في قلب الخليج العربي، تظل مملكة البحرين مثالًا ناصعًا للتلاحم الوطني بين القيادة والشعب، حيث تجلّت معاني الولاء والانتماء في أبهى صورها تحت راية حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المعظم، حفظه الله ورعاه. فقد استطاع جلالته، منذ توليه مقاليد الحكم في عام 1999، أن يقود البحرين نحو نهضة شاملة، محورها الإنسان وركيزتها التنمية المستدامة.
وقد عبّر جلالته في خطابه السامي بمناسبة افتتاح دور الانعقاد العادي الرابع من الفصل التشريعي الخامس لمجلس الشورى والنواب عام 2022 عن هذا التوجه بقوله: «إن رؤيتنا لمستقبل البحرين تقوم على أسس دولة القانون والمؤسسات، وصون الحقوق والحريات، وتحقيق العدالة، وتوفير سبل الحياة الكريمة للمواطنين»
هذه الكلمات ليست مجرد خطاب سياسي، بل تمثل خارطة طريق لمرحلة من التطوير المؤسسي، تعززت بإطلاق ميثاق العمل الوطني عام 2001، والذي نال تأييدًا شعبيًا ساحقًا بنسبة 98.4%، ليكون نقطة تحول تاريخية في حياة البحرينيين، إذ أرسى قواعد المشاركة السياسية، واحترام التعددية، ودولة القانون.
يا موطنَ الأمجادِ مهدَ تألقٍ
يا من بطيبك قد نما وتفتّقا
يا درّةً في القلبِ تبقى دائمًا
والحبُّ فيك محصّنٌ ومغلّقا
قد بايعَ الأحرارُ عرشَكَ بيعةً
ما نالها في العزِّ إلا الأوفقا
وفي سياق السياسة الخارجية، حافظت البحرين على موقعها كركيزة للاستقرار الإقليمي، حيث أكد جلالة الملك في أكثر من مناسبة أن «البحرين تؤمن بالحلول السلمية، وبالحوار كوسيلة لحل النزاعات»، كما جاء في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقد انعكس ذلك في سياسات المملكة المنفتحة، وتوثيق علاقاتها مع شركاء إقليميين ودوليين، من دون المساس بسيادتها أو استقلال قرارها.
أما على المستوى الداخلي، فقد وجّه جلالته بتعزيز الحماية الاجتماعية، ورفع كفاءة الخدمات العامة، ودعم الفئات ذات الدخل المحدود. ومن أبرز المبادرات في هذا الإطار، مشروع الإسكان الوطني، الذي قال عنه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، إنه «يمثل تجسيدًا لرؤية جلالة الملك نحو مجتمع متكافئ ينعم فيه المواطن بالأمن والاستقرار».
كما لم تغب عن القيادة الحكيمة أهمية تمكين الشباب والمرأة، حيث باتت البحرين رائدة في مجال تكافؤ الفرص، وحظيت المرأة البحرينية بمكانة مرموقة في المؤسسات التشريعية والتنفيذية، بفضل دعم مباشر من جلالة الملك، وتوجيهاته الدائمة نحو بناء مجتمع مدني قوي.
وبذلك، تبقى البحرين، بقيادتها الملهمة وشعبها الواعي، نموذجًا عربيًا يُحتذى به في الحكم الرشيد والسياسات الحكيمة، وترسّخ مكانتها دولة حضارية تنظر إلى المستقبل بعين اليقين والأمل.
وقد حرصت القيادة البحرينية، منذ انطلاق مشروعها الوطني، على وضع الإنسان البحريني في صميم استراتيجياتها، إيمانًا منها بأن المواطن هو حجر الزاوية في عملية التنمية المستدامة. ولهذا، جاءت السياسات التنموية متكاملة، تستند إلى مبادئ الشفافية والمساءلة، وتستهدف الارتقاء. بجودة الحياة لجميع المواطنين من دون استثناء.
وفي هذا السياق، يُشار إلى أهمية رؤية البحرين الاقتصادية 2030، التي أُطلقت بتوجيهات ملكية سامية، وتهدف إلى بناء اقتصاد متنوع ومزدهر لا يعتمد فقط على الموارد النفطية، بل يستثمر في الكفاءات الوطنية، ويدعم ريادة الأعمال، ويحفّز الابتكار. وقد بيّنت التقارير الاقتصادية الصادرة عن مجلس التنمية الاقتصادية أن المملكة تشهد نموًا متسارعًا في القطاعات غير النفطية، بما يعكس نجاعة السياسات الاقتصادية التي تتبناها الدولة.
ومن جانب آخر، اتسمت العلاقة بين القيادة والشعب في البحرين بقدر كبير من الصراحة والثقة المتبادلة. فالحوارات الوطنية التي أطلقتها الدولة في فترات مختلفة كانت مثالًا حيًا على الانفتاح السياسي وحرص القيادة على الاستماع لكافة مكونات المجتمع. وهذا ما أكده جلالة الملك حين قال في أحد خطاباته: «إننا نرحب بكل رأي بناء، وكل فكر مخلص، وكل مقترح ينهض بالوطن ويعزز وحدته».
يا سيدي والمجدُ يخفقُ باسْمِكم
والدهرُ يعلم مجدكم قد نُطقا
منك البصائرُ والنجابةُ والسنا
ومن الجبينِ الحقُّ عال أنّقا
أنت الذي رسمَ المسيرةَ حكمةً
وغرسْتَ للجيلِ السعيدِ المنطقا
فنمَتْ مدارسُنا ونوّرَ فكرُنا
واستثمرَ الوطنُ الحصيفُ الأفقا
أمنٌ، وعيشٌ، وازدهارٌ دائمٌ
وغدٌ يجيءُ على يديكَ مبرّقا
وقد كان للجهود الدبلوماسية البحرينية دور مهم في تعزيز مكانة المملكة على الساحة الدولية. فمن خلال تحركاتها المدروسة، استطاعت البحرين أن تبني شراكات استراتيجية مع عدد من الدول الكبرى، وأن تكون صوتًا فاعلًا في المحافل الدولية، خصوصًا في القضايا المتعلقة بالسلام وحقوق الإنسان والتعاون الإقليمي.
وفيما يتعلق بالأمن والاستقرار، فقد حافظت البحرين على أمنها الداخلي بفضل جهود مؤسساتها الأمنية والعسكرية، التي تعمل تحت توجيهات القيادة السياسية، وبما يضمن الحفاظ على الأمن دون التفريط في الحريات العامة. وقد أثنى المواطنون على هذه المعادلة الدقيقة التي تحقق الأمن وتحفظ الكرامة.
ولا بد من التوقف عند الدور التنموي الكبير الذي تلعبه المرأة البحرينية، التي حظيت بدعم مباشر من جلالة الملك وتمكنت من الوصول إلى مواقع صنع القرار في مختلف المجالات، السياسية والاقتصادية والتعليمية. وقد عبّر جلالته عن اعتزازه بدور المرأة قائلًا: «إن المرأة البحرينية شريك أصيل في بناء الوطن، ونفخر بإنجازاتها ومكانتها الرفيعة».
وأخيرًا، فإن البحرين وهي تواصل مسيرتها نحو المستقبل، تفعل ذلك بقيادة ملكية رشيدة، وشعب واعٍ، ومؤسسات قوية، وهو ما يجعلها أكثر قدرة على مواجهة التحديات، وأكثر تصميمًا على الحفاظ على مكتسباتها، واستكمال مسيرة التنمية والبناء.
إن حب شعب البحرين لملكهم المعظم ليس حبًا شعبيًا فقط، بل هو تعبير عن الثقة في قيادة رشيدة، والرغبة في مواصلة مسيرة وطن يبنيه الجميع يدًا بيد. ولعل كلمات جلالة الملك في إحدى المناسبات الوطنية تختصر كل المعاني: «إن البحرين وطن الجميع، وأملنا أن يبقى شعبها دائمًا متحدًا، مخلصًا، صادقًا، يضع مصلحة الوطن فوق كل اعتبار».
يا قائدًا قد أنطقَ الصمتَ الذي
في كل نفس تائها ومقلقا
يا سيدَ الكلماتِ في زمنِ الجَوى
يا منْ بحزمِك قد كسرتَ المُغْلِقا
يا منْ جمعتَ المجدَ من أطرافهِ
وجعلتَ شعبكَ بالحياةِ مُعانِقا
في ظلّ عهدِك أمتي رفعتْ رؤى
وبنتْ على نورِ اليقينِ المنطِقا
فكتبْتَ بالإنجازِ قصةَ أمّةٍ
كانتْ ومازالتْ سلاحًا أصدقَا
{ أكاديمي متخصص في العلوم
الشرعية وتنمية الموارد البشرية.
Dr.MohamedFaris@yahoo.com
هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟
لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك