زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
لن أأكل بمزاجك
أعتز بماضي حياتي وحياة قومي، على ما قد كان فيها من مظاهر التعاسة بمقاييس العصر الراهن، وبموازاة ذلك أتحدى من يزعم أنه قرأ لي سطرا واحدا أتباهى فيه (على نحو جدي)، بإنجاز أو خصلة أو عمل ما، ولكنني سأتباهى اليوم بأعلى صوتي بأنني لا أجامل أحدا في أمور صحتي: تدعوني الى عشاء سيمتد الى ما بعد منتصف الليل؟ مش جاي. تحلف عليّ بالطلاق كي أتناول قطعة الكنافة الثالثة؟ طلق ولا تنس ان تدعوني عندما ترد زوجتك او تتزوج بأخرى، ولكنني لن أجاملك حتى في وليمة الزواج بأكل أشياء قررت الامتناع عنها منذ سنوات. دعوتني الى الغداء ووضعت أمامي خروفا كاملا فوق عشرة كيلوغرامات من الرز، ثم أكرمتني بقطع ضخمة تنز شحما ودهنا؟ شكر الله سعيك ولكنني لن أدخل قطعة لحم فيها أي درجة من البياض في فمي. وأنا أصلا، ولأسباب عرقية وسياسية معقد من كل ما هو أبيض، أما رأيت كيف فتك ويفتك بالجنس البشري أولئك الأقوام الموسومون بالبياض؟
أعود الى أمر الطعام والغذاء، وأقول لك يا عزيزي إنه حتى اللحوم التي نسميها حمراء، ملغومة بالدهون فلا تغلب حالك معي وتقدم لي لحما مكسوا بالشحم!! وأتحدى من يزعم انه رآني اشتري حلويات شرقية لعائلتي!! أشتري بقلاوة وكنافة وبسبوسة عمدا ومن حر مالي؟ مستحيل!! أما إذا وجدتها أمامي في مناسبة ما فإنني أتناول منها قطعة او ثلاثة، ولا أرى بأسا في تناول ثلاث قطع كنافة او بقلاوة مرة واحدة في السنة (حد الله بيني وبين البسبوسة، فاسمها اللطيف هذا يذكرني بخضراء الدمن التي هي المرأة الحسناء في المنبت السوء):
وبالمناسبة فإنني لست من النوع الذي يحسب السعرات الحرارية في الطعام، ولكنني أعاف الشحوم والدهون. وأحب الحلويات كثيرا و«أموت» في الآيسكريم، ولكنني لست على استعداد لـ«أموت» بسبب الآيسكريم، ولا شيء في نظري أشهى من التمر ولكنني تعلمت مؤخرا «فرملة نفسي» فلا أتناول إلا قطعا معدودة من التمر يوميا. او أسبوعيا، وكثيرا ما أوصف بأنني قليل الذوق خاصة عندما أكون ضيفا واعتذر عن تناول أصناف معينة تعرض عليّ، ولكنني أرفض أكل ما لا أستسيغه بكل تهذيب، بل وقد أمارس ما يسمى بالبجاحة، وأنصح من يقدم لي طعاما فيه الكثير من الدهن او السكر بعدم تناوله.
وبعد هذا الفاصل التفاخري اعود الى ما كتبته قبل يوم او اثنين عن ان السمنة أصبحت وباء بين جيل الصغار بسبب إدمانهم للوجبات السريعة، ولكن ما البديل لتلك الوجبات؟ الكبسة؟ المنسف؟ الكسكسي؟ الكوارع؟ الثريد/الفتة؟ المندي؟ أم علي؟ القطايف؟ وجميعها أكلات ملغومة بعناصر تفتك بالأوردة والشرايين والأمعاء! وبقية الأكلات التي لم أورد أسماءها تطبخ او تحمر في كثير من الزيت مضافا إليه تشكيلة من البهارات تجعل الغازات تخرج عبر الأذن والأنف والحنجرة!! والشاهد هو أننا بحاجة الى حملة طبية توعوية تقول لنا صراحة ان معظم أكلاتنا الشعبية رغم حلاوتها، لا تقل خطرا على الصحة عن الشيشة. ومن المضحكات المبكيات ان هناك من يزعم أنه يحتاج الى حجر شيشة كي يهضم وجبة دسمة وغيره يقول إنه بحاجة الى كولا كي يهضم مثل تلك الوجبة. يا عزيزي.. أولا: لو أكلت قدر طاقة بطنك فإنها ستتولى بنفسها عملية الهضم بكفاءة، وثانيا: لماذا تكبس بطنك حتى تحتاج الى مساعدة خارجية للهضم؟ ثالثا: الشيشة تدخل الرئة ولا يوجد دليل علمي على ان الرئة تلعب دورا في الهضم ورابعا: الكولا تسبب عسر الهضم وشربها بعد وجبة شعبية مشبعة بالدهون والنشويات لا يختلف عن محاولة إطفاء نار في زيت مشتعل بصب الماء عليها.
وكي أسِد نفسك عن الطعام عموما أقول لك إن الحذر لا يمنع القدر، فأنا الذي أتبجح بأنني لا أقرب طعاما مشبعا بالدهون عانيت من انسداد في الشريان التاجي، بسبب - ما بين أمور أخرى- تراكم الكولسترول، استوجب توسعته بدعامة.
إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك