العدد : ١٧٤١١ - الأحد ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٤١١ - الأحد ٢٣ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ جمادى الآخر ١٤٤٧هـ

زاوية غائمة

جعفـــــــر عبــــــــاس

jafasid09@hotmail.com

حروف اللغة تكشف عِللك (2)

عددت‭ ‬بالأمس‭ ‬بعض‭ ‬العلل‭ ‬التي‭ ‬يعاني‭ ‬منها‭ ‬من‭ ‬تتقدم‭ ‬بهم‭ ‬السنون،‭ ‬وقلت‭ ‬إن‭ ‬تلك‭ ‬العلل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬حروف‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭. ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالعجز‭ ‬والكهولة‭ ‬فإن‭ ‬الشائع‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬النساء‭ ‬يكذبن‭ ‬حول‭ ‬أعمارهن‭ ‬بمجرد‭ ‬الوصول‭ ‬الى‭ ‬عتبة‭ ‬الثلاثين،‭ ‬وأذكر‭ ‬كيف‭ ‬قامت‭ ‬الدنيا‭ ‬ولم‭ ‬تقعد‭ ‬عندما‭ ‬قالت‭ ‬صحفية‭ ‬خليجية‭ ‬في‭ ‬مقال‭ ‬لها‭ ‬إن‭ ‬الرجال‭ ‬كذابون،‭ ‬ورأى‭ ‬البعض‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬التهمة،‭ ‬تطاولا‭ ‬على‭ ‬الرجل‭ ‬المشهود‭ ‬له‭ ‬‮«‬تاريخيا‮»‬‭ ‬بالصدق‭ ‬والاستقامة،‭ ‬وبما‭ ‬انني‭ ‬كنت‭ ‬من‭ ‬معارضي‭ ‬حرب‭ ‬داحس‭ ‬والغبراء،‭ ‬وكل‭ ‬الحروب‭ ‬الدونكيشوتية‭ ‬التي‭ ‬خاضها‭ ‬العرب‭ ‬على‭ ‬الورق،‭ ‬ونشفوا‭ ‬ريقنا‭ ‬وكتموا‭ ‬أنفاسنا‭ ‬بسببها،‭ ‬فإنني‭ ‬أعلن‭ ‬عدم‭ ‬انحيازي‭ ‬لأي‭ ‬من‭ ‬طرفي‭ ‬النزاع‭ ‬النسائي‭- ‬الرجالي،‭ ‬وأواصل‭ ‬ما‭ ‬بدأته‭ ‬أمس‭ ‬من‭ ‬سرد‭ ‬علامات‭ ‬التقدم‭ ‬في‭ ‬السن،‭ ‬وأقول‭ ‬‮«‬عرضا‮»‬‭ ‬إنني‭ ‬التقيت‭ ‬عشرات‭ ‬وربما‭ ‬مئات‭ ‬الرجال‭ ‬الذين‭ ‬يزوِّرون‭ ‬أعمارهم‭ (‬لم‭ ‬أقل‭ ‬يكذبون‭!!) ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يعلنوا‭ ‬عن‭ ‬تنزيلات‭ ‬رسمية،‭ ‬والتزوير‭ ‬في‭ ‬العمر‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬شفاهة‭ ‬أو‭ ‬كتابة‭ ‬بطرح‭ ‬بضع‭ ‬سنوات‭ ‬من‭ ‬العمر‭ ‬الأصلي،‭ ‬وفي‭ ‬العالم‭ ‬العربي‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تحصل‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬ميلاد‭ ‬جديدة‭ ‬كل‭ ‬سنة،‭ ‬لتلائم‭ ‬‮«‬سيرتك‭ ‬الذاتية‮»‬‭ ‬والوظائف‭ ‬التي‭ ‬تطمح‭ ‬الى‭ ‬الفوز‭ ‬بها،‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬التزوير‭ ‬بارتداء‭ ‬الباروكة‭ ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬بصبغ‭ ‬الشعر،‭ ‬أو‭ ‬التعلق‭ ‬بغادة‭ ‬عبدالرازق‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬ليلى‭ ‬مراد‭.‬

ما‭ ‬علينا،‭ ‬وعطفا‭ ‬على‭  ‬ما‭ ‬أوردته‭ ‬هنا‭ ‬أمس‭ ‬أقول‭ ‬إن‭ ‬الأبجدية‭ ‬تنقلب‭ ‬عليك‭ ‬إذا‭ ‬تقدمت‭ ‬في‭ ‬السن،‭ ‬فحرف‭ ‬الصاد‭ ‬يعني‭ ‬الصمت‭ ‬المطبق‭ ‬الذي‭ ‬يلفك‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يبتعد‭ ‬عنك‭ ‬ذووك،‭ ‬بزعم‭ ‬أنك‭ ‬كثير‭ ‬الشكوى‭ ‬والطنطنة،‭ ‬مع‭ ‬أنك‭ ‬بدورك‭ ‬تشكو‭ ‬من‭ ‬الطنطنة‭ ‬بسبب‭ ‬الطنين‭ ‬الذي‭ ‬في‭ ‬أذنك،‭ ‬وتحسبه‭ ‬من‭ ‬دوشة‭ ‬العيال،‭ ‬فيقال‭ ‬لك‭ ‬إن‭ ‬العيال‭ ‬كبرت‭ ‬وفلسعت‭ ‬وطفشت،‭ ‬والضاد‭ ‬يرمز‭ ‬الى‭ ‬الضمادات‭ ‬والكمادات‭ ‬الساخنة‭ ‬شتاء‭ ‬والباردة‭ ‬صيفا،‭ ‬والطاء‭ ‬ترمز‭ ‬إلى‭ ‬الطعنة‭ ‬في‭ ‬فخذك‭ ‬الأيمن‭ ‬فتطالب‭ ‬بعرضك‭ ‬على‭ ‬أخصائي‭ ‬قلب،‭ ‬ولكن‭ ‬أحفادك‭ ‬الجهلة‭ ‬يصرون‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬القلب‭ ‬على‭ ‬الجانب‭ ‬الأيسر‭ ‬من‭ ‬الصدر،‭ ‬ويقول‭ ‬لك‭ ‬طبيب‭ ‬العظام‭ ‬إن‭ ‬ألم‭ ‬الفخذ‭ ‬الأيمن‭ ‬بسبب‭ ‬عامل‭ ‬السن،‭ ‬فتقول‭ ‬له‭ ‬إن‭ ‬الفخذ‭ ‬الأيسر‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬عمر‭ ‬وسن‭ ‬الأيمن‭ ‬ومع‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يسبب‭ ‬لك‭ ‬الألم‭!! ‬والظاء‭ ‬هي‭ ‬الضاد‭ ‬أن‭ ‬كنت‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬وكنت‭ ‬تراجع‭ ‬لأحفادك‭ ‬دروس‭ ‬الاملاء،‭ ‬واكتشفت‭ ‬ان‭ ‬المدرسين‭ ‬يفوِّتون‭ ‬كتابة‭ ‬التلاميذ‭ ‬عبارة‭ ‬مثل‭ ‬‮«‬أبوضبي‭ ‬هي‭ ‬عاصمة‭ ‬الإمارات‮»‬،‭ ‬وحرف‭ ‬العين‭ ‬هو‭ ‬عصب‭ ‬السياتيكا‭ ‬الذي‭ ‬يسبب‭ ‬عرق‭ ‬النسا‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يصيب‭ ‬النساء‭ ‬فبئس‭ ‬التسمية‭!! ‬والغين‭ ‬هو‭ ‬الغازات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يقول‭ ‬من‭ ‬حولك‭ ‬انها‭ ‬الغرغرينا‭ ‬التي‭ ‬حسبتها‭ ‬انت‭ ‬بادئ‭ ‬الامر‭ ‬مشروبا‭ ‬غازيا‭ ‬جديدا،‭ ‬والفاء‭ ‬فقر‭ ‬الدم،‭ ‬والقاف‭ ‬القرف‭ ‬الذي‭ ‬يصيبك‭ ‬من‭ ‬الأكلات‭ ‬عديمة‭ ‬الطعم‭ ‬والنكهة‭ ‬التي‭ ‬باتوا‭ ‬يقدمونها‭ ‬لك‭ ‬لأن‭ ‬بطنك‭ ‬‮«‬كلش‭ ‬خراب‮»‬‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬يدخل‭ ‬فيها‭ ‬يسبب‭ ‬الحروب‭ ‬الأهلية‭ ‬التي‭ ‬تستخدم‭ ‬فيها‭ ‬الغازات‭ ‬التي‭ ‬تفتك‭ ‬بأنوف‭ ‬من‭ ‬حولك‭. ‬ويحرمونك‭ ‬من‭ ‬الملح‭ ‬لأنك‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬ارتفاع‭ ‬ضغط‭ ‬الدم‭ ‬ومن‭ ‬الاشياء‭ ‬الحلوة‭ ‬بسبب‭ ‬السكري‭ ‬ومن‭ ‬اللحم‭ ‬بسبب‭ ‬الكولسترول‭ ‬المرتفع‭ ‬والقاوت‭ (‬لا‭ ‬تكن‭ ‬بلديا‭ ‬وتتكلم‭ ‬عن‭ ‬النقرس‭ ‬بل‭ ‬قل‭ ‬القاوت،‭ ‬فهي‭ ‬مثل‭ ‬أن‭ ‬تقول‭: ‬أوف‭ ‬كورس،‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تقول‭ ‬‮«‬طبعا‮»‬‭ ‬كما‭ ‬يفعل‭ ‬عامة‭ ‬الناس‭ ‬البلديون‭)‬،‭ ‬والكاف‭ ‬هي‭ ‬كليتاك‭ ‬اللتان‭ ‬أصبحتا‭ ‬‮«‬نشافة‮»‬‭ ‬فتمتصان‭ ‬كل‭ ‬السوائل،‭ ‬ولا‭ ‬تفرزان‭ ‬منها‭ ‬شيئا،‭ ‬والكاف‭ ‬أيضا‭ ‬هو‭ ‬الكلام‭ ‬الدرر‭ ‬التي‭ ‬تنطق‭ ‬بها‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬حولك‭ ‬يقولون‭ ‬إنها‭ ‬‮«‬تخاريف‭ ‬خريف‭ ‬العمر‮»‬،‭ ‬واللام‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬اللوكيميا‭ ‬التي‭ ‬سمعت‭ ‬العيال‭ ‬يقولون‭ ‬انها‭ ‬أكلة‭ ‬هندية‭ ‬تتألف‭ ‬من‭ ‬شطة‭ ‬عليها‭ ‬بعض‭ ‬اللحم،‭ ‬والميم‭ ‬هي‭ ‬المناخوليا‭ ‬التي‭ ‬تصيبك‭ ‬كلما‭ ‬رأيت‭ ‬أحفادك‭ ‬يتحلقون‭ ‬لرؤية‭ ‬مذيعة‭ ‬تلفزيونية‭ ‬تشبه‭ ‬عود‭ ‬الكبريت،‭ ‬وتتأرجح‭ ‬وتضحك‭ ‬بدون‭ ‬سبب،‭ ‬واسمها‭ ‬على‭ ‬وزن‭ ‬جعران‭!! ‬والهاء‭ ‬هي‭ ‬الزفرة‭ ‬التي‭ ‬تطلع‭ ‬منك‭ ‬كلما‭ ‬حاولت‭ ‬أن‭ ‬تضحك‭..‬،‭ ‬والواو‭ ‬وسادة‭ ‬خالية‭ ‬أبكاك‭ ‬عليها‭ ‬إحسان‭ ‬عبدالقدوس،‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬توسدك‭ ‬رواياته‭ ‬ودواوين‭ ‬نزار‭ ‬قباني،‭ ‬والياء‭: ‬يا‭ ‬رب‭ ‬حسن‭ ‬الخاتمة‭.‬

إقرأ أيضا لـ"جعفـــــــر عبــــــــاس"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا