يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
معركة لبنان الوجودية
القيادة اللبنانية تخوض معركة هي الأكبر والأخطر والأصعب في تاريخ لبنان كله. هي معركة وجودية بكل معنى الكلمة، فنتيجتها سوف تحدد هل تكون هناك دولة لبنانية أو لا تكون. هي بعبارة أخرى معركة استعادة الدولة اللبنانية وتحريرها من الأسر الطائفي.
على امتداد العقود الماضية ظلت الدولة اللبنانية محتجزة رهينة بيد حزب الله ومن ورائه إيران. صادر الحزب كل سلطات الدولة اللبنانية، ولم يكن بمقدور أي قيادة ومؤسسة في الدولة اتخاذ أي قرار مستقل بما في ذلك قرار الحرب. الحزب فعل هذا باستخدام سلاحه والتهديد به. وحزب الله لم يكن في يوم من الأيام حزبا لبنانيا بالمعنى المفهوم، وإنما حزب يخدم إيران والمصلحة الإيرانية على حساب مصلحة لبنان، وأداة متقدمة للمشروع الإيراني في المقام الأول.
والحزب اتخذ لبنان قاعدة لدعم وتمويل وترتيب وتسليح جماعات طائفية إرهابية عميلة لإيران في عدة دول عربية وخصوصا دول الخليج العربية.
وبسبب الحزب وهذه الأوضاع عاش لبنان في عزلة عن محيطه العربي وعن العالم لعقود.
القيادة اللبنانية الجديدة اتخذت قرارا حاسما باستعادة الدولة، وفي القلب من هذا حصر السلاح بيد الدولة فقط.
هذا قرار حاسم بديهي. أي دولة في العالم لا يمكن أن تكون دولة صاحبة سيادة وقرار ما لم تحتكر هي فقط السلاح، لا أي قوة أو مليشيا أخرى تحت أي ذريعة كانت.
وحصر السلاح بيد الدولة هو جوهر استعادة باقي مقومات الدولة، أي تفكيك الطائفية وإقامة نظام جديد لا طائفي، وتطبيق القانون والعدالة على الجميع بلا استثناء.
الحكومة اللبنانية في اجتماعها الأخير كلفت الجيش بإعداد خطة لتنفيذ قرار حصر السلاح بيد الدولة قبل نهاية الشهر الحالي على أن ينفذ القرار فعليا قبل نهاية العام. وكل القيادات اللبنانية أعلنت أن هذا القرار لا رجعة فيه. فماذا كان موقف حزب الله؟ الحزب أعلن رفض القرار، وقال في بيان إنه يعتبر القرار «كأن لم يكن». وفي تبرير ذلك قال الحزب كلاما غريبا من قبيل إنه «خطيئة كبرى» وإنه «يسقط سيادة لبنان لحساب إسرائيل».. وهكذا.
ليس مستغربا أن يتخذ الحزب هذا الموقف. الحزب الذي فرض هيمنته على الدولة اللبنانية لعقود لا يتصور أن يصبح مجرد حزب سياسي مثله مثل باقي الأحزاب. وهو يريد أن يبقي ولو على قدر من سطوته حتى اللحظة الأخيرة. وفي نفس الوقت، فإن إيران التي تلقت ضربات موجعة، وأصبح مشروعها الطائفي التوسعي مهددا بالانهيار التام، وأصبحت القوى العميلة لها في موقف ضعف غير مسبوق، تريد أن تبقي ولو على موطئ قدم لها عبر حزب الله في لبنان.
حزب الله برفضه قرار الحكومة قرر أن يتحداها وأن يدخل في مواجهة معها. بالطبع لو استمر في موقفه من الممكن أن يتفجر الوضع وتحدث مواجهات عنيفة.
السؤال هو: هل سينجح حزب الله في فرض إرادته على الدولة مرة أخرى؟ أم ستنجح القيادة الجديدة في فرض تنفيذ قرارها؟
القيادة الجديدة في لبنان سوف تنجح في هذا الاختبار، وذلك لأسباب ثلاثة:
1 – انه لأول مرة توجد قيادة لبنانية لديها مثل هذه الإرادة، وهذا الحسم في استعادة الدولة وحصر السلاح بيدها. وحتى الآن لم تنجح بيانات حزب الله وتحديه للدولة في إثناء القيادة عن موقفها.
2 - ان قرار حصر السلاح بيد الدولة يحظى بتأييد الشعب اللبناني الذي عانى أشد المعاناة لعقود من غياب الدولة ومن انهيار أحواله المعيشية ومن الطائفية. في انتفاضات الشعب اللبناني في السنوات الماضية كان مطلبه الأساسي إقامة الدولة المدنية غير الطائفية. ومن الملاحظ أنه حتى القوى السياسية التي كانت متحالفة مع حزب الله في السابق أعلنت تأييدها لقرار الحكومة اللبنانية.
3 - ان إيران أصبحت في حالة من الضعف والتراجع بحيث لم يعد بمقدورها أن تدعم حزب الله كما في السابق ولا أن تتحدى الدولة اللبنانية.
بقي أن نشير إلى أن هذه المعركة ليست معركة لبنان فقط بل هي معركة الدول العربية أيضا. الدول العربية يجب أن تدعم قادة لبنان وتقف بجانبهم بكل السبل.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك