العدد : ١٧٣٠٧ - الاثنين ١١ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ١٧ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٠٧ - الاثنين ١١ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ١٧ صفر ١٤٤٧هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

فنشوهم لمصلحة العمل

يتسم‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬يحملون‭ ‬مسمى‭ ‬‮«‬مدير‮»‬‭ ‬الوظيفي،‭ ‬بالاستعلاء‭ ‬والغطرسة‭ ‬في‭ ‬تعاملاتهم‭ ‬مع‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬دونهم‭ ‬درجة‭ ‬وظيفية،‭ ‬ولكن‭ ‬هناك‭ ‬مديرون‭ ‬كثير‭ ‬مثال‭ ‬للانضباط‭ ‬وحسن‭ ‬الإدارة‭ ‬بينما‭ ‬الموظفون‭ ‬وبصفة‭ ‬عامة‭ ‬قد‭ ‬يكونون‭ ‬مثالا‭ ‬للاستهتار‭ ‬بواجبات‭ ‬الوظيفة‭.‬

وتقول‭ ‬دراسة‭ ‬أعدها‭ ‬بيت‭ ‬خبرة‭ ‬عربي‭ ‬إن‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يكرسه‭ ‬الموظف‭ ‬العربي‭ ‬للعمل‭ ‬الفعلي‭ ‬لا‭ ‬يزيد‭ ‬على‭ ‬45‭ ‬دقيقة‭ ‬يوميا‭!! ‬وهناك‭ ‬دول‭ ‬لا‭ ‬يعمل‭ ‬الموظفون‭ ‬فيها‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬45‭ ‬دقيقة‭ ‬في‭ ‬الشهر‭. ‬كنت‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬ما‭ ‬اعمل‭ ‬مخرجا‭ ‬في‭ ‬التلفزيون‭ ‬السوداني،‭  ‬وعندما‭ ‬قررت‭ ‬الزواج،‭ ‬قررت‭ ‬ايضا‭ ‬عدم‭ ‬استهلاك‭ ‬رصيدي‭ ‬من‭ ‬الاجازات،‭ ‬وكنت‭ ‬اعد‭ ‬برنامجا‭ ‬اسبوعيا‭ ‬لتعليم‭ ‬الانجليزية‭ ‬بالتلفزيون،‭ ‬فسجلت‭ ‬منه‭ ‬ست‭ ‬حلقات‭ ‬تغطي‭ ‬ستة‭ ‬اسابيع،‭ ‬وتفرغت‭ ‬42‭ ‬يوما‭ ‬للسعادة‭ ‬الزوجية،‭ ‬وما‭ ‬حز‭ ‬في‭ ‬نفسي‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬مسؤول‭ ‬في‭ ‬التلفزيون‭ ‬أحس‭ ‬بغيابي‭ ‬وافتقدني‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الشخصي،‭ ‬وقد‭ ‬سبق‭ ‬لي‭ ‬ايضا‭ ‬ان‭ ‬اقترحت‭ ‬توسيع‭ ‬نطاق‭ ‬الخصخصة‭ ‬والعولمة،‭ ‬حتى‭ ‬تشمل‭ ‬كافة‭ ‬وزارات‭ ‬الدولة،‭ ‬وتخيل‭ ‬ان‭ ‬شركة‭ ‬ايطالية‭ ‬اشترت‭ ‬المستشفيات‭ ‬في‭ ‬بلدك‭ ‬وتولت‭ ‬إدارتها‭ ‬بالكامل،‭ ‬سيصبح‭ ‬المستشفى‭ ‬مشروعا‭ ‬ناجحا‭ ‬ماليا‭ ‬وستكون‭ ‬اسهمه‭ ‬‮«‬في‭ ‬السماء‮»‬‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الاوراق‭ ‬المالية‭!  ‬لأن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الرجال‭ ‬سيتسابقون‭ ‬لدخول‭ ‬المستشفى‭ ‬كمرضى‭ ‬كي‭ ‬ينعموا‭ ‬بالعناية‭ ‬من‭ ‬ممرضات‭ ‬ايطاليات،‭ ‬وما‭ ‬أدراك‭ ‬ما‭ ‬الممرضات‭ ‬الايطاليات‭. ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬الروماتيزم‭ ‬الذي‭ ‬نسميه‭ ‬الرطوبة‭ ‬فتضع‭ ‬الممرضة‭ ‬الايطالية‭ ‬يدها‭ ‬على‭ ‬المفصل‭ ‬المصاب،‭ ‬فترتفع‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬المريض‭ ‬وتتبخر‭ ‬الرطوبة‭. ‬وسيؤدي‭ ‬ذلك‭ ‬الى‭ ‬إنعاش‭ ‬سوق‭ ‬التعليم‭ ‬الخاص،‭ ‬لأن‭ ‬الكثيرين‭ ‬سيبادرون‭ ‬الى‭ ‬تعلم‭ ‬اللغة‭ ‬الإيطالية‭ ‬‮«‬لزوم‭ ‬المرض‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬يقول‭ ‬قائل‭ ‬ان‭ ‬وجود‭ ‬تلك‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الممرضات‭ ‬سيزيد‭ ‬من‭ ‬نسبة‭ ‬التمارض‭ ‬وان‭ ‬معظم‭ ‬الموظفين‭ ‬سيتوجهون‭ ‬الى‭ ‬المستشفيات‭ ‬ليشكوا‭ ‬من‭ ‬علل‭ ‬وهمية‭! ‬ما‭ ‬تفرِق‭! ‬فالتسيب‭ ‬حاصل‭ ‬حتى‭ ‬بدون‭ ‬تلك‭ ‬النوعية‭ ‬من‭ ‬الممرضات،‭ ‬والأمور‭ ‬‮«‬ماشية‮»‬‭. ‬وسيكون‭ ‬المتضرر‭ ‬الوحيد‭ ‬من‭ ‬خصخصة‭ ‬المستشفيات،‭ ‬الأندية‭ ‬الكروية،‭ ‬لأن‭ ‬معظم‭ ‬افرد‭ ‬الجمهور‭ ‬سيتحولون‭ ‬الى‭ ‬تشجيع‭ ‬انتر‭ ‬ميلان‭ ‬وسامبدوريا‭ ‬ويوفنتوس‭!‬

وعلى‭ ‬كل‭ ‬حال‭ ‬فأنا‭ ‬متأكد‭ ‬ان‭ ‬دولاب‭ ‬العمل‭ ‬لن‭ ‬يتوقف‭ ‬في‭ ‬اي‭ ‬بلد‭ ‬عربي‭ ‬لو‭ ‬تم‭ ‬طرد‭ ‬نصف‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬جهاز‭ ‬الدولة،‭ ‬بالعكس‭ ‬قد‭ ‬يتحسن‭ ‬الاداء‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬يتم‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬الفائضة،‭ ‬وطالما‭ ‬ان‭ ‬حكوماتنا‭ ‬تدار‭ ‬على‭ ‬اساس‭ ‬خيري‭ ‬بدليل‭ ‬انها‭ ‬تعطي‭ ‬الرواتب‭ ‬للملايين‭ ‬نظير‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬تقريبا،‭ ‬فلماذا‭ ‬لا‭ ‬تجرب‭ ‬حكوماتنا‭ ‬تسريح‭ ‬اي‭ ‬تفنيش‭ ‬نصف‭ ‬الموظفين‭ ‬بكامل‭ ‬رواتبهم‭ ‬ومخصصاتهم‭ ‬لخمس‭ ‬سنوات،‭ ‬ثم‭ ‬تعيدهم‭ ‬الى‭ ‬الخدمة‭ ‬وتفنش‭ ‬الخمسين‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تمارس‭ ‬العمل‭ ‬خلال‭ ‬تلك‭ ‬السنوات‭ ‬الخمس،‭ ‬وهكذا‭ ‬بنظام‭ ‬الورديات‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد،‭ ‬وبهذا‭ ‬توفر‭ ‬حكوماتنا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الكراسي‭ ‬والمكاتب‭ ‬والدباسات‭ ‬وفواتير‭ ‬الكهرباء‭ ‬والتلفون‭. ‬

وأستعيد‭ ‬هنا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬للشاب‭ ‬العراقي‭ ‬أوراس‭ ‬جبار‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬‮«‬مزوغا‮»‬‭ ‬من‭ ‬عمله،‭ ‬وصدم‭ ‬بسيارته‭ ‬سيارة‭ ‬اخرى‭ ‬كانت‭ ‬تقودها‭ ‬فتاة‭ ‬في‭ ‬بغداد،‭ ‬وبكل‭ ‬شهامة‭ ‬قدم‭ ‬اوراس‭ ‬اعتذاره‭ ‬للفتاة‭ ‬وسحب‭ ‬سيارتها‭ ‬الى‭ ‬أقرب‭ ‬ورشة‭ ‬لإصلاحها‭ ‬تاركا‭ ‬سيارته‭ ‬حيث‭ ‬هي،‭ ‬وسمع‭ ‬اهل‭ ‬الفتاة‭ ‬بالحادث‭ ‬وأتوا‭ ‬لاصطحاب‭ ‬بنتهم،‭ ‬وتوقع‭ ‬اوراس‭ ‬ان‭ ‬يشتموه‭ ‬بل‭ ‬ويضربوه‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬اصبح‭ ‬فيها‭ ‬الضرب‭ ‬ببلاش،‭ ‬ولكنهم‭ ‬شكروه‭ ‬لأنه‭ ‬كان‭ ‬شهما‭ ‬وساعدها‭ ‬على‭ ‬إصلاح‭ ‬سيارتها‭ ‬ووقف‭ ‬الى‭ ‬جانبها‭ ‬حتى‭ ‬أتى‭ ‬أهلها‭ ‬لاصطحابها‭. ‬المهم‭ ‬ان‭ ‬الشاب‭ ‬اعجب‭ ‬بخلق‭ ‬اهل‭ ‬الفتاة‭ ‬وتقدم‭ ‬طالبا‭ ‬الزواج‭ ‬بها‭ ‬فوافقوا‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬لها‭ ‬مهرا‭ ‬‮«‬رمزيا‮»‬‭. ‬ولهذا‭ ‬الحادث‭ ‬اهمية‭ ‬شخصية‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي،‭ ‬فقد‭ ‬حكيت‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬كيف‭ ‬انني‭ ‬تعرضت‭ ‬لثلاثة‭ ‬حوادث‭ ‬مرورية‭ ‬وكان‭ ‬‮«‬المجرم‮»‬‭ ‬في‭ ‬الحوادث‭ ‬الثلاثة‭ ‬نساء‭ ‬آسيويات‭!! ‬الآن‭ ‬فهمت‭ ‬ان‭ ‬تلك‭ ‬الحوادث‭ ‬كانت‭ ‬مدبرة‭ ‬وان‭ ‬اللواتي‭ ‬اعتدين‭ ‬على‭ ‬سيارتي‭ ‬كي‭ ‬تصبح‭ ‬الحكاية‭ ‬‮«‬حادثٌ،‭ ‬فشرطةٌ،‭ ‬فشركة‭ ‬تأمين‭ ‬فكراج‭ ‬فزواج‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬كيف‭ ‬أبلغ‭ ‬الآسيويات‭ ‬بأنني‭ ‬غير‭ ‬راغب‭ ‬في‭ ‬الزواج،‭ ‬وهن‭ ‬لا‭ ‬يقرأن‭ ‬زاويتي‭ ‬هذه؟‭ ‬جاتني‭ ‬فكرة‭: ‬اترجمها‭ ‬وانشرها‭ ‬بالإنجليزي‭: ‬كلش‭ ‬نفرتات‭ (‬مؤنث‭ ‬نفرات‭) ‬لازم‭ ‬في‭ ‬مالوم‭ ‬أنا‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬وايف‭ ‬جديد،‭ ‬منشان‭ ‬وايف‭ ‬قديم‭ ‬سوي‭ ‬واجد‭ ‬جنجال‭ ‬حق‭ ‬وايف‭ ‬جديد‭.. ‬انت‭ ‬سوي‭ ‬دعم‭ ‬مال‭ ‬سيارتي‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬فايدة‭.. ‬بس‭ ‬واجد‭ ‬تكليف‭...‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا