العدد : ١٧٢٨٨ - الأربعاء ٢٣ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٨ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٨٨ - الأربعاء ٢٣ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٨ محرّم ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

العولمة الرقمية: كيف غيّرت التكنولوجيا مفهوم الحدود؟

بقلم: د. مأمون أبو رعد {

الأربعاء ٢٣ يوليو ٢٠٢٥ - 02:00

شهد‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬الأخيرة‭ ‬تحوّلًا‭ ‬جذريًا‭ ‬في‭ ‬مفهوم‭ ‬الحدود‭ ‬بفضل‭ ‬العولمة‭ ‬الرقمية،‭ ‬التي‭ ‬قلبت‭ ‬المعايير‭ ‬التقليدية‭ ‬للتواصل،‭ ‬والتجارة،‭ ‬والتعلم،‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬الأمن‭. ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬الحدود‭ ‬الجغرافية‭ ‬عائقًا‭ ‬أمام‭ ‬انتقال‭ ‬الأفكار‭ ‬أو‭ ‬تدفق‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬أو‭ ‬تبادل‭ ‬الثقافات،‭ ‬حيث‭ ‬أزالت‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬الرقمية،‭ ‬وفي‭ ‬مقدمتها‭ ‬الإنترنت‭ ‬والذكاء‭ ‬الاصطناعي،‭ ‬الحواجز‭ ‬الزمانية‭ ‬والمكانية،‭ ‬فاتحةً‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬واقع‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬التفاعل‭ ‬العالمي‭ ‬غير‭ ‬المسبوق‭.‬

أحدثت‭ ‬العولمة‭ ‬الرقمية‭ ‬ثورة‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬العالمي،‭ ‬حيث‭ ‬أصبحت‭ ‬التجارة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬جزءًا‭ ‬أساسيًا‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬الأفراد‭ ‬والشركات‭. ‬فقد‭ ‬استطاعت‭ ‬المتاجر‭ ‬الصغيرة‭ ‬أن‭ ‬تدخل‭ ‬أسواقًا‭ ‬دولية‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬وكلاء‭ ‬أو‭ ‬مقار‭ ‬فعلية‭ ‬في‭ ‬الخارج،‭ ‬ما‭ ‬خلق‭ ‬بيئة‭ ‬أعمال‭ ‬جديدة‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬الكفاءة،‭ ‬والسرعة،‭ ‬والقدرة‭ ‬على‭ ‬الوصول‭ ‬العالمي‭. ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬الشركات‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬التواجد‭ ‬الجغرافي‭ ‬لتخدم‭ ‬عملاء‭ ‬من‭ ‬قارات‭ ‬مختلفة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬أتاحته‭ ‬منصات‭ ‬مثل‭ ‬أمازون‭ ‬وعلي‭ ‬بابا،‭ ‬التي‭ ‬تشكل‭ ‬اليوم‭ ‬واجهة‭ ‬للتبادل‭ ‬التجاري‭ ‬بين‭ ‬ملايين‭ ‬البائعين‭ ‬والمشترين‭ ‬عبر‭ ‬العالم‭.‬

كما‭ ‬غيّرت‭ ‬العملات‭ ‬المشفرة،‭ ‬مثل‭ ‬البيتكوين‭ ‬والإيثريوم،‭ ‬من‭ ‬طبيعة‭ ‬التبادل‭ ‬المالي،‭ ‬إذ‭ ‬أتاحت‭ ‬التحويلات‭ ‬العابرة‭ ‬للقارات‭ ‬بسرعة‭ ‬وكلفة‭ ‬منخفضة،‭ ‬متجاوزة‭ ‬القيود‭ ‬البنكية‭ ‬التقليدية‭. ‬وساعدت‭ ‬هذه‭ ‬العملات‭ ‬على‭ ‬دمج‭ ‬فئات‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬المستخدمين‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬المالي‭ ‬العالمي،‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬التي‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬المصرفية،‭ ‬مثل‭ ‬أجزاء‭ ‬من‭ ‬إفريقيا‭ ‬وجنوب‭ ‬آسيا‭.‬

أما‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬سلاسل‭ ‬التوريد،‭ ‬فقد‭ ‬أسهمت‭ ‬الرقمنة‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬التنسيق‭ ‬بين‭ ‬المصانع‭ ‬والموزعين‭ ‬والموردين‭ ‬عبر‭ ‬الحدود،‭ ‬ما‭ ‬رفع‭ ‬من‭ ‬كفاءة‭ ‬الإنتاج‭ ‬وخفض‭ ‬التكاليف‭. ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬الانفتاح‭ ‬الاقتصادي‭ ‬لا‭ ‬يخلو‭ ‬من‭ ‬التحديات،‭ ‬أبرزها‭ ‬احتكار‭ ‬بعض‭ ‬الشركات‭ ‬العملاقة‭ ‬للتقنيات‭ ‬الأساسية،‭ ‬وتعاظم‭ ‬الفجوة‭ ‬الرقمية‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬المتقدمة‭ ‬والنامية،‭ ‬فضلًا‭ ‬عن‭ ‬هشاشة‭ ‬بعض‭ ‬النظم‭ ‬أمام‭ ‬الأزمات‭ ‬العالمية‭ ‬كما‭ ‬ظهر‭ ‬خلال‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭.‬

الجانب‭ ‬الثقافي‭ ‬من‭ ‬العولمة‭ ‬الرقمية‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬أهمية‭ ‬عن‭ ‬الاقتصادي‭. ‬فقد‭ ‬أصبح‭ ‬الإنسان‭ ‬اليوم‭ ‬أكثر‭ ‬قدرة‭ ‬على‭ ‬التفاعل‭ ‬مع‭ ‬ثقافات‭ ‬متباينة،‭ ‬واكتساب‭ ‬معرفة‭ ‬واسعة‭ ‬بالعادات‭ ‬والتقاليد‭ ‬والأفكار‭ ‬المختلفة‭. ‬تكفي‭ ‬نقرة‭ ‬زر‭ ‬واحدة‭ ‬ليشاهد‭ ‬المستخدم‭ ‬في‭ ‬القاهرة‭ ‬عرضًا‭ ‬مسرحيًا‭ ‬من‭ ‬طوكيو،‭ ‬أو‭ ‬يتفاعل‭ ‬مع‭ ‬أغنية‭ ‬من‭ ‬البرازيل،‭ ‬أو‭ ‬يقرأ‭ ‬رواية‭ ‬مترجمة‭ ‬من‭ ‬نيجيريا‭.‬

أسهمت‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬في‭ ‬تحويل‭ ‬العالم‭ ‬إلى‭ ‬ساحة‭ ‬تفاعل‭ ‬ثقافي‭ ‬دائمة،‭ ‬حيث‭ ‬تنتشر‭ ‬الأفكار،‭ ‬والصور،‭ ‬والرموز‭ ‬بسرعة‭ ‬البرق،‭ ‬وتُعاد‭ ‬صياغتها‭ ‬وتوطينها‭ ‬بطرق‭ ‬غير‭ ‬متوقعة‭. ‬وقد‭ ‬أدى‭ ‬هذا‭ ‬الانفتاح‭ ‬إلى‭ ‬تعزيز‭ ‬قيم‭ ‬التسامح‭ ‬والتنوع،‭ ‬كما‭ ‬شجّع‭ ‬على‭ ‬التفاعل‭ ‬بين‭ ‬الشعوب،‭ ‬وتكوين‭ ‬صداقات‭ ‬عابرة‭ ‬للقارات‭.‬

لكن‭ ‬هذه‭ ‬الديناميكية‭ ‬الثقافية‭ ‬الجديدة‭ ‬تطرح‭ ‬أيضًا‭ ‬تساؤلات‭ ‬حول‭ ‬الهوية‭. ‬فمع‭ ‬سيطرة‭ ‬المنصات‭ ‬العالمية‭ ‬على‭ ‬المحتوى‭ ‬الرقمي،‭ ‬طفت‭ ‬إلى‭ ‬السطح‭ ‬مخاوف‭ ‬من‭ ‬هيمنة‭ ‬ثقافة‭ ‬واحدة‭ (‬غالبًا‭ ‬غربية‭ ‬أو‭ ‬صينية‭) ‬على‭ ‬باقي‭ ‬الثقافات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬قد‭ ‬يهدد‭ ‬التنوع‭ ‬الثقافي‭ ‬ويؤدي‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬تماثل‭ ‬رقمي‮»‬‭ ‬يفقد‭ ‬المجتمعات‭ ‬خصوصيتها‭. ‬يضاف‭ ‬إلى‭ ‬ذلك‭ ‬التراجع‭ ‬التدريجي‭ ‬لبعض‭ ‬اللغات‭ ‬واللهجات‭ ‬المحلية‭ ‬لصالح‭ ‬الإنجليزية‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬اللغات‭ ‬المهيمنة‭ ‬رقميًا‭.‬

أما‭ ‬التعليم‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬أكبر‭ ‬المستفيدين‭ ‬من‭ ‬العولمة‭ ‬الرقمية‭. ‬فقد‭ ‬أصبح‭ ‬التعليم‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬واقعًا‭ ‬عالميًا،‭ ‬تُقدّم‭ ‬فيه‭ ‬الجامعات‭ ‬المرموقة‭ ‬دورات‭ ‬إلكترونية‭ ‬مجانية‭ ‬أو‭ ‬مدفوعة،‭ ‬ويستطيع‭ ‬أي‭ ‬شخص‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬أن‭ ‬يلتحق‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يغادر‭ ‬منزله‭. ‬تتيح‭ ‬المنصات‭ ‬التعليمية‭ ‬مثل‭ ‬كورسيرا،‭ ‬وإيديكس،‭ ‬وأكاديمية‭ ‬خان،‭ ‬فرصًا‭ ‬غير‭ ‬محدودة‭ ‬لتعلم‭ ‬البرمجة،‭ ‬واللغات،‭ ‬والتسويق،‭ ‬والتصميم،‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬المهارات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬حكرًا‭ ‬على‭ ‬النخب‭ ‬سابقًا‭.‬

هذا‭ ‬الانفتاح‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬ديمقراطية‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬المعرفة،‭ ‬بحيث‭ ‬بات‭ ‬الطالب‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬نائية‭ ‬في‭ ‬النيجر،‭ ‬أو‭ ‬اليمن،‭ ‬قادرًا‭ ‬على‭ ‬تلقي‭ ‬تعليم‭ ‬بنفس‭ ‬جودة‭ ‬ما‭ ‬يتلقاه‭ ‬زميله‭ ‬في‭ ‬جامعة‭ ‬أمريكية‭. ‬كما‭ ‬ظهرت‭ ‬مبادرات‭ ‬حكومية‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬والإفريقية‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬دعم‭ ‬التعليم‭ ‬الرقمي،‭ ‬وتوفير‭ ‬الأجهزة‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭ ‬اللازمة‭ ‬لذلك‭.‬

رغم‭ ‬ذلك،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إغفال‭ ‬التحديات‭. ‬فالفجوة‭ ‬الرقمية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬قائمة‭ ‬بين‭ ‬من‭ ‬يمتلكون‭ ‬وسائل‭ ‬الاتصال‭ ‬السريع‭ ‬والتقنيات‭ ‬الحديثة،‭ ‬وبين‭ ‬من‭ ‬يفتقرون‭ ‬إليها‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬الاعتماد‭ ‬المفرط‭ ‬على‭ ‬التعليم‭ ‬الافتراضي‭ ‬يطرح‭ ‬إشكالات‭ ‬تتعلق‭ ‬بجودة‭ ‬المحتوى،‭ ‬وانعدام‭ ‬التفاعل‭ ‬البشري‭ ‬المباشر،‭ ‬وصعوبة‭ ‬تقييم‭ ‬المهارات‭ ‬العملية‭. ‬ومع‭ ‬ذلك،‭ ‬فإن‭ ‬العولمة‭ ‬الرقمية‭ ‬فتحت‭ ‬أفقًا‭ ‬جديدًا‭ ‬لتعليم‭ ‬عالمي‭ ‬أكثر‭ ‬عدالة‭ ‬ومرونة‭.‬

ومن‭ ‬أكثر‭ ‬نتائج‭ ‬العولمة‭ ‬الرقمية‭ ‬تعقيدًا‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالأمن‭ ‬السيبراني‭. ‬فالحدود‭ ‬في‭ ‬الفضاء‭ ‬الرقمي‭ ‬لا‭ ‬وجود‭ ‬لها‭ ‬بالمعنى‭ ‬التقليدي،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬الهجمات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬أكثر‭ ‬خطورة‭ ‬وأوسع‭ ‬نطاقًا‭. ‬يمكن‭ ‬لقراصنة‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬ما‭ ‬أن‭ ‬يخترقوا‭ ‬نظمًا‭ ‬مالية‭ ‬أو‭ ‬حكومية‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يغادروها،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يضع‭ ‬الأمن‭ ‬القومي‭ ‬والسيادة‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬تحديات‭ ‬غير‭ ‬مألوفة‭.‬

لقد‭ ‬شهد‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الأخيرة‭ ‬ارتفاعًا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭ ‬في‭ ‬الهجمات‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬سواء‭ ‬التي‭ ‬تستهدف‭ ‬الحكومات‭ ‬أو‭ ‬المؤسسات‭ ‬الخاصة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬الأفراد‭. ‬وشملت‭ ‬هذه‭ ‬الهجمات‭ ‬سرقة‭ ‬البيانات،‭ ‬وتعطيل‭ ‬الخدمات،‭ ‬والتجسس‭ ‬الصناعي‭ ‬والسياسي،‭ ‬ما‭ ‬دفع‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬إلى‭ ‬إنشاء‭ ‬وحدات‭ ‬أمنية‭ ‬متخصصة‭ ‬لمكافحة‭ ‬الجريمة‭ ‬السيبرانية‭.‬

إلى‭ ‬جانب‭ ‬الهجمات،‭ ‬تبرز‭ ‬إشكالية‭ ‬حماية‭ ‬الخصوصية‭ ‬في‭ ‬عالم‭ ‬مترابط‭ ‬رقميًا‭. ‬فمع‭ ‬ازدياد‭ ‬حجم‭ ‬البيانات‭ ‬التي‭ ‬تجمعها‭ ‬الشركات‭ ‬الكبرى‭ ‬عن‭ ‬المستخدمين،‭ ‬بات‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬ضبط‭ ‬استخدام‭ ‬هذه‭ ‬المعلومات،‭ ‬خاصة‭ ‬مع‭ ‬تباين‭ ‬القوانين‭ ‬بين‭ ‬الدول‭. ‬بينما‭ ‬تعتمد‭ ‬أوروبا‭ ‬نظامًا‭ ‬صارمًا‭ ‬لحماية‭ ‬البيانات،‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬دول‭ ‬أخرى‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬تشريعات‭ ‬فعالة،‭ ‬مما‭ ‬يعرّض‭ ‬المستخدمين‭ ‬لمخاطر‭ ‬الاستغلال‭ ‬والتتبع‭.‬

أعادت‭ ‬العولمة‭ ‬الرقمية‭ ‬تعريف‭ ‬مفهوم‭ ‬الحدود‭ ‬من‭ ‬جديد‭. ‬فقد‭ ‬باتت‭ ‬الحدود‭ ‬اليوم‭ ‬أكثر‭ ‬سيولة‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬وقت‭ ‬مضى،‭ ‬حيث‭ ‬تتدفق‭ ‬المعلومات،‭ ‬والسلع،‭ ‬والأفكار،‭ ‬والمهارات،‭ ‬بل‭ ‬حتى‭ ‬التهديدات،‭ ‬في‭ ‬فضاء‭ ‬رقمي‭ ‬مفتوح‭ ‬لا‭ ‬يخضع‭ ‬لقوانين‭ ‬الجغرافيا‭ ‬القديمة‭.‬

هذا‭ ‬الواقع‭ ‬الجديد‭ ‬يحمل‭ ‬فرصًا‭ ‬هائلة‭ ‬للتنمية‭ ‬والتقارب‭ ‬الإنساني،‭ ‬لكنه‭ ‬أيضًا‭ ‬يفرض‭ ‬تحديات‭ ‬تتطلب‭ ‬تفكيرًا‭ ‬جماعيًا‭ ‬وتنظيمًا‭ ‬دوليًا‭. ‬فبينما‭ ‬تواصل‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬تجاوز‭ ‬الحدود،‭ ‬يبقى‭ ‬على‭ ‬المجتمعات‭ ‬والدول‭ ‬أن‭ ‬تُعيد‭ ‬رسم‭ ‬أطر‭ ‬السيادة‭ ‬والخصوصية‭ ‬والتنوع‭ ‬الثقافي‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬رقمي‭ ‬شديد‭ ‬السيولة‭.‬

في‭ ‬النهاية،‭ ‬إن‭ ‬النجاح‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العصر‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬حكرًا‭ ‬على‭ ‬الأقوى‭ ‬تكنولوجيًا،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬الأقدر‭ ‬على‭ ‬توظيف‭ ‬العولمة‭ ‬الرقمية‭ ‬في‭ ‬خدمة‭ ‬الإنسان،‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يفقد‭ ‬هويته،‭ ‬أو‭ ‬يفرّط‭ ‬في‭ ‬أمنه‭.‬

 

{‭ ‬أستاذ‭ ‬مساعد‭ ‬بقسم‭ ‬العلوم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬‭ ‬كلية‭ ‬الآداب‭ ‬بجامعة‭ ‬البحرين‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا