في عصر تحولت فيه الهويات والتجارب والملكية إلى مساحات رقمية، برزت ظاهرة المجوهرات الرقمية أو ما يُعرف بـNFT Jewelry، كجزء من حركة فنية وتقنية تتجاوز المفهوم التقليدي للاقتناء ،حيث لم تعد الفخامة حكرًا على ما هو ملموس أو مقتصرة على المعادن الثمينة والأحجار الكريمة.
ويمكننا تعريف المجوهرات الرقمية بأنها تصاميم رقمية بالكامل تُباع كأصول فريدة على شبكات البلوكتشين . ولا تُرتدى بالطريقة التقليدية، لكنها تُعرض على الأفاتار الشخصي ضمن الألعاب في العوالم الافتراضية ، كما يمكن ارتداؤها في الصور والفيديوهات عبر تطبيقات الواقع المعزز، أو استخدامها ببساطة كرمز للتعبير عن الذوق والهوية الرقمية، تمامًا كما يستخدم البعض ساعاتهم أو مجوهراتهم التقليدية لإبراز مكانتهم في الواقع.ما يمنحها حضورًا مختلفًا لا يقل بريقًا عن المجوهرات الحقيقية ، وتكون كرموز فنية يتم عرضها على الحسابات الرقمية الخاصة بالمستخدمين.
تبدأ رحلة اقتناء المجوهرات الرقمية غالبًا من خلال منصات NFT المتخصصة ، أو عبر تطبيقات أطلقتها العلامات التجارية بأنفسها. ويقوم المستخدم بإنشاء محفظة عملات رقمية، غالبًا باستخدام عملة «إيثيريوم»، ثم يربطها بالمنصة ليتمكن من شراء القطعة التي يرغب بها. وبعد الشراء، يتم تسجيل ملكيته على البلوكتشين، ما يمنحه شهادة رقمية لا يمكن نسخها أو تزويرها، وتؤكد أصالة القطعة وتفردها.
لاقت هذه الظاهرة رواجًا لافتاً بين جيل الألفية والجيل Z، ممن يقضون جزءًا كبيرًا من حياتهم ضمن المساحات الرقمية. وبالنسبة لهم، الهوية لا تكتمل فقط بما نرتديه في الواقع، بل بما نعرضه على الفضاء الافتراضي أيضًا. لذلك، تحوّلت المجوهرات الرقمية إلى شكل من أشكال التعبير عن الذات، والتميّز، والانتماء إلى مجتمعات رقمية معينة.
ولم تتوانى العلامات الفاخرة مثل Dolce & Gabbana، وGucci، وTiffany عن اقتناص الفرصة و إطلاق مجموعات رقمية حصرية، بعضها يترافق مع نسخ مادية، بينما يقتصر البعض الآخر على الإصدار الرقمي فقط.
ورغم الطبيعة غير الملموسة لهذه القطع، إلا أنها باتت تُعتبر شكلًا جديدًا من الملكية الفاخرة. واصبحت تقنيات البلوكتشين تتيح إثبات الأصل والندرة، ما يضفي على المجوهرات الرقمية قيمة رمزية وفنية كبيرة. ويقال بأن بعض هذه القطع بيعت بأرقام قياسية، وصلت في حالات نادرة إلى مئات الآلاف من الدولارات، ما دفع البعض للتعامل معها كاستثمارات بديلة، شأنها شأن الأعمال الفنية.
من جهة أخرى، يلف الغموض مستقبل هذا النوع من الاستثمار. فسوق الـNFT شهد تقلبات كبيرة منذ عام 2022، وتراجعت مبيعاته بشكل ملحوظ بعد موجة من الارتفاع الحاد. وأدى غياب الأطر التنظيمية، وتقلب أسعار العملات الرقمية، وسهولة تقليد التصاميم من دون حقوق حقيقية، إلى ظهور تحديات جدية أمام استدامة هذا النوع من الأصول.
في النهاية، سواء كنت من المتحمسين أو المشككين، فلا يمكن إنكار فكرة أن المجوهرات الرقمية قد تفتح الباب لعصر مختلف من الوجاهة. خاصة وإننا في زمن أصبحت فيه الحدود بين الواقع والافتراض تتلاشى، ووجدت الفخامة لنفسها مكانًا جديدًا يتجاوز المادة نحو التقنية والرمزية. وسواء كانت المقتنيات الرقمية موضة زائلة أو بداية لحقبة جديدة، فإنها بلاشك تمثل لحظة فارقة في تطور صناعة الرفاهية العالمية.
هل تعتقد بأن المجوهرات الرقمية صرعة عابرة أم موضة واعدة؟ شاركونا بآرائكم ونتطلع إلى مقترحاتكم للمواضيع القادمة والاجابة على تساؤلاتكم على البريد الالكتروني: seemajewelsbh@gmail.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك