العدد : ١٧٣٠١ - الثلاثاء ٠٥ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٠١ - الثلاثاء ٠٥ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ١١ صفر ١٤٤٧هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

لا يهينها إلا لئيم

بكل‭ ‬صراحة‭ ‬ووضوح‭ ‬فإنني‭ ‬أحكم‭ ‬على‭ ‬احقية‭ ‬أي‭ ‬رجل‭ ‬بصفة‭ ‬‮«‬متحضِّر‮»‬،‭ ‬من‭ ‬نظرته‭ ‬إلى‭ ‬المرأة،‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬ممن‭ ‬يقولون‭ ‬ان‭ ‬المرأة‭ ‬لو‭ ‬صارت‭ ‬فأسا،‭ ‬لن‭ ‬تشق‭ ‬الرأس،‭ ‬بمعنى‭ ‬انه‭ ‬يرى‭ ‬ان‭ ‬المرأة‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬فعل‭ ‬شيء،‭ ‬فإنه‭ ‬يسقط‭ ‬من‭ ‬عيني،‭ ‬ولكنني‭ ‬وأنا‭ ‬أدعو‭ ‬الى‭ ‬احترام‭ ‬النساء‭ ‬وإدراك‭ ‬ان‭ ‬لديهن‭ ‬قدرات‭ ‬عالية‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬مختلفة،‭ ‬بي‭ ‬نفور‭ ‬شديد‭ ‬من‭ ‬حركات‭ ‬‮«‬النسونة‭ ‬feminism‮»‬،‭ ‬لأنها‭ ‬معظمها‭ ‬يعتقد‭ ‬ان‭ ‬الرجل‭ ‬عدو،‭ ‬ظالم‭ ‬باطش‭ ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬انتزاع‭ ‬الحقوق‭ ‬منه‭ ‬عنوة‭ ‬واقتدارا‭.‬

أحسب‭ ‬ان‭ ‬المقدمة‭ ‬أعلاه‭ ‬ضرورية‭ ‬وأنا‭ ‬بصدد‭ ‬أن‭ ‬اسرد‭ ‬عليكم‭ ‬بعض‭ ‬تفاصيل‭ ‬واقعة‭ ‬أنقلها‭ ‬من‭ ‬صحيفة‭ ‬الكترونية‭ ‬عربية‭. ‬فقد‭ ‬قتل‭ ‬رجل‭ ‬زوجته‭ ‬لأنها‭ ‬عصت‭ ‬أوامره،‭ ‬بأن‭ ‬ترتدي‭ ‬قميص‭ ‬نوم‭ ‬أحمر‭ ‬اللون،‭ ‬ورفضت‭ ‬ذلك،‭ ‬ربما‭ ‬لأنها‭ ‬لا‭ ‬تحب‭ ‬اللون‭ ‬الأحمر،‭ ‬وربما‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬القميص‭ ‬كان‭ ‬متسخا‭. ‬وربما‭ ‬لأنها‭ ‬ترفض‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬‮«‬مزهرية‮»‬‭ ‬في‭ ‬البيت‭. ‬ومن‭ ‬الواضح‭ ‬ان‭ ‬الزوج‭ ‬القاتل‭ ‬‮«‬ثور‮»‬،‭ ‬أو‭ ‬ثقافته‭ ‬‮«‬ثَورية‮»‬‭ ‬وهي‭ ‬هنا‭ ‬عكس‭ ‬بقرية،‭ ‬وربما‭ ‬شاهد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أفلام‭ ‬مصارعة‭ ‬الثيران‭ ‬ورأى‭ ‬كيف‭ ‬ان‭ ‬الثور‭ ‬يندفع‭ ‬نحو‭ ‬المصارع‭ ‬عندما‭ ‬يلوح‭ ‬له‭ ‬بقطعة‭ ‬قماش‭ ‬حمراء،‭ ‬فارتبط‭ ‬هذا‭ ‬اللون‭ ‬في‭ ‬ذهنه‭ ‬بالفحولة‭ ‬والهيجان،‭ ‬ولم‭ ‬يجد‭ ‬من‭ ‬يقل‭ ‬له‭ ‬ان‭ ‬الثيران،‭ ‬كما‭ ‬أبو‭ ‬الجعافر‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬عمى‭ ‬الألوان،‭ ‬وإنها‭ ‬تهجم‭ ‬على‭ ‬المصارع‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كان‭ ‬يحمل‭ ‬قطعة‭ ‬قماش‭ ‬خضراء‭ ‬أو‭ ‬صفراء‭.‬

عندما‭ ‬رفضت‭ ‬الزوجة‭ ‬ارتداء‭ ‬القميص‭ ‬الأحمر‭ ‬تصرف‭ ‬الزوج‭ ‬كثور‭ ‬أصيل‭ ‬وانهال‭ ‬عليها‭ ‬ضربا‭ ‬بعصا‭ ‬غليظة‭ ‬على‭ ‬رأسها‭ ‬حتى‭ ‬فارقت‭ ‬الحياة‭. ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬قتل‭ ‬زوجته‭ ‬لأنها‭ ‬‮«‬تأخرت‮»‬‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬كوب‭ ‬الشاي‭. ‬وهناك‭ ‬ملايين‭ ‬الرجال‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬والغرب‭ ‬الذين‭ ‬يضربون‭ ‬ويطلقون‭ ‬زوجاتهم‭ ‬لأتفه‭ ‬الأسباب‭. ‬وتجالس‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬في‭ ‬المقاهي‭ ‬والأسواق‭ ‬وتسمع‭ ‬منها‭ ‬استنكارا‭ ‬للتدخل‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬أفغانستان‭ ‬والعراق‭ ‬وعدوان‭ ‬إسرائيل‭ ‬على‭ ‬غزة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الفئة‭ ‬تجعل‭ ‬من‭ ‬واشنطن‭ ‬مثلاً‭ ‬أعلى‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الزوجية‭ ‬باللجوء‭ ‬الى‭ ‬الضربات‭ ‬الرادعة‭ (‬الاستباقية‭) ‬والعنف‭ ‬المفرط‭. ‬وحتى‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬يمارسون‭ ‬العنف‭ ‬الجسدي‭ ‬ضد‭ ‬زوجاتهم‭ ‬قد‭ ‬يمارسون‭ ‬ضدهن‭ ‬عنفا‭ ‬معنويا‭ ‬مهينا‭ ‬وفظا،‭ ‬وأكاد‭ ‬أجزم‭ ‬أنه‭ ‬ما‭ ‬من‭ ‬قارئ‭ ‬لهذه‭ ‬الزاوية‭ ‬إلا‭ ‬وسمع‭ ‬شخصا‭ ‬يعرفه‭ ‬ينادي‭ ‬زوجته‭ ‬بكلمات‭ ‬وعبارات‭ ‬مثل‭ ‬يا‭ ‬كلبة،‭ ‬يا‭ ‬حيوانة،‭ ‬يا‭ ‬خبلة،‭ ‬يا‭ ‬هبلة،‭ ‬يا‭ ‬بنت‭ ‬الكلب،‭ ‬يا‭ ‬جزمة‭ ‬يا‭ ‬برطوش‭. ‬الحق‭ ‬علي‭ ‬أنا‭ ‬اللي‭ ‬تزوجت‭ ‬حمارة‭ (‬وهل‭ ‬يتزوج‭ ‬الحمارة‭ ‬إلا‭ ‬حمار؟‭)! ‬وتأتي‭ ‬الزوجة‭ ‬بخاطر‭ ‬كسير‭ ‬وتقول‭ ‬للزوج‭ ‬في‭ ‬أدب‭ ‬ورجاء‭: ‬باقي‭ ‬أسبوع‭ ‬على‭ ‬العيد‭. ‬ممكن‭ ‬تشتري‭ ‬لي‭ ‬فستان‭ ‬جديد؟‭ ‬فيصيح‭ ‬عنتر‭ ‬زمانه‭: ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬الفستان‭ ‬الجديد‭ ‬يصير‭ ‬كفنك‭. ‬بعض‭ ‬الرجال‭ ‬لا‭ ‬يعتقد‭ ‬ان‭ ‬فيها‭ ‬‮«‬شيء‮»‬‭ ‬أن‭ ‬يهين‭ ‬زوجته‭ ‬أمام‭ ‬الآخرين،‭ ‬ومن‭ ‬المشاهد‭ ‬المألوفة‭ ‬في‭ ‬الأسواق‭ ‬مشهد‭ ‬رجل‭ ‬يصرخ‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬زوجته‭ ‬بالأوامر‭ ‬ويكيل‭ ‬لها‭ ‬الشتائم‭ (‬كي‭ ‬يعرف‭ ‬الناس‭ ‬انه‭ ‬رجل‭ ‬مش‭ ‬سهل‭ ‬وعنده‭ ‬كلمة‭).‬

وإزاء‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬ارتفعت‭ ‬معدلات‭ ‬العنف‭ ‬النسائي‭ ‬ضد‭ ‬الرجال،‭ ‬فقد‭ ‬جاء‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬صحفي‭ ‬نشر‭ ‬مؤخرا‭ ‬أن‭ ‬نحو‭ ‬نصف‭ ‬الرجال‭ ‬المتزوجين‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬قالوا‭ ‬انهم‭ ‬يتعرضون‭ ‬للضرب‭ ‬على‭ ‬أيدي‭ ‬زوجاتهم،‭ ‬وبما‭ ‬اننا‭ ‬جميعا‭ ‬متفقون‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬أقل‭ ‬ميلا‭ ‬للعنف،‭ ‬فليس‭ ‬من‭ ‬الشطط‭ ‬الاستنتاج‭ ‬بان‭ ‬الرجال‭ ‬الذين‭ ‬يتلقون‭ ‬الضرب‭ ‬من‭ ‬زوجاتهم‭ ‬يكونون‭ ‬قد‭ ‬عملوا‭ ‬‮«‬عملات‮»‬‭ ‬غير‭ ‬مشرفة‭. ‬أو‭ ‬ضعاف‭ ‬الشخصيات‭. ‬ولكن‭ ‬وبالمقابل‭ ‬فإن‭ ‬الرجل‭ ‬الذي‭ ‬يضرب‭ ‬زوجته‭ ‬ويهينها‭ ‬لأتفه‭ ‬الأسباب‭ ‬أيضا‭ ‬ضعيف‭ ‬الشخصية‭. ‬بل‭ ‬ان‭ ‬الميالين‭ ‬للعنف‭ (‬حتى‭ ‬ضد‭ ‬الكلاب‭) ‬مرضى‭ ‬بحاجة‭ ‬الى‭ ‬معالجة‭ ‬نفسانية‭. ‬وهناك‭ ‬من‭ ‬يحولون‭ ‬كل‭ ‬جدل‭ ‬الى‭ ‬مشاجرة‭ ‬ويعتقدون‭ ‬ان‭ ‬الشجار‭ ‬يحفظ‭ ‬لهم‭ ‬كرامتهم،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬ان‭ ‬الشجار‭ ‬تفريط‭ ‬في‭ ‬الكرامة‭ ‬واحترام‭ ‬النفس‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا