العدد : ١٧٤١١ - الأحد ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤١١ - الأحد ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

لصوص بأقنعة وآخرون سافرون

نجح‭ ‬مجرمون‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬منظمات‭ ‬متخصصة‭ ‬في‭ ‬السرقات‭ ‬والاتجار‭ ‬في‭ ‬الممنوعات،‭ ‬تعجز‭ ‬الحكومات‭ ‬عن‭ ‬تفكيكها،‭ ‬ذلك‭ ‬لأن‭ ‬أولئك‭ ‬المجرمين‭ ‬على‭ ‬درجة‭ ‬عالية‭ ‬من‭ ‬الذكاء،‭ ‬وعلى‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬كان‭ ‬توماس‭ ‬مكفيرسن،‭ ‬الذي‭ ‬اقتحم‭ ‬محل‭ ‬مراهنات‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬جلاسجو‭ ‬الاسكتلندية‭ ‬مسلحا‭ ‬بمسدس،‭ ‬ليطالب‭ ‬موظف‭ ‬الخزينة‭ ‬بتسليمه‭ ‬ما‭ ‬عنده‭ ‬من‭ ‬نقود‭ ‬سائلة‭. ‬كانت‭ ‬مشكلة‭ ‬مكفيرسن‭ ‬تكمن‭ ‬في‭ ‬انه‭ ‬تمتام،‭ ‬وبالتالي‭ ‬وقف‭ ‬امام‭ ‬الخزينة‭ ‬ملوحا‭ ‬بمسدسه‭ ‬وبدأ‭ ‬يقول‭ (‬بالانجليزية‭ ‬طبعا‭): ‬سسسسسس‭....‬سللللل‭... ‬أوووووه‭.... ‬أرأرأرأر‭.. ‬وظل‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المنوال‭ ‬يحاول‭ ‬ان‭ ‬يقول‭: ‬سلمني‭ ‬ما‭ ‬عندك‭ ‬من‭ ‬نقود‭.. ‬أريد‭ ‬كل‭ ‬النقود‭ ‬التي‭ ‬في‭ ‬الخزينة،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬ان‭ ‬ينجح‭ ‬في‭ ‬إكمال‭ ‬جملة‭ ‬تنم‭ ‬عن‭ ‬مراده‭ ‬وطلبه،‭ ‬فأصيب‭ ‬موظف‭ ‬الخزينة‭ ‬بالزهج‭ ‬بعد‭ ‬ان‭ ‬استمر‭ ‬مكفيرسن‭ ‬يتمتم‭ ‬لست‭ ‬دقائق‭ ‬بالتمام‭ ‬والكمال،‭ ‬وخمّن‭ ‬أنه‭ ‬طالما‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬مسدس،‭ ‬فإن‭ ‬صاحبنا‭ ‬يريد‭ ‬سلب‭ ‬المال‭ ‬الذي‭ ‬في‭ ‬الخزينة،‭ ‬فمد‭ ‬له‭ ‬341‭ ‬جنيها‭ ‬فانفرجت‭ ‬اسارير‭ ‬مكفيرسن‭ ‬ووقف‭ ‬يقول‭: ‬مممممممممور،‭ ‬أي‭ ‬هات‭ ‬المزيد،‭ ‬فجاء‭ ‬رجل‭ ‬من‭ ‬خلفه‭ ‬وملأ‭ ‬يديه‭ ‬بالحديد‭. ‬نعم‭ ‬كان‭ ‬رجال‭ ‬الشرطة‭ ‬قد‭ ‬وصلوا‭ ‬وقيدوا‭ ‬مكفيرسن،‭ ‬وحكم‭ ‬عليه‭ ‬لاحقا‭ ‬بالسجن‭ ‬ست‭ ‬سنوات‭! (‬النكتة‭ ‬القديمة‭ ‬عن‭ ‬التمتام‭ ‬الذي‭ ‬أوقف‭ ‬مصريا‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬وخاطبه‭: ‬لللللو‭ ‬سسسس‭ ‬سمحت‭ .. ‬ممم‭ ‬مدرسة‭ ‬التتتت‭ ‬التمتامين‭ ‬فففف‭ ‬فين؟‭ ‬فرد‭ ‬عليه‭ ‬الرجل‭: ‬عايز‭ ‬إيه‭ ‬بالمدرسة‭ ‬ما‭ ‬أهه‭ ‬أنت‭ ‬بتمتم‭ ‬كويس‭).‬

المهم‭: ‬حزنت‭ ‬للرجل‭ ‬كما‭ ‬أحزن‭ ‬كلما‭ ‬وقع‭ ‬لص‭ ‬غلبان‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬العدالة‭! ‬فكم‭ ‬من‭ ‬لص‭ ‬عندنا‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬التمتمة،‭ ‬ولكنه‭ ‬لا‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يقول‭ ‬جملة‭ ‬مفيدة‭ ‬من‭ ‬فعل‭ ‬وفاعل‭ ‬ومفعول‭ ‬به،‭ ‬ولا‭ ‬يحتاج‭ ‬الى‭ ‬شهر‭ ‬مسدس‭ ‬أو‭ ‬بندقية‭ ‬ليملأ‭ ‬جيوبه‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬يقع‭ ‬بين‭ ‬يديه‭ ‬من‭ ‬مال‭ ‬عام‭ ‬أو‭ ‬خاص،‭ ‬وتعطيه‭ ‬الناس‭ ‬‮«‬تعظيم‭ ‬سلام‮»‬‭.. ‬بوضوح‭ ‬أكثر‭ ‬أتحدث‭ ‬عن‭ ‬جيوش‭ ‬التنابلة‭ ‬التي‭ ‬تملأ‭ ‬مكاتبنا‭ ‬وتتحكم‭ ‬في‭ ‬سير‭ ‬العمل‭ ‬العام،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬لديها‭ ‬أدنى‭ ‬دراية‭ ‬بطبيعة‭ ‬العمل‭ ‬الموكل‭ ‬إليها،‭ ‬وبعضهم‭ ‬يحمل‭ ‬درجات‭ ‬علمية‭ ‬رفيعة‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬صار‭ ‬فيه‭ ‬ممكنا‭ ‬أن‭ ‬يقدم‭ ‬أحدهم‭ ‬بحثا‭ ‬عن‭ ‬‮«‬تأثير‭ ‬الفسيخ‭ ‬على‭ ‬أسنان‭ ‬الكلاب‮»‬،‭ ‬وينال‭ ‬الدكتوراه،‭ ‬وطالما‭ ‬أنه‭ ‬دكتور‭ ‬فلابد‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬منصب‭ ‬خطير،‭ ‬تقول‭ ‬لهم‭ ‬إنه‭ ‬طرطور‭ ‬وليس‭ ‬دكتورا،‭ ‬فيقولون‭ ‬لك‭ ‬إن‭ ‬كلامك‭ ‬هذا‭ ‬مغرض‭ ‬وأنك‭ ‬تشكك‭ ‬في‭ ‬أهلية‭ ‬وحكمة‭ ‬من‭ ‬منح‭ ‬الدكتور‭ ‬المنصب‭. ‬ويكون‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬الطرطور‭ ‬وغيره‭ ‬من‭ ‬طراطير‭ ‬لا‭ ‬يحملون‭ ‬حتى‭ ‬الدرجة‭ ‬العلمية‭ ‬الفسيخية،‭ ‬أن‭ ‬يديروا‭ ‬إدارات‭ ‬عامة‭ ‬لحسابهم‭ ‬الشخصي‭.‬

وقرأت‭ ‬حكاية‭ ‬رجل‭ ‬آخر‭ ‬اقتحم‭ ‬مصرفا‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬مودستو‭ ‬بكليفورنيا‭ ‬مسلحا،‭ ‬ومرتديا‭ ‬قناعا،‭ ‬ولكن‭ ‬يبدو‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬يحمل‭ ‬دكتوراه‭ ‬في‭ ‬‮«‬تأثير‭ ‬التونا‭ ‬على‭ ‬عقل‭ ‬مارادونا‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬نسي‭ ‬أن‭ ‬يفتح‭ ‬في‭ ‬القناع‭ ‬ثقوبا‭ ‬تعينه‭ ‬على‭ ‬الرؤية،‭ ‬فظل‭ ‬يتخبط‭ ‬داخل‭ ‬البنك‭ ‬حتى‭ ‬تعب‭ ‬ثم‭ ‬وجد‭ ‬نفسه‭ ‬معلقا‭ ‬في‭ ‬باب‭ ‬دوار‭ ‬فسقط‭ ‬واصيب‭ ‬بجروح،‭ ‬وجاء‭ ‬جماعة‭ ‬الإسعاف‭ ‬واقتادوه‭ ‬إلى‭ ‬المستشفى،‭ ‬ولم‭ ‬توجه‭ ‬اليه‭ ‬الشرطة‭ ‬تهمة‭ ‬محاولة‭ ‬السطو‭ ‬المسلح،‭ ‬لأنه‭ ‬لم‭ ‬‮«‬يلحق‮»‬‭ ‬ويشهر‭ ‬سلاحه‭ ‬ويطالب‭ ‬بالمال،‭ ‬وكان‭ ‬مسدسه‭ ‬مرخصا،‭ ‬واكتفت‭ ‬الشرطة‭ ‬بتوجيه‭ ‬إنذار‭ ‬إليه‭ ‬بعدم‭ ‬حمل‭ ‬السلاح‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬عام‭.‬

الغربيون‭ ‬الأغبياء‭ ‬يحتاجون‭ ‬إلى‭ ‬أقنعة‭ ‬عندما‭ ‬يريدون‭ ‬ممارسة‭ ‬السرقة،‭ ‬أما‭ ‬نحن‭ ‬فإن‭ ‬السرقة‭ ‬عندنا‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬ناجحة‭ ‬إلا‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬اللص‭ ‬مكشوف‭ ‬الوجه،‭ ‬كي‭ ‬يرى‭ ‬الآخرون‭ ‬عينه‭ ‬الحمراء،‭ ‬وكي‭ ‬تعرف‭ ‬السلطات‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الوجاهة‭ ‬فلا‭ ‬تعترض‭ ‬طريقه‭!! ‬مجتمعاتنا‭ ‬‮«‬آمنة‮»‬‭ ‬لأن‭ ‬اللصوص‭ ‬ليسوا‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬السلاح‭ ‬لنهب‭ ‬الأموال‭. ‬نعم‭ ‬عندنا‭ ‬شوية‭ ‬لصوص‭ ‬يستخدمون‭ ‬السلاح‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬الغباء‭ ‬مقاومتهم‭ ‬ومطاردتهم‭ ‬لأن‭ ‬الواحد‭ ‬منهم‭ ‬لا‭ ‬يطمح‭ ‬في‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬نحو‭ ‬خمسة‭ ‬دولارات‭. ‬شخصيا‭ ‬تعرضت‭ ‬للنشل‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬حديقة‭ ‬الحيوان‭ ‬في‭ ‬الخرطوم‭ ‬وحاولت‭ ‬ملاحقة‭ ‬النشال‭ ‬فشهر‭ ‬في‭ ‬وجهي‭ ‬مطواة‭ ‬حادة‭ ‬الأطراف‭ ‬فقلت‭ ‬‮«‬ما‭ ‬بدهاش‮»‬،‭ ‬فقد‭ ‬نشلني‭ ‬علبة‭ ‬سيجائر‭ ‬من‭ ‬نوع‭ ‬اسمه‭ ‬برنجي‭ ‬يسبب‭ ‬السعال‭ ‬الديكي‭!‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا