العدد : ١٧٢٨٥ - الأحد ٢٠ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٥ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٨٥ - الأحد ٢٠ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ٢٥ محرّم ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

صفحات من أوراق جدي القديمة.. لا تنس أن تعيش !

بقلم: د. زكريا الخنجي

الأحد ٢٠ يوليو ٢٠٢٥ - 02:00

وجدت‭ ‬هذه‭ ‬الحكاية‭ ‬في‭ ‬صندوق‭ ‬جدي‭ ‬الحديدي،‭ ‬ولا‭ ‬أعرف‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬من‭ ‬تأليفه‭ ‬أم‭ ‬منقولة‭ ‬من‭ ‬حكاية‭ ‬سمعها‭ ‬أو‭ ‬قرأها،‭ ‬لكنها‭ ‬حكاية‭ ‬تستحق‭ ‬أن‭ ‬تروى،‭ ‬تقول‭ ‬الحكاية‭:‬

بعد‭ ‬أن‭ ‬آوت‭ ‬العائلة‭ ‬إلى‭ ‬فراشها‭ ‬بالليل،‭ ‬ذهب‭ ‬الأب‭ ‬بعد‭ ‬الجميع‭ ‬لينام‭ ‬على‭ ‬فراشه،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬لحظات‭ ‬سمع‭ ‬طرقات‭ ‬قوية‭ ‬وضجيج‭ ‬على‭ ‬باب‭ ‬المنزل‭. ‬ذهب‭ ‬مسرعًا‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يستيقظ‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬أفراد‭ ‬العائلة‭ ‬أو‭ ‬زوجته،‭ ‬وربما‭ ‬حتى‭ ‬الجيران،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬البيوت‭ ‬متلاصقة‭ ‬الجدران‭ ‬خفيفة،‭ ‬فالضجيج‭ ‬كان‭ ‬عاليًا‭ ‬وبشدة‭.‬

فتح‭ ‬الباب‭ ‬وإذا‭ ‬برجل‭ ‬غريب‭ ‬ومهيب‭ ‬الهيئة‭ ‬واقف‭ ‬على‭ ‬الباب،‭ ‬فوبخه‭ ‬صاحب‭ ‬البيت‭ ‬قائلاً‭: ‬لماذا‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬الضجيج؟‭ ‬من‭ ‬أنت؟‭ ‬وماذا‭ ‬تريد؟

قال‭ ‬الغريب‭: ‬لن‭ ‬يسمعني‭ ‬أحد،‭ ‬فقط‭ ‬أنت،‭ ‬ولن‭ ‬يراني‭ ‬أحد‭ ‬فقط‭ ‬أنت‭.‬

صاحب‭ ‬الدار‭: ‬هل‭ ‬من‭ ‬المعقول‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يسمع‭ ‬أحد‭ ‬هذا‭ ‬الضجيج؟‭ ‬هذا‭ ‬هراء‭.‬

الغريب‭: ‬هذه‭ ‬حقيقة،‭ ‬المهم،‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬تعال‭ ‬معي‭.‬

صاحب‭ ‬الدار‭: ‬ماذا‭ ‬تقول،‭ ‬من‭ ‬أنت‭ ‬حتى‭ ‬آتي‭ ‬معك‭ ‬في‭ ‬منتصف‭ ‬الليل‭.‬

الغريب‭: ‬أنا‭ ‬ملك‭ ‬الموت،‭ ‬وحان‭ ‬الوقت‭ ‬لمغادرة‭ ‬الدنيا‭.‬

لم‭ ‬يستطع‭ ‬صاحب‭ ‬الدار‭ ‬أن‭ ‬يتمالك‭ ‬نفسه،‭ ‬ولم‭ ‬تستطع‭ ‬قدماه‭ ‬أن‭ ‬تحمله،‭ ‬فسقط‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬وملك‭ ‬الموت‭ ‬يستعجله،‭ ‬‮«‬هيا‭ ‬بنا‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬نتأخر‮»‬‭.‬

صاحب‭ ‬الدار‭: ‬لا‭ ‬مستحيل،‭ ‬أنا‭ ‬عندي‭ ‬أطفال،‭ ‬وزوجة،‭ ‬ولم‭ ‬أتمتع‭ ‬بالدنيا‭ ‬بعد‭.‬

الغريب‭: ‬هذا‭ ‬وقت‭ ‬المغادرة،‭ ‬هيا‭.‬

صاحب‭ ‬الدار‭: ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬دعني‭ ‬أودع‭ ‬زوجتي،‭ ‬فأنا‭ ‬لم‭ ‬أجلس‭ ‬معها‭ ‬لنتحدث‭ ‬ونتسامر‭ ‬منذ‭ ‬فترة،‭ ‬حتى‭ ‬أنها‭ ‬اليوم‭ ‬صنعت‭ ‬لنا‭ ‬وجبة‭ ‬رائعة،‭ ‬فلم‭ ‬أتمكن‭ ‬من‭ ‬شكرها‭.‬

رفض‭ ‬الغريب‭.‬

صاحب‭ ‬الدار‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭: ‬حسنا،‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬أودع‭ ‬أبنائي،‭ ‬فمنذ‭ ‬زمن‭ ‬لم‭ ‬ألعب‭ ‬معهم‭ ‬ولم‭ ‬أجالسهم،‭ ‬ولم‭ ‬أتمتع‭ ‬بحياتي‭ ‬معهم‭.‬

الغريب‭: ‬وماذا‭ ‬كنت‭ ‬تفعل‭ ‬طوال‭ ‬حياتك‭ ‬السابقة‭ ‬إذن؟

كان‭ ‬صاحب‭ ‬الدار‭ ‬يحاول‭ ‬بأي‭ ‬طريقة‭ ‬المماطلة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬ملك‭ ‬الموت‭ ‬أصر‭ ‬على‭ ‬موقفه،‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬أخذه‭ ‬من‭ ‬يده‭ ‬وسحبه‭ ‬وحاول‭ ‬أن‭ ‬يجرجره‭ ‬إلى‭ ‬خارج‭ ‬المنزل،‭ ‬فما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬صاحب‭ ‬الدار‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يصرخ‭: ‬‮«‬لا‭ ‬أريد‭ ‬الذهاب،‭ ‬أنا‭ ‬مازلت‭ ‬شابًا‭ ‬لم‭ ‬استمتع‭ ‬بالحياة،‭ ‬لا‭ ‬أريد‭ ‬الذهاب‮»‬،‭ ‬وبدأت‭ ‬صرخاته‭ ‬تتطاير‭ ‬مع‭ ‬سكون‭ ‬الليل،‭ ‬وكان‭ ‬يصرخ‭ ‬ويصرخ،‭ ‬والصوت‭ ‬يعلو‭ ‬ويتضاعف‭.‬

سمعته‭ ‬زوجته‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬نائمة‭ ‬بجانبه‭ ‬وهو‭ ‬يصرخ‭ ‬فأيقظته‭ ‬من‭ ‬النوم،‭ ‬وإذا‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬كابوس‭ ‬وليس‭ ‬حقيقة‭.‬

فاستيقظ‭ ‬صاحب‭ ‬الدار‭ ‬من‭ ‬نومه‭ ‬فزعًا،‭ ‬وذهب‭ ‬إلى‭ ‬أبنائه‭ ‬وحضنهم،‭ ‬وزوجته‭ ‬تشاهد‭ ‬المنظر‭ ‬وهي‭ ‬مستغربة،‭ ‬ثم‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬زوجته‭ ‬وقبلها‭ ‬وقال‭ ‬لها‭: ‬أنا‭ ‬آسف‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬تقصيري‭ ‬معك‭. ‬والزوجة‭ ‬مازالت‭ ‬مستغربة‭.‬

وفي‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬وفي‭ ‬الصباح‭ ‬الباكر‭ ‬وقبل‭ ‬ذهابه‭ ‬إلى‭ ‬العمل،‭ ‬عرج‭ ‬على‭ ‬بيت‭ ‬والده‭ ‬ودخل‭ ‬على‭ ‬والده‭ ‬وهو‭ ‬يفطر‭ ‬مع‭ ‬والدته،‭ ‬فقام‭ ‬بتقبل‭ ‬أيديهما‭ ‬ورأسيهما،‭ ‬وبكى‭ ‬في‭ ‬حضن‭ ‬والده،‭ ‬والوالد‭ ‬في‭ ‬ذهول‭. ‬ووعد‭ ‬والده‭ ‬ووالدته‭ ‬أنه‭ ‬سيزورهما‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬ولا‭ ‬يقطع‭ ‬حبل‭ ‬الود‭ ‬والرحم،‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬ظروفه‭.‬

يقول‭ ‬جدي‭ ‬معقبًا‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الحكاية‭ ‬‮«‬عش‭ ‬ما‭ ‬شئت،‭ ‬وكيفما‭ ‬شئت،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬تنس‭ ‬أن‭ ‬تعيش‭ ‬مع‭ ‬عائلتك‭ ‬الصغيرة‭ ‬والكبيرة،‭ ‬فأنت‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬كل‮»‬‭.‬

هذه‭ ‬الحكاية‭ ‬أخذتني‭ ‬إلى‭ ‬موضوع‭ ‬خطير‭ ‬ومهم،‭ ‬وهو‭ ‬أننا‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬بالطول‭ ‬والعرض،‭ ‬وحتى‭ ‬لا‭ ‬نعد‭ ‬الأعمار،‭ ‬إلا‭ ‬أثناء‭ ‬احتفالات‭ ‬أعياد‭ ‬الميلاد،‭ ‬ننسى‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬أثناء‭ ‬تجوالنا‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬ننسى‭ ‬والدينا،‭ ‬وأولادنا‭ ‬وشريك‭ ‬العمر،‭ ‬بعضنا‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬الاستمتاع،‭ ‬وبعضنا‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬العمل،‭ ‬وبعضنا‭ ‬لا‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬شيء،‭ ‬المهم‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬بأي‭ ‬طريقة‭ ‬كانت،‭ ‬ولكن‭ ‬في‭ ‬لحظة‭ ‬النهاية‭ ‬ولحظة‭ ‬المغادرة‭ ‬يجد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬المهمة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يقم‭ ‬بها،‭ ‬ولكن‭ ‬يكون‭ ‬الأوان‭ ‬قد‭ ‬فات‭.‬

لذلك‭ ‬وضع‭ ‬علماء‭ ‬التنمية‭ ‬البشرية‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ (‬بعجلة‭ ‬الحياة‭)‬،‭ ‬بهدف‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬الإنسان‭ ‬حياته‭ ‬بصورة‭ ‬متساوية‭ ‬متوازية‭ ‬بين‭ ‬متطلبات‭ ‬الحياة‭ ‬واحتياجاتها،‭ ‬بحيث‭ ‬لا‭ ‬يطغى‭ ‬جانب‭ ‬على‭ ‬جانب‭. ‬وعجلة‭ ‬الحياة‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬8‭ ‬مجالات‭ ‬رئيسية،‭ ‬هي‭:‬

المجال‭ ‬الروحي‭: ‬عندما‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬الروح‭ ‬فإننا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬جوانب‭ ‬مظلمة‭ ‬لا‭ ‬نعرفها‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم،‭ ‬لذلك‭ ‬فإن‭ ‬القرآن‭ ‬يرشدنا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الجانب‭ ‬هو‭ ‬جانب‭ ‬محوري‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان،‭ ‬فالروح‭ ‬عندما‭ ‬لا‭ ‬تُشبّع‭ ‬فإن‭ ‬الإنسان‭ ‬يتوه‭ ‬في‭ ‬الحياة،‭ ‬ويصاب‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الإمراض‭ ‬النفسية‭ ‬والفكرية‭ ‬وحتى‭ ‬الجسدية،‭ ‬لذلك‭ ‬فإنه‭ ‬ينبغي‭ ‬الاهتمام‭ ‬بهذا‭ ‬المجال،‭ ‬وذلك‭ ‬بأن‭ ‬يتم‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الصلاة‭ ‬والاهتمام‭ ‬ببقية‭ ‬البشر‭ ‬وحتى‭ ‬الكائنات‭ ‬الحية‭ ‬بالأخلاق‭ ‬الراقية‭ ‬والسلوك‭ ‬والقيم،‭ ‬ولا‭ ‬يتم‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬إلا‭ ‬بقراءة‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬والتقيد‭ ‬بتعليماته‭.‬

المجال‭ ‬العقلي‭: ‬يتميز‭ ‬الإنسان‭ ‬عن‭ ‬بقية‭ ‬الكائنات‭ ‬الحية‭ ‬بعقله‭ ‬وفكره،‭ ‬فهو‭ ‬المخلوق‭ ‬الوحيد‭ ‬الذي‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يتخذ‭ ‬القرار،‭ ‬ويفكر‭ ‬في‭ ‬المستقبل،‭ ‬ويسير‭ ‬حياته‭ ‬وفق‭ ‬المنهجية‭ ‬التي‭ ‬يراها‭ ‬مناسبة‭. ‬وحتى‭ ‬يتم‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالمجال‭ ‬العقلي‭ ‬فإنه‭ ‬يجب‭ ‬الاهتمام‭ ‬بالقراءة‭ ‬سواء‭ ‬الورقية‭ ‬أو‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬ولكنه‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يتخلص‭ ‬من‭ ‬إدمان‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬لأنه‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬علاقة‭ ‬بالقراءة‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬لقتل‭ ‬الوقت،‭ ‬وهذا‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يستمر‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬التعلم‭ ‬بقدر‭ ‬الإمكان،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬عمر‭ ‬الإنسان،‭ ‬فالتعليم‭ ‬والاهتمام‭ ‬بالعقل‭ ‬وتطويره‭ ‬والتفكير‭ ‬يعطي‭ ‬الإنسان‭ ‬مساحة‭ ‬رائعة‭ ‬من‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة‭. ‬

المجال‭ ‬الصحي‭: ‬قالت‭ ‬العرب‭ ‬زمان‭ ‬‮«‬إن‭ ‬الصحة‭ ‬تاج‭ ‬على‭ ‬رؤوس‭ ‬الأصحاء،‭ ‬لا‭ ‬يراه‭ ‬إلا‭ ‬المرضى‮»‬،‭ ‬هذه‭ ‬الحكمة‭ ‬واضحة‭ ‬وسليمة‭ ‬بنسبة‭ ‬كبيرة،‭ ‬فلا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬الإنسان‭ ‬بأي‭ ‬عمل‭ ‬إلا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬سليم‭ ‬البدن،‭ ‬سليم‭ ‬النفسية،‭ ‬سليما‭ ‬من‭ ‬الناحية‭ ‬العقلية‭. ‬وحتى‭ ‬تكتمل‭ ‬المجالات‭ ‬الصحية‭ ‬فإنه‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬يأكل‭ ‬الإنسان‭ ‬الأغذية‭ ‬ذات‭ ‬القيمة‭ ‬الغذائية‭ ‬المناسبة‭ ‬له،‭ ‬وبالكميات‭ ‬المناسبة،‭ ‬ليس‭ ‬أقل‭ ‬أو‭ ‬أكثر،‭ ‬وكذلك‭ ‬أن‭ ‬يمارس‭ ‬الرياضة‭ ‬اليومية‭ ‬والأسبوعية،‭ ‬وينام‭ ‬بصورة‭ ‬جيدة‭ ‬وبعدد‭ ‬ساعات‭ ‬مناسبة،‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬وبعض‭ ‬الأمور‭ ‬الأخرى‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬تنمية‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬بقدر‭ ‬كبير‭. ‬

المجال‭ ‬العاطفي‭: ‬الحب‭ ‬والعاطفة‭ ‬والرحمة‭ ‬وما‭ ‬يخالج‭ ‬القلب‭ ‬من‭ ‬شعور‭ ‬أمر‭ ‬ضروري،‭ ‬فالحقد‭ ‬والكراهية‭ ‬لا‭ ‬تنعكس‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬صاحبها،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬تتسبب‭ ‬في‭ ‬الإصابة‭ ‬بالأمراض‭ ‬النفسية‭ ‬والاكتئاب‭ ‬وكذلك‭ ‬أمراض‭ ‬القلب‭ ‬وضغط‭ ‬الدم،‭ ‬لذلك‭ ‬على‭ ‬المرء‭ ‬أن‭ ‬يتخلص‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬تلك‭ ‬الأمراض‭ ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬الحقد‭ ‬ويحاول‭ ‬أن‭ ‬ينمي‭ ‬الشعور‭ ‬بالرضا‭ ‬النفسي‭ ‬والحب‭ ‬والتغافل‭ ‬وكثير‭ ‬من‭ ‬الجوانب‭ ‬الإيجابية‭.‬

المجال‭ ‬المالي‭: ‬المال‭ ‬جزء‭ ‬مهم‭ ‬من‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان،‭ ‬ومن‭ ‬ينكر‭ ‬هذه‭ ‬الحقيقة‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يعرف‭ ‬أن‭ ‬يعيش،‭ ‬لذلك‭ ‬على‭ ‬المرء‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬ويجد‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬المال‭ ‬الكافي‭ ‬لبقائه‭ ‬وأسرته،‭ ‬وكذلك‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ ‬يشعر‭ ‬بنوع‭ ‬من‭ ‬الرضا‭ ‬في‭ ‬وظيفته‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يصاب‭ ‬بالفشل‭ ‬والعجز‭. ‬وحتى‭ ‬الأغنياء‭ ‬فإن‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يعملوا‭ ‬قدر‭ ‬الإمكان‭ ‬فالثروة‭ ‬المتوارثة‭ ‬والجلوس‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬عمل‭ ‬بسبب‭ ‬الثراء‭ ‬يسبب‭ ‬الفراغ‭ ‬والترهل‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الجوانب،‭ ‬وهذا‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاته‭ ‬مرض،‭ ‬ويربك‭ ‬عجلة‭ ‬الحياة‭.‬

المجال‭ ‬الترفيهي‭: ‬الترفيه‭ ‬ليس‭ ‬ترفًا،‭ ‬بل‭ ‬هو جزء‭ ‬أساسي‭ ‬من‭ ‬نمط‭ ‬حياة‭ ‬صحي‭ ‬ومتوازن،‭ ‬وتجاهله‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬الإرهاق‭ ‬النفسي‭ ‬والجسدي،‭ ‬بينما‭ ‬الاهتمام‭ ‬به‭ ‬يعزز‭ ‬جودة‭ ‬الحياة،‭ ‬فالترفيه‭ ‬يساعد‭ ‬على‭ ‬تخفيف‭ ‬التوتر‭ ‬والضغوط‭ ‬اليومية،‭ ‬ويمنح‭ ‬العقل‭ ‬فرصة‭ ‬للراحة‭ ‬والتجديد،‭ ‬هذا‭ ‬يسهم‭ ‬في‭ ‬تحسين‭ ‬المزاج‭ ‬وتقليل‭ ‬القلق‭ ‬والاكتئاب‭. ‬وكذلك‭ ‬فإن‭ ‬الترفيه‭ ‬الجماعي،‭ ‬مثل‭ ‬حضور‭ ‬الفعاليات‭ ‬أو‭ ‬اللعب‭ ‬مع‭ ‬الأصدقاء،‭ ‬يعزز‭ ‬الروابط‭ ‬الاجتماعية‭ ‬ويقوي‭ ‬الشعور‭ ‬بالانتماء‭. ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الراحة‭ ‬والترفيه‭ ‬المنتظم‭ ‬يجعل‭ ‬الإنسان‭ ‬أكثر‭ ‬تركيزًا‭ ‬وإنتاجية‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬الدراسة،‭ ‬لأنه‭ ‬يعود‭ ‬بنشاط‭ ‬ذهني‭ ‬وجسدي‭ ‬متجدد‭.‬

المجال‭ ‬الاجتماعي‭: ‬الإنسان‭ ‬كائن‭ ‬اجتماعي،‭ ‬ولا‭ ‬يمكنه‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬اجتماعي،‭ ‬فمهما‭ ‬طالت‭ ‬سنوات‭ ‬الغربة‭ ‬أو‭ ‬الوحدة،‭ ‬فإن‭ ‬الإنسان‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يعود‭ ‬إلى‭ ‬محضن‭ ‬يأويه،‭ ‬ولكن‭ ‬عادة‭ ‬فإن‭ ‬الحياة‭ ‬الاجتماعية‭ ‬أو‭ ‬أي‭ ‬محضن‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نعيش‭ ‬فيه‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬مثاليًا،‭ ‬لذلك‭ ‬على‭ ‬المرء‭ ‬أن‭ ‬يصبر‭ ‬مع‭ ‬والديه،‭ ‬يصبر‭ ‬على‭ ‬أولاده‭ ‬وزوجته‭ ‬أو‭ ‬زوجه،‭ ‬والمجتمع‭ ‬الذي‭ ‬يعيش‭ ‬فيه،‭ ‬يتعاون‭ ‬مع‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬ولا‭ ‬يعزل‭ ‬نفسه‭ ‬ويعيش‭ ‬في‭ ‬برج‭ ‬عاجي،‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬أن‭ ‬ينشئ‭ ‬مجتمعا‭ ‬صحيا‭ ‬وأفرادا‭ ‬متكاملين‭.‬

المجال‭ ‬الأسري‭: ‬لا‭ ‬أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬يوجد‭ ‬إنسان‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الكرة‭ ‬الأرضية‭ ‬ينكر‭ ‬ما‭ ‬للأسرة‭ ‬من‭ ‬أهمية،‭ ‬سواء‭ ‬كنا‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬الأسرة‭ ‬الكبيرة‭ ‬المكونة‭ ‬من‭ ‬الوالدين‭ ‬والأشقاء‭ ‬والشقيقات‭ ‬أو‭ ‬الأسرة‭ ‬الصغيرة‭ ‬المكونة‭ ‬من‭ ‬زوج‭ ‬أو‭ ‬زوجة‭ ‬وأولاد‭. ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المكان،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الصعوبات‭ ‬التي‭ ‬نعيش‭ ‬فيها‭ ‬بسبب‭ ‬بعض‭ ‬الخلافات‭ ‬أو‭ ‬المنغصات‭ ‬فإنه‭ ‬المكان‭ ‬الوحيد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬فيه‭ ‬الإنسان‭ ‬على‭ ‬طبيعته‭. ‬فعندما‭ ‬نكون‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المكان‭ ‬يشعر‭ ‬الإنسان‭ ‬بالراحة‭ ‬النفسية‭ ‬والفكرية‭ ‬والروحية،‭ ‬لذلك‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬ألا‭ ‬نفرط‭ ‬فيه،‭ ‬فمهما‭ ‬كانت‭ ‬مشاغلنا‭ ‬خارج‭ ‬المنزل‭ ‬فإنه‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬نفرغ‭ ‬جزءا‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬مع‭ ‬هؤلاء‭ ‬الذين‭ ‬يعيشون‭ ‬معنا،‭ ‬سواء‭ ‬رغبنا‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أم‭ ‬لم‭ ‬نرغب‭.‬

يجب‭ ‬أن‭ ‬يتعايش‭ ‬الإنسان‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬المجالات‭ ‬بصورة‭ ‬متوازنة‭ ‬ومتكاملة،‭ ‬فأي‭ ‬خلل‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مجال‭ ‬فإن‭ ‬العجلة‭ ‬لن‭ ‬تسير‭ ‬بصورة‭ ‬جيدة،‭ ‬حينئذ‭ ‬فإن‭ ‬الإنسان‭ ‬حتمًا‭ ‬سيتعثر،‭ ‬وحينما‭ ‬يسقط‭ ‬فإنه‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬يمكنه‭ ‬أن‭ ‬يقف‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬حين،‭ ‬ربما‭ ‬حينها‭ ‬يكون‭ ‬ملك‭ ‬الموت‭ ‬واقفا‭ ‬ببابك‭ ‬ويريد‭ ‬أن‭ ‬يأخذك‭ ‬إلى‭ ‬حياة‭ ‬أخرى‭.‬

على‭ ‬الإنسان‭ ‬أن‭ ‬يعيش‭ ‬بتوازن‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬المجالات‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬مشاغله،‭ ‬فنحن‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬مجتمع‭ ‬متداخل‭ ‬وحياة‭ ‬متكاملة،‭ ‬خذ‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬بعض‭ ‬شيء،‭ ‬ولكن‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تعيش‭ ‬فالسعادة‭ ‬لها‭ ‬ثمن‭ ‬والحياة‭ ‬لها‭ ‬ثمن،‭ ‬فهل‭ ‬دفعنا‭ ‬الثمن‭ ‬المناسب‭ ‬حتى‭ ‬نعيش‭ ‬في‭ ‬سعادة؟


Zkhunji@hotmail‭.‬com

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا