زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
العمل قد يسبب العقم
لطمت الخد وشققت الجيب مرارا وأنا أتكلم عن قوانين العمل في العالم العربي والمستعرب والمستغرب، وسأظل أقول عن تجربة ومعايشة إن قوانين العمل في معظم البلاد العربية تهدف الى إلحاق أكبر قدر من الأذى والإحباط بالعاملين، وتحقيق اعظم المكاسب لأصحاب العمل، ويلتحق الواحد منا بوظيفة ولا يجد من يشرح له حقوقه، بينما يجد نحو عشرة مدراء ورؤساء أقسام يتبارون لشرح واجباته، وأهمها السمع والطاعة، ولأننا وبصفة عامة لا نعرف لنفسنا حقا ثابتا سوى حق التنفس، فإننا لا نحفل بالاطلاع على قوانين العمل لمعرفة ما لنا وما علينا، ربما لأنها مثل الدساتير، مجرد ديكور أو مفصلة على مقاس أصحاب «المصلحة».
ومعظمنا لا يعرف ما هي اصابات العمل التي يستحق عليها التعويض من صاحب العمل، بينما نظراؤنا الغربيون يحصلون على تعويضات عن الأذى النفسي الذي يلحق بهم في العمل، ويا ويل المدير الأوروبي او الامريكي الذي ينادي موظفه: تعال يا حمار!! فمثل هذا الموظف يتوجه الى طبيب نفسي ويحصل على بضعة أقراص مهدئة ثم يترك العمل ويرفع دعوى على المدير ويحصل على مبلغ يعينه على الزواج والإنفاق على عشيقتين، ثم ترفع جمعية العناية بالحيوان دعوى على ذلك المدير بتهمة انه أساء الى الحمار عندما شبهه بموظف مقصر في عمله، وتتم تسوية تحصل الجمعية بموجبها على بضعة آلاف، فيتقدم الموظف بشكوى ضد الجمعية مدعيا ان جعله دون الحمار مرتبة أضاع فرصه في الحصول على وظيفة بديلة! ويحصل على تعويض إضافي.
والموضة هذه الايام في أوروبا هي رفع دعاوى ضد اصحاب العمل بسبب العقم الرجالي الناتج عن العمل!! كيف؟ لقد اثبتت دراسة علمية ان الجلوس على الكرسي لست ساعات متتالية يؤدي الى رفع درجة الحرارة في كيس الخصية (الصفن)، مما يؤدي الى انخفاض عدد الحيوانات المنوية وضعفها، والمعروف ان معظم الرجال الذين يعانون من العقم لديهم حرارة مرتفعة في الصفن، ويفسر هذا الاستنتاج العملي لماذا تتفشى الخصوبة الزائدة في العالم العربي!! نعم، لأن الموظف العربي «ناصح ومصحصح ومفتح» ومن ثم لا يجلس في مكتبه أكثر من ثلاث ساعات في اليوم، وحتى تلك الساعات الثلاث تتخللها فترات استراحة: تعال نتمشى نروح المول وبالمرة نشتري هدية للمدير لأن عيد ميلاده بعد ستة أشهر. أوكي ونزور عمي في المستشفى راقد من شهرين عنده امساك!! ويفسر هذا لماذا لا توجد في مدننا ساعة ذروة مرورية محددة، فمنذ الصباح وحتى بعد الظهر تظل مئات الالاف من السيارات تذرع شوارع مدننا، لأن ثلثي موظفي الخدمة العامة يزعمون انهم مصابون بالبواسير بسبب «عدم الجلوس» طويلا على الكراسي، ويتركون مواقع اعمالهم لإجراء مسوحات ميدانية للمدينة. بل صار الموظف الناجح هو من لديه نشاط تجاري أو عمل إضافي لدى جهة أخرى. ومن المواويل المتكررة في مواقع العمل ان توظيف النساء لا يجدي لأنهن كثيرات الأعذار للتغيب، بينما في حكم النادر ان تجد رجلا يأتي الى موقع العمل أو يغادره في الموعد الرسمي المحدد، والعذر الثابت: أوصل العيال المدرسة وأرجع العيال من المدرسة الى البيت، وزوجتي (خطيبتي) أمي عندها موعد في المستشفى
في تركيا قرر مواطن التوقف عن الإنجاب لأنه اقتنع بان عدد عياله أصبح «كافيا» رغم ان لديه فقط 12 ولدا وبنتا من زوجته الاولى، ولديه من الثانية 16 ومن الثالثة 14 ومن الرابعة 8، المجموع (50)! وهذا التركي -بالتأكيد- ليس موظفا، وإن كان موظفا فإنه يستحق الفصل من الخدمة مع الحرمان من المكافأة والمعاش التقاعدي، لأنه متسيب وغير مستوعب لتعاليم أتاتورك، لأن إنجاب هذا العدد من العيال (الله يحفظهم ويحفظه) يستوجب «التفرغ الكامل» وربما أن مسلكه التكاثري هو الذي أدى إلى حرمان تركيا من عضوية الاتحاد الأوروبي!

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك