زاوية غائمة
جعفـــــــر عبــــــــاس
jafasid09@hotmail.com
عرّافون لا يعرفون شيئا
في عصر العولمة، لا تسمح معظم دول العالم بتداول أي عقار طبي، ما لم يحظ بموافقة FDA، التي هي الوكالة الأمريكية، المناط بها السماح بتداول جميع أنواع الأدوية والأغذية، أو حظر تداولها، وطالما الأمر كذلك، فإن كل ما يصدر عن الجمعيات والمنظمات الطبية الأمريكية يحظى بالمتابعة، وسط الدوائر الطبية والصيدلانية، في الكثير من بلدان عالمنا المعاصر.
أثبتت الدراسات التي أعلنها مؤخرا اتحاد الاطباء النفسانيين الأمريكيين، ان الذين يؤمنون بالخرافات والشعوذة والعرافين يكونون اكثر قابلية للإصابة باضطرابات نفسية، كما ان معدلات ذكائهم تكون متدنية، او تبدأ في التدني بمجرد الهوس بالطوالع والابراج، هذا أمر بديهي، لأن من يصدق ان آدميا مثله يملك قدرات خارقة، تجعله قادرا على معرفة ما هو في رحم الغيب لا بد ان يكون من الصنف الذي يعطي عقله إجازة مفتوحة، وأتساءل للمرة التريليون: هل يسأل من يلجأون الى العرافين أنفسهم، لماذا يتقاضى العرافون مبالغ مالية نظير تكهناتهم، طالما أنهم –بحسب زعمهم– يعرفون «المستخبي»، ومن ثم بإمكانهم تفادي الأمور السيئة وتسيير دفات حياتهم الى حيث الثراء؟ هل يطرأ نفس السؤال على من يروحون ضحية من يحولون الورق العادي الى دولارات، ثم يكتشفون أن دولاراتهم كلينكس مستعمل من قبل شخص يعاني من زكام مزمن؟
من طريف ما قرأته عن العرافين والمنجمين ان الصحف الامريكية نشرت اعلانا يقول ان المؤتمر السنوي للعرافين في مدينة شيكاغو، تأجل الى اجل غير مسمى بسبب الاحوال الجوية الطارئة، يعني لو كان فيهم خير لعرفوا عن طريق التنجيم (دعك من الرصد الجوي) ان الطقس يكون سيئا في اليوم المحدد للمؤتمر، وحددوا يوما غيره، وحتى بعد ان فضح الطقس دجلهم فان ذكاءهم المحدود لم يسعفهم ليستروا فضيحتهم فنشروا خبر التأجيل مع شرح مبرراته، ولو كانوا «عرافين» بحق وحقيق لما قالوا ان التأجيل لأجل غير مسمى بل كانوا سيحددون موعد المؤتمر على نحو قاطع.. يعني يا أبو مخ تخين كيف يكون هؤلاء عرافين وهم لا يستطيعون قراءة طوالع أنفسهم، ومعرفة متى سيلتقون؟
وقرأت ان رجلا فرنسيا سافر الى لندن للالتقاء بوسيط روحي بريطاني مشهور ليرتب له لقاء مع جدته الراحلة ليسألها عن مسائل معينة لم يكن غيرها يعرف بها، وقام الوسيط بالحركات المطلوبة لاستحضار روح العجوز الفرنسية، ثم جاء صوت نسائي متهدج مهللا: اهلا حفيدي واشكرك كثيرا على حرصك على اللقاء بي، فرد الفرنسي: أهلا.. هل انت فعلا جدتي؟ فردت عليه مؤكدة انها جدته وطلبت منه ان يجلس وان يوجه اليها ما يشاء من اسئلة وتعهدت بالرد عليها لأنه حفيدها المفضل كما قالت، وهكذا بدأ الرجل الفرنسي يسأل وروح الجدة تجيب الى ان قال الرجل بقي عندي سؤالان: هل انت حقا جدتي فأجابت: أوف كورس (طبعا) ماي دير.. ماي دارلنغ يا هبيبي.. يا قطعة من ماي ليفر (كبدي)، وهنا قال الحفيد الفرنسي لجدته الفرنسية امام الوسيط الانجليزي: تسلمي يا جدتي ولكن أجيبي على سؤالي الأخير: منذ متى وانت تتحدثين الانجليزية بطلاقة ومبلغ علمي أنك لم تكوني تعرفين منها شيئا؟ وخلال ثوان كانت «روح» الجدة المزعومة «فص ملح وداب» أي اختفت بينما طفق الوسيط يتمتم بعبارات مثل: ربما التحقت بدورة لتعلم الانجليزية في القبر!
قبل حين من الزمان تلقى ولدي مكالمة دولية في نحو الثانية فجرا، وعندما هب منزعجا للرد عليها انقطع «الخط»، وبعدها بنحو دقيقتين رن الهاتف رنة واحدة، فاتصل ابني بالرقم الذي أتى منه الرنين، فجاءه صوت بعربية مكسرة: في ناس سووا لك «عمل» وسلطوا عليك الجان.. وأنا.. ولم يتركه ابني يكمل الموال، بل صاح فيه: ما في شيطان غيرك يا غبي، ولو قابلتك أعمل فيك «عمل» يخليك تتوب وتترك البلطجة. ولم يترك صائد الأرواح الشريرة ولدي يكمل كلامه!!

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك