أشكر الأستاذة نبيلة رجب على مقالاتها القيمة، منها مقالها بعنوان «نحو بناء جسر بين القانون والناس» المنشور يوم الأحد 20 يوليو 2025 في صفحة قضايا وآراء عن أهمية فهم القوانين التي وضعت لتنظيم حياة الناس، والتي تحتاج أحيانا إلى من يقربها إليهم بلغة مفهومة وسياق مألوف، وعن إيمانها ان يوجد دليل مبسط، يشرح القانون بلغة الحياة، ليس ترفا ولا رفاهية، بل ضرورة في أي مجتمع يريد أن يكون واعيا بحقوقه وواجباته، وان يكون الأنسب البداية من قانون الأسرة، باعتباره الأقرب إلى حياة الناس، والأكثر تأثيرا على استقرارهم النفسي والاجتماعي.
أتمنى ان تكون البداية بمجمل القوانين، وليس قانون الأسرة فقط رغم أهميته، فأنا أحد رجال الأعمال واجهت الكثير من المشاكل والتعقيدات في فهم القانون بشكل عام رغم اطلاعي وخلفيتي الثقافية والعلمية والتزامي المطلق بالقانون واحترامه وعدم مخالفته بسبب التربية التي نشأت عليها منذ الصغر من قبل أسرتي.
كنت في السابق أقوم بنفسي برفع الدعاوى التجارية لتحصيل الأجرة المتخلفة وطلب الإخلاء وتسديد الفواتير غير المدفوعة، وقد واجهت مختلف القضايا ولله الحمد، فإن أغلب القضايا التي كنت أترافع عنها أمام القضاة الموقرين كانت الأحكام في صالحي والبعض الآخر وهي قليلة لم تكن في صالحي رغم أنني صاحب الحق فيها، والحمدلله ان نظام القضاء عندنا عادل ومنصف بفضل الله سبحانه وتعالى وتوجيهات قيادتنا الحكيمة ووزير العدل والقضاء الذين تم اختيارهم بعناية فائقة.
انا أضم صوتي إلى الأستاذة نبيلة بأن تكون هناك لجنة مصغرة يتم اختيارها بعناية لمراجعة مختلف القوانين لتبسيطها وجعلها واضحة ومن دون لبس أو غموض، بحذف المفردات المعقدة أو الفضفاضة التي هي ليست ضرورية، بل تؤدي إلى التباسات وتضارب في الأحكام والآراء، خاصة ان بعض المشرعين يختارون نصوصا قانونية تتميز بالتعقيد وصعوبة الفهم، بسبب حشر بعضها بمفردات أو جمل لغوية مكررة مليئة بالتفاصيل، وجعلها في بنود أو فقرات طويلة، ما أسهم في صعوبة فهمها، في حين ان تجنب الغموض في النصوص القانونية يساعد على تجنب النزاعات القانونية المحتملة.
وهذا ما نلاحظه مع الأسف في بعض القوانين الجزائية وعقود التأجير وفتح الحسابات البنكية، بوجود مصطلحات قانونية فضفاضة ومكررة وغير مألوفة، تؤدي إلى التباس في فهم معانيها بالسياق القانوني عن معانيها المتداولة أو الدارجة، وهناك بعض النصوص التوضيحية المهمة، يتم إيقافها بوضع فاصلة بعد نهاية الجملة، وإضافة كلمة «ولكن» التي قد تؤدي إلى إلغاء النص بالكامل، أو جعله غامضا، أو تركه إلى سلطة القاضي، مما قد يؤدي إلى صدور بعض الأحكام المختلفة في قضايا متشابهة، في حين ان وجود النصوص القانونية المفهومة، يؤدي إلى قيام أصحاب القضايا بفهم حقوقهم وزيادة وعيهم بالقوانين وتجنب النزاعات وتعزيز المشاركة القانونية.
وأود أن أذكر بعض المعلومات المهمة عن القوانين، حيث يقال إن المرحوم الأستاذ يوسف بن أحمد الشيراوي كان دائما يردد بأن الأفضل التعامل مع محامٍ بيد واحدة، كناية عن تضارب الآراء! وليس ان المحامي مقطوع اليد، وعند الاستفسار عن ذلك، قال ان في كثير من القضايا التي يتم أخذ المشورة من المستشار القانوني أو المحامي من خلال الاجتماعات التي تأخذ الكثير من الجهد والوقت في مراجعة نصوص الاتفاقيات أو المواضيع المختلف عليها، بأنه بعد الحصول على الإجابات الشافية والصحيحة يقوم المستشار أو المحامي قبل توديعه بالقول باللغة الإنجليزية «but» on other hand وتعني باللغة العربية «ولكن من الناحية الأخرى» ومن غير ترجمة اليد، أي ان الوقت الذي قضاه في تفسير نصوص بنود العقد أو القانون ضاعت سدى بسبب وجود كلمة «ولكن».
من المعروف ان السيدة مارجريت تاتشر رئيسة وزراء المملكة المتحدة «1979/1990» قدمت مقترحا في أواخر فترتها ولكن الوقت لم يمهلها، بان يتم صياغة القوانين بأسلوب مبسط يفهمه العامة وان أولياء الأمور يتحملون مسؤولية أخطاء أو سوء تصرف أبنائهم القصر.
yousufsalahuddin@gmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك