العدد : ١٧٢٧٨ - الأحد ١٣ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ محرّم ١٤٤٧هـ

العدد : ١٧٢٧٨ - الأحد ١٣ يوليو ٢٠٢٥ م، الموافق ١٨ محرّم ١٤٤٧هـ

قضايا و آراء

العرب ونتائج الحرب بين إسرائيل وإيران

بقلم: د. جاسم بونوفل

السبت ١٢ يوليو ٢٠٢٥ - 02:00

الصور‭ ‬الذهنية‭ (‬لإسرائيل‭ ‬وإيران‭) ‬في‭ ‬العقلية‭ ‬العربية‭ ‬قبل‭ ‬الحرب‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬‭ ‬الإيرانية‭ ‬هي‭: ‬ان‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬يمثل‭ ‬قوة‭ ‬إقليمية‭ ‬في‭ ‬المنطقة؛‭ ‬حيث‭ ‬استطاع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬منذ‭ ‬إنشائه‭ ‬عام‭ ‬1948‭ ‬بدعم‭ ‬سخي‭ ‬من‭ ‬أمريكا‭ ‬والغرب‭ ‬أن‭ ‬يبني‭ ‬قوة‭ ‬سياسية،‭ ‬وترسانة‭ ‬عسكرية‭ ‬ضاربة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬‮«‬الشرق‭ ‬الأوسط‮»‬‭.‬

وكذلك‭ ‬الحال‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬إيران،‭ ‬فهي‭ ‬الأخرى‭ ‬‭ ‬وبعد‭ ‬إزاحة‭ ‬نظام‭ ‬الشاه‭ ‬واستبداله‭ ‬بنظام‭ ‬الولي‭ ‬الفقيه‭ ‬بدعم‭ ‬غربي‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1979ـ‭ ‬تمكنت‭ ‬أيضاَ‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬قوة‭ ‬رئيسية‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬استطاعت‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬خمسين‭ ‬عاماً‭ ‬أن‭ ‬تفرض‭ ‬نفوذها،‭ ‬في‭ ‬أربع‭ ‬عواصم‭ ‬عربية‭. ‬

نعم،‭ ‬لقد‭ ‬كانت‭ ‬هذه‭ ‬هي‭ ‬الصورة‭ ‬الذهنية‭ ‬المرسومة‭ ‬في‭ ‬العقلية‭ ‬العربية‭ ‬عن‭ (‬إسرائيل‭ ‬وإيران‭) ‬قبل‭ ‬حرب‭ ‬الـ‭ ‬12‭ ‬يوماً،‭ ‬وقد‭ ‬طُبعت‭ ‬هذه‭ ‬الصور‭ ‬في‭ ‬الذهنية‭ ‬العربية‭ ‬نتيجة‭ ‬تمكن‭ ‬هاتين‭ ‬الدولتين‭ ‬من‭ ‬بناء‭ ‬قوتيهما‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬زمنية‭ ‬ليست‭ ‬طويلة‭ ‬إذا‭ ‬قيست‭ ‬بعمر‭ ‬بلداننا‭ ‬العربية‭. ‬المستجد‭ ‬في‭ ‬المشهد‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬‭ ‬الإيراني‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وإيران‭ ‬كشفت‭ ‬لنا‭ ‬عن‭ ‬واقع‭ ‬جديد‭ ‬لتلك‭ ‬القوتين،‭ ‬حيث‭ ‬تبين‭ ‬لنا‭ ‬أن‭ ‬مصدر‭ ‬قوتيهما‭ ‬ليس‭ ‬نابعاً‭ ‬من‭ ‬ذاتيهما،‭ ‬بمعنى‭ ‬ليس‭ ‬من‭ ‬عبقرية‭ ‬شعبيهما‭ ‬فقط،‭ ‬وإن‭ ‬كنا‭ ‬لا‭ ‬ننكر‭ ‬تأثير‭ ‬هذا‭ ‬العامل‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬وصلا‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬قوة،‭ ‬لكن‭ ‬العامل‭ ‬المهم‭ ‬والحاسم‭ ‬والأكثر‭ ‬تأثيراً‭ ‬في‭ ‬وصولهما‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬المستوى‭ ‬من‭ ‬القوة‭ ‬السياسية‭ ‬والعسكرية‭ ‬هو‭ ‬الدعم‭ ‬اللامحدود‭ ‬والتأييد‭ ‬المطلق‭ ‬الذي‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬التحالف‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬ودول‭ ‬الغرب‭ ‬عموماً‭ ‬للطرف‭ ‬الأول‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬والتغاضي‭ ‬والتسامح‭ ‬الغربي‭ ‬والتخادم‭ ‬أحياناً‭ ‬مع‭ ‬الطرف‭ ‬الثاني‭ ‬‮«‬إيران‮»‬‭ ‬في‭ ‬مواقف‭ ‬وأحداث‭ ‬عديدة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬ثانية،‭ ‬وخير‭ ‬شاهد‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬إعلان‭ ‬وقف‭ ‬إطلاق‭ ‬النار‭ ‬بينهما‭ ‬جاء‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬الرئيس‭ ‬الأمريكي‭ ‬دونالد‭ ‬ترامب،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الأخير‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يمسك‭ ‬بخيوط‭ ‬اللعبة،‭ ‬وهو‭ ‬طرف‭ ‬أصيل‭ ‬فيها،‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬استراتيجية‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬تقوم‭ ‬أساساً‭ ‬على‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬قوتيهما،‭ ‬وعليه،‭ ‬فإن‭ ‬ترامب‭ ‬لا‭ ‬يريد‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الخسائر‭ ‬للطرفين‭. ‬

كما‭ ‬أن‭ ‬الحرب‭ ‬كشفت‭ ‬أيضاً‭ ‬عن‭ ‬مسألة‭ ‬ربما‭ ‬كانت‭ ‬غائبة‭ ‬عن‭ ‬النخب‭ ‬السياسية‭ ‬العربية،‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬يروج‭ ‬لها‭ ‬طرفا‭ ‬الحرب‭ ‬عن‭ ‬نفسيهما‭ ‬فيها‭ ‬مبالغة‭ ‬كبيرة،‭ ‬ولا‭ ‬تعكس‭ ‬الهالة‭ ‬الضخمة‭ ‬التي‭ ‬أسبغتها‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬هاتين‭ ‬الدولتين‭ ‬على‭ ‬نفسيهما؛‭ ‬فمن‭ ‬ضمن‭ ‬ما‭ ‬كشفته‭ ‬الحرب‭ ‬بين‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬والإيرانيين‭ ‬هو‭ ‬انكشاف‭ ‬زيف‭ ‬الدعاية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تروج‭ ‬دائماً‭ ‬عن‭ ‬‮«‬قوة‭ ‬جيشها‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقهر‮»‬،‭ ‬وعن‭ ‬امتلاكها‭ ‬أنظمة‭ ‬الدفاع‭ ‬الجوي‭ ‬الصاروخية‭ ‬المتطورة‭ ‬كالقبة‭ ‬الحديدية،‭ ‬ومقلاع‭ ‬داوود‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬منظومة‭ ‬حيتس‭. ‬إذ‭ ‬كشفت‭ ‬الحرب‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬روجته‭ ‬إسرائيل‭ ‬كان‭ ‬مجرد‭ ‬دعاية‭ ‬مبالغ‭ ‬فيها،‭ ‬وقد‭ ‬اتضح‭ ‬زيف‭ ‬تلك‭ ‬الدعاية‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أمطرت‭ ‬إيران‭ ‬بصواريخها‭ ‬الباليستية‭ ‬والفرط‭ ‬صوتية‭ ‬سماء‭ ‬حيفا‭ ‬وتل‭ ‬أبيب‭ ‬وبئر‭ ‬السبع،‭ ‬واستطاعت‭ ‬أن‭ ‬تدك‭ ‬مواقع‭ ‬مهمة‭ ‬وحيوية‭ ‬بها،‭ ‬وهو‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬جعل‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني‭ ‬يدرك‭ ‬أن‭ ‬دفاعاته‭ ‬ومنظوماته‭ ‬الصاروخية‭ ‬وقدراته‭ ‬الجوية‭ ‬باتت‭ ‬محدودة،‭ ‬ويمكن‭ ‬اختراقها‭ ‬وتحطيمها‭ ‬وسلب‭ ‬فاعليتها‭. ‬وبذلك‭ ‬استطاعت‭ ‬إيران‭ ‬أن‭ ‬توجع‭ ‬الكيان‭ ‬الصهيوني،‭ ‬وتقض‭ ‬مضجعه،‭ ‬وأن‭ ‬تجبر‭ ‬سكانه‭ ‬على‭ ‬الهروب‭ ‬إلى‭ ‬الملاجئ،‭ ‬بل‭ ‬إنها‭ ‬تمكنت‭ ‬من‭ ‬إثارة‭ ‬الرعب‭ ‬في‭ ‬قلوب‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الإسرائيليين‭ ‬ودفعتهم‭ ‬إلى‭ ‬النفاذ‭ ‬بجلودهم‭ ‬ومغادرة‭ ‬إسرائيل‭ ‬عبر‭ ‬البوابة‭ ‬القبرصية‭.‬

في‭ ‬المقابل،‭ ‬كشفت‭ ‬الحرب‭ ‬أيضاً‭ ‬عن‭ ‬وهن‭ ‬إيران‭ ‬وضعفها،‭ ‬وهي‭ ‬التي‭ ‬يتباهى‭ ‬قادتها‭ ‬حتى‭ ‬وقت‭ ‬قريب‭ ‬بعظمتها‭ ‬وقوتها،‭ ‬وأنها‭ ‬استطاعت‭ ‬فرض‭ ‬نفوذها‭ ‬في‭ ‬الإقليم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬وجودها‭ ‬في‭ ‬أربع‭ ‬دول‭ ‬عربية،‭ ‬العراق‭ ‬ولبنان‭ ‬وسوريا‭ ‬واليمن‭ ‬لكن‭ ‬هذا‭ ‬التباهي‭ ‬سرعان‭ ‬ما‭ ‬تبخر‭ ‬مع‭ ‬سقوط‭ ‬نظام‭ ‬الأسد‭ ‬في‭ ‬سوريا،‭ ‬وإضعاف‭ ‬‮«‬حزب‭ ‬الله‮»‬‭ ‬اللبناني‭ ‬وشل‭ ‬قدراته‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬تحجيم‭ ‬الحوثيين‭ ‬في‭ ‬اليمن‭ ‬وتحييد‭ ‬أذرعها‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬أمام‭ ‬ناظريها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تحرك‭ ‬ساكناً‭ ‬وتهب‭ ‬للدفاع‭ ‬عنهم‭.‬

بل‭ ‬إن‭ ‬الأمور‭ ‬لم‭ ‬تقف‭ ‬عند‭ ‬هذا‭ ‬الحد،‭ ‬إذ‭ ‬تمكنت‭ ‬الطائرات‭ ‬الحربية‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬عمق‭ ‬طهران‭ ‬ومدن‭ ‬إيرانية‭ ‬أخرى‭ ‬بسهولة،‭ ‬حيث‭ ‬استطاعت‭ ‬مقاتلاتها‭ ‬أن‭ ‬تحوم‭ ‬في‭ ‬سماء‭ ‬إيران،‭ ‬تضرب‭ ‬مدنها‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تواجه‭ ‬بأي‭ ‬دفاعات‭ ‬جوية،‭ ‬ولولا‭ ‬التدخل‭ ‬الأمريكي‭ ‬في‭ ‬إيقاف‭ ‬الحرب‭ ‬لكانت‭ ‬إيران‭ ‬تكبدت‭ ‬خسائر‭ ‬فادحة‭ ‬؛‭ ‬لأن‭ ‬الأمريكيين‭ ‬لا‭ ‬يريدون‭ ‬إنهاء‭ ‬نظام‭ ‬الملالي،‭ ‬وهم‭ ‬حريصون‭ ‬على‭ ‬بقائه‭ ‬كحرصهم‭ ‬على‭ ‬بقاء‭ ‬إسرائيل‭ ‬قوية‭ ‬ومتفوقة،‭ ‬والأمر‭ ‬بالنسبة‭ ‬لهم‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬يبقى‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أنياب،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬يريدونه‭ ‬بعد‭ ‬جلوس‭ ‬طهران‭ ‬على‭ ‬مائدة‭ ‬المفاوضات‭ ‬القادمة‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭.‬

أما‭ ‬إذا‭ ‬أراد‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬كسابق‭ ‬عهده‭ ‬يصول‭ ‬ويجول،‭ ‬ويستعرض‭ ‬عضلاته‭ ‬في‭ ‬المنطقة،‭ ‬ويهدد‭ ‬المدللة‭ ‬‮«‬إسرائيل‮»‬،‭ ‬فإن‭ ‬خيار‭ ‬تصفير‭ ‬قوته‭ ‬العسكرية‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬قائماً‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬الأجندة‭ ‬الأمريكية‭ ‬والإسرائيلية‭.‬

في‭ ‬تصوري،‭ ‬أن‭ ‬المشهد‭ ‬الإيراني‭ ‬‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬أصبح‭ ‬واضحاً‭ ‬لكل‭ ‬ذي‭ ‬بصر‭ ‬وبصيرة؛‭ ‬فالمظاهر‭ ‬العنترية‭ ‬التي‭ ‬دأب‭ ‬الطرفان‭ ‬على‭ ‬ممارستها‭ ‬أصبحت‭ ‬مكشوفة‭ ‬بعد‭ ‬تلك‭ ‬الحرب‭ ‬بينهما،‭ ‬وهنا‭ ‬يقفز‭ ‬إلى‭ ‬الذهن‭ ‬سؤال‭ ‬هو‭: ‬هل‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬النخب‭ ‬السياسية‭ ‬العربية‭ ‬عند‭ ‬رأيها‭ ‬حول‭ ‬القوة‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬كل‭ ‬الدولتين؟‭ ‬أم‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬النخب‭ ‬بدأت‭ ‬تراجع‭ ‬أفكارها‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬نتائج‭ ‬الحرب،‭ ‬وتتبنى‭ ‬رأيا‭ ‬آخر‭ ‬ينسجم‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬استجد‭ ‬على‭ ‬الساحة‭ ‬الإسرائيلية‭ ‬‭ ‬الإيرانية،‭ ‬وترى‭ ‬أن‭ ‬بإمكان‭ ‬القوى‭ ‬العربية‭ ‬أن‭ ‬تنهض‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬توافرت‭ ‬لديها‭ ‬الإرادة‭ ‬وتوحدت‭ ‬فيما‭ ‬بينها،‭ ‬وتضافرت‭ ‬جهودها،‭ ‬وآمنت‭ ‬بإمكاناتها،‭ ‬وأنها‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬تشكيل‭ ‬قوة‭ ‬رادعة‭ ‬إقليمياً‭ ‬يحسب‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬ألف‭ ‬حساب،‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬لهذه‭ ‬القوى‭ ‬تجربة‭ ‬تفيد‭ ‬بأن‭ ‬العرب‭ ‬إذا‭ ‬ما‭ ‬اجتمعوا‭ ‬على‭ ‬كلمة‭ ‬واحدة؛‭ ‬فإنهم‭ ‬قادرون‭ ‬على‭ ‬مواجهة‭ ‬كل‭ ‬التحديات‭. ‬وقد‭ ‬جسدت‭ ‬حرب‭ ‬أكتوبر‭ ‬المجيدة‭ ‬1973‭ ‬الدليل‭ ‬القاطع‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬التوجه‭ ‬عندما‭ ‬عبر‭ ‬المصريون‭ ‬قناة‭ ‬السويس‭ ‬واقتحموا‭ ‬خط‭ ‬بارليف،‭ ‬وأفقدوا‭ ‬العدو‭ ‬توازنه‭ ‬في‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬ست‭ ‬ساعات،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬أسقطوا‭ ‬مقولة‭ ‬‮«‬الجيش‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬يقهر‮»‬‭. ‬

في‭ ‬ضوء‭ ‬معطيات‭ ‬الحرب‭ ‬الأخيرة‭ ‬بين‭ ‬إسرائيل‭ ‬وإيران‭ ‬يمكن‭ ‬الاستنتاج‭ ‬بأن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يحتاج‭ ‬إليه‭ ‬العرب‭ ‬اليوم،‭ ‬هو‭ ‬إعادة‭ ‬قراءة‭ ‬واقعهم‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬والانطلاقة‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬التخلص‭ ‬من‭ ‬‮«‬عقدة‭ ‬الفوبيا‮»‬‭ ‬والنظر‭ ‬بواقعية‭ ‬إلى‭ ‬هاتين‭ ‬القوتين‭ ‬الإقليميتين‭ ‬في‭ ‬ضوء‭ ‬النتائج‭ ‬التي‭ ‬كشفت‭ ‬عنها‭ ‬حرب‭ ‬الـ‭ ‬12‭ ‬يوما‭ ‬الأخيرة،‭ ‬فالواقع‭ ‬يؤكد‭ ‬لنا‭ ‬أنهما‭ ‬ليستا‭ ‬بالقوتين‭ ‬الجبارتين‭ ‬كما‭ ‬يروجان‭ ‬عن‭ ‬نفسيهما،‭ ‬ولكن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬في‭ ‬الأمر‭ ‬أنهما‭ ‬استطاعتا‭ ‬اختراق‭ ‬بعض‭ ‬النفوس‭ ‬العربية‭ ‬بالدعاية‭ ‬الصاخبة‭ ‬وتولد‭ ‬لديها‭ ‬شعور‭ ‬بالضعف‭ ‬وعدم‭ ‬الثقة‭ ‬بنفسها،‭ ‬وعدم‭ ‬القدرة‭ ‬على‭ ‬المواجهة،‭ ‬وإسقاط‭ ‬كل‭ ‬الخيارات‭ ‬من‭ ‬أمامها‭ ‬والتسليم‭ ‬بما‭ ‬تفرضه‭ ‬عليها‭ ‬القوى‭ ‬الكبرى‭. ‬

في‭ ‬ضوء‭ ‬ما‭ ‬تقدم،‭ ‬فإن‭ ‬السؤال‭ ‬الأخير‭ ‬هو‭: ‬هل‭ ‬تتغير‭ ‬الصور‭ ‬الذهنية‭ ‬عن‭ (‬إسرائيل‭ ‬وإيران‭) ‬لدى‭ ‬عقلية‭ ‬النخب‭ ‬السياسية‭ ‬العربية‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬الـ12‭ ‬يوماً؟‭ ‬هذا‭ ‬ما‭ ‬نتمناه‭.‬

كلمات دالة

هل ترغب بالتعليق على الموضوع؟

لا تتردد في إعطاء تعليقك ومشاركة رأيك

الاسم:
النص:
تبقى لديك (600حرف

aak_news



الموافقة على استخدام ملفات تعريف الارتباط

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط أو تقنيات مشابهة ، لتحسين تجربة التصفح وتقديم توصيات مخصصة. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على سياسة الخصوصية الخاصة بنا