العدد : ١٧٢٧٩ - الاثنين ١٤ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٩ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٧٩ - الاثنين ١٤ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٩ محرّم ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

كيف يمكن أن نصنع صيفًا من ذهب؟

بقلم: د. فاطمة المالكي

الاثنين ١٤ يوليو ٢٠٢٥ - 02:00

مع‭ ‬دقات‭ ‬الساعة‭ ‬إيذانًا‭ ‬بانتهاء‭ ‬العام‭ ‬الدراسي،‭ ‬يشعر‭ ‬الطلبة‭ ‬بالارتياح‭ ‬وتغمرهم‭ ‬راحة‭ ‬النفس‭ ‬وهدوء‭ ‬البال،‭ ‬فرحين‭ ‬بإجازة‭ ‬الصيف‭ ‬التي‭ ‬طال‭ ‬انتظارها‭. ‬وبينما‭ ‬يخطط‭ ‬بعضهم‭ ‬لرحلات‭ ‬أو‭ ‬أنشطة‭ ‬صيفية‭ ‬مفيدة،‭ ‬ينزلق‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬واليافعين‭ ‬إلى‭ ‬دوامة‭ ‬ما‭ ‬تُعرف‭ ‬بـ«الكسل‭ ‬الصيفي‮»‬،‭ ‬حيث‭ ‬تتبدد‭ ‬الأيام‭ ‬بين‭ ‬نومٍ‭ ‬مفرط‭ ‬وساعات‭ ‬طويلة‭ ‬أمام‭ ‬الشاشات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬هدف‭ ‬واضح،‭ ‬ولا‭ ‬يغيب‭ ‬عن‭ ‬بالنا‭ ‬أن‭ ‬الكسل‭ ‬الصيفي‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬فقط‭ ‬الخمول‭ ‬الجسدي،‭ ‬بل‭ ‬قد‭ ‬يمتد‭ ‬إلى‭ ‬خمول‭ ‬فكري‭ ‬ونفسي‭.‬

إن‭ ‬الإجازة‭ ‬الصيفية‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬وقتٍ‭ ‬للراحة،‭ ‬ولا‭ ‬لشلّ‭ ‬التفكير،‭ ‬بل‭ ‬لتحفيزه،‭ ‬هي‭ ‬فرصة‭ ‬ثمينة‭ ‬لا‭ ‬تُقدَّر‭ ‬بثمن؛‭ ‬فهي‭ ‬ليست‭ ‬فقط‭ ‬لفك‭ ‬قيود‭ ‬الجداول‭ ‬والالتزامات،‭ ‬بل‭ ‬مساحة‭ ‬رحبة‭ ‬لاكتشاف‭ ‬المهارات،‭ ‬وتطوير‭ ‬الذات،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الثقة‭ ‬بالنفس،‭ ‬وتحقيق‭ ‬إنجازات‭ ‬صغيرة‭ ‬قد‭ ‬تُرسم‭ ‬منها‭ ‬ملامح‭ ‬مستقبل‭ ‬واعد‭.‬

فكم‭ ‬من‭ ‬طفل‭ ‬أصبح‭ ‬شاعرًا‭ ‬لأنه‭ ‬اكتشف‭ ‬ذاته‭ ‬في‭ ‬أحد‭ ‬البرامج‭ ‬الصيفية،‭ ‬وكم‭ ‬من‭ ‬موهبة‭ ‬في‭ ‬الرسم‭ ‬لمعت‭ ‬حين‭ ‬أُتيحت‭ ‬لها‭ ‬المساحة،‭ ‬فصار‭ ‬صاحبها‭ ‬رسامًا‭ ‬مبدعًا‭! ‬وكم‭ ‬من‭ ‬طفل‭ ‬وجد‭ ‬نفسه‭ ‬في‭ ‬أحواض‭ ‬السباحة،‭ ‬فتحوّلت‭ ‬مهارته‭ ‬الكامنة‭ ‬إلى‭ ‬إنجاز‭ ‬رياضي‭! ‬وكم‭ ‬من‭ ‬طفل‭ ‬حاز‭ ‬لقب‭ ‬‮«‬أفضل‭ ‬قارئ‮»‬‭ ‬بفضل‭ ‬شغفه‭ ‬بقراءة‭ ‬القصص‭ ‬والروايات‭ ‬خلال‭ ‬الصيف‭! ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬النماذج‭ ‬وغيرها‭ ‬كثير‭ ‬تُظهر‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬الإجازة‭ ‬الصيفية‭ ‬حين‭ ‬تُستثمر‭ ‬كما‭ ‬ينبغي،‭ ‬قد‭ ‬تصنع‭ ‬الفارق‭ ‬في‭ ‬حياة‭ ‬الأطفال‭ ‬وتنقلهم‭ ‬من‭ ‬الاكتشاف‭ ‬إلى‭ ‬التميز‭. ‬وما‭ ‬يدعم‭ ‬قولنا‭ ‬هو‭ ‬الدراسات‭ ‬التي‭ ‬تشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الأطفال‭ ‬الذين‭ ‬يشاركون‭ ‬في‭ ‬أنشطة‭ ‬منظمة‭ ‬خلال‭ ‬العطلة‭ ‬يظهرون‭ ‬نموًا‭ ‬عقليا‭ ‬وسلوكيا‭ ‬ملحوظًا،‭ ‬ويعودون‭ ‬إلى‭ ‬مدارسهم‭ ‬بطاقة‭ ‬متجددة‭ ‬واستعداد‭ ‬أكبر‭ ‬للتعلّم،‭ ‬أفلا‭ ‬تجد‭ ‬أن‭ ‬الإجازة‭ ‬الصيفية‭ ‬تستحق‭ ‬أن‭ ‬تُخطط‭ ‬وتُستثمر‭ ‬بعناية؟

فلماذا‭ ‬يبدّد‭ ‬بعض‭ ‬الطلبة‭ ‬أوقاتهم‭ ‬في‭ ‬أنشطة‭ ‬لا‭ ‬تعود‭ ‬عليهم‭ ‬بأي‭ ‬نفع،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬تحيطهم‭ ‬فرص‭ ‬لا‭ ‬تُعدّ‭ ‬ولا‭ ‬تُحصى؟‭ ‬من‭ ‬تعلّم‭ ‬لغة‭ ‬جديدة،‭ ‬إلى‭ ‬صقل‭ ‬مهاراتهم‭ ‬الإبداعية‭ ‬في‭ ‬الرسم‭ ‬والكتابة‭ ‬والعزف،‭ ‬مرورًا‭ ‬بالتطوع‭ ‬في‭ ‬المبادرات‭ ‬المجتمعية‭ ‬وتنمية‭ ‬الإحساس‭ ‬بالمسؤولية،‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬الأنشطة‭ ‬الرياضية‭ ‬لبناء‭ ‬الاجسام،‭ ‬وتعزيز‭ ‬الصحة‭ ‬والانضباط،‭ ‬وصولًا‭ ‬إلى‭ ‬التعلم‭ ‬الذاتي‭ ‬عبر‭ ‬المنصات‭ ‬التعليمية‭ ‬الإلكترونية‭. ‬كلها‭ ‬مسارات‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تنمية‭ ‬شعور‭ ‬الطفل‭ ‬بالمسؤولية،‭ ‬وبناء‭ ‬شخصية‭ ‬متوازنة‭ ‬وواعية‭ ‬تستثمر‭ ‬الوقت‭ ‬وتنتفع‭ ‬به‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬للوالدين‭ ‬والمربين‭ ‬دورًا‭ ‬جوهريًا‭ ‬في‭ ‬توجيه‭ ‬أبنائهم‭ ‬توجيهًا‭ ‬ذكيًا‭ ‬يجمع‭ ‬بين‭ ‬المتعة‭ ‬والفائدة،‭ ‬وبين‭ ‬الحرية‭ ‬والانضباط؛‭ ‬فإن‭ ‬التخطيط‭ ‬المسبق‭ ‬مع‭ ‬الأبناء،‭ ‬وتقديم‭ ‬الخيارات‭ ‬المتاحة،‭ ‬وتحديد‭ ‬أهداف‭ ‬أسبوعية‭ ‬واقعية،‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬الإجازة‭ ‬الصيفية‭ ‬فترة‭ ‬أكثر‭ ‬فاعلية،‭ ‬ويعزز‭ ‬في‭ ‬نفوس‭ ‬الأطفال‭ ‬مشاعر‭ ‬الإنجاز‭ ‬والثقة‭ ‬بالنفس‭. ‬كأن‭ ‬يُكافأ‭ ‬الطفل،‭ ‬مثلًا،‭ ‬بعد‭ ‬الانتهاء‭ ‬من‭ ‬قراءة‭ ‬كتاب‭ ‬أو‭ ‬حضور‭ ‬دورة‭ ‬تدريبية،‭ ‬برحلة‭ ‬قصيرة‭ ‬أو‭ ‬نشاط‭ ‬ترفيهي‭ ‬بسيط‭.‬

لكن‭ ‬المؤسف‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الفرص‭ ‬الذهبية‭ ‬تمرّ‭ ‬مرور‭ ‬الكرام‭ ‬على‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأطفال‭ ‬وأولياء‭ ‬الأمور؛‭ ‬لا‭ ‬بسبب‭ ‬ندرة‭ ‬البرامج‭ ‬الصيفية،‭ ‬بل‭ ‬بسبب‭ ‬غياب‭ ‬الوعي‭ ‬الكافي‭ ‬بأهمية‭ ‬استثمارها،‭ ‬فكثير‭ ‬من‭ ‬الأهل‭ ‬يظنون‭ ‬أن‭ ‬منح‭ ‬أطفالهم‭ ‬الراحة‭ ‬يعني‭ ‬السماح‭ ‬لهم‭ ‬بالنوم‭ ‬المفرط،‭ ‬والسهر‭ ‬الطويل،‭ ‬وتناول‭ ‬الوجبات‭ ‬السريعة‭ ‬بلا‭ ‬ضوابط،‭ ‬وتقليب‭ ‬الليل‭ ‬والنهار‭ ‬تحت‭ ‬شعار‭: ‬‮«‬خله‭ ‬يستانس‭... ‬تراها‭ ‬إجازة‮»‬‭! ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬التبرير‭ ‬نجد‭ ‬الطفل‭ ‬قد‭ ‬انغمس‭ ‬في‭ ‬ساعاتٍ‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الألعاب‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬التفاعل‭ ‬الحقيقي،‭ ‬والنشاط‭ ‬الذهني،‭ ‬والانضباط‭. ‬وهكذا،‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نشعر،‭ ‬نقسو‭ ‬على‭ ‬أطفالنا‭ ‬باسم‭ ‬الراحة،‭ ‬ونكافئهم‭ ‬بطريقة‭ ‬تُفسد‭ ‬نظامهم‭ ‬الجسدي‭ ‬والنفسي‭ ‬والأسري‭ ‬بالكامل‭.‬

لقد‭ ‬تركنا‭ ‬الوقت‭ ‬يتسرّب‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬أيديهم‭ ‬كما‭ ‬يتسرّب‭ ‬الرمل‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الأصابع،‭ ‬ورضينا‭ ‬لهم‭ ‬ولأنفسنا‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬مريح،‭ ‬لا‭ ‬بما‭ ‬هو‭ ‬مُلهم‭. ‬رضينا‭ ‬بأن‭ ‬يناموا‭ ‬طويلاً،‭ ‬ويسهروا‭ ‬أمام‭ ‬الشاشات،‭ ‬ويتناولوا‭ ‬الطعام‭ ‬الجاهز‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬وعي،‭ ‬ويعيشوا‭ ‬في‭ ‬فوضى‭ ‬تُربك‭ ‬أجسادهم‭ ‬ونفسياتهم،‭ ‬وتُخلخل‭ ‬نظام‭ ‬الأسرة‭ ‬برمّتها‭. ‬ونسينا‭ ‬أن‭ ‬الراحة‭ ‬الحقيقية‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬شعور‭ ‬الإنجاز،‭ ‬وإحساس‭ ‬الطفل‭ ‬بأنه‭ ‬يكتشف‭ ‬ذاته،‭ ‬ويصقل‭ ‬مهاراته‭.‬

كان‭ ‬ذلك‭ ‬خطأ‭ ‬غير‭ ‬مقصود،‭ ‬لكنه‭ ‬عميق‭ ‬الأثر،‭ ‬حين‭ ‬غفلنا‭ ‬عن‭ ‬تعليمهم‭ ‬ثقافة‭ ‬‮«‬الوقت‭ ‬الحر‮»‬‭ ‬وكيفية‭ ‬استثماره‭. ‬لقد‭ ‬منحناهم‭ ‬وقتًا‭ ‬واسعًا‭ ‬في‭ ‬الصيف،‭ ‬لكننا‭ ‬قصّرنا‭ ‬في‭ ‬توجيههم،‭ ‬ولم‭ ‬نزرع‭ ‬فيهم‭ ‬الوعي‭ ‬بأن‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬كنزًا‭ ‬حقيقيًا،‭ ‬يمكنهم‭ ‬من‭ ‬خلاله‭ ‬أن‭ ‬يبتكروا‭ ‬ويُنجزوا،‭ ‬لا‭ ‬أن‭ ‬يضيّعوه‭ ‬في‭ ‬العبث‭ ‬والفراغ‭.‬

لكن‭... ‬ماذا‭ ‬لو‭ ‬حوّلنا‭ ‬الصيف‭ ‬من‭ ‬وقت‭ ‬مهدور‭ ‬إلى‭ ‬موسم‭ ‬للفرص؟

أيها‭ ‬الآباء‭ ‬والأمهات‭ ‬ما‭ ‬زالت‭ ‬الفرصة‭ ‬أمامنا،‭ ‬لكن‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬حاضرين‭ ‬بقلوبنا‭ ‬وعقولنا‭ ‬لا‭ ‬بأجسادنا‭ ‬فقط‭. ‬أولًا‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نعترف،‭ ‬حتى‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬الاعتراف‭ ‬مؤلمًا،‭ ‬بأننا‭ ‬السبب‭ ‬في‭ ‬ضياع‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬أوقات‭ ‬أطفالنا‭ ‬خلال‭ ‬الإجازة‭ ‬الصيفية‭. ‬لم‭ ‬نُعلّمهم‭ ‬المعنى‭ ‬الحقيقي‭ ‬للراحة،‭ ‬ولم‭ ‬نُدرّبهم‭ ‬على‭ ‬استثمار‭ ‬وقت‭ ‬الفراغ‭. ‬كنا‭ ‬نظن‭ ‬أننا‭ ‬نؤدي‭ ‬دورنا‭ ‬حين‭ ‬نوفر‭ ‬لهم‭ ‬الطعام‭ ‬واللباس‭ ‬ونساعدهم‭ ‬على‭ ‬النجاح‭ ‬الدراسي،‭ ‬ونشعرهم‭ ‬بحبنا‭ ‬عندما‭ ‬نكافئهم‭ ‬بشراء‭ ‬الألعاب‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬لكننا‭ ‬غفلنا‭ ‬عن‭ ‬الأهم‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬نُعلّمهم‭ ‬كيف‭ ‬يعيشون،‭ ‬كيف‭ ‬يُفكّرون،‭ ‬وكيف‭ ‬يستفيدون‭ ‬من‭ ‬وقتهم‭ ‬بما‭ ‬يعود‭ ‬عليهم‭ ‬بالنفع‭ ‬والفائدة‭.‬

والمؤسف،‭ ‬أننا‭ ‬نظن‭ ‬أننا‭ ‬نُريحهم،‭ ‬وأننا‭ ‬نكافئهم،‭ ‬ولكن‭ ‬الحقيقة‭ ‬أننا‭ ‬نُطفئ‭ ‬نور‭ ‬عقولهم‭ ‬بأيدينا،‭ ‬كما‭ ‬تُطفأ‭ ‬شمعة‭ ‬وُضعت‭ ‬في‭ ‬مهب‭ ‬الريح‭. ‬نغلق‭ ‬نوافذ‭ ‬الضوء،‭ ‬ونتركهم‭ ‬يسيرون‭ ‬في‭ ‬ممرات‭ ‬معتمة‭ ‬من‭ ‬العشوائية‭ ‬والسهر،‭ ‬تتداخل‭ ‬فيها‭ ‬ساعات‭ ‬الليل‭ ‬والنهار‭ ‬حتى‭ ‬يضيع‭ ‬النظام‭ ‬البيولوجي‭ ‬لأجسادهم‭ ‬وعقولهم،‭ ‬نتركهم‭ ‬يسبحون‭ ‬بفوضى‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ندربهم،‭ ‬حيث‭ ‬تتلاشى‭ ‬الحدود‭ ‬بين‭ ‬الجد‭ ‬واللهو،‭ ‬والمسؤولية‭ ‬والتراخي،‭ ‬ظنًا‭ ‬منّا‭ ‬أن‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬قمة‭ ‬المتعة،‭ ‬بينما‭ ‬هو‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬استنزاف‭ ‬صامت‭ ‬لعافيتهم‭ ‬ونموهم‭.‬

أما‭ ‬آن‭ ‬الأوان‭ ‬أن‭ ‬نتوقف‭ ‬وننتبه،‭ ‬وأن‭ ‬ننهض،‭ ‬ونُعيد‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬أدوارنا‭ ‬كآباء‭ ‬وأمهات‭. ‬ونسأل‭ ‬أنفسنا‭ ‬ماذا‭ ‬علّمناهم؟‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نكفّ‭ ‬عن‭ ‬وضع‭ ‬أقفال‭ ‬على‭ ‬طاقات‭ ‬أطفالنا‭ ‬باسم‭ ‬الراحة،‭ ‬فالعقول‭ ‬إن‭ ‬لم‭ ‬تشتعل‭ ‬نورًا،‭ ‬تحوّلت‭ ‬رمادًا،‭ ‬وأن‭ ‬نُعيد‭ ‬تعريف‭ ‬‮«‬الراحة‮»‬‭ ‬لأبنائنا،‭ ‬وأن‭ ‬نكون‭ ‬شركاء‭ ‬في‭ ‬توجيههم‭ ‬نحو‭ ‬صيف‭ ‬مليء‭ ‬بالبهجة‭ ‬والتوازن‭ ‬والإنجاز،‭ ‬لا‭ ‬بالخمول‭ ‬والفوضى‭.‬

وفي‭ ‬الختام،‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬عاتقنا‭ ‬جميعًا‭ ‬‭ ‬كأُسر‭ ‬ومدارس‭ ‬ومجتمع‭ ‬‭ ‬مسؤولية‭ ‬إعادة‭ ‬تشكيل‭ ‬مفهوم‭ ‬الصيف‭ ‬في‭ ‬أذهان‭ ‬الجيل‭ ‬الجديد؛‭ ‬بأن‭ ‬نغرس‭ ‬فيهم‭ ‬وعيًا‭ ‬بأن‭ ‬عقولهم‭ ‬ليست‭ ‬أقل‭ ‬شأنًا‭ ‬من‭ ‬عضلاتهم،‭ ‬فهي‭ ‬تنمو‭ ‬وتزدهر‭ ‬بالتدريب‭ ‬والتفكير‭ ‬كما‭ ‬تنمو‭ ‬الأجسام‭ ‬بالحركة‭ ‬والرياضة‭. ‬فالعقل،‭ ‬كلما‭ ‬تغذّى‭ ‬بالمعرفة،‭ ‬ازداد‭ ‬بريقًا‭ ‬وقوة‭. ‬وإنّ‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭ ‬من‭ ‬وقتهم‭ ‬هي‭ ‬رصيد‭ ‬ثمين‭ ‬لا‭ ‬يُعوّض،‭ ‬وفرصة‭ ‬لبناء‭ ‬ذواتهم‭. ‬فلنساعدهم‭ ‬ليعودوا‭ ‬إلى‭ ‬مقاعد‭ ‬الدراسة‭ ‬غير‭ ‬مثقلين‭ ‬بالكسل‭ ‬والملل،‭ ‬بل‭ ‬نابضين‭ ‬بالحيوية،‭ ‬يحملون‭ ‬في‭ ‬جعبتهم‭ ‬حكايات‭ ‬من‭ ‬الإنجاز‭ ‬والتجربة‭ ‬والنضج‭. ‬ولنزرع‭ ‬فيهم‭ ‬قناعة‭ ‬بأن‭ ‬الصيف‭ ‬ليس‭ ‬وقتًا‭ ‬للضياع،‭ ‬بل‭ ‬فرصة‭ ‬تُصنع‭ ‬فيها‭ ‬البطولات،‭ ‬حتى‭ ‬يُودعوا‭ ‬الإجازة‭ ‬الصيفية‭ ‬بقولهم‭: ‬‮«‬لقد‭ ‬صنعنا‭ ‬صيفًا‭ ‬من‭ ‬ذهب‮»‬،‭ ‬بدلًا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يتحسّروا‭ ‬قائلين‭: ‬‮«‬ضاع‭ ‬الصيف‭ ‬هباءً‮»‬‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا