يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره
من ينقذ سوريا؟
سوريا في مفترق طرق. الخطر الذي يتهددها خطر وجودي بمعنى الكلمة، إما أن تكون سوريا دولة أو لا تكون.
التطورات في الفترة الماضية، وآخرها الأحداث الدامية في السويداء، أثبتت أن خطر اندلاع حرب أهلية طائفية في سوريا خطر حقيقي. ليس هذا فحسب، بل أثبتت أن تقسيم سوريا إلى دويلات طائفية هو أيضا خطرٌ جديٌّ.
الأسباب التي أوصلت سوريا إلى هذه الحالة معروفة للجميع.
أول وأكبر هذه الأسباب والعوامل على الإطلاق إسرائيل ومخططها الصهيوني في سوريا.
المخطط الصهيوني تجاه سوريا ليس جديدا وليس مرتبطا بالأوضاع الحالية، هو مخطط موضوع منذ عقود طويلة وجزء أساسي من المشروع الصهيوني في المنطقة. ويقوم هذا المخطط على محاربة وجود نظام مركزي قوي، وتدمير أي مصدر للقوة، وتقسيم سوريا إلى دويلات طائفية.
من المثير للسخرية أنه بعد سقوط نظام الأسد ومجيء النظام الحالي أعلنت إسرائيل أنها تريد عقد مؤتمر دولي لبحث تقسيم سوريا.
إسرائيل شرعت على الفور في تنفيذ هذا المخطط بمجرد سقوط نظام الأسد. ونعرف جميعا ما فعلته. قامت بداية بتدمير كل المقومات الأساسية للقوة العسكرية السورية في عدوان سافر، واحتلت أجزاء واسعة من سوريا، وأعلنت تدخلها العسكري السافر تحت دعوى حماية الأقليات مثل الدروز وغيرهم. وأصبحت تتصرف كما لو أنها صاحبة الكلمة الأولى في تقرير مصير سوريا وأن من حقها أن تفعل ما تشاء.
بالطبع لا يعني إسرائيل أمر الدروز والأقليات في سوريا في شيء إلا بقدر كونها أداة لتنفيذ المشروع الصهيوني.
إذن إسرائيل تعمل بكل قوتها لتنفيذ مخطط تدمير الدولة السورية، وتقسيم سوريا إلى دويلات.
العامل الإسرائيلي ليس هو العامل الوحيد بالطبع.
الأحداث الدامية التي شهدتها سوريا أثبتت أن كل الطوائف والعشائر لديها مليشيات مسلحة، أو لديها ترسانة من الأسلحة بيد الأفراد. ومع اندلاع أي مشكلة طائفية تتحول إلى قتال مسلح دموي، كما حدث في السويداء مؤخرا.
إذن، في غياب مشروع وطني للتوحيد الوطني يحتوي كل الطوائف ويدمجها في العملية السياسية، ويحصر السلاح في يد الدولة وحدها، فإن الصراع الطائفي المسلح يمكن أن يندلع على نطاق واسع في أي وقت.
الرئيس السوري الشرع خطابه العام جيد، إذ يؤكد باستمرار على رفض الطائفية وعلى التوحيد الوطني وضرورة بناء دولة حديثة موحدة. كما يؤكد باستمرار على وحدة سوريا واعتبار أن هذا أمر لا تهاون فيه.
هذا جيد، ولكن حتى الآن، فإن هذا المشروع الوطني الذي يتحدث عنه ويطرحه لم يدخل حيز التنفيذ الفعلي. وطالما ظل هذا هو الحال فسيظل الوضع هشا يمكن أن ينفجر على نطاق واسع في أي وقت.
جانب خطير آخر كشفت عنه أحداث كثيرة منذ مجيء الشرع.
الأحداث أثبتت أنه في داخل قوات الجيش والأمن السورية، قوى طائفية مازالت وفيّة لانتماءاتها إلى داعش أو القاعدة. هذه القوى ترتكب انتهاكات فظيعة في كل مرة تندلع فيها مشكلة. بحسب التقارير التي نتابعها ترتكب هذه القوى جرائم شنيعة بحق المدنيين وعلى أساس طائفي بحت كما حدث في السويداء وقبل ذلك ضد علويين.
مع وجود هذه القوى داخل أجهزة الأمن السورية والجيش لا يمكن أبدا الحديث عن بناء دولة توحيد وطني أو عن أي مشروع غير طائفي للنظام.
كل هذه العوامل وغيرها تشير إلى أن سوريا تواجه خطرا وجوديا داهما باندلاع حرب أهلية واسعة وتقسيم البلاد.
سوريا إذن بحاجة إلى الإنقاذ من هذا المصير المظلم، الذي سيكون كارثة كبرى لكل الدول العربية.
من ينقذ سوريا؟
الدول العربية مطالبة بتدخل فوري عاجل لإنقاذ سوريا.
لكن ماذا بمقدور الدول العربية أن تفعل؟
هذا حديث آخر بإذن الله.
إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"
aak_news

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك