العدد : ١٧٣٩٦ - السبت ٠٨ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٧ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٣٩٦ - السبت ٠٨ نوفمبر ٢٠٢٥ م، الموافق ١٧ جمادى الاول ١٤٤٧هـ

مقالات

مودة ورحمة 

بقلم: المحامية د. هنادي عيسى الجودر

الاثنين ١٤ يوليو ٢٠٢٥ - 02:00

القراء‭ ‬الاعزاء،‭ ‬كنت‭ ‬قد‭ ‬وعدت‭ ‬إحدى‭ ‬الصديقات‭ ‬من‭ ‬القارئات‭ ‬الدقيقات‭ ‬التركيز أن‭ ‬أكتب‭ ‬موضوعا‭ ‬عن‭ (‬النسيان‭)‬‮ ‬وهو‭ ‬موضوع‭ ‬مهم‭ ‬ويستحق‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬عليه،‭ ‬لذا‭ ‬سأحرص‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هو موضوع‭ ‬مقال‭ ‬الأسبوع‭ ‬المقبل‭ ‬بإذن‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭. ‬

والامر‭ ‬الذي‭ ‬غيّر توجهي‭ ‬للكتابة اليوم‭ ‬هو‭ ‬زيارتي‭ -‬ضمن‭ ‬وفود‭ ‬مهرجان‭ (‬مغرب‭ ‬الحكايات‭) ‬2025-‭ ‬لضريح‭ ‬مولانا‭ ‬الملك‭ ‬محمد‭ ‬الخامس‭ ‬والملك‭ ‬الحسن‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬صومعة‭ ‬حسان‭ ‬بالعاصمة‭ ‬المغربية،‭ ‬مدينة‭ ‬الانوار‭ ‬والثقافة‭ ‬الرباط،‭ ‬حيث‭ ‬هيأت‭ ‬لي‭ ‬الظروف‭ ‬أن‭ ‬اشهد‭ ‬صلاة‭ ‬الجمعة‭ ‬في‭ ‬مسجد‭ ‬الضريح،‭ ‬وكنت‭ ‬محظوظة‭ ‬بالاستماع‭ ‬إلى‭ ‬خطبة‭ ‬الجمعة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تدور‭ ‬حول‭ ‬العلاقات‭ ‬الزوجية،‭ ‬وهو‭ ‬الموضوع‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬لارتباطه‭ ‬بالأسرة،‭ ‬تلك‭ ‬اللبنة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬عليها‭ ‬المجتمعات‭ ‬والدول‭.‬

فقد‭ ‬تحدث‭ ‬خطيب‭ ‬الجمعة‭ ‬عن‭ ‬أمور‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬بديهية‭ ‬ومنهج‭ ‬حياة‭ ‬لدينا‭ ‬بالأخص‭ ‬كمسلمين،‭ ‬تولّت‭ ‬الشريعة‭ ‬الاسلامية‭ ‬تنظيم‭ ‬أدق‭ ‬تفاصيل‭ ‬حياتنا‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬من‭ ‬العدالة‭ ‬والمساواة والتعايش‭ ‬والتسامح‭ ‬والتكافل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬والحب‭ ‬والايثار‭. ‬

وقد‭ ‬ركّزت‭ ‬خطبة‭ ‬الجمعة‭ ‬على‭ ‬قدسية‭ ‬الزواج‭ ‬وأصول‭ ‬المعاملة‭ ‬فيما‭ ‬بين‭ ‬الزوجين‭ ‬والتي‭ ‬ترتكز‭ ‬على‭ ‬أسس‭ ‬المودة‭ ‬والرحمة‭ ‬كما‭ ‬ورد‭ ‬في‭ ‬الآية‭ ‬الكريمة‭ (‬21‭) ‬من‭ ‬سورة‭ ‬الروم‭ ‬‮«‬وَمِنْ‭ ‬آيَاتِهِ‭ ‬أَنْ‭ ‬خَلَقَ‭ ‬لَكُم‭ ‬مِّنْ‭ ‬أَنفُسِكُمْ‭ ‬أَزْوَاجًا‭ ‬لِّتَسْكُنُوا‭ ‬إِلَيْهَا‭ ‬وَجَعَلَ‭ ‬بَيْنَكُم‭ ‬مَّوَدَّةً‭ ‬وَرَحْمَةً‭ ‬إِنَّ‭ ‬فِي‭ ‬ذَلِكَ‭ ‬لَآيَاتٍ‭ ‬لِّقَوْمٍ‭ ‬يَتَفَكَّرُونَ‮»‬،‭ ‬ولا‭ ‬شك‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬آيات‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬قد‭ ‬حثّت‭ ‬الزوجين‭ ‬على‭ ‬حسن‭ ‬المعاشرة‭ ‬والمعاملة‭ ‬بالمعروف‭ ‬والاحسان،‭ ‬ويشمل‭ ‬ذلك‭ ‬الانفاق‭ ‬والاحترام‭ ‬بين‭ ‬الزوجين‭ ‬وتفعيل‭ ‬دور‭ ‬الحوار‭ ‬عند‭ ‬الخلاف،‭ ‬والانصات‭ ‬الى‭ ‬الشريك‭ ‬ومراعاة‭ ‬المشاعر‭ ‬والظروف‭ ‬النفسية‭ ‬والفسيولوجية‭ ‬والعصبية‭ ‬التي‭ ‬يتعرض‭ ‬لها‭ ‬كل‭ ‬منهما،‭ ‬واحترام‭ ‬صلة‭ ‬رحم‭ ‬كلا‭ ‬الزوجين‭ ‬وحسن‭ ‬معاشرتهم‭.‬

وانه‭ ‬مما‭ ‬يثير‭ ‬العجب‭ ‬أن‭ ‬الاجيال‭ ‬الماضية‭ ‬كانت‭ ‬تنتهج‭ ‬ما‭ ‬ذكر‭ ‬سابقاً‭ ‬كأسلوب‭ ‬حياة‭ ‬وثقافة‭ ‬رغم‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬ترتد‭ ‬المدارس‭ ‬ولم‭ ‬تمتلك‭ ‬من‭ ‬العلم‭ ‬سوى‭ ‬ما‭ ‬تناقلته‭ ‬من‭ ‬معارف‭ ‬الدين‭ ‬الاسلامي‭ ‬وقواعده‭ ‬وأحكامه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ (‬المطوّع‭ ‬أو‭ ‬المطوّعة‭) ‬الذي‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬يحمل‭ ‬شهادة‭ ‬اكاديمية‭ ‬بل‭ ‬كان‭ ‬نقله‭ ‬للمعرفة‭ ‬عن‭ ‬علم‭ ‬آتاه‭ ‬الله‭ ‬من‭ ‬لدنه،‭ ‬بينما‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬الاجيال‭ ‬الحالية‭ ‬ولا‭ ‬سيما‭ ‬في‭ ‬العقدين‭ ‬الماضيين‭ ‬ما‭ ‬عاد‭ ‬الكثير‭ ‬منهم‭ ‬يستطيع‭ ‬أن‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬استمرارية‭ ‬علاقته‭ ‬الزوجية‭ ‬،‭ ‬فلا‭ ‬تلبث‭ ‬عُرى‭ ‬العلاقة‭ ‬أن‭ ‬تنهار‭ ‬لأبسط‭ ‬وربما‭ ‬أتفه‭ ‬الاسباب،‭ ‬وما‭ ‬عاد‭ ‬اكثرهم‭ ‬راغباً‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬تنازلات‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬استمرار‭ ‬تيسير‭ ‬سير‭ ‬علاقة‭ ‬الزواج‭ ‬والتي‭ ‬تقوم‭ ‬أساساً‭ ‬على‭ ‬التنازلات‭ ‬المتبادلة‭ ‬بين‭ ‬طرفين‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬هيّنا‭ ‬ليّناً‭ ‬للآخر‭ ‬حتى‭ ‬تنجح‭ ‬وتستمر‭ ‬زيجته‭. ‬

ولعل‭ ‬الاغرب ممن‭ ‬فصم‭ ‬عِرى‭ ‬العلاقة‭ ‬بالطلاق،‭ ‬أولئك الازواج‭ ‬الذين‭ ‬حرصوا‭ ‬على‭ ‬الاستمرار‭ ‬فيها على‭ ‬مضض،‭ ‬فما‭ ‬عادوا‭ ‬أزواجاً‭ ‬ولا‭ ‬باتوا‭ ‬مطلقين‭ ‬في‭ ‬استمرار‭ ‬ممجوج‭ ‬لعلاقة‭ ‬اجتماعية‭ ‬انسانية‭ ‬مقدسة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬على‭ ‬القبول والتقبّل‭ ‬والرضا‭ ‬المتبادل‭ ‬والاستمرار‭ ‬وفق‭ ‬أصول‭ ‬المودة‭ ‬والرحمة‭. ‬

‮«‬وعاشروهن‭ ‬بالمعروف‮»‬‭ ‬و«فَإِمْسَاكٌ‭ ‬بِمَعْرُوفٍ‭ ‬أَوْ‭ ‬تَسْرِيحٌ‭ ‬بِإِحْسَانٍ‮»‬‭. ‬هكذا‭ ‬يقول‭ ‬الله‭ ‬تعالى‭ ‬في‭ ‬محكم‭ ‬كتابه،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الازواج‭ ‬بعيدين‭ ‬كل‭ ‬البعد‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬الامر،‭ ‬والشواهد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬كثيرة‭ ‬بين‭ ‬قصص‭ ‬مجتمعية‭ ‬وقضايا عالقة‭ ‬في‭ ‬أروقة‭ ‬المحاكم،‭ ‬وكان‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬عون‭ ‬هؤلاء‭ ‬النسوة‭. ‬

لذا‭ ‬وفي‭ ‬رأيي‭ ‬أن تكون‭ ‬هناك‭ ‬منهجية‭ ‬تثقيفية‭ ‬بهذا‭ ‬الشأن‭ ‬يشتغل عليها‭ ‬جميع‭ ‬الفعاليات‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬جهات‭ ‬رسمية‭ ‬وأهلية‭ ‬ودينية‭ ‬وغيرها،‭ ‬للتوعية‭ ‬بأهمية‭ ‬الاسرة‭ ‬وبقاء واستمرار‭ ‬هذا‭ ‬المكوّن‭ ‬المجتمعي‭ ‬الأساسي،‭ ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬استعصى‭ ‬استمرارها‭ ‬يكون‭ ‬الطلاق‭ ‬وفق‭ ‬اسس‭ ‬المودة‭ ‬والرحمة‭ ‬ذاتها‭ ‬وذكر‭ ‬الفضل‭ ‬بين أطراف‭ ‬الزواج،‭ ‬فلا‭ ‬بد‭ ‬وأنه‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬لحظات‭ ‬جميلة تستحق‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬شفيعاً‭ ‬لاستمرار‭ ‬العلاقة‭ ‬الانسانية‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬انفصمت‭ ‬عُرى‭ ‬العلاقة‭ ‬الزوجية‭. ‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا