العدد : ١٧٢٩٩ - الأحد ٠٣ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٩٩ - الأحد ٠٣ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٩ صفر ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

القانون والناس

بقلم: يوسف صلاح الدين

الأحد ٠٣ أغسطس ٢٠٢٥ - 02:00

أشكر‭ ‬الأستاذة‭ ‬نبيلة‭ ‬رجب‭ ‬على‭ ‬مقالاتها‭ ‬القيمة،‭ ‬منها‭ ‬مقالها‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬نحو‭ ‬بناء‭ ‬جسر‭ ‬بين‭ ‬القانون‭ ‬والناس‮»‬‭ ‬المنشور‭ ‬يوم‭ ‬الأحد‭ ‬20‭ ‬يوليو‭ ‬2025‭ ‬في‭ ‬صفحة‭ ‬قضايا‭ ‬وآراء‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬فهم‭ ‬القوانين‭ ‬التي‭ ‬وضعت‭ ‬لتنظيم‭ ‬حياة‭ ‬الناس،‭ ‬والتي‭ ‬تحتاج‭ ‬أحيانا‭ ‬إلى‭ ‬من‭ ‬يقربها‭ ‬إليهم‭ ‬بلغة‭ ‬مفهومة‭ ‬وسياق‭ ‬مألوف،‭ ‬وعن‭ ‬إيمانها‭ ‬ان‭ ‬يوجد‭ ‬دليل‭ ‬مبسط،‭ ‬يشرح‭ ‬القانون‭ ‬بلغة‭ ‬الحياة،‭ ‬ليس‭ ‬ترفا‭ ‬ولا‭ ‬رفاهية،‭ ‬بل‭ ‬ضرورة‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجتمع‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬واعيا‭ ‬بحقوقه‭ ‬وواجباته،‭ ‬وان‭ ‬يكون‭ ‬الأنسب‭ ‬البداية‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬الأسرة،‭ ‬باعتباره‭ ‬الأقرب‭ ‬إلى‭ ‬حياة‭ ‬الناس،‭ ‬والأكثر‭ ‬تأثيرا‭ ‬على‭ ‬استقرارهم‭ ‬النفسي‭ ‬والاجتماعي‭.‬

أتمنى‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬البداية‭ ‬بمجمل‭ ‬القوانين،‭ ‬وليس‭ ‬قانون‭ ‬الأسرة‭ ‬فقط‭ ‬رغم‭ ‬أهميته،‭ ‬فأنا‭ ‬أحد‭ ‬رجال‭ ‬الأعمال‭ ‬واجهت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشاكل‭ ‬والتعقيدات‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬القانون‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬رغم‭ ‬اطلاعي‭ ‬وخلفيتي‭ ‬الثقافية‭ ‬والعلمية‭ ‬والتزامي‭ ‬المطلق‭ ‬بالقانون‭ ‬واحترامه‭ ‬وعدم‭ ‬مخالفته‭ ‬بسبب‭ ‬التربية‭ ‬التي‭ ‬نشأت‭ ‬عليها‭ ‬منذ‭ ‬الصغر‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬أسرتي‭.‬

كنت‭ ‬في‭ ‬السابق‭ ‬أقوم‭ ‬بنفسي‭ ‬برفع‭ ‬الدعاوى‭ ‬التجارية‭ ‬لتحصيل‭ ‬الأجرة‭ ‬المتخلفة‭ ‬وطلب‭ ‬الإخلاء‭ ‬وتسديد‭ ‬الفواتير‭ ‬غير‭ ‬المدفوعة،‭ ‬وقد‭ ‬واجهت‭ ‬مختلف‭ ‬القضايا‭ ‬ولله‭ ‬الحمد،‭ ‬فإن‭ ‬أغلب‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬كنت‭ ‬أترافع‭ ‬عنها‭ ‬أمام‭ ‬القضاة‭ ‬الموقرين‭ ‬كانت‭ ‬الأحكام‭ ‬في‭ ‬صالحي‭ ‬والبعض‭ ‬الآخر‭ ‬وهي‭ ‬قليلة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬في‭ ‬صالحي‭ ‬رغم‭ ‬أنني‭ ‬صاحب‭ ‬الحق‭ ‬فيها،‭ ‬والحمدلله‭ ‬ان‭ ‬نظام‭ ‬القضاء‭ ‬عندنا‭ ‬عادل‭ ‬ومنصف‭ ‬بفضل‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬وتوجيهات‭ ‬قيادتنا‭ ‬الحكيمة‭ ‬ووزير‭ ‬العدل‭ ‬والقضاء‭ ‬الذين‭ ‬تم‭ ‬اختيارهم‭ ‬بعناية‭ ‬فائقة‭.‬

انا‭ ‬أضم‭ ‬صوتي‭ ‬إلى‭ ‬الأستاذة‭ ‬نبيلة‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬لجنة‭ ‬مصغرة‭ ‬يتم‭ ‬اختيارها‭ ‬بعناية‭ ‬لمراجعة‭ ‬مختلف‭ ‬القوانين‭ ‬لتبسيطها‭ ‬وجعلها‭ ‬واضحة‭ ‬ومن‭ ‬دون‭ ‬لبس‭ ‬أو‭ ‬غموض،‭ ‬بحذف‭ ‬المفردات‭ ‬المعقدة‭ ‬أو‭ ‬الفضفاضة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬ليست‭ ‬ضرورية،‭ ‬بل‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬التباسات‭ ‬وتضارب‭ ‬في‭ ‬الأحكام‭ ‬والآراء،‭ ‬خاصة‭ ‬ان‭ ‬بعض‭ ‬المشرعين‭ ‬يختارون‭ ‬نصوصا‭ ‬قانونية‭ ‬تتميز‭ ‬بالتعقيد‭ ‬وصعوبة‭ ‬الفهم،‭ ‬بسبب‭ ‬حشر‭ ‬بعضها‭ ‬بمفردات‭ ‬أو‭ ‬جمل‭ ‬لغوية‭ ‬مكررة‭ ‬مليئة‭ ‬بالتفاصيل،‭ ‬وجعلها‭ ‬في‭ ‬بنود‭ ‬أو‭ ‬فقرات‭ ‬طويلة،‭ ‬ما‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬صعوبة‭ ‬فهمها،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬ان‭ ‬تجنب‭ ‬الغموض‭ ‬في‭ ‬النصوص‭ ‬القانونية‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬تجنب‭ ‬النزاعات‭ ‬القانونية‭ ‬المحتملة‭.‬

وهذا‭ ‬ما‭ ‬نلاحظه‭ ‬مع‭ ‬الأسف‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬القوانين‭ ‬الجزائية‭ ‬وعقود‭ ‬التأجير‭ ‬وفتح‭ ‬الحسابات‭ ‬البنكية،‭ ‬بوجود‭ ‬مصطلحات‭ ‬قانونية‭ ‬فضفاضة‭ ‬ومكررة‭ ‬وغير‭ ‬مألوفة،‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬التباس‭ ‬في‭ ‬فهم‭ ‬معانيها‭ ‬بالسياق‭ ‬القانوني‭ ‬عن‭ ‬معانيها‭ ‬المتداولة‭ ‬أو‭ ‬الدارجة،‭ ‬وهناك‭ ‬بعض‭ ‬النصوص‭ ‬التوضيحية‭ ‬المهمة،‭ ‬يتم‭ ‬إيقافها‭ ‬بوضع‭ ‬فاصلة‭ ‬بعد‭ ‬نهاية‭ ‬الجملة،‭ ‬وإضافة‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬ولكن‮»‬‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إلغاء‭ ‬النص‭ ‬بالكامل،‭ ‬أو‭ ‬جعله‭ ‬غامضا،‭ ‬أو‭ ‬تركه‭ ‬إلى‭ ‬سلطة‭ ‬القاضي،‭ ‬مما‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬صدور‭ ‬بعض‭ ‬الأحكام‭ ‬المختلفة‭ ‬في‭ ‬قضايا‭ ‬متشابهة،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬ان‭ ‬وجود‭ ‬النصوص‭ ‬القانونية‭ ‬المفهومة،‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬قيام‭ ‬أصحاب‭ ‬القضايا‭ ‬بفهم‭ ‬حقوقهم‭ ‬وزيادة‭ ‬وعيهم‭ ‬بالقوانين‭ ‬وتجنب‭ ‬النزاعات‭ ‬وتعزيز‭ ‬المشاركة‭ ‬القانونية‭.‬‮ ‬

وأود‭ ‬أن‭ ‬أذكر‭ ‬بعض‭ ‬المعلومات‭ ‬المهمة‭ ‬عن‭ ‬القوانين،‭ ‬حيث‭ ‬يقال‭ ‬إن‭ ‬المرحوم‭ ‬الأستاذ‭ ‬يوسف‭ ‬بن‭ ‬أحمد‭ ‬الشيراوي‭ ‬كان‭ ‬دائما‭ ‬يردد‭ ‬بأن‭ ‬الأفضل‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬محامٍ‭ ‬بيد‭ ‬واحدة،‭ ‬كناية‭ ‬عن‭ ‬تضارب‭ ‬الآراء‭! ‬وليس‭ ‬ان‭ ‬المحامي‭ ‬مقطوع‭ ‬اليد،‭ ‬وعند‭ ‬الاستفسار‭ ‬عن‭ ‬ذلك،‭ ‬قال‭ ‬ان‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬أخذ‭ ‬المشورة‭ ‬من‭ ‬المستشار‭ ‬القانوني‭ ‬أو‭ ‬المحامي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاجتماعات‭ ‬التي‭ ‬تأخذ‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الجهد‭ ‬والوقت‭ ‬في‭ ‬مراجعة‭ ‬نصوص‭ ‬الاتفاقيات‭ ‬أو‭ ‬المواضيع‭ ‬المختلف‭ ‬عليها،‭ ‬بأنه‭ ‬بعد‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الإجابات‭ ‬الشافية‭ ‬والصحيحة‭ ‬يقوم‭ ‬المستشار‭ ‬أو‭ ‬المحامي‭ ‬قبل‭ ‬توديعه‭ ‬بالقول‭ ‬باللغة‭ ‬الإنجليزية‭ ‬‮«‬but‮»‬‭ ‬on‭ ‬other‭ ‬hand‭ ‬وتعني‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬‮«‬ولكن‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الأخرى‮»‬‭ ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬ترجمة‭ ‬اليد،‭ ‬أي‭ ‬ان‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬قضاه‭ ‬في‭ ‬تفسير‭ ‬نصوص‭ ‬بنود‭ ‬العقد‭ ‬أو‭ ‬القانون‭ ‬ضاعت‭ ‬سدى‭ ‬بسبب‭ ‬وجود‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬ولكن‮»‬‭.‬

من‭ ‬المعروف‭ ‬ان‭ ‬السيدة‭ ‬مارجريت‭ ‬تاتشر‭ ‬رئيسة‭ ‬وزراء‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬‮«‬1979/1990‮»‬‭ ‬قدمت‭ ‬مقترحا‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬فترتها‭ ‬ولكن‭ ‬الوقت‭ ‬لم‭ ‬يمهلها،‭ ‬بان‭ ‬يتم‭ ‬صياغة‭ ‬القوانين‭ ‬بأسلوب‭ ‬مبسط‭ ‬يفهمه‭ ‬العامة‭ ‬وان‭ ‬أولياء‭ ‬الأمور‭ ‬يتحملون‭ ‬مسؤولية‭ ‬أخطاء‭ ‬أو‭ ‬سوء‭ ‬تصرف‭ ‬أبنائهم‭ ‬القصر‭. ‬

yousufsalahuddin@gmail‭.‬com‭ ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا