العدد : ١٧٢٩١ - السبت ٢٦ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠١ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٩١ - السبت ٢٦ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠١ صفر ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

الطاقة المتجددة تقتحم الخليج... لكن النفط لا يزال سيد المشهد

مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية

السبت ٢٦ يوليو ٢٠٢٥ - 02:00

يشهد‭ ‬العالم‭ ‬تحوّلًا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الطاقة،‭ ‬حيث‭ ‬تواصل‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬نموها‭ ‬بوتيرة‭ ‬متسارعة،‭ ‬مدفوعة‭ ‬بالاستثمارات‭ ‬الضخمة‭ ‬والتطور‭ ‬التكنولوجي،‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬فيه‭ ‬الهيدروكربونات‭ ‬مثل‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬تحتفظ‭ ‬بدورها‭ ‬المركزي‭ ‬في‭ ‬تلبية‭ ‬الطلب‭ ‬العالمي‭ ‬المتزايد‭. ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬بدأت‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬تتجه‭ ‬تدريجيًا‭ ‬نحو‭ ‬تنويع‭ ‬مزيج‭ ‬من‭ ‬الطاقة،‭ ‬معززة‭ ‬استثماراتها‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬والنووية،‭ ‬رغم‭ ‬استمرار‭ ‬اعتمادها‭ ‬الكبير‭ ‬على‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭. ‬ويبرز‭ ‬التحول‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬كجزء‭ ‬من‭ ‬مشهد‭ ‬أوسع‭ ‬يعكس‭ ‬التحديات‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬موازنة‭ ‬النمو‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والاستدامة‭ ‬البيئية‭.‬

تمثّل‭ ‬أنماط‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ - ‬وأبرزها‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬وطاقة‭ ‬الرياح‭ ‬والطاقة‭ ‬الكهرومائية‭ - ‬حوالي‭ ‬3%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬إنتاج‭ ‬الطاقة‭ ‬واستخدامها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1990،‭ ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬بنهاية‭ ‬العام‭ ‬الحالي‭ ‬2025‭ ‬أن‭ ‬يُنتج‭ ‬العالم‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬40%‭ ‬من‭ ‬الكهرباء‭ ‬عبر‭ ‬هذه‭ ‬الطرق،‭ ‬دون‭ ‬إنتاجها‭ ‬لأي‭ ‬انبعاثات‭ ‬كربونية‭.‬

‮ ‬أشاد‭ ‬فيل‭ ‬ماكدونالد،‭ ‬المدير‭ ‬الإداري‭ ‬لمؤسسة‭ ‬إمبر‭ ‬البحثية،‭ ‬ومقرها‭ ‬لندن،‭ ‬بأن‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬‮«‬أصبحت‭ ‬مُحرك‭ ‬التحول‭ ‬العالمي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‮»‬،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تسليط‭ ‬الإصدار‭ ‬الرابع‭ ‬والسبعين‭ ‬والأخير‭ ‬من‭ ‬‮«‬المراجعة‭ ‬الإحصائية‭ ‬للطاقة‭ ‬العالمية‭ ‬لمعهد‭ ‬الطاقة‮»‬‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬وصول‭ ‬جميع‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬الرئيسية‭ - ‬من‭ ‬الفحم‭ ‬إلى‭ ‬الطاقة‭ ‬النووية‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬والطاقة‭ ‬الكهرومائية‭ - ‬إلى‭ ‬مستويات‭ ‬استهلاك‭ ‬قياسية‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬مع‭ ‬بقاء‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬كأكبر‭ ‬مصدر‭ ‬لاستهلاك‭ ‬الطاقة‭ ‬عالميًا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تلبية‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬34%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الطلب‭ ‬السنوي،‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬يزداد‭ ‬بنسبة‭ ‬0‭.‬7%‭ ‬سنويًا‭.‬

‮ ‬وتأمل‭ ‬آندي‭ ‬براون‭ ‬رئيس‭ ‬معهد‭ ‬الطاقة،‭ ‬ونيك‭ ‬وايث‭ ‬المدير‭ ‬التنفيذي‭ ‬للمعهد،‭ ‬أننا‭ ‬‮«‬نحيا‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬تنامي‭ ‬الطاقة‮»‬‭ ‬الذي‭ ‬‮«‬يدعمه‭ ‬انتقال‭ ‬يعوزه‭ ‬التنظيم‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد»؛‭ ‬مع‭ ‬إرجاع‭ ‬هذه‭ ‬‮«‬الازدواجية‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬التقدم‭ ‬السريع‭ ‬في‭ ‬تقنيات‭ ‬وتطبيقات‭ ‬الطاقة‭ ‬النظيفة‮»‬‭ ‬الموجودة‭ ‬جنبًا‭ ‬إلى‭ ‬جنب‭ ‬مع‭ ‬‮«‬الاعتماد‭ ‬المستمر‭ ‬على‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‮»‬‭ ‬في‭ ‬معظم‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم‭.‬

وكتبت‭ ‬كيت‭ ‬دوريان،‭ ‬زميلة‭ ‬غير‭ ‬مقيمة‭ ‬لدى‭ ‬معهد‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربية،‭ ‬عن‭ ‬كيف‭ ‬أن‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬‮«‬ليس‭ ‬استثناءً‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬يبدو‭ ‬من‭ ‬‮«‬تحول‭ ‬ملحوظ‭ ‬إلى‭ ‬الطاقة‭ ‬الأنظف‮»‬،‭ ‬خاصةً‭ ‬عبر‭ ‬بلدان‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي؛‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬لاتزال‭ ‬المنطقة‭ ‬بشكل‭ ‬أعم‭ ‬تعتمد‭ ‬‮«‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬لتوليد‭ ‬الطاقة‮»‬‭.‬

وعلى‭ ‬الصعيد‭ ‬الدولي،‭ ‬بات‭ ‬ملموسا‭ ‬كيف‭ ‬أضحت‭ ‬الأشكال‭ ‬المتجددة‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬أكثر‭ ‬انتشارًا،‭ ‬بمساعدة‭ ‬دعم‭ ‬استثماري‭ ‬قوي؛‭ ‬ولكن‭ ‬مع‭ ‬مواصلة‭ ‬اعتماد‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬الوقود‭ ‬القائم‭ ‬على‭ ‬الهيدروكربونات‭ ‬مثل‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬والفحم‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬تسجيل‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2025‭ ‬تراجع‭ ‬حصة‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬من‭ ‬استهلاك‭ ‬الطاقة‭ ‬العالمي‭ ‬من‭ ‬أعلى‭ ‬من‭ ‬46%‭ ‬إلى‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬30%،‭ ‬والمدفوع‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬بزيادة‭ ‬مبيعات‭ ‬السيارات‭ ‬الكهربائية‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬العالم؛‭ ‬وقد‭ ‬جاءت‭ ‬أحدث‭ ‬بيانات‭ ‬الوكالة‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2025‭ ‬بتوقع‭ ‬زيادة‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬بمقدار‭ ‬700‭.‬000‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا،‭ ‬مع‭ ‬الأخذ‭ ‬في‭ ‬الاعتبار‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الزيادة‭ ‬هي‭ ‬الأبطأ‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2009،‭ ‬ومن‭ ‬المنتظر‭ ‬أن‭ ‬يمضي‭ ‬التوسع‭ ‬المماثل‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2026‭ ‬بالإنتاج‭ ‬اليومي‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬قياسي‭ ‬يتجاوز‭ ‬104‭ ‬ملايين‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭. ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالغاز‭ ‬الطبيعي،‭ ‬سجل‭ ‬الطلب‭ ‬العالمي‭ ‬ارتفاعا‭ ‬بنسبة‭ ‬2‭.‬5%‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬بما‭ ‬يضاهي‭ ‬29%‭ ‬من‭ ‬جميع‭ ‬استخدامات‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري،‭ ‬مع‭ ‬تصدر‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬وروسيا‭ ‬والصين‭ ‬وإيران‭ ‬كمنتجين‭ ‬معًا‭ ‬لأكثر‭ ‬من‭ ‬نصف‭ ‬الإنتاج‭.‬

وسلط‭ ‬معهد‭ ‬الطاقة‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬ناتج‭ ‬جميع‭ ‬الطاقات‭ ‬من‭ ‬الهيدروكربونات‭ ‬بنسبة‭ ‬تزيد‭ ‬قليلاً‭ ‬على‭ ‬1%‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬مخرجات‭ ‬عمليات‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬وطاقة‭ ‬الرياح‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬16%،‭ ‬ويشكل‭ ‬توليد‭ ‬الطاقة‭ ‬من‭ ‬هذين‭ ‬المصدرين‭ ‬الآن‭ ‬15%‭ ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬العالمي،‭ ‬حيث‭ ‬شهد‭ ‬العقد‭ ‬الماضي‭ ‬زيادة‭ ‬أربعة‭ ‬أضعاف‭ ‬في‭ ‬مساهمتها‭. ‬وأسهمت‭ ‬طاقة‭ ‬الرياح‭ ‬والطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬بنحو‭ ‬28%،‭ ‬مُتجاوزة‭ ‬بذلك‭ ‬الفحم‭ ‬لأول‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬توليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬داخل‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‮»‬‭.‬

وواصل‭ ‬المعهد‭ ‬أن‭ ‬الاستثمارات‭ ‬في‭ ‬الأشكال‭ ‬المتجددة‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬‮«‬تُعد‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬حجر‭ ‬الزاوية‭ ‬في‭ ‬أمن‭ ‬الطاقة؛‭ ‬مما‭ ‬يُمكّن‭ ‬البلدان‭ ‬من‭ ‬النأي‭ ‬بأنظمة‭ ‬الطاقة‭ ‬خاصته‭ ‬عن‭ ‬أَتُّون‭ ‬أسواق‭ ‬الوقود‭ ‬العالمية‭ ‬والتوترات‭ ‬الجيوسياسية‮»‬،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق،‭ ‬أفاد‭ ‬تقرير‭ ‬موقع‭ ‬‮«‬بلومبرج‭ ‬إن‭ ‬إي‭ ‬إف‮»‬‭ ‬حول‭ ‬اتجاهات‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬التحول‭ ‬بمجال‭ ‬الطاقة‭ ‬لعام‭ ‬2025،‭ ‬كيف‭ ‬‮«‬نما‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬التحول‭ ‬نحو‭ ‬الطاقة‭ ‬المنخفضة‭ ‬الكربون‭ ‬عالميًا‭ ‬بنسبة‭ ‬11%‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬قياسي‭ ‬بلغ‭ ‬2‭.‬1‭ ‬تريليون‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬2024‮»‬،‭ ‬مع‭ ‬كون‭ ‬النقل‭ ‬الكهربائي‭ - ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬خلايا‭ ‬وقود‭ ‬الهيدروجين‭ ‬والمركبات‭ ‬الكهربائية‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬المرتبطة‭ ‬بها‭ - ‬هو‭ ‬المحرك‭ ‬الأكبر‭ ‬للاستثمارات‭ ‬بقيمة‭ ‬تربو‭ ‬على‭ ‬757‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭.‬

وأولى‭ ‬براون‭ ‬ووايث‭ ‬اهتمامًا‭ ‬خاصًا‭ ‬لكيفية‭ ‬‮«‬استمرار‭ ‬لعب‭ ‬الصين‭ ‬لدورًا‭ ‬غير‭ ‬متناسب‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬مشهد‭ ‬الطاقة‮»‬،‭ ‬مشيرين‭ ‬إلى‭ ‬كيفية‭ ‬تجاوز‭ ‬‮«‬طلب‭ ‬بكين‭ ‬للفحم‭ ‬بقية‭ ‬العالم‭ ‬مجتمعة‮»‬،‭ ‬ولكن‭ ‬‮«‬مع‭ ‬زيادة‭ ‬معدلات‭ ‬استعانتها‭ ‬بالطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬وتفوق‭ ‬مبيعات‭ ‬المركبات‭ ‬الكهربائية‮»‬‭. ‬في‭ ‬الواقع،‭ ‬سجلت‭ ‬بكين‭ ‬إضافة‭ ‬57%‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬الجديدة؛‭ ‬مما‭ ‬يضاعف‭ ‬عددها‭ ‬تقريبًا‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬عامين‭ ‬فقط‭.‬

أكدت‭ ‬دوريان‭ ‬أن‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬لا‭ ‬يزالان‭ ‬يهيمنان‭ ‬على‭ ‬مزيج‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬حيث‭ ‬يشكلان‭ ‬نحو‭ ‬97%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الإنتاج،‭ ‬ما‭ ‬يعادل‭ ‬7%‭ ‬من‭ ‬الإنتاج‭ ‬العالمي‭ ‬للطاقة‭. ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬انخفاض‭ ‬إنتاج‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬يزيد‭ ‬قليلًا‭ ‬على‭ ‬30‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬الحجم‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يُمثل‭ ‬ما‭ ‬يقرب‭ ‬من‭ ‬ثلث‭ ‬الاستهلاك‭ ‬اليومي‭ ‬العالمي‭. ‬وأضاف‭ ‬أن‭ ‬90%‭ ‬من‭ ‬توليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬حرق‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬والنفط‭ ‬في‭ ‬محطات‭ ‬التوليد‭.‬

في‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬سجلت‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬رقمًا‭ ‬قياسيًا‭ ‬جديدًا‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬حيث‭ ‬بلغت‭ ‬5%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬حصة‭ ‬توليد‭ ‬الكهرباء‭. ‬وشهدت‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬نموًا‭ ‬بنسبة‭ ‬23%‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬سنوي‭. ‬ومن‭ ‬اللافت‭ ‬أن‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬ضاعفت‭ ‬تقريبًا‭ ‬قدرتها‭ ‬من‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬لتتجاوز4300‭ ‬ميجاواط‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬بينما‭ ‬أضافت‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬46%‭ ‬إلى‭ ‬قدرتها‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2000‭.‬

في‭ ‬الوقت‭ ‬ذاته،‭ ‬ظل‭ ‬الطلب‭ ‬الإقليمي‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬والغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬ثابتًا،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬سجل‭ ‬الطلب‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬منظمة‭ ‬التعاون‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتنمية‭ ‬ثاني‭ ‬أعلى‭ ‬معدل‭ ‬نمو‭ ‬عالمي‭ ‬بعد‭ ‬إفريقيا،‭ ‬بنسبة‭ ‬1‭.‬6%‭ ‬و2‭.‬5%‭ ‬على‭ ‬التوالي‭. ‬وصرح‭ ‬وايث‭ ‬بأن‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬الغاز‭ ‬الطبيعي‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬يفوق‭ ‬بخمس‭ ‬مرات‭ ‬إجمالي‭ ‬القدرة‭ ‬المركبة‭ ‬للطاقة‭ ‬الشمسية،‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬دوريان‭ ‬إلى‭ ‬التأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الرقم‭ ‬يوضح‭ ‬مدى‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬المنطقة‭ ‬في‭ ‬انتقالها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الطاقة‭. ‬

في‭ ‬سياق‭ ‬التحول‭ ‬التدريجي‭ ‬من‭ ‬الاعتماد‭ ‬الكبير‭ ‬على‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬إلى‭ ‬اعتماد‭ ‬أوسع‭ ‬على‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬في‭ ‬الخليج،‭ ‬أشار‭ ‬تقرير‭ ‬وكالة‭ ‬الطاقة‭ ‬الدولية‭ ‬بعنوان‭ ‬‮«‬النفط‭ ‬2025‭: ‬تحليل‭ ‬وتوقعات‭ ‬حتى‭ ‬عام‭ ‬2030‮»‬‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬خطط‭ ‬السعودية‭ ‬الجريئة‭ ‬للتخلص‭ ‬التدريجي‭ ‬من‭ ‬استخدام‭ ‬النفط‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الكهرباء‭ ‬ستُسهم‭ ‬في‭ ‬خفض‭ ‬استهلاك‭ ‬النفط‭ ‬المستخدم‭ ‬في‭ ‬توليد‭ ‬الطاقة‭ ‬بمقدار‭ ‬مليون‭ ‬برميل‭ ‬يوميًا‭. ‬واعتبر‭ ‬التقرير‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬يمثل‭ ‬أكبر‭ ‬انخفاض‭ ‬في‭ ‬الطلب‭ ‬على‭ ‬النفط‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬القيمة‭ ‬المطلقة‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الدول‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬بين2024‭ ‬و2030‭ ‬وأشارت‭ ‬دوريان‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬استبدال‭ ‬النفط‭ ‬والوقود‭ ‬السائل‭ ‬في‭ ‬توليد‭ ‬الكهرباء‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬إتاحة‭ ‬كميات‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬النفط‭ ‬للتصدير‭.‬

مع‭ ‬ذلك،‭ ‬تأتي‭ ‬هذه‭ ‬الفرصة‭ ‬المحتملة‭ ‬لزيادة‭ ‬الصادرات‭ ‬النفطية‭ ‬من‭ ‬الخليج،‭ ‬والتي‭ ‬تُوجَّه‭ ‬بشكل‭ ‬رئيسي‭ ‬إلى‭ ‬أسواق‭ ‬شرق‭ ‬آسيا،‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬تظل‭ ‬فيه‭ ‬الأسعار‭ ‬منخفضة‭. ‬فقد‭ ‬استمر‭ ‬سعر‭ ‬برميل‭ ‬خام‭ ‬برنت‭ ‬بالتداول‭ ‬دون‭ ‬70‭ ‬دولارًا‭ ‬للبرميل‭ ‬حتى‭ ‬منتصف‭ ‬يوليو‭ ‬2025‭ ‬وتشير‭ ‬بيانات‭ ‬إدارة‭ ‬معلومات‭ ‬الطاقة‭ ‬الأمريكية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أسعار‭ ‬النفط‭ ‬الخام‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬أوبك‭ ‬ستواصل‭ ‬انخفاضها‭ ‬في‭ ‬عامي‭ ‬2025،2026،‭ ‬حيث‭ ‬يُتوقع‭ ‬أن‭ ‬تهبط‭ ‬عائدات‭ ‬تصدير‭ ‬النفط‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬أوبك‭ ‬من‭ ‬550‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬إلى‮ ‬455‭ ‬مليار‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬2025،‭ ‬ثم‭ ‬إلى‭ ‬410‭ ‬مليارات‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬2026‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬الزيادة‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬جميع‭ ‬أنواع‭ ‬الطاقة‭ ‬الرئيسية‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬حذر‭ ‬معهد‭ ‬الطاقة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النمو‭ ‬يُسهم‭ ‬أيضًا‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬الانبعاثات‭ ‬العالمية‭ ‬ومستويات‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬الأرض‭. ‬ووفقًا‭ ‬لتقريره،‭ ‬فإن‭ ‬التوسع‭ ‬في‭ ‬استخدام‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬والطاقة‭ ‬النووية‭ ‬قد‭ ‬أسهم‭ ‬في‭ ‬تجنب‭ ‬انبعاث‭ ‬حوالي‭ ‬109‭ ‬جيجا‭ ‬طن‭ ‬من‭ ‬غازات‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالطاقة‭ ‬منذ‭ ‬عام‭ ‬2010‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فقد‭ ‬ارتفعت‭ ‬الانبعاثات‭ ‬العالمية‭ ‬من‭ ‬الكربون‭ ‬بنسبة‭ ‬1%‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2024،‭ ‬وكانت‭ ‬الصين‭ ‬والهند‭ ‬مسؤولتين‭ ‬معًا‭ ‬عن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬60%‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬الانبعاثات‭ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬الماضي‭.‬

وفي‭ ‬حين‭ ‬انخفضت‭ ‬الانبعاثات‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭ ‬بنسبة‭ ‬تقارب‭ ‬16%‭ ‬مقارنة‭ ‬بعشر‭ ‬سنوات‭ ‬مضت،‭ ‬وتراجعت‭ ‬انبعاثات‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬بنسبة‭ ‬0.7%‭ ‬عن‭ ‬مستويات‭ ‬عام‭ ‬2023،‭ ‬أوضحت‭ ‬دوريان‭ ‬أن‭ ‬انبعاثات‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالطاقة‭ ‬ارتفعت‭ ‬بنسبة‭ ‬2‭.‬5%‭ ‬لتصل‭ ‬إلى‭ ‬3‭ ‬مليارات‭ ‬طن‭ ‬متري،‭ ‬وهو‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى‭ ‬تم‭ ‬تسجيله‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭.‬

أما‭ ‬في‭ ‬الشرق‭ ‬الأوسط،‭ ‬فقد‭ ‬أشارت‭ ‬دوريان‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬انبعاثات‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬ارتفعت‭ ‬بنسبة‭ ‬19%‮ ‬خلال‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬مع‭ ‬تسجيل‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬زيادة‭ ‬بنسبة‭ ‬4‭.‬6%‭. ‬ووفقًا‭ ‬للمنظمة‭ ‬العالمية‭ ‬للأرصاد‭ ‬الجوية،‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬عام‭ ‬2024‭ ‬هو‭ ‬الأكثر‭ ‬دفئًا‭ ‬في‭ ‬التاريخ،‭ ‬حيث‭ ‬تجاوز‭ ‬متوسط‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة‭ ‬مستوى‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الثورة‭ ‬الصناعية‭ ‬بمقدار‭ ‬1‭.‬55‭ ‬درجة‭ ‬مئوية‭.‬

وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الطاقة‭ ‬تُعد‭ ‬‮«‬ضرورية‭ ‬للنشاط‭ ‬البشري‭ ‬والتنمية‮»‬،‭ ‬كما‭ ‬أشار‭ ‬براون‭ ‬ووايث،‭ ‬فإن‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬إنتاج‭ ‬واستخدام‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬ومساهمات‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تُسد‭ ‬بوتيرة‭ ‬أسرع‭ ‬لتجنب‭ ‬التداعيات‭ ‬المناخية‭ ‬التي‭ ‬لطالما‭ ‬حذر‭ ‬منها‭ ‬العلماء‭. ‬ومع‭ ‬أن‭ ‬الاستثمارات‭ ‬العالمية‭ ‬في‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬قد‭ ‬تجاوزت‭ ‬بكثير‭ ‬تلك‭ ‬الموجهة‭ ‬إلى‭ ‬إنتاج‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬ذكرته‭ ‬مؤسسة‭ ‬‮«‬بلومبرج‭ ‬إن‭ ‬إي‭ ‬إف‮»‬‭ ‬حول‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬استثمار‭ ‬سنوي‭ ‬بمتوسط‭ ‬5‭.‬6‭ ‬تريليونات‭ ‬دولار‭ ‬من‭ ‬عام‭ ‬2025‭ ‬وحتى‭ ‬عام‭ ‬2030‭ - ‬وهو‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬المعدل‭ ‬الحالي‭ - ‬يُبرز‭ ‬عدم‭ ‬التوازن‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬العالمي‭ ‬الحالي،‭ ‬ومدى‭ ‬صعوبة‭ ‬تحقيق‭ ‬هدف‭ ‬صافي‭ ‬الصفر‭ ‬الكربوني‭ ‬بحلول‭ ‬عام‭ ‬2050‭.‬

على‭ ‬العموم،‭ ‬رغم‭ ‬التقدم‭ ‬الملحوظ‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬واستخدام‭ ‬مصادر‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة،‭ ‬فإن‭ ‬العالم‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬تحقيق‭ ‬توازن‭ ‬فعلي‭ ‬بين‭ ‬تطلعاته‭ ‬المناخية‭ ‬واعتماده‭ ‬الراسخ‭ ‬على‭ ‬الوقود‭ ‬الأحفوري‭. ‬ويبرز‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الأرقام‭ ‬والاتجاهات‭ ‬الحالية‭ ‬أن‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬الواقع‭ ‬والمستهدف‭ ‬في‭ ‬التحول‭ ‬الطاقي‭ ‬تتطلب‭ ‬تسريع‭ ‬وتيرة‭ ‬التغيير،‭ ‬وتكثيف‭ ‬الاستثمارات،‭ ‬وإعادة‭ ‬هيكلة‭ ‬سياسات‭ ‬الطاقة‭ ‬على‭ ‬المستويات‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭. ‬إن‭ ‬تحقيق‭ ‬هدف‭ ‬صافي‭ ‬الصفر‭ ‬بحلول‭ ‬2050‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مجرد‭ ‬خيار‭ ‬استراتيجي،‭ ‬بل‭ ‬ضرورة‭ ‬بيئية‭ ‬واقتصادية‭ ‬عاجلة‭ ‬لمستقبل‭ ‬البشرية‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار،‭ ‬تقف‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬أمام‭ ‬مفترق‭ ‬طرق‭ ‬حاسم،‭ ‬حيث‭ ‬تمتلك‭ ‬من‭ ‬الموارد‭ ‬والقدرات‭ ‬ما‭ ‬يمكّنها‭ ‬من‭ ‬قيادة‭ ‬تحول‭ ‬الطاقة‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬غير‭ ‬أن‭ ‬تسريع‭ ‬هذا‭ ‬التحول‭ ‬سيتطلب‭ ‬سياسات‭ ‬أكثر‭ ‬جرأة‭ ‬واستثمارات‭ ‬طويلة‭ ‬الأمد‭ ‬في‭ ‬الابتكار‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬المستدامة‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا