العدد : ١٧٢٩٢ - الأحد ٢٧ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٩٢ - الأحد ٢٧ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٢ صفر ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

قانون «إسرائيل أولا» في الولايات المتحدة الأمريكية

بقلم: د. إسماعيل محمد المدني

السبت ٢٦ يوليو ٢٠٢٥ - 02:00

نجح‭ ‬الرئيس‭ ‬ترامب‭ ‬في‭ ‬اقناع‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬أثناء‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية‭ ‬الرئاسية‭ ‬لعام‭ ‬2016‭ ‬بأن‭ ‬جهوده‭ ‬وسياساته‭ ‬ستتوجه‭ ‬كلياً‭ ‬نحو‭ ‬المواطن‭ ‬وبعيداً‭ ‬عن‭ ‬الاهتمامات‭ ‬والدعم‭ ‬للدول‭ ‬والمنظمات‭ ‬الأممية‭ ‬والأجنبية،‭ ‬وسيكون‭ ‬المواطن‭ ‬الأمريكي‭ ‬هو‭ ‬الأساس‭ ‬الذي‭ ‬يبني‭ ‬عليه‭ ‬كل‭ ‬قراراته‭ ‬ومواقفه‭. ‬ولذلك‭ ‬رفع‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬أمريكا‭ ‬أولاً‮»‬،‭ ‬وأسس‭ ‬حركة‭ ‬شعبوية‭ ‬أَطلق‭ ‬عليها‭ ‬‮«‬لنجعل‭ ‬أمريكا‭ ‬عظيمة‭ ‬مرة‭ ‬ثانية‮»‬‭ (‬MAGA‭). ‬وهذه‭ ‬العقيدة‭ ‬والسياسة‭ ‬التي‭ ‬تبناها‭ ‬ترامب‭ ‬تكررت‭ ‬مرة‭ ‬ثانية‭ ‬عندما‭ ‬رشح‭ ‬نفسه‭ ‬للدخول‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬الأبيض‭ ‬مرة‭ ‬ثانية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬فشل‭ ‬في‭ ‬هزيمة‭ ‬بايدن‭ ‬في‭ ‬الانتخابات‭ ‬الرئاسية‭ ‬عام‭ ‬2020‭.‬

ولكن‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭ ‬ليست‭ ‬وليدة‭ ‬هذه‭ ‬الحقبة‭ ‬الزمنية‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬الأمريكي،‭ ‬وليست‭ ‬من‭ ‬الإبداعات‭ ‬السياسية‭ ‬الجديدة‭ ‬والفريدة‭ ‬للرئيس‭ ‬ترامب،‭ ‬ولم‭ ‬تكن‭ ‬ايحاءً‭ ‬من‭ ‬عقل‭ ‬ترامب‭ ‬وثقافته،‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬فكرة‭ ‬وحركة‭ ‬قديمة‭ ‬ضاربة‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬التاريخ‭ ‬الأمريكي‭. ‬فقد‭ ‬رفع‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬الأسبق‭ ‬‮«‬وودرو‭ ‬ويلسون‮»‬‭ ‬شعار‭ ‬أمريكا‭ ‬أولاً‭ ‬أثناء‭ ‬حملته‭ ‬الانتخابية‭ ‬الرئاسية‭ ‬عام‭ ‬1916‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تجنيب‭ ‬أمريكا‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬الحروب‭ ‬الخارجية،‭ ‬ثم‭ ‬تَرَدد‭ ‬هذا‭ ‬الشعار‭ ‬مرة‭ ‬ثانية،‭ ‬وتشكلت‭ ‬لجنة‭ ‬أمريكية‭ ‬اتحادية‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬سبتمبر‭ ‬1940‭ ‬لمنع‭ ‬أمريكا‭ ‬من‭ ‬الدخول‭ ‬في‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الثانية‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭: ‬‮«‬حركة‭ ‬أمريكا‭ ‬أولاً‮»‬‭.‬

ومن‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يفي‭ ‬ترامب‭ ‬بوعوده‭ ‬أثناء‭ ‬حملاته‭ ‬الانتخابية‭ ‬أمام‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي،‭ ‬ومن‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬يحول‭ ‬الأقوال‭ ‬والشعارات‭ ‬إلى‭ ‬أفعال‭ ‬وأعمال،‭ ‬فقد‭ ‬انسحب‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬المعاهدات‭ ‬الدولية‭ ‬التابعة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬مثل‭ ‬انسحابه‭ ‬مرتين‭ ‬من‭ ‬تفاهمات‭ ‬باريس‭ ‬لعام‭ ‬2015‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالتغير‭ ‬المناخي،‭ ‬والخروج‭ ‬من‭ ‬بعض‭ ‬المنظمات‭ ‬الأممية،‭ ‬كمنظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬وقف‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬لبعض‭ ‬المنظمات‭ ‬الخارجية‭ ‬والمساعدات‭ ‬التي‭ ‬تقدمها‭ ‬أمريكا‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭: ‬‮«‬الوكالة‭ ‬الأمريكية‭ ‬للتنمية‭ ‬الدولية‮»‬‭ (‬USAID‭).‬

ولكن‭ ‬تبين‭ ‬مع‭ ‬الوقت‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬القرارات‭ ‬التي‭ ‬اتخذها،‭ ‬والأعمال‭ ‬التي‭ ‬قام‭ ‬بها‭ ‬‮«‬مسيسة‮»‬،‭ ‬وتدخل‭ ‬في‭ ‬أجندة‭ ‬خاصة‭ ‬به،‭ ‬وبقناعاته‭ ‬الشخصية،‭ ‬ولا‭ ‬تتوافق‭ ‬كلها‭ ‬مع‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬أمريكا‭ ‬أولاً‮»‬،‭ ‬بحيث‭ ‬تشمل‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬كافة‭ ‬الدول‭ ‬والمنظمات‭ ‬بالمساواة‭ ‬وجعل‭ ‬الهم‭ ‬الأمريكي‭ ‬فوق‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬مع‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬استثناء‭. ‬فقد‭ ‬أكد‭ ‬المحللون‭ ‬السياسيون،‭ ‬وبعض‭ ‬التابعين‭ ‬والموالين‭ ‬لحركة‭ ‬‮«‬لنجعل‭ ‬أمريكا‭ ‬عظيمة‭ ‬مرة‭ ‬ثانية‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬انحرافاً‭ ‬قد‭ ‬وقع‭ ‬على‭ ‬سياسة‭ ‬ترامب،‭ ‬وأن‭ ‬تركيزه‭ ‬لم‭ ‬ينصب‭ ‬كلياً‭ ‬على‭ ‬‮«‬أمريكا‭ ‬أولاً‮»‬‭ ‬وعلى‭ ‬المبادئ‭ ‬والعقيدة‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬عليها،‭ ‬فقد‭ ‬دخلت‭ ‬فيها‭ ‬شوائب‭ ‬سياسية‭ ‬أعطت‭ ‬أولوية‭ ‬واهتماماً‭ ‬شديداً‭ ‬وكبيراً‭ ‬ولافت‭ ‬للنظر‭ ‬للصهاينة،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬الدولة‭ ‬اليهودية‭ ‬الصهيونية،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬الاهتمام‭ ‬بهذه‭ ‬الدولة‭ ‬طغى‭ ‬على‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالشعب‭ ‬الأمريكي،‭ ‬أي‭ ‬في‭ ‬تقديري‭ ‬فإن‭ ‬شعار‭ ‬‮«‬أمريكا‭ ‬أولاً‮»‬‭ ‬قد‭ ‬استُبدل‭ ‬بشعار‭ ‬جديد‭ ‬هو‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬أولاً‮»‬‭.‬

وهذه‭ ‬السياسة‭ ‬في‭ ‬الاهتمام‭ ‬والعناية‭ ‬بإسرائيل‭ ‬ليست‭ ‬جديدة‭ ‬على‭ ‬الحكومات‭ ‬الأمريكية‭ ‬المتعاقبة،‭ ‬ولكنها‭ ‬بين‭ ‬مد‭ ‬وجزر،‭ ‬وزيادة‭ ‬ونقصان،‭ ‬وتتغير‭ ‬في‭ ‬شدتها‭ ‬ودعمها‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬أمريكي‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭. ‬فكلهم‭ ‬يتفقون‭ ‬على‭ ‬رعاية‭ ‬هذا‭ ‬الورم‭ ‬الصهيوني‭ ‬الخبيث‭ ‬الذي‭ ‬زرعوه‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الأمة‭ ‬العربية،‭ ‬وذلك‭ ‬بالدعم‭ ‬المالي‭ ‬والعسكري‭ ‬والدبلوماسي‭. ‬

‭ ‬ولذلك‭ ‬عندما‭ ‬قاطع‭ ‬العرب‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬سياسياً‭ ‬وتجارياً‭ ‬واقتصادياً‭ ‬قامت‭ ‬أمريكا‭ ‬فوراً‭ ‬بسن‭ ‬تشريعات‭ ‬تواجه‭ ‬المقاطعة‭ ‬العربية‭ ‬وتخفف‭ ‬من‭ ‬تأثيراتها،‭ ‬مثل‭ ‬قانون‭: ‬‮«‬إدارة‭ ‬الصادرات‮»‬‭ ‬

‭(‬Export‭ ‬Administration‭ ‬Act‭) ‬لعام‭ ‬1979،‭ ‬وقانون‭: ‬‮«‬بنك‭ ‬الاستيراد‭ ‬والتصدير‮»‬‭ (‬Export‭- ‬Import‭ ‬Bank‭ ‬Act‭)‬،‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2017‭ ‬بدأت‭ ‬سياسة‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬أولاً‮»‬‭ ‬تتضح‭ ‬أكثر‭ ‬عندما‭ ‬أقرت‭ ‬أمريكا‭ ‬قانون‭: (‬مكافحة‭ ‬المقاطعة‭ ‬لإسرائيل‭) ‬أو‭ (‬مناهضة‭ ‬مقاطعة‭ ‬إسرائيل‭) (‬Israel‭ ‬Anti‭-‬Boycott‭ ‬Act‭). ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬الغريب‭ ‬يُفضل‭ ‬إسرائيل‭ ‬والشركات‭ ‬الصهيونية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬على‭ ‬الشعب‭ ‬الأمريكي‭ ‬وشركاته،‭ ‬كما‭ ‬يقيد‭ ‬حرية‭ ‬الاختيار‭ ‬والرأي‭ ‬والتعبير‭ ‬للمواطن‭ ‬الأمريكي‭ ‬والمكفولة‭ ‬في‭ ‬التعديل‭ ‬الأول‭ ‬للدستور‭ ‬الأمريكي‭. ‬فهذا‭ ‬القانون‭ ‬يجرم‭ ‬ويعاقب‭ ‬ويغرم‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يقاطع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬أو‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬مقاطعتها،‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬يقاطع‭ ‬الشركات‭ ‬الإسرائيلية،‭ ‬حتى‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬المستوطنات‭ ‬المخالفة‭ ‬للقوانين‭ ‬الدولية‭. ‬فبعبارة‭ ‬أخرى‭ ‬يحق‭ ‬للأمريكي‭ ‬مقاطعة‭ ‬فرد‭ ‬أمريكي‭ ‬آخر،‭ ‬أو‭ ‬شركة‭ ‬أمريكية،‭ ‬أو‭ ‬جامعة،‭ ‬أو‭ ‬بضاعة‭ ‬أمريكية،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬أية‭ ‬ولاية‭ ‬أمريكية،‭ ‬ولكن‭ ‬حسب‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬لا‭ ‬يحق‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬بل‭ ‬ويعاقب،‭ ‬إذا‭ ‬قاطع‭ ‬إسرائيل،‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭.‬

واليوم‭ ‬جاء‭ ‬ترامب‭ ‬ليعزز‭ ‬هذه‭ ‬الثقافة‭ ‬ويقويها،‭ ‬ويحمي‭ ‬هذه‭ ‬الفكرة‭ ‬ويدعمها‭ ‬بكل‭ ‬ما‭ ‬أوتي‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬تنفيذية،‭ ‬وقوة‭ ‬تشريعية،‭ ‬وقوة‭ ‬مالية‭. ‬فهو‭ ‬يقوم‭ ‬الآن‭ ‬بتنفيذ‭ ‬عدة‭ ‬سياسات‭ ‬صهيونية‭ ‬في‭ ‬آن‭ ‬واحد،‭ ‬فالأولى‭ ‬تبَني‭ ‬سياسة‭ ‬تجريم‭ ‬‮«‬معاداة‭ ‬السامية‮»‬،‭ ‬والثانية‭  ‬تجريم‭ ‬‮«‬معاداة‭ ‬الصهيونية‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬جعل‭ ‬معاداة‭ ‬الصهيونية‭ ‬في‭ ‬مرتبة‭ ‬معاداة‭ ‬السامية،‭ ‬ولم‭ ‬يفرق‭ ‬بينهما‭ ‬كفكر‭ ‬وإيديولوجية‭ ‬مختلفة،‭ ‬ثم‭ ‬المرحلة‭ ‬الثالثة‭ ‬والخطيرة‭ ‬جداً‭ ‬هي‭ ‬تجريم‭ ‬‮«‬معاداة‭ ‬إسرائيل‮»‬‭ ‬بأي‭ ‬صورة‭ ‬كانت،‭ ‬فانتقاد‭ ‬أو‭ ‬الدعوة‭ ‬لانتقاد‭ ‬إسرائيل‭ ‬فيه‭ ‬عقاب‭ ‬أليم،‭ ‬وإبداء‭ ‬أي‭ ‬رأي‭ ‬يشوه‭ ‬سمعة‭ ‬إسرائيل‭ ‬ويتهمها‭ ‬بالإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬الشاملة،‭ ‬أو‭ ‬جرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وخاصة‭ ‬بعد‭ ‬السابع‭ ‬من‭ ‬أكتوبر‭ ‬2023،‭ ‬أيضاً‭ ‬قد‭ ‬يدخل‭ ‬صاحبه‭ ‬في‭ ‬متاهات‭ ‬العقوبات‭ ‬والسجن‭. ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬ويؤشر‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدعو‭ ‬الى‭ ‬الشك‭ ‬بأن‭ ‬أفعال‭ ‬ترامب‭ ‬وسياساته‭ ‬التنفيذية‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬‮«‬إسرائيل‭ ‬أولاً‮»‬،‭ ‬و‭ ‬‮«‬أمريكا‭ ‬ثانياً‮»‬‭. ‬والأدهى‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬والأمر‭ ‬أن‭ ‬ترامب‭ ‬لا‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذه‭ ‬السياسة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الاتحادي‭ ‬فحسب‭ ‬وإنما‭ ‬يفرض‭ ‬تعميمها‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬حدٍ‭ ‬سواء‭. ‬فترامب‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬مقاطعة‭ ‬ومعاقبة‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬ذات‭ ‬سيادة،‭ ‬وكل‭ ‬منظمة‭ ‬أممية‭ ‬تعمل‭ ‬تحت‭ ‬إشراف‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬وكل‭ ‬اتحاد‭ ‬وتكتل‭ ‬سياسي‭ ‬أو‭ ‬اقتصادي‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬أنها‭ ‬أبدت‭ ‬رأيها،‭ ‬أو‭ ‬اتخذت‭ ‬أي‭ ‬إجراء‭ ‬يمس‭ ‬شعرة‭ ‬من‭ ‬إسرائيل‭. ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال‭ ‬لا‭ ‬الحصر‭ ‬أصدرت‭ ‬وزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬6‭ ‬يوليو‭ ‬2025‭ ‬قراراً‭ ‬بفرض‭ ‬عقوبات‭ ‬ومقاطعة‭ ‬المسؤولة‭ ‬الأممية‭ ‬والمقررة‭ ‬الخاصة‭ ‬لمجلس‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬حول‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬وغزة‭ ‬‮«‬فرانشيسكا‭ ‬ألبانيز‮»‬،‭ ‬فقط‭ ‬لأنها‭ ‬كتبت‭ ‬تقريراً‭ ‬ضد‭ ‬ممارسات‭ ‬الإبادة‭ ‬الشاملة‭ ‬للكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬غزة‭ ‬والضفة‭ ‬الغربية‭. ‬

فهذا‭ ‬القرار‭ ‬الأمريكي‭ ‬المتحيز‭ ‬والجائر‭ ‬يؤكد‭ ‬عدم‭ ‬اعتراف‭ ‬ترامب‭ ‬بالشرعية‭ ‬الدولية،‭ ‬والقوانين‭ ‬الدولية‭ ‬ومنظماتها،‭ ‬كما‭ ‬يضع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬فوق‭ ‬القانون‭ ‬الدولي،‭ ‬فلا‭ ‬رقابة،‭ ‬ولا‭ ‬محاسبة،‭ ‬ولا‭ ‬عقاب،‭ ‬بل‭ ‬يعاقب‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يجرؤ‭ ‬على‭ ‬الكتابة‭ ‬ضد‭ ‬ممارسات‭ ‬الصهاينة،‭ ‬من‭ ‬أفراد،‭ ‬أو‭ ‬حكومات‭ ‬دول،‭ ‬أو‭ ‬منظمات‭ ‬أممية‭. ‬كما‭ ‬هدَّدت‭ ‬أمريكا،‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬المستشار‭ ‬القانوني‭ ‬لوزارة‭ ‬الخارجية‭ ‬في‭ ‬8‭ ‬يوليو‭ ‬2025،‭ ‬وبأسلوب‭ ‬وكلمات‭ ‬وعبارات‭ ‬واضحة‭ ‬وصريحة‭ ‬جداً‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬دولي‭ ‬لأعضاء‭ ‬محكمة‭ ‬الجنايات‭ ‬الدولية،‭ ‬بأن‭ ‬على‭ ‬المحكمة‭ ‬سحب‭ ‬وإلغاء‭ ‬جميع‭ ‬التحقيقات‭ ‬ومذكرات‭ ‬الاعتقال‭ ‬الصادرة‭ ‬بحق‭ ‬نتنياهو‭ ‬ووزير‭ ‬الدفاع‭ ‬في‭ ‬21‭ ‬نوفمبر‭ ‬2024،‭ ‬وحذَّر‭ ‬المسؤول‭ ‬الأمريكي‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‮»‬‭.‬

فسياسة‭ ‬إسرائيل‭ ‬أولاً‭ ‬وأمريكا‭ ‬ثانياً‭ ‬تتضح‭ ‬يوماً‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الولايات‭ ‬كلٌّ‭ ‬على‭ ‬حدة،‭ ‬وعلى‭ ‬المستوى‭ ‬الاتحادي،‭ ‬فهناك‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬38‭ ‬ولاية‭ ‬أمريكية‭ ‬قامت‭ ‬بتمرير‭ ‬تشريعات‭ ‬وقرارات‭ ‬تنفيذية‭ ‬تهدف‭ ‬إلى‭ ‬‮«‬منع‭ ‬مقاطعة‭ ‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬آخرها‭ ‬كان‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬يوليو‭ ‬2025‭ ‬عندما‭ ‬أعلنت‭ ‬حاكمة‭ ‬ولاية‭ ‬‮«‬إيوا‮»‬‭ ‬عن‭ ‬توقيع‭ ‬أمر‭ ‬تنفيذي‭ ‬حول‭ ‬معادة‭ ‬السامية‭ ‬ودعم‭ ‬إسرائيل‭ ‬في‭ ‬‮«‬قمة‭ ‬معاداة‭ ‬السامية‭ ‬ودعم‭ ‬إسرائيل‮»‬‭ ‬التي‭ ‬عُقدت‭ ‬في‭ ‬6‭ ‬يوليو‭ ‬بمدينة‭ ‬كنساس‭ ‬سيتي‭ ‬بولاية‭ ‬ميسوري،‭ ‬والبقية‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬سيأتي‭ ‬عليها‭ ‬الدور‭. ‬

وهذه‭ ‬الجهود‭ ‬التي‭ ‬يقف‭ ‬وراءها‭ ‬اللوبي‭ ‬اليهودي‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬أمريكا،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬‮«‬لجنة‭ ‬العلاقات‭ ‬العامة‭ ‬الأمريكية‭ ‬الإسرائيلية‮»‬‭ (‬إيبك‭)‬،‭ ‬وينفذها‭ ‬ترامب‭ ‬تتصاعد‭ ‬سنة‭ ‬بعد‭ ‬سنة،‭ ‬وتتسع‭ ‬دائرة‭ ‬تنفيذها،‭ ‬وربما‭ ‬يوماً‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬صمت‭ ‬العالم‭ ‬ولم‭ ‬يقف‭ ‬ضدها‭ ‬فستتخطى‭ ‬هذه‭ ‬القوانين‭ ‬دائرة‭ ‬أمريكا،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬الهدف‭ ‬النهائي‭ ‬في‭ ‬تقديري‭ ‬بأن‭ ‬دول‭ ‬العالم،‭ ‬ومنظمات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬يسمح‭ ‬لها‭ ‬بانتقاد‭ ‬ممارسات‭ ‬أي‭ ‬فرد،‭ ‬أو‭ ‬جماعة،‭ ‬أو‭ ‬دولة،‭ ‬ولكن‭ ‬يُحرم‭ ‬عليهم‭ ‬جميعاً‭ ‬وبصفة‭ ‬قطعية‭ ‬انتقاد‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬مهما‭ ‬فعل‭.‬

 

ismail‭.‬almadany@gmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا