العدد : ١٧٢٩٧ - الجمعة ٠١ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٩٧ - الجمعة ٠١ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٧ صفر ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

المساعدات الجوية لغزة.. مناورة غربية لتجنب محاسبة إسرائيل

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

الجمعة ٠١ أغسطس ٢٠٢٥ - 02:00

خلال‭ ‬الأسابيع‭ ‬الأخيرة،‭ ‬صدر‭ ‬عن‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬‭ ‬باستثناء‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬‭ ‬إدانات‭ ‬متزايدة‭ ‬إزاء‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭. ‬كان‭ ‬أبرزها‭ ‬البيان‭ ‬الصادر‭ ‬في‭ ‬21‭ ‬يوليو‭ ‬2025‭ ‬عن‭ ‬25‭ ‬دولة‭ ‬منها‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬وفرنسا‭ ‬وإيطاليا‭ ‬وكندا‭ ‬وهولندا‭ ‬‭ ‬استنكرت‭ ‬فيه‭ ‬‮«‬تفاقم‭ ‬معاناة‭ ‬المدنيين‭ ‬في‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬وأقرت‭ ‬بأن‭ ‬‮«‬نموذج‭ ‬إيصال‭ ‬المساعدات‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬ترعاه‭ ‬حكومة‭ ‬‮«‬بنيامين‭ ‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬المتطرفة‭ ‬‮«‬خطير،‭ ‬ويُفاقم‭ ‬حالة‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار،‭ ‬ويسلب‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬كرامتهم‭ ‬الإنسانية‮»‬‭.‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬دعا‭ ‬فيه‭ ‬البيان‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الرفع‭ ‬الفوري‭ ‬للقيود‭ ‬المفروضة‭ ‬على‭ ‬تدفق‭ ‬المساعدات‮»‬،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يقترن‭ ‬ذلك‭ ‬بأي‭ ‬إجراء‭ ‬فعلي،‭ ‬جاء‭ ‬رد‭ ‬الفعل‭ ‬الغربي‭ ‬على‭ ‬التدهور‭ ‬المتواصل‭ ‬في‭ ‬الأوضاع‭ ‬الإنسانية‭ ‬بغزة،‭ ‬متمثلًا‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬تبرئة‭ ‬ائتلاف‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬،‭ ‬اليميني‭ ‬المتطرف‭ ‬من‭ ‬المسؤولية،‭ ‬والتركيز‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬على‭ ‬طرح‭ ‬بدائل‭ ‬جديدة‭ ‬لإيصال‭ ‬المساعدات‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬خبراء‭ ‬حذروا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬البدائل‭ ‬لن‭ ‬تكون‭ ‬كافية‭ ‬لتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليوني‭ ‬مدني‭ ‬يعانون‭ ‬الجوع،‭ ‬بل‭ ‬قد‭ ‬تُفاقم‭ ‬حجم‭ ‬الخطر‭ ‬الذي‭ ‬يواجهونه‭ ‬بالفعل‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أسفر‭ ‬الاجتماع‭ ‬الذي‭ ‬عقد‭ ‬في‭ ‬25‭ ‬يوليو‭ ‬بين‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬البريطاني‭ ‬‮«‬كير‭ ‬ستارمر‮»‬،‭ ‬والرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬‮«‬إيمانويل‭ ‬ماكرون‮»‬،‭ ‬والمستشار‭ ‬الألماني‭ ‬‮«‬فريدريش‭ ‬ميرتس‮»‬،‭ ‬عن‭ ‬توافق‭ ‬على‭ ‬المضي‭ ‬قدمًا‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬عمليات‭ ‬إسقاط‭ ‬جوي‭ ‬للمساعدات‭ ‬الإنسانية‭ ‬إلى‭ ‬غزة،‭ ‬وهي‭ ‬الخطوة‭ ‬التي‭ ‬وصفها‭ ‬‮«‬جيريمي‭ ‬بوين‮»‬،‭ ‬من‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬بدائية‮»‬،‭ ‬و‮«‬غير‭ ‬كافية‭ ‬لإنهاء‭ ‬الجوع‮»‬‭. ‬وقد‭ ‬قوبلت‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬برفض‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الإنساني‭ ‬والمراقبين‭. ‬وحذّر‭ ‬‮«‬فيليب‭ ‬لازاريني‮»‬،‭ ‬المفوض‭ ‬العام‭ ‬لوكالة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لإغاثة‭ ‬وتشغيل‭ ‬اللاجئين‭ ‬الفلسطينيين‭ (‬الأونروا‭)‬،‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العمليات‭ ‬‮«‬باهظة‭ ‬التكاليف‭ ‬وغير‭ ‬فعالة‮»‬،‭ ‬وقد‭ ‬‮«‬تنطوي‭ ‬على‭ ‬مخاطر‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬مقتل‭ ‬مدنيين‭ ‬جوعى‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬القادة‭ ‬الأوروبيين‭ ‬يؤكدون‭ ‬أنهم‭ ‬سيعملون‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬‮«‬تمهيد‭ ‬الطريق‭ ‬لحل‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭ ‬وتحقيق‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬المنطقة»؛‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬تتناقض‭ ‬مع‭ ‬الرسالة‭ ‬التي‭ ‬بعث‭ ‬بها‭ ‬تأييدهم‭ ‬لعمليات‭ ‬الإنزال‭ ‬الجوي،‭ ‬التي‭ ‬تعجز‭ ‬عن‭ ‬تلبية‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الإنسانية‭ ‬الملحّة‭ ‬للمدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬والتي‭ ‬تفاقمت‭ ‬جراء‭ ‬حملة‭ ‬التدمير‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬المستمرة‭ ‬منذ‭ ‬22‭ ‬شهرًا‭. ‬ووصف‭ ‬‮«‬أليكس‭ ‬دي‭ ‬وال‮»‬،‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬‮«‬تافتس‮»‬،‭ ‬مؤسسة‭ ‬غزة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬ذريعة‭ ‬لتجويع‭ ‬غزة‮»‬‭. ‬ووفقًا‭ ‬لـ«بوين‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬التوجه‭ ‬الأوروبي‭ ‬نحو‭ ‬تنفيذ‭ ‬عمليات‭ ‬إنزال‭ ‬جوي‭ ‬ليس‭ ‬سوى‭ ‬‮«‬خطوة‭ ‬يائسة‮»‬،‭ ‬لا‭ ‬تستهدف‭ ‬فقط‭ ‬إيصال‭ ‬مساعدات‭ ‬إضافية‭ ‬إلى‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬الجائعين،‭ ‬بل‭ ‬تسعى‭ ‬أيضًا‭ ‬إلى‭ ‬توفير‭ ‬مبررات‭ ‬جديدة‭ ‬لتجاهل‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬الصارخة‭ ‬للقانون‭ ‬الدولي،‭ ‬أو‭ ‬تبريرها‭ ‬بشكل‭ ‬سافر‭.‬

وعلى‭ ‬نطاق‭ ‬واسع،‭ ‬تناولت‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬الغربية‭ ‬الظروف‭ ‬المروعة‭ ‬التي‭ ‬يحياها‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬مليوني‭ ‬مدني‭ ‬فلسطيني‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تفاقم‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬نقلاً‭ ‬عن‭ ‬الوكالات‭ ‬الإنسانية‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬غزة‭. ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬تلك‭ ‬المنظمات،‭ ‬أثارت‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬أطباء‭ ‬بلا‭ ‬حدود‮»‬،‭ (‬MSF‭) ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الاستخدام‭ ‬المتعمد‭ ‬للتجويع‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬كسلاح‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬إسرائيل،‭ ‬قد‭ ‬بلغ‭ ‬مستويات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬يقتصر‭ ‬الأمر‭ ‬على‭ ‬المرضى‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬طال‭ ‬أيضًا‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الرعاية‭ ‬الصحية‭ ‬‮«‬الذين‭ ‬يكافحون‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬البقاء‮»‬‭.‬

علاوة‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬سلط‭ ‬‮«‬برنامج‭ ‬الغذاء‭ ‬العالمي‮»‬،‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬ثلث‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬لم‭ ‬يتناولوا‭ ‬طعامًا‭ ‬لأيام‭ ‬متواصلة‭. ‬وأشارت‭ ‬‮«‬أطباء‭ ‬بلا‭ ‬حدود‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬تضاعف‭ ‬معدلات‭ ‬سوء‭ ‬التغذية‭ ‬الحاد‭ ‬بين‭ ‬الأطفال‭ ‬دون‭ ‬سن‭ ‬الخامسة‭ ‬ثلاث‭ ‬مرات‭ ‬خلال‭ ‬الأسابيع‭ ‬الأخيرة‭ ‬فقط،‭ ‬حيث‭ ‬يعاني‭ ‬ربع‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬فحصتهم‭ ‬من‭ ‬سوء‭ ‬التغذية‭. ‬وذكرت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬الجارديان‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬130‭ ‬شخصًا‭ ‬سُجِّلوا‭ ‬رسميًا‭ ‬لقوا‭ ‬حتفهم‭ ‬جوعًا؛‭ ‬مع‭ ‬أن‭ ‬الرقم‭ ‬الفعلي‭ ‬أعلى‭ ‬بكثير،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬توقع‭ ‬زيادته‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭.‬

ورغم‭ ‬السماح‭ ‬بدخول‭ ‬70‭ ‬شاحنة‭ ‬مساعدات‭ ‬فقط‭ ‬إلى‭ ‬غزة‭ ‬يوميا‭ -‬وهو‭ ‬رقم‭ ‬يقل‭ ‬كثيرًا‭ ‬عن‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬البالغ‭ ‬نحو‭ ‬500‭ ‬شاحنة‭ ‬يوميًا‭ ‬لتلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬السكان‭ ‬‭ ‬تواصل‭ ‬‮«‬مؤسسة‭ ‬غزة‭ ‬الإنسانية‮»‬،‭ ‬المدعومة‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭ ‬والولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬عملها‭ ‬عبر‭ ‬أربعة‭ ‬مراكز‭ ‬توزيع‭ ‬فقط،‭ ‬موزعة‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬باتت‭ ‬‮«‬عسكرية‭ ‬بالكامل‮»‬،‭ ‬ولا‭ ‬تُفتح‭ ‬إلا‭ ‬فترات‭ ‬محدودة‭ ‬وبإشعار‭ ‬قصير‭. ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬اضطر‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬المدنيين‭ ‬الجوعى‭ ‬إلى‭ ‬التخييم‭ ‬وسط‭ ‬الأنقاض،‭ ‬مترقبين‭ ‬لحظة‭ ‬فتح‭ ‬البوابات‭. ‬وقد‭ ‬وصف‭ ‬‮«‬دي‭ ‬وال‮»‬،‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬محاولة‭ ‬لتدمير‭ ‬مجتمع‭ ‬بأكمله‮»‬،‭ ‬مشبّهًا‭ ‬طريقة‭ ‬إدارتها‭ ‬بـ«رمي‭ ‬فتات‭ ‬الخبز‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬الواضح‭ ‬أن‭ ‬التحذيرات‭ ‬الجادة‭ ‬التي‭ ‬أطلقها‭ ‬العاملون‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الإنساني‭ ‬ووكالات‭ ‬الإغاثة،‭ ‬بشأن‭ ‬الانهيار‭ ‬المتسارع‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬تحت‭ ‬وطأة‭ ‬الاحتلال‭ ‬العسكري‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬والقصف‭ ‬العشوائي،‭ ‬لا‭ ‬تجد‭ ‬آذانًا‭ ‬صاغية‭ ‬لدى‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬‮«‬دونالد‭ ‬ترامب‮»‬،‭ ‬الذي‭ ‬اكتفى‭ ‬في‭ ‬28‭ ‬يوليو‭ ‬بالإشارة‭ ‬إلى‭ ‬مشاهد‭ ‬أطفال‭ ‬‮«‬يتضورون‭ ‬جوعًا‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يُفترض‭ ‬أن‭ ‬يوافق‭ ‬ائتلاف‭ ‬‮«‬نتنياهو‮»‬‭ ‬على‭ ‬هدنة‭ ‬يومية‭ ‬مدتها‭ ‬عشر‭ ‬ساعات‭ ‬لتسهيل‭ ‬وصول‭ ‬المساعدات،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬التجارب‭ ‬السابقة‭ ‬تظهر‭ ‬أن‭ ‬حكومة‭ ‬الاحتلال‭ ‬غالبًا‭ ‬ما‭ ‬تنقض‭ ‬تعهداتها‭ ‬بشأن‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار،‭ ‬بهدف‭ ‬تعظيم‭ ‬معاناة‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يكشف‭ ‬عن‭ ‬فقدان‭ ‬الائتلاف‭ ‬اليميني‭ ‬المتطرف‭ ‬لأي‭ ‬مصداقية‭. ‬وقد‭ ‬أشار‭ ‬‮«‬توم‭ ‬فليتشر‮»‬،‭ ‬وكيل‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬للشؤون‭ ‬الإنسانية،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬لا‭ ‬يتعدى‭ ‬‮«‬زيادة‭ ‬طفيفة‭ ‬في‭ ‬حجم‭ ‬المساعدات‮»‬،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يرافقها‭ ‬أي‭ ‬ضمانات‭ ‬حقيقية‭ ‬لإغاثة‭ ‬المحاصرين‭ ‬الذين‭ ‬أنهكهم‭ ‬الجوع‭ ‬وسوء‭ ‬التغذية‭ ‬والأمراض‭ ‬والإصابات‭.‬

ورغم‭ ‬تأكيد‭ ‬‮«‬برنامج‭ ‬الغذاء‭ ‬العالمي‮»‬،‭ ‬امتلاكه‭ ‬كميات‭ ‬كافية‭ ‬من‭ ‬المواد‭ ‬الغذائية‭ ‬خارج‭ ‬غزة‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬طريقها‭ ‬إليه‭ ‬تكفي‭ ‬لإطعام‭ ‬جميع‭ ‬السكان‭ ‬لمدة‭ ‬تقارب‭ ‬ثلاثة‭ ‬أشهر،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬تصريح‭ ‬المفوض‭ ‬العام‭ ‬للأونروا‭ ‬‮«‬فيليب‭ ‬لازاريني‮»‬،‭ ‬بأن‭ ‬لدى‭ ‬الوكالة‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬6000‭ ‬شاحنة‭ ‬تنتظر‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الضوء‭ ‬الأخضر‭ ‬للدخول‭ ‬عبر‭ ‬المعابر‭ ‬البرية؛‭ ‬فإن‭ ‬حكومات‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة،‭ ‬وفرنسا،‭ ‬وألمانيا،‭ ‬اختارت‭ ‬دعم‭ ‬خيار‭ ‬إسقاط‭ ‬المساعدات‭ ‬جوًا،‭ ‬معتبرة‭ ‬إياه‭ ‬الوسيلة‭ ‬الأساسية‭ ‬لإيصالها‭.‬

وبشكل‭ ‬مباشر،‭ ‬يتعارض‭ ‬هذا‭ ‬التوجه‭ ‬مع‭ ‬التحذيرات‭ ‬والمناشدات‭ ‬التي‭ ‬أطلقتها‭ ‬‮«‬الوكالات‭ ‬الإنسانية‭ ‬الرائدة‮»‬‭. ‬وبرغم‭ ‬تأكيد‭ ‬‮«‬فليتشر‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬‮«‬حاجة‭ ‬ماسة‭ ‬إلى‭ ‬كميات‭ ‬ضخمة‭ ‬من‭ ‬المساعدات‮»‬،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬‮«‬منع‭ ‬المجاعة‮»‬‭ ‬في‭ ‬القطاع،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬العاملين‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬الإنساني‭ ‬يتفقون‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬إسقاط‭ ‬المساعدات‭ ‬جواً،‭ ‬هو‭ ‬‮«‬وسيلة‭ ‬غير‭ ‬فعالة‮»‬،‭ ‬مقارنة‭ ‬بالنقل‭ ‬البري‭. ‬وأوضح‭ ‬‮«‬سياران‭ ‬دونيلي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬اللجنة‭ ‬الدولية‭ ‬للإنقاذ‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العمليات‭ ‬‮«‬لا‭ ‬يمكنها‭ ‬أبدًا‭ ‬توفير‭ ‬الكمية‭ ‬أو‭ ‬النوعية‭ ‬المطلوبة‭ ‬من‭ ‬المساعدات‮»‬‭. ‬بينما‭ ‬شدد‭ ‬‮«‬لازاريني‮»‬،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬نقل‭ ‬المساعدات‭ ‬عبر‭ ‬الطرق‭ ‬البرية‭ ‬أسهل‭ ‬وأكثر‭ ‬فاعلية‭ ‬وسرعة‭ ‬وأقل‭ ‬كلفة‭ ‬وأماناً‮»‬،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أنه‭ ‬‮«‬يحفظ‭ ‬كرامة‭ ‬سكان‭ ‬غزة‭ ‬أكثر‭ ‬بكثير‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬الناحية‭ ‬اللوجستية،‭ ‬وبناءً‭ ‬على‭ ‬تقديرات‭ ‬‮«‬القيادة‭ ‬المركزية‭ ‬الأمريكية‮»‬،‭ ‬التي‭ ‬أفادت‭ ‬بأن‭ ‬طائرات‭ ‬الشحن‭ ‬من‭ ‬طراز‭ ‬سي‭-‬130‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬توصيل‭ ‬نحو‭ ‬12,650‭ ‬وجبة‭ ‬في‭ ‬الرحلة‭ ‬الواحدة؛‭ ‬قدّرت‭ ‬شبكة‭ ‬‮«‬بي‭ ‬بي‭ ‬سي‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬إيصال‭ ‬وجبة‭ ‬واحدة‭ ‬فقط‭ ‬لكل‭ ‬فرد‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬غزة،‭ ‬البالغ‭ ‬عددهم‭ ‬نحو‭ ‬2‭.‬1‭ ‬مليون‭ ‬نسمة،‭ ‬يتطلب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬160‭ ‬رحلة‭. ‬وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬امتلاك‭ ‬الأردن‭ ‬10‭ ‬طائرات‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬الطراز،‭ ‬والإمارات‭ ‬8‭ ‬طائرات‭ ‬أخرى،‭ ‬فإن‭ ‬تحقيق‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬عبر‭ ‬الإنزال‭ ‬الجوي‭ ‬هو‭ ‬أمر‭ ‬غير‭ ‬ممكن‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬الإحصائية،‭ ‬بالمقارنة‭ ‬مع‭ ‬القدرات‭ ‬الأكبر‭ ‬لنقل‭ ‬المساعدات‭ ‬عبر‭ ‬البر‭.‬

وإضافة‭ ‬إلى‭ ‬محدودية‭ ‬الكمية،‭ ‬فإن‭ ‬طبيعة‭ ‬المساعدات‭ ‬نفسها‭ ‬تثير‭ ‬القلق‭. ‬وبحسب‭ ‬‮«‬دي‭ ‬وال‮»‬،‭ ‬تحتوي‭ ‬صناديق‭ ‬الحصص‭ ‬الغذائية‭ ‬الخاصة‭ ‬‮«‬ببرنامج‭ ‬الغذاء‭ ‬العالمي‮»‬،‭ ‬عادة‭ ‬على‭ ‬الدقيق،‭ ‬والمعكرونة،‭ ‬والطحينة،‭ ‬وزيت‭ ‬الطهي،‭ ‬والأرز،‭ ‬والحمص،‭ ‬أو‭ ‬العدس،‭ ‬لكنها‭ ‬لا‭ ‬تتضمن‭ ‬‮«‬طعام‭ ‬أطفال‮»‬،‭ ‬ولا‭ ‬تترافق‭ ‬مع‭ ‬أي‭ ‬جهود‭ ‬من‭ ‬طواقم‭ ‬طبية‭ ‬أو‭ ‬مختصين‭ ‬في‭ ‬التغذية‭ ‬لمعالجة‭ ‬سوء‭ ‬تغذية‭ ‬الأطفال‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬عمليات‭ ‬الإسقاط‭ ‬الجوي‭ ‬التي‭ ‬تدعمها‭ ‬الحكومات‭ ‬الأوروبية،‭ ‬تبقى‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬تلبية‭ ‬احتياجات‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬90‭ ‬ألف‭ ‬امرأة‭ ‬وطفل‭ ‬قدّر‭ ‬‮«‬برنامج‭ ‬الغذاء‭ ‬العالمي‮»‬،‭ ‬أنهم‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬علاج‭ ‬طبي‭ ‬عاجل‭.‬

وتبرز‭ ‬أيضاً‭ ‬المخاطر‭ ‬التي‭ ‬تهدد‭ ‬حياة‭ ‬المدنيين‭ ‬نتيجة‭ ‬لهذه‭ ‬العمليات‭. ‬وأشار‭ ‬‮«‬شون‭ ‬بيل‮»‬،‭ ‬من‭ ‬قناة‭ ‬‮«‬سكاي‭ ‬نيوز‮»‬،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإنزال‭ ‬الجوي‭ ‬‮«‬ينطوي‭ ‬على‭ ‬مخاطر‭ ‬كبيرة‮»‬،‭ ‬موضحاً‭ ‬أن‭ ‬الطرود‭ ‬حين‭ ‬تسقط‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تُصيب‭ ‬الناس‭ ‬مباشرة‭. ‬وذكرت‭ ‬‮«‬شاينا‭ ‬لو‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬المجلس‭ ‬النرويجي‭ ‬للاجئين‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المدنيين‭ ‬غرقوا‭ ‬أثناء‭ ‬محاولتهم‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المساعدات‭ ‬التي‭ ‬سقطت‭ ‬في‭ ‬البحر،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الفوضى‭ ‬والاقتتال‭ ‬على‭ ‬الطرود‭ ‬أصبح‭ ‬مشهدًا‭ ‬متكرراً‭. ‬ولهذا،‭ ‬تساءل‭ ‬‮«‬بوين‮»‬،‭ ‬عمّا‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬العمليات‭ ‬ستفضي‭ ‬إلى‭ ‬مشاهد‭ ‬يتزاحم‭ ‬فيها‭ ‬رجال‭ ‬يائسون‭ ‬حول‭ ‬كل‭ ‬منصة‭ ‬إنزال،‭ ‬في‭ ‬محاولة‭ ‬يائسة‭ ‬لتأمين‭ ‬الطعام‭ ‬لعائلاتهم‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬شددت‭ ‬‮«‬بشرى‭ ‬الخالدي‮»‬،‭ ‬من‭ ‬‮«‬منظمة‭ ‬أوكسفام‭ ‬في‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‮»‬،‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬‮«‬الفتح‭ ‬الفوري‭ ‬لجميع‭ ‬المعابر‭ ‬لإيصال‭ ‬المساعدات‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬وآمن‭ ‬ودون‭ ‬عوائق‭ ‬إلى‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬غزة‮»‬،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬وقف‭ ‬دائم‭ ‬لإطلاق‭ ‬النار‮»‬،‭ ‬محذّرة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬أي‭ ‬بدائل‭ ‬لا‭ ‬تشمل‭ ‬هذه‭ ‬الخطوات‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬مجرد‭ ‬‮«‬لفتة‭ ‬تكتيكية‮»‬‭. ‬وتساءل‭ ‬‮«‬بوين‮»‬،‭ ‬عمّا‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية،‭ ‬كـ«لندن‮»‬‭ ‬و«باريس‮»‬‭ ‬و«برلين‮»‬،‭ ‬تسعى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬دعمها‭ ‬لعمليات‭ ‬الإنزال‭ ‬الجوي‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬الظهور‭ ‬بمظهر‭ ‬إيجابي‭ ‬في‭ ‬الإعلام‮»‬،‭ ‬والتظاهر‭ ‬بأنها‭ ‬‮«‬تبذل‭ ‬جهداً‮»‬،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬هذا‭ ‬الجهد‭ ‬غير‭ ‬مجدٍ‭ ‬في‭ ‬إنقاذ‭ ‬الأرواح‭ ‬أو‭ ‬تحقيق‭ ‬السلام‭.‬

وفي‭ ‬تعليقه‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الوضع،‭ ‬قال‭ ‬الأمين‭ ‬العام‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬‮«‬أنطونيو‭ ‬غوتيريش‮»‬،‭ ‬إن‭ ‬المعاناة‭ ‬الهائلة‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬‮«‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬أزمة‭ ‬إنسانية،‭ ‬بل‭ ‬أزمة‭ ‬أخلاقية‭ ‬تتحدى‭ ‬ضمير‭ ‬العالم‮»‬‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬الحكومات‭ ‬الغربية‭ ‬فشلت‭ ‬مراراً‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان،‭ ‬أو‭ ‬احترام‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬أو‭ ‬السعي‭ ‬لتحقيق‭ ‬العدالة‭. ‬ووفقاً‭ ‬لما‭ ‬كتبته‭ ‬‮«‬سالي‭ ‬لوكوود‮»‬،‭ ‬من‭ ‬قناة‭ ‬‮«‬سكاي‭ ‬نيوز‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬الحكومات‭ ‬‮«‬تعلم‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬الإنزال‭ ‬الجوي‭ ‬وسيلة‭ ‬معيبة‭ ‬لتوصيل‭ ‬المساعدات‮»‬،‭ ‬ما‭ ‬يشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬اعتمادها‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الخيار،‭ ‬هو‭ ‬تجنّب‭ ‬متعمد‭ ‬لمحاسبة‭ ‬حكومة‭ ‬نتنياهو‭ ‬اليمينية‭ ‬المتطرفة‭ ‬على‭ ‬جرائم‭ ‬الحرب‭ ‬التي‭ ‬ترتكبها‭ ‬في‭ ‬القطاع‭.‬

ورغم‭ ‬أن‭ ‬إعلان‭ ‬الرئيس‭ ‬‮«‬ماكرون‮»‬،‭ ‬نية‭ ‬بلاده‭ ‬الاعتراف‭ ‬بالدولة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬خلال‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬سبتمبر،‭ ‬يُعد‭ ‬خطوة‭ ‬ضرورية‭ -‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬متأخرة‭ ‬‭ ‬نحو‭ ‬قيام‭ ‬دولة‭ ‬فلسطينية‭ ‬مستقلة؛‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الواقع‭ ‬الميداني‭ ‬يختلف‭ ‬كثيراً‭. ‬ووثق‭ ‬‮«‬دي‭ ‬وال‮»‬،‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬‮«‬الانهيار‭ ‬الاجتماعي‮»‬،‭ ‬و«إهانة‭ ‬البشر‮»‬،‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬سياسات‭ ‬المساعدات‭ ‬التي‭ ‬تدعمها‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وإسرائيل‭ ‬ليست‭ ‬ناتجة‭ ‬عن‭ ‬سوء‭ ‬التخطيط،‭ ‬بل‭ ‬عن‭ ‬نية‭ ‬إسرائيلية‭ ‬واضحة‭ ‬لـ«تدمير‭ ‬المجتمع‭ ‬الفلسطيني‮»‬‭. ‬وبالتالي،‭ ‬فإن‭ ‬مواقف‭ ‬الدول‭ ‬الغربية‭ ‬الكبرى‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬إحداث‭ ‬أي‭ ‬تغيير‭ ‬حقيقي‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬القاسي‭ ‬الذي‭ ‬تشهده‭ ‬غزة،‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية،‭ ‬وسائر‭ ‬الأراضي‭ ‬الفلسطينية‭ ‬المحتلة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا