ ‬حل‭ ‬الدولتين‭ ‬دولة‭ ‬إسرائيلية‭ ‬وأخرى‭ ‬فلسطينية‭ ‬على‭ ‬حدود‭ ‬5‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬عام‭ ‬1967‭ ‬لوضع‭ ‬حد‭ ‬لمعاناة‭ ‬الشعب‭ ‬الفلسطيني‭ ‬المستمرة‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ثمانية‭ ‬عقود‭ ‬من‭ ‬الزمان‭.‬

ومن‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬أعلنت‭ ‬نيتها‭ ‬الاعتراف‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطين‭ ‬الشهر‭ ‬القادم‭ ‬بريطانيا‭ ‬العظمى،‭ ‬حيث‭ ‬جاء‭ ‬الإعلان‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬البريطاني‭ ‬كير‭ ‬ستارمر‭ ‬الذي‭ ‬أعلن‭ ‬بأن‭ ‬بريطانيا‭ ‬سوف‭ ‬تعترف‭ ‬رسميا‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطين‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬سبتمبر‭ ‬القادم‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬تلتزم‭ ‬إسرائيل‭ ‬بوقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬والسماح‭ ‬بدخول‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والمادية‭ ‬والطبية‭ ‬والغذائية‭ ‬لقطاع‭ ‬غزة،‭ ‬أما‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬كندا‭ ‬مارك‭ ‬كارني‭ ‬فقد‭ ‬ندد‭ ‬بسياسة‭ ‬نتنياهو‭ ‬التي‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬حدوث‭ ‬كارثة‭ ‬إنسانية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬مؤكدا‭ ‬اعتزام‭ ‬كندا‭ ‬الاعتراف‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطين‭.‬

كان‭ ‬من‭ ‬الطبيعي‭ ‬أن‭ ‬تؤدي‭ ‬سياسة‭ ‬رئيس‭ ‬وزراء‭ ‬إسرائيل‭ ‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‭ ‬وأفعاله‭ ‬الإجرامية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬إلى‭ ‬الاعتراف‭ ‬الدولي‭ ‬بدولة‭ ‬فلسطين‭ ‬في‭ ‬رسالة‭ ‬دولية‭ ‬قوية‭ ‬وواضحة‭ ‬مفادها‭ ‬ان‭ ‬العالم‭ ‬يستنكر‭ ‬جرائم‭ ‬القوات‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭.‬

لقد‭ ‬جاءت‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬الأوروبية‭ ‬نتيجة‭ ‬للضغوطات‭ ‬الشعبية‭ ‬في‭ ‬الغرب‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المظاهرات‭ ‬والمسيرات‭ ‬التي‭ ‬جابت‭ ‬الشوارع‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬الأوروبية‭ ‬والتي‭ ‬فاقت‭ ‬كل‭ ‬التوقعات‭ ‬في‭ ‬تضامن‭ ‬منقطع‭ ‬النظير‭ ‬مع‭ ‬معاناة‭ ‬سكان‭ ‬غزة،‭ ‬والتي‭ ‬كشفت‭ ‬عن‭ ‬الوجه‭ ‬القبيح‭ ‬للدولة‭ ‬الصهيونية‭ ‬مستنكرة‭ ‬للأعمال‭ ‬الوحشية‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬انتقادات‭ ‬نواب‭ ‬البرلمانات‭ ‬للمواقف‭ ‬الحكومية‭ ‬تجاه‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬غزة‭.‬

إن‭ ‬هذا‭ ‬الاعتراف‭ ‬يمثل‭ ‬تحولا‭ ‬سياسيا‭ ‬مهما‭ ‬في‭ ‬الموقف‭ ‬الأوروبي‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬دائما‭ ‬داعما‭ ‬ومساندا‭ ‬لإسرائيل‭ ‬ومتجاهلا‭ ‬للحق‭ ‬الفلسطيني،‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬كافيا‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تتخذ‭ ‬خطوات‭ ‬عملية‭ ‬أخرى‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬كالتهديد‭ ‬بفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬اقتصادية‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬وقطع‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬معها‭ ‬وعدم‭ ‬تزويدها‭ ‬بالأسلحة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬رفضها‭ ‬القبول‭ ‬بحل‭ ‬الدولتين‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬الاعتراف‭ ‬فقط‭ ‬للاستهلاك‭ ‬الإعلامي‭ ‬والبهرجة‭ ‬الإعلامية‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬إعلانات‭ ‬العلاقات‭ ‬العامة‭ ‬أو‭ ‬يكون‭ ‬مصيرها‭ ‬الأرفف‭ ‬أو‭ ‬الأدراج،‭ ‬ونعتقد‭ ‬أن‭ ‬قرار‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬بفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬على‭ ‬إسرائيل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حظر‭ ‬تصدير‭ ‬السلاح‭ ‬لها‭ ‬خطوة‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬الصحيح،‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬استثمار‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬الدولي‭ ‬الجديد‭ ‬الداعم‭ ‬للقضية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬باتخاذ‭ ‬خطوات‭ ‬عملية‭ ‬وسريعة‭ ‬للمصالحة‭ ‬واستعادة‭ ‬الوحدة‭ ‬الوطنية‭ ‬الفلسطينية‭ ‬ووضع‭ ‬حد‭ ‬للخلاف‭ ‬الفلسطيني‭ ‬الفلسطيني‭ ‬بين‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭ ‬ليكون‭ ‬الصوت‭ ‬الفلسطيني‭ ‬صوتا‭ ‬واحدا‭ ‬موحدا‭ ‬وقويا‭ ‬معبرا‭ ‬عن‭ ‬جميع‭ ‬الفلسطينيين‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا