العدد : ١٧٢٩٨ - السبت ٠٢ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ صفر ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٩٨ - السبت ٠٢ أغسطس ٢٠٢٥ م، الموافق ٠٨ صفر ١٤٤٧هـ

يوميات سياسية

السيـــــــد زهـــــــره

من ينقذ سوريا؟

سوريا‭ ‬في‭ ‬مفترق‭ ‬طرق‭. ‬الخطر‭ ‬الذي‭ ‬يتهددها‭ ‬خطر‭ ‬وجودي‭ ‬بمعنى‭ ‬الكلمة،‭ ‬إما‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬سوريا‭ ‬دولة‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬تكون‭.‬

التطورات‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬الماضية،‭ ‬وآخرها‭ ‬الأحداث‭ ‬الدامية‭ ‬في‭ ‬السويداء،‭ ‬أثبتت‭ ‬أن‭ ‬خطر‭ ‬اندلاع‭ ‬حرب‭ ‬أهلية‭ ‬طائفية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬خطر‭ ‬حقيقي‭. ‬ليس‭ ‬هذا‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬أثبتت‭ ‬أن‭ ‬تقسيم‭ ‬سوريا‭ ‬إلى‭ ‬دويلات‭ ‬طائفية‭ ‬هو‭ ‬أيضا‭ ‬خطرٌ‭ ‬جديٌّ‭.‬

الأسباب‭ ‬التي‭ ‬أوصلت‭ ‬سوريا‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬معروفة‭ ‬للجميع‭.‬

أول‭ ‬وأكبر‭ ‬هذه‭ ‬الأسباب‭ ‬والعوامل‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ ‬إسرائيل‭ ‬ومخططها‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬سوريا‭.‬

المخطط‭ ‬الصهيوني‭ ‬تجاه‭ ‬سوريا‭ ‬ليس‭ ‬جديدا‭ ‬وليس‭ ‬مرتبطا‭ ‬بالأوضاع‭ ‬الحالية،‭ ‬هو‭ ‬مخطط‭ ‬موضوع‭ ‬منذ‭ ‬عقود‭ ‬طويلة‭ ‬وجزء‭ ‬أساسي‭ ‬من‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭. ‬ويقوم‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭ ‬على‭ ‬محاربة‭ ‬وجود‭ ‬نظام‭ ‬مركزي‭ ‬قوي،‭ ‬وتدمير‭ ‬أي‭ ‬مصدر‭ ‬للقوة،‭ ‬وتقسيم‭ ‬سوريا‭ ‬إلى‭ ‬دويلات‭ ‬طائفية‭.‬

من‭ ‬المثير‭ ‬للسخرية‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬سقوط‭ ‬نظام‭ ‬الأسد‭ ‬ومجيء‭ ‬النظام‭ ‬الحالي‭ ‬أعلنت‭ ‬إسرائيل‭ ‬أنها‭ ‬تريد‭ ‬عقد‭ ‬مؤتمر‭ ‬دولي‭ ‬لبحث‭ ‬تقسيم‭ ‬سوريا‭.‬

إسرائيل‭ ‬شرعت‭ ‬على‭ ‬الفور‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬هذا‭ ‬المخطط‭ ‬بمجرد‭ ‬سقوط‭ ‬نظام‭ ‬الأسد‭. ‬ونعرف‭ ‬جميعا‭ ‬ما‭ ‬فعلته‭. ‬قامت‭ ‬بداية‭ ‬بتدمير‭ ‬كل‭ ‬المقومات‭ ‬الأساسية‭ ‬للقوة‭ ‬العسكرية‭ ‬السورية‭ ‬في‭ ‬عدوان‭ ‬سافر،‭ ‬واحتلت‭ ‬أجزاء‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬سوريا،‭ ‬وأعلنت‭ ‬تدخلها‭ ‬العسكري‭ ‬السافر‭ ‬تحت‭ ‬دعوى‭ ‬حماية‭ ‬الأقليات‭ ‬مثل‭ ‬الدروز‭ ‬وغيرهم‭. ‬وأصبحت‭ ‬تتصرف‭ ‬كما‭ ‬لو‭ ‬أنها‭ ‬صاحبة‭ ‬الكلمة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬مصير‭ ‬سوريا‭ ‬وأن‭ ‬من‭ ‬حقها‭ ‬أن‭ ‬تفعل‭ ‬ما‭ ‬تشاء‭. ‬

بالطبع‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬إسرائيل‭ ‬أمر‭ ‬الدروز‭ ‬والأقليات‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬في‭ ‬شيء‭ ‬إلا‭ ‬بقدر‭ ‬كونها‭ ‬أداة‭ ‬لتنفيذ‭ ‬المشروع‭ ‬الصهيوني‭.‬

إذن‭ ‬إسرائيل‭ ‬تعمل‭ ‬بكل‭ ‬قوتها‭ ‬لتنفيذ‭ ‬مخطط‭ ‬تدمير‭ ‬الدولة‭ ‬السورية،‭ ‬وتقسيم‭ ‬سوريا‭ ‬إلى‭ ‬دويلات‭.‬

العامل‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬ليس‭ ‬هو‭ ‬العامل‭ ‬الوحيد‭ ‬بالطبع‭.‬

الأحداث‭ ‬الدامية‭ ‬التي‭ ‬شهدتها‭ ‬سوريا‭ ‬أثبتت‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬الطوائف‭ ‬والعشائر‭ ‬لديها‭ ‬مليشيات‭ ‬مسلحة،‭ ‬أو‭ ‬لديها‭ ‬ترسانة‭ ‬من‭ ‬الأسلحة‭ ‬بيد‭ ‬الأفراد‭. ‬ومع‭ ‬اندلاع‭ ‬أي‭ ‬مشكلة‭ ‬طائفية‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬قتال‭ ‬مسلح‭ ‬دموي،‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬السويداء‭ ‬مؤخرا‭.‬

إذن،‭ ‬في‭ ‬غياب‭ ‬مشروع‭ ‬وطني‭ ‬للتوحيد‭ ‬الوطني‭ ‬يحتوي‭ ‬كل‭ ‬الطوائف‭ ‬ويدمجها‭ ‬في‭ ‬العملية‭ ‬السياسية،‭ ‬ويحصر‭ ‬السلاح‭ ‬في‭ ‬يد‭ ‬الدولة‭ ‬وحدها،‭ ‬فإن‭ ‬الصراع‭ ‬الطائفي‭ ‬المسلح‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يندلع‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭.‬

الرئيس‭ ‬السوري‭ ‬الشرع‭ ‬خطابه‭ ‬العام‭ ‬جيد،‭ ‬إذ‭ ‬يؤكد‭ ‬باستمرار‭ ‬على‭ ‬رفض‭ ‬الطائفية‭ ‬وعلى‭ ‬التوحيد‭ ‬الوطني‭ ‬وضرورة‭ ‬بناء‭ ‬دولة‭ ‬حديثة‭ ‬موحدة‭. ‬كما‭ ‬يؤكد‭ ‬باستمرار‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬سوريا‭ ‬واعتبار‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬أمر‭ ‬لا‭ ‬تهاون‭ ‬فيه‭.‬

هذا‭ ‬جيد،‭ ‬ولكن‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬المشروع‭ ‬الوطني‭ ‬الذي‭ ‬يتحدث‭ ‬عنه‭ ‬ويطرحه‭ ‬لم‭ ‬يدخل‭ ‬حيز‭ ‬التنفيذ‭ ‬الفعلي‭. ‬وطالما‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬فسيظل‭ ‬الوضع‭ ‬هشا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬ينفجر‭ ‬على‭ ‬نطاق‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬وقت‭.‬

جانب‭ ‬خطير‭ ‬آخر‭ ‬كشفت‭ ‬عنه‭ ‬أحداث‭ ‬كثيرة‭ ‬منذ‭ ‬مجيء‭ ‬الشرع‭.‬

الأحداث‭ ‬أثبتت‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬داخل‭ ‬قوات‭ ‬الجيش‭ ‬والأمن‭ ‬السورية،‭ ‬قوى‭ ‬طائفية‭ ‬مازالت‭ ‬وفيّة‭ ‬لانتماءاتها‭ ‬إلى‭ ‬داعش‭ ‬أو‭ ‬القاعدة‭. ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬ترتكب‭ ‬انتهاكات‭ ‬فظيعة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ ‬تندلع‭ ‬فيها‭ ‬مشكلة‭. ‬بحسب‭ ‬التقارير‭ ‬التي‭ ‬نتابعها‭ ‬ترتكب‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬جرائم‭ ‬شنيعة‭ ‬بحق‭ ‬المدنيين‭ ‬وعلى‭ ‬أساس‭ ‬طائفي‭ ‬بحت‭ ‬كما‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬السويداء‭ ‬وقبل‭ ‬ذلك‭ ‬ضد‭ ‬علويين‭.‬

مع‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬القوى‭ ‬داخل‭ ‬أجهزة‭ ‬الأمن‭ ‬السورية‭ ‬والجيش‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أبدا‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬بناء‭ ‬دولة‭ ‬توحيد‭ ‬وطني‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬مشروع‭ ‬غير‭ ‬طائفي‭ ‬للنظام‭.‬

كل‭ ‬هذه‭ ‬العوامل‭ ‬وغيرها‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬سوريا‭ ‬تواجه‭ ‬خطرا‭ ‬وجوديا‭ ‬داهما‭ ‬باندلاع‭ ‬حرب‭ ‬أهلية‭ ‬واسعة‭ ‬وتقسيم‭ ‬البلاد‭.‬

سوريا‭ ‬إذن‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬الإنقاذ‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المصير‭ ‬المظلم،‭ ‬الذي‭ ‬سيكون‭ ‬كارثة‭ ‬كبرى‭ ‬لكل‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭.‬

من‭ ‬ينقذ‭ ‬سوريا؟

الدول‭ ‬العربية‭ ‬مطالبة‭ ‬بتدخل‭ ‬فوري‭ ‬عاجل‭ ‬لإنقاذ‭ ‬سوريا‭.‬

لكن‭ ‬ماذا‭ ‬بمقدور‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬أن‭ ‬تفعل؟

هذا‭ ‬حديث‭ ‬آخر‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭.‬

إقرأ أيضا لـ"السيـــــــد زهـــــــره"

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا