يشهد القطاع التكنولوجي اليوم تطورات متواترة ومتسارعة، حيث إن المشهد التكنولوجي بات متغيرا لا يعترف بالاستقرار، ففي ثورة الذكاء الاصطناعي وتقدم تقنياته المدمجة بمختلف الأجهزة التكنولوجية؛ أضحى التنافس بين مختلف الشركات كلٍ بحسب مجاله تنافس محموم لا يهدأ ولا يستكين.
إذ بدأت هذه الثورة تشعل المزيد من فتيلها مقتحمة سوق الهواتف المحمولة، فمنذ إطلاق أول هاتف ذكي قبل ما يقارب الثلاثة عقود، عكفت شركات الهواتف على تطوير الشكل والمحتوى العام لهذا النوع من الهواتف مع الاحتفاظ بالجوهر الأساسي، لكن تخيل الآن أن هاتفك المحمول الذي أنفقت عليه ثروة باعتباره الأحدث تقنية ضمن فئته، خاصة إبان ارتفاع التكلفة الذي تشهدها سوق الهواتف الذكية، قد يصبح قاب قوسين أو أدنى مصنف كتكنولوجيا قديمة! وأقل مستوى من التقدم الذي يشهده العصر الحالي!
هذا ما أشارت إليه شركة (أوبن إيه آي) مؤخرًا، حيث وصفت الهواتف المحمولة الذكية وأجهزة الحاسب الآلي المتطورة المتوافرة حاليًا في الأسواق؛ بأنها لا ترتقي الى مستوى التقدم الهائل في مجال الذكاء الاصطناعي! باعتبارها أجهزة ذات تقنيات قديمة تحتاج الى التطوير والتغيير.
وتشير بفكرة التغيير، إلى التغيير الجذري بمفهومه العميق، حيث تعتزم الشركة إعادة تشكيل هوية الهواتف المحمولة، كما توعد بتصاميم مغايرة تمامًا عن التي اعتدنا عليها بشكل عام، ما قد يحدث طفرة تكنولوجية ونقلة نوعية من حيث التصنيع والاستخدام، وقد تكون هذه الانطلاقة نهاية لعصر الهواتف الذكية التي نعرفها.
واستنادًا الى ذلك أعلنت شركة (أوبن أيه آي) تعاونها مع المصمم الاستثنائي (جوني إيف) الذي صمم هاتف (الأيفون) وذلك لابتكار جهاز جديد قادر على التفاعل مع الذكاء الاصطناعي بفاعلية أكبر وسلاسة أكثر، إذ وصف الرئيس التنفيذي للشركة (سام إلتمان) النموذج الأولي للجهاز الجديد بأنه »أروع قطعة تكنولوجية ستراها البشرية على الإطلاق«.
ومن المتوقع أن يطلق هذا الجهاز الثوري خلال عام 2026م، وبحسب التصريحات الأولية فإن الجهاز مصمم ليعمل كمساعد شخصي ذكي، يعتمد على الاستشعار الصوتي والبيئي بحيث يندمج مع المحيط ويتفاعل معه من دون الحاجة الى فتح التطبيقات أو النظر الى الشاشة، ومن هذا المنطلق سيكون الجهاز صغيرا جدًا وغير مزود بشاشة! بحيث يوفر تجربة تقنية جديدة من خلال تفاعله الطبيعي مع الذكاء الاصطناعي، وأدائه المعتمد على حفظ الخصوصية من خلال تقليل تخزين البيانات.
في حال استطاع هذا الجهاز أن يلامس الذوق العام، ويلبي مختلف الحاجات الفردية لدواعي استخدام الهواتف المحمولة الذكية، فإننا سنكون أمام حقبة جديدة ومغايرة في طبيعة علاقتنا مع التكنولوجيا، بحيث نعتمد فيها على استجابة التكنولوجيا للتفاعل البشري بالصوت والحركة. قد تكون الشركات التكنولوجية اليوم مليئة بالشغف والتحدي لخوض غمار المنافسة بين بعضها البعض وذلك لتغيير فكرة ونمط الاستخدام التكنولوجي برمته، كما ولاشك أنها تمتلك منجم أدمغة من المبدعين والمخترعين الحالمين بتصميم وانجاز اختراعات غير مسبوقة؛ خاصة في ظل إمكانياتها لتوفير التمويل اللازم لذلك، ولكن يبقى السؤال الملح هل سيتقبل المستهلك هذا التغيير الجذري في نمط استخدام الهواتف المحمولة؟ وهل سيحقق هذا التحول المهول حاجة الأفراد من اقتناء هذه الأجهزة؟ أم ذلك سيبقى محض تجربة مذهلة ومبهرة تحظى بالإشادة والتقدير؛ إلا أنها لن تكون ملائمة لتتواءم مع كافة فئات المجتمع؟ ولربما قد تتناسب مع فئات ذات احتياجات خاصة ومحددة فقط.
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك